كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> كان صديقي يحدثني عن همومه ومتاعبه في الحياة .. وفجأة وبدون مقدمات قال لي : هل سمعت الخبر؟.. قلت له باستغراب : أي خبر؟ قال لي : الدكتور أحمد صالح منصر مات .. ودارت الدنيا في عيني .. ولم أصدق الخبر.

كنت أحتاج إلى بعض الوقت لأرفض الخبر لكي أضع الرجل في مكانه من نفسي .. وفي مكانه من جيلنا والأجيال التي عرفته أستاذاً ثم عميداً في كلية الاقتصاد .. وأخيراً أميناً عاماً لجامعة عدن .

> كان أ.د. أحمد صالح منصر رجلاً متواضعاً .. صادقاً .. أميناً في تعامله مع الناس - الصغير والكبير- على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وطبقاتهم .. وكان لايجد صعوبة - في المواقف الصعبة - في تحقيق مايريده الأساتذة والطلبة والموظفون والعمال في الجامعة .. والذين يتعاملون مع الجامعة من خارج الجامعة.. ولذلك وجدنا كلنا في موته تعاسة لنا وسوء حظ .. انطفأت بهجة دنيا العمل .. وماتت في العيون أحلام الحياة .

> ما أصعب الفراق .. هل تغيرت الدنيا؟.. هل تعطلت حواسي وكأنني أصبحت لا أرى شيئاً ولا أسمع ولا أحب أن أنظر إلى أي شيء بعد أن نزل علي الخبر كالصاعقة .. لقد مات الكثيرون من الأهل والأصدقاء والأحباب .. وكان حزني شديداً .. وكان آخرهم أ.د. أحمد صالح منصر .. ولكنهم استطاعوا أن يظلوا أحياء في عقلي وذهني وقلبي .. وكان للدكتور منصر حضور غريب وعجيب في أذهان وقلوب كل الذين عرفوه وأحبوه واحترموه وقدروا أعماله وكفاءته وخبرته وتجربته في العمل والحياة .. وكانت وفاته إحياء للأحزان على كل الذين فارقونا من الأهل والأصدقاء والأحباب .

> وكان أ.د. أحمد صالح منصر رجلاً من طراز آخر .. كان (إنساناً) بكل معاني الإنسانية .. لايحب أن يغضب منه أحد .. ولايريد أن يخرج أحد من مكتبه غير راضٍ عنه .. وكان ينجز كل الأعمال المتراكمة عنده فوق مكتبه .. وكانت أعماله متواصلة في الجامعة نهاراً .. وفي البيت ليلاً .. يرضي هذا.. ويطيب خاطرك ذاك .. وكأنه لايريد أن يترك أثراً سيئاً في نفس أي أحد حتى يذكره بخير إن هو فارق الحياة .

> لقد ضحى أ.د. أحمد صالح منصر كثيراً .. ضحى براحته وصحته في سبيل عمله وكل الذين تعامل معهم وتعاملوا معه في كلية الاقتصاد والجامعة .. وكان أكثر حيوية ونشاطاً في عمله .. ولايستقر في مكتبه فقط .. بل كان يطوف من مكتب إلى آخر .. وكان كثير الاتصال والحضور في مكتب رئيس الجامعة لإنجاز كل القضايا المتعلقة بالمسائل المالية والإدارية والوظيفية والطلابية والشئون الأخرى .. وكان يشعر بسعادة عظيمة في إسعاد الآخرين .. فهو أمين عام متواضع جداً .. إنسان طيب .. فقد أنعم الله عليه بالطيبة والحكمة وراحة النفس والبال .

> وعلى الرغم من ذلك وجد أ.د. أحمد صالح منصر نفسه منهكاً .. تعبان .. مريضاً بالسكر والضغط والقلب.. وتحامل على نفسه كثيراً .. ولم يترك الأمانة التي تحملها .. وضغط على نفسه وجسمه وأعصابه واستمر يعمل ويعمل .. حتى سقط من الإعياء والإجهاد الشديد .. ولما كشف عليه الأطباء نصحوه بالسفر إلى الخارج للعلاج .

> وفي الإردن توقف نبض الحياة في جسم أ.د. أحمد صالح منصر .. ومات كل شيء.. وتسربت كل المعاني .. وكل العلاقات .. وراح معها الحب والعطف والحنان إلى غير رجعة .

> رحم الله أ.د. منصر رحمة الأبرار!!..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى