> استطلاع/ الخضر عبدالله:

معاناة أهالي محافظة أبين تزداد يوما تلو الآخر، وينتابهم هاجس الخوف من تجاهل مطالبهم التي بحت حناجرهم، وهم يشكون من عدم تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بمساكنهم ومزارعهم جراء الحرب التي اندلعت بالمحافظة في منتصف عام 2011م، ودارت رحاها بين من يطلقون على أنفسهم اسم (أنصار الشريعة) وبين قوات الجيش ومقاتلي اللجان الشعبية.
وضعت حرب أبين أوزارها بعد أن أحالت معظم الأراضي والمباني والأحياء السكنية إلى خرائب وأطلال متناثرة هنا وهناك، وشردت الأهالي الذين توزعوا على بعض المحافظات القريبة، وهاهم بعد نزوح وتشرد مرير دام نحو عام ونصف العام، يعودون إلى أبين، وأمضوا عدة شهور، ومازالوا في متابعات لدى السلطة المحلية بالمحافظة للمطالبة بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تلك الحرب، ولكن دون جدوى.
صحيفة "الأيام" قامت بزيارة إلى محافظة أبين والتقت ببعض الأهالي لنقل همومهم ومعاناتهم، وخرجت بهذه الحصيلة:
تعويضات ناقصة
في حي (باجدار) التقينا برجل مسن (طلب منا عدم ذكراسمه) خوفاَ من أن يحرم من التعويض (على حد تعبيره) .. هذا الرجل المسن قال: " تضرر منزلي بصورة كاملة ولم يعد يصلح للسكن، وقرر المهندس المشرف على النزول إزالة المنزل بشكل كامل، وتم تقدير الأضرار بـ 4 ملايين و900 ألف ريال، وتم تسليمي مليوناً وتسعمائة ألف كمرحلة أولى، ونتيجة توقف الصرف أصبحنا بموقف صعب لأنني أريد استكمال بناء المنزل" .
وعن قيمة التعويض، وهل هو راضٍ عنه؟ أجاب : " لست راضياً ولكن ماذا أفعل؟ إذا لم أقبل به فلن أستطيع استكمال بناء منزلي، وهنا أجدها فرصة لأن أقول للمحافظ جمال العاقل وإدارة صندوق الإعمار :اتقوا الله في الناس واعملوا على سُرعة صرف المرحلة الثانية من التعويضات، وعالجوا الأخطاء والعيوب التي صاحبت الصرف في المرحلة الأولى ".

من جانبه أشار الشاب فيصل صالح إلى أن أبين دمرت عن بكرة أبيها، وأن بيوت الله هي الأخرى تعرضت للقصف ونالت حصتها من التدمير، موضحا أن الحرب أفقدتهم كل ما يملكون من مزارع وأغنام وغيرها من الممتلكات.
خرائب وأطلال وبنية تحتية مدمرة
والتقينا بالمواطن يسلم أحمد علي وسألناه عن حال ووضع المدينة وعدد من الأسئلة الأخرى فأجاب قائلاً: " أنا عدت إلى منزلي، وكما ترى المدينة أصبحت مدمرة، كل المناطق تضررت في منطقة السوق والصرح والمحل وباجدار وسواحل والطميسي وغيرها، أما الممتلكات العامة والمرافق الحكومية فقد أصبحت على الصفر من الدمار والنهب، باختصار المدينة صارت أطلالاً والبنية التحتية تدمرت بشكل كامل ورهيب وحسبنا الله ونعم الوكيل".
ويضيف: " حقيقة سعدنا بإعلان العودة إلى زنجبار وجعار وغيرها من المناطق بعد تطهيرها من الجماعات المسلحة، ولكننا نتطلع إلى خطوات أخرى وخاصة تعويض المتضررين الذين دمرت منازلهم و تطهير وإزالة الألغام من مدن ومناطق وقرى زنجبار وجعار والمساحات الزراعية الشاسعة الواقعة بين هاتين المديريتين".
مبالغ التعويض غير كافية:
المواطن ناصر حسن يقع منزله في الشارع الرئيس بمدينة زنجبار مقابل إدارة المحافظ القديمة، وقد تعرض للتدمير الكامل، وتم تقدير التعويض المقرر له بمبلغ 5 ملايين و800 ألف ريال كتعويض له ، فقد قال: " مبلغ التعويض ضئيل جداً، ولذلك رفضت استلامه " .

وأضاف المواطن ناصر حسن قائلا: " السلطة المحلية في المحافظة وقيادة الصندوق عملت على استثمار أوجاع المحافظة ومشاكلها لزيادة أرصدتهم بالبنوك، وأصبحت أبين كالدجاجة التي تبيض لهم ذهباً، وفي حين أن الوضع الأمني والإداري مشلول بالمحافظة نسمع عن تطبيع الحياة اليومية بالمدينة وهو كلام عارٍ عن الصحة " .
وأشار إلى أن بعض المواطنين في المدينة قاموا بهدم منازلهم، وشرعوا بعمل الأساسات لأجل البدء بالبناء، ولكن المبالغ لم تكفِ لإتمام العمل، ونتيجة توقّف صرف المرحلة الثانية أصبحوا وأسرهم في العراء أو قاموا باستئجار منازل لإيواء أسرهم ممّا شكل عبئاً إضافياً عليهم .
وتحدثت إلينا المواطنة أم خالد وهي واقفة على أمام باب منزلها الذي أحدثت فيه إحدى قذائف المدفعية فتحة كبيرة ، فقالت : " متى سيتم تعويضي عن هذه الأضرار، لقد نزلت الكثير من اللجان لحصر المنازل المتضررة، ولم نر حتى الآن أي تحركات لتعويضنا " ، وأعربت عن اعتقادها أن هناك عمليات نصب واحتيال تحدث في هذه اللجان منها التلاعب بمخصصات التعويض.
تخوفوا الحديث تفاديا للخسارة :
مواطن من أبين ( طلب عدم ذكر اسمه )، أوضح أنه كان يمتلك عمارة من عدة طوابق بشارع الزراعة تدمرت بالكامل، وقرر الصندوق تعويضه بمبلغ 23 مليوناً، ولكنه رفض استلام المبلغ، فتم زيادته إلى 30 مليوناً، وقال : " رغم أن المبلغ ضئيلاً إلا أنني وافقت عليه حتى لا أخسر كل شيء، ومع ذلك لم أستلم ريالاً واحداً حتى الآن" ، مشيرا إلى أن كثيراً من الأسر مازالت مشرّدة خارج محافظتها والسلطة المحلية لا تقدّر أن تفي بتعويضاتهم .
أبين تعيش ظروفا صعبة :
أما المواطن شيخ عبدالله علي فقال: " أبين اليوم تمر بظروف استثنائية وتحتاج إلى قائد استثنائي يقف على رأس هرم السلطة فيها، ولا ينفع معها الرجل (المكتبي) وإن كان يمتلك بعض الصفات الحسنة، لأن العمل في وضع كهذا وقيادة التحولات الجوهرية في محافظة عاشت لأكثر من عام في حرب همجية مدمرة أكلت الأخضر واليابس " .

وأضاف قائلا: " الوضع يحتاج إلى رجل استثنائي لديه رؤية واضحة لما هو مطلوب، وشكيمة قوية وصاحب قرار، وهذه صفات ضرورية لمن أراد قيادة عملية التغيير النافع في الظروف العادية، فكيف بقيادة محافظة مرت بظروف قاسية ومازالت لم تجتز مرحلة الخطر التي لم تشهد مثله من قبل ".
ودعا المواطن شيخ عبدالله القيادة السياسية إلى توخي الدقة عند اختيارها للقيادات الميدانية لتتواءم مع الظرف الحساس الذي يمر به الوطن اليوم، إذا أرادت النجاح لقراراتها السيادية وإخراج الوطن من دائرة الفوضى واللادولة.

وفي الختام .. رسالة ...
الرسالة نبعثها إلى الجهات الرسمية كافة مفادها: أبناء محافظة أبين الذين تضرروا من تلك الحرب المدمرة، يناشدوكم سرعة تنفيذ إجراءاتكم لرفع الضرر والمعاناة عن كاهلهم وإعادة الفرحة والسرور إليهم ، ويأملون أن لا يطول انتظارهم !!