جامعة عـدن .. صرح يتهاوى في غياهب الإهمال والانهيار (3)

> رصد/ فواز المريسي

> زرنا كلية الهندسة في مدينة الشعب - عـدن، ووسط ممرات هذا المبنى المشيد بأسلوب عمراني بديع، توقفنا أمام مجموعة من الطلاب لنتبادل معهم الحديث عن مستقبلهم وأحلامهم المنشودة.
ولكن دهشنا حين سمعنا منهم كلاماً يعبر عن حالة الاستياء والسخط المصحوبة بالهموم والشكاوى.
وكان لا بد من "الأيام" أن تنقل تلكم الهموم الممزوجة بمشاعر الأسى والقلق والخوف التي تنتاب حالياً هؤلاء الطلبة حيال مستقبلهم.
......................................................................
* إن لم تغشوا فلن تنجحوا
في مستهل جولتنا التقينا بالطالب عدنان محمد علي ـ قسم كهرباء (مستوى خامس)، والذي قال لنا: «كوننا طلاباً ندرس في كلية الهندسة فإن الاسم الذي نحمله (مهندسون)، لكن إدارة الكلية لا توفر المختبرات المتطورة، فالمختبرات التي لدينا ـ حالياً ـ أجهزتها قديمة ومتهالكة، كما أن الأداء التعليمي هو أيضاً يعتمد على وسائل قديمة بسبب عدم توفر الأجهزة الحديثة».
ويضيف: «ورغم وجود بعض الإمكانيات والمختبرات، كانت إدارة القسم ـ قبل نقل الكلية إلى مدينة الشعب ـ تخفي ذلك وتحاول إقناع الطلبة بأن القسم لا يوجد فيه إمكانيات، وعندما تم نقل الكلية إلى المبنى الجديد، اتضح لنا عدم وجود معامل حديثة، حيث بقيت المعدات القديمة تستهلك دون استحداث أو صيانة».
وفي حديثه عن حالة (الغش) أشار الطالب عدنان إلى أن أحد دكاترة القسم يحث طلابه على الغش، ويلقنهم باستمرار «مادتي تحتاج إلى غش، فإن لم تغشوا فلن يتمكن أي طالب من النجاح»
ويختتم حديثه بالقول: «هناك ضعف في الأساسيات الأولية للمواد العلمية، والمشكلة التي يعاني منها طلاب الكلية تكمن في رصد بيان الدرجات والجانب المالي للشهادة التي يفترض أن تمنح للطالب خلال مدة لا تزيد عن 6 أشهر، لكن يتم تأخيرها لعام ونصف العام».
* علاقة أكاديمية غريبة
ويؤكد الطالب محمد مثنى عبدالله ـ قسم الاتصالات (مستوى ثالث)، أن ما يعانيه طلاب القسم لا يختلف عما هو موجود في جميع أقسام الكلية.
وأضاف بالقول: «نعاني من غياب الاحترام في مستوى تعاملات الدكاترة مع الطلاب، وعدم وجود معامل تمكن الطالب من التطبيق العملي يعد من أكثر المسائل التي تعقد من أمور الدراسة، وتعيق الطالب من الاستفادة المعرفية».
ويوضح: «بعض دكاترة الكلية مضى عليه زمن طويل ولم يطوّر من إمكانياته، حيث نجده يفتقر إلى أساليب إيصال المعارف العلمية إلى الطالب بروح الإبداع وحسن الإلقاء، وغالباً ما يلجأ هؤلاء الدكاترة إلى أساليب معقدة أثناء عملية التدريس بسبب حالة الروتين الممل الذي بات يهيمن على نفسيتهم، مقارنة مع محاضري وطلاب المعاهد الأخرى، مثل المعهد (الهولندي) الذي نجد فيه أن أكثر الطلاب الدارسين قد استفادوا وعرفوا الكثير عن تخصصهم أكثر من الطلاب الدارسين في الكلية العامة».
وتتفق الطالبة سالي ناجي ـ مستوى خامس (قسم العمارة) مع ما ذكره زميلاها حول انعدام مبدأ الاحترام في تعاملات دكاترة الكلية مع طلابهم.

وتواصل حديثها مستعرضة جانب من المشكلات التي تعاني منها بعض فصول وأقسام الكلية، قائلة: «يوجد هناك ضعف في الأجهزة والكهرباء داخل الفصل، والذي يتسبب باستمرار في ضياع وإهدار الوقت المتبقي للطالب، ولا يسمح له باستدراك ومراجعة المحاضرات الفائتة».
وتضيف: «كل ذلك، إلى جانب كثرة التكاليف الإضافية التي يطلبها دكاترة الكلية أثناء عملية التطبيق في المختبرات، خصوصاً في قسم الهندسة، حيث يجبر الطالب على توفير أجهزته بنفسه».
* دكاترة ينتابهم الضجر
وتركز الطالبة مهجة محبوب ـ قسم العمارة (مستوى خامس)، في كلامها على مستوى الكثافة الطلابية المتزايدة، والتي يقابلها نقص في الكادر التعليمي، حيث قالت: «الكادر التعليمي في الكلية ناقص في ظل وجود كثافة طلابية، وكل قسم يوجد فيه 5 دكاترة، وكل دكتور يتحمل 4 مواد، وبعض الدكاترة المحاضرين يبدون تذمرهم وإحساسهم بالضجر في أثناء وقت التدريس بسبب ما يعانونه من ضغوط معيشية، والنتيجة دائماً تكون أن ما يقدمونه في محاضراتهم للطلاب مجرد طلاسم غير مفهومة، وفي غالب الظن غير مفهومة بالنسبة لهم كمحاضرين».
وتلفت الطالبة مهجة الانتباه إلى أن بعض الدكاترة يعاملون طلاب "المستوى الخامس" معاملة طلاب "سنة أولى"، مضيفة بالقول: «هناك مزاجية وتمييز تمارسه إدارة الكلية وبعض الدكاترة على الطلاب، وإذا سأل الطلاب أنفسهم عما استفادوه خلال سنوات دراستهم؟، فإنهم لا يصلون إلى إجابة مرضية تتوافق مع الطموح».

* طلاب يدرسون على الأرض
ويشير الطالب محمد الردماني ـ قسم ميكانيكا (مستوى رابع)، إلى أن القسم الذي يدرس فيه مهدد بالإغلاق خلال الثلاث السنوات القادمة، ويوضح أسباب ذلك بالقول: «القسم مهدد بالإغلاق بسبب أن أغلب المعيدين الجدد لا يوجد لديهم مؤهل».
ويضيف: «المختبرات أيضاً لا يتوفر فيها قسم للميكانيك، ومعظم هذه المختبرات مغلقة وغير جاهزة، والحال ذاته ينطبق على المكتبة الداخلية التي لم تزود أو ترفد بأي كتاب أو عناوين جديدة منذ العام 2003م، ومازالت الكثير من رفوف هذه المكتبة تحتوي على كتب ومراجع قديمة، مع أن الحديث يدور هنا عن مخصصات مالية كبيرة ترصد سنوياً لأنشطة المكتبة».
ويستطرد قائلا: «بعض الدكاترة ـ للأسف ـ يمارسون نفوذهم ولا يستطيع أحد محاسبتهم، ونحنُ كطلاب مازلنا ندرس في قاعات غير مؤهلة وغير مكتملة التأثيث على الرغم من حداثة المبنى، فالمقاعد أغلبها مهترئة وقديمة لا تستوعب عدد طلاب القاعة، ونصف الطلاب تراهم يقعدون على الأرض أثناء فترة المحاضرة، إضافة إلى أن دورات المياه (الحمامات) هي أيضاً تخلو من النظافة وغير صالحة للاستخدام».
ويختتم متسائلاً: «كيف سيستطيع الطالب من تنمية مداركه وصقل مهاراته في ظل هكذا ظروف صعبة وأوضاع بائسة؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى