عمالقة وأقزام.. القوميه العربيه.. بين المفاهيم السليمة وبين المفاهيم المغرضة المختلة!

> عبدالوهاب الوشلي:

> لقد سبق أن اشرت في مستهل كلمتي السابقة حول المناقشات، ليس الرد على (الرفاعي) او غيره من الذين يسيئون الى القومية العربية بفهمهم المغرض والسطحي لمعناها الاصيل.

لانه من العبث ضياع وقت وجهد في مناقشة جماعه اشبه ما يكونون بمجموعة من أصحاب السلوك المتناقض، وانما الغرض هو تطهير مضمون القومية العربية من الافكار المشوهة التي قد تترك تشويشاً على القومية العربية ان تركت دون كنسها بإيضاح بعض الحقائق البدهية.

وقبل ان ندخل في الموضوع اود ان انبه والفت نظر (المغرضين) الى اننا لسنا شيوعيين، كما يحلو لهم تسمية الشرفاء، ولكننا نحارب (المخيلات) التي تصنع الشيوعية الوهمية في يمننا، ثم تتصدى لمحاربتها في اشخاص ومبادئ وافكار الاحرار الذين ينشدون الحرية والحياة لشعبنا العربي في اليمن ليصبح لبنة قوية في بناء القومية العربية، لا ليبقى عالة عليها، وعضواً فاسداً ينخر في كيانها، وهذا هو منطق كل القوى الشريفة المؤمنة بالعروبة والقومية.

على هذا الاساس نتحدث عن القومية العربية، ونحصر النقاش في مسألتين اساسيتين هما: السيادة والوحدة العربية الانسانية.

يقول الرفاعي وجماعته عن السيادة الاقليمية في نطاق القومية العربية «فمادام كل اقليم عربي سيداً في اقليمه فان القومية العربية التي هي حقيقة امرها وواقعها الوحدة العربية.. هذه القومية تصبح شيئاً لا وجود له في ظل الاقليمية، وان السيادة الاقليمية تلغيها السيادة الوحدوية».

والخطأ الفاحش الاول هنا هو الخلط بين القومية وبين الوحدة في الفهم السطحي للقومية بانها هي الوحدة، مع ان القومية شيء والوحدة شيء آخر.

فالقومية العربية هي وجود العرب التاريخي والاجتماعي والاقتصادي المتفاعل، وبعبارة اقصر قوميتنا العربية هي وجودنا العربي، اما الوحدة العربية فهي المظهر لحاجة تحرر قوميتنا والحفاظ على تحررها. ومن هنا يتضح ان القومية لاتنتفي بوجود استعمار اوغيره، ولا يمكن ان تفنى الا اذا فني العرب حتى آخرهم.

اما عن السيادة الاقليمية في نطاق القومية العربية، فقد ورد في كلمتي السابقة «ان الذي ينكر سيادة الفرد او المجموعة العربية في نطاق القومية العربية ليس قومياً، بل عدواً للقومية ذلك لان القومية هي التي تمنح الفرد والمجموعة سيادتها.

ومعنى ذلك ان السيادة الاقليمية لاتنفصل عن القومية، ولكنها تعني التساوي بالحقوق والواجبات، لا ليكون اقليم تابعاً واقليم اخر متبوعاً، اقليم حاكماً، واقليم اخر محكوماً، هذا هو مفهوم السيادة الاقليمية في نطاق القومية العربية مفهوماً عكسياَ، ولست ادري هل هو التحريف، أم التزوير منهم في امر واضح، ام سوء فهم، والرفاعي مثلاً يقول «فالعراق متمتعا بالسيادة العراقية ان يكون له الحق في ان يصبح جزءاً من جمهوريات الاتحاد السوفيتي، لم لا وهو سيد نفسه».

وعلى اساس مفهوم الرفاعي هذا تصير السيادة الاقليمية في نطاق القومية منفصلة عن المجتمع القومي وتابعة لمجتمع خارجي، والغريب حقاً هو فهم هؤلاء للسيادة الاقليمية في نطاق القومية هو التبعية والانفصالية، مع ان السيادة الاقليمية في نطاق القومية امر اساسي في تجسيد الوحدة العربية.

أما المسأله الثانيه فهي الوحدة العربية الانسانية التي تنبع من الاسس الموضوعية للقومية العربية.. هذه الوحدة التي يصفها الرفاعي تارة «بالشيوعية» واخرى «بالانفصالية»!! باستناده المزعوم الى افكار (ميشيل عفلق) المفترى عليها.

يقول الرفاعي: «افيكون ميشيل عفلق داعية سيادة اقليمية وهو الذي يسمى امثال الوشلي من دعاة الانفصالية والوحدة العربية الانسانية (وحدويو التجزئة)؟».

ولست بحاجه هنا الى ان اكلف نفسي عناء كنس بله التزوير على عفلق، فسأترك عفلق نفسه يشجب تزوير الرفاعي عليه، ويدمغ المفترين عليه لابالتجزئة فحسب بل بالمتعاونين مع الاستعمار.

يقول عفلق عن القومية العربية الانسانية في كتابه (معركه المصير الواحد) صفحة 120: «الانسانية هي في القومية لا قبلها ولا بعدها، وليس ثمه قومية وانسانية بل قومية إنسانية، وهي الصحيحة، وقومية منحرفة مشوهة، وهي منفصلة عن الانسانية، وكل ما ظهر في تاريخ القوميات من تعصب واتجاه نحو الاغتصاب والاستثمار انما مرده انه مسلم فيها بالبدء بالقومية عن الانسانية او بامكان البدء بالقومية وانمائها للوصول الى مرحلة اخرى الى الانسانية».

وفي صفحة 55 من نفس الكتاب يقول عفلق: «ان القومية حقيقة حية لايمكن تجاهلها ولايمكن افناؤها، وليس من الخير ان تتجاهل او تفنى اذا ما فهمته فهماً سليماً، واذا ما بنيت على اسس متينة ايجابية».

وبعد.. من الذي يدور على عش الذين يثبتون صلة الانسانية بالقومية، الذين ينكرون وجود الانسانية في القومية ام الذين لديهم مجموعة منشورات البعث العربي.. الذين يراد التفضل عليهم باعارتهم بعض هذة المنشورات.

واخيراً فان الوحدة العربية في ضوء مفهوم ميشيل عفلق وجماعة البعث العربي هي وحدة عربية انسانية تماماً كما نقول، وتصير على فرض الرفاعي وجماعته وحدة مشوهة منحرفة لانها منفصلة عن الانسانية تماماً كمنطق الاستعمار والرجعية والاقطاع.

والفرق بين مفهوم عفلق والبعثيين الصحيح لمعنى القومية العربية الانسانية وبين مفهوم الرفاعي وجماعته المشوه المختل لمعنى القومية العربية الانسانية هو نفس الفرق بين العمالقة والاقزام.

العدد 230 في 7 مايو 1959

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى