(الكهرباء).. خارج نطاق الخدمة.. سئمنا الوعود الكاذبة ونطالب بحلول صادقة تنهي مأساتنا

> استطلاع/ وليد الحيمدي

> نواصل في هذا الجزء من الاستطلاع التي أجرته " الأيام " أمس ما تبقى من هموم ومعاناة لشرائح واسعة من المواطنين في محافظة عدن التي تشهد حالياً ارتفاعا في درجات الحرارة.
وأكد المواطنون في مجمل كلامهم أن قضية الكهرباء مازالت تمثل بالنسبة لهم مأساة حقيقية أضحوا يعانوها بشكل يومي في ظل غياب الوعود الصادقة التي تحدثت سابقاً عن وضع حد لهذه المعاناة المستمرة.
* نطالب بالخدمات الأساسية
وإزاء هذا الوضع المأساوي الذي أضحى يعيشه كل مواطن في عـدن، وصف الصحافي مصدق الزيدي هذا الوضع فقال: " هذه سياسية تستهدف تعكير صفو حياة وسكينة المواطن، وتعرضه للكثير من الهموم والمنغصات".
وأضاف أن "الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، يندرج ضمن محاولات هدفها إشغال المواطن عن المشاركة ضمن مسيرات الثورة الشعبية " .
وقال: "نطالب بتوفير المتطلبات والخدمات الأساسية لكل الناس، وأهمها خدمة توفير الكهرباء التي لم يمكن لأي أحد الاستغناء عنها " .
وانضم إلينا المواطن معين محمد سعيد مشاركاً في التعبير عن معاناته قائلا: " الكهرباء أصبحت أكبر الإشكاليات التي نعانيها يوميا، لاسيما خلال فصل الصيف الذي تزداد فيه الرطوبة وسخونة الجو، حيث أصبحنا نعيش في ظلام حالك ونتمنى يوما واحدا يمر علينا دون انقطاع " .
وأضاف متسائلا: " أين هم أولئك المسؤولون من كل ما يحدث لعموم المواطنين من بلاء وعذاب يومي، عليهم أن يتقوا الله في هذا المواطن المسكين الذي لا يطالب بأكثر من توفير أبسط حقوقه " .
* شبكة قديمة ومتهالكة
يقول المواطن ناصر عبدالقادر الهاجري (عامل برمجيات) : " لدينا في عدن منظومة كهربائية قديمة ومتهالكة يعود عهدها إلى فترة الاستعمار البريطاني، حيث لم تقم أية من الأنظمة التي تعاقبت على الحكم بإجراء تحديث وصيانة لهذه الشبكة التي أصبحت أسلاكها تالفة ومعرضة للسقوط على رؤوس الأشهاد في أي وقت " .
وتطرق ناصر إلى ظاهرة البناء العشوائي والإقبال السكاني الوافد من الريف إلى المدينة، وقال:
" شبكة عدن الكهربائية لم تعد تحمل زيادة الأحمال عليها، وهي تعمل حاليا بأقصى طاقتها، ناهيك عن الربط العشوائي من قبل بعض العابثين الذين يحاولون ربط منازلهم بالكهرباء المركزية بوسائل مخالفة للقانون " .
* فساد وأوضاع مهملة
وفي أثناء حديثنا مع عدد من المواطنين جاء إلينا رجل مسن يدعى أحمد الدالي، وطلب منا إفساح له المجال بالتحدث عن هذه المشكلة المؤرقة التي تعاني منها مختلف شرائح المجتمع، حيث تحدث غاضباً: "أنا رجل ـ كما تروني ـ طاعن في السن، وأعاني الكثير من العلل وأمراض القلب والضغط، والمسؤولون في الكهرباء لا يريدون إصلاح وضع الكهرباء المتدهور رأفة بأحوال المواطنين من كبار السن والنساء والأطفال " .
وأضاف الحاج أحمد "هناك أشخاص يتلذذون بعذاباتنا ليلا ونهارا، وهم قلة من اللصوص من ذوي أصحاب النفوذ والمصالح مستفيدون من هذا الوضع، ويتكسبون الأموال من هموم ومعاناة الفقراء الذين لم ينعموا يوماً بالرخاء والرفاهية، حيث مثلت الكهرباء بالنسبة لهم كابوسا يجثم على أنفاسهم كل يوم " .
* تعكير لحياتنا اليومية
وتحدث المواطن صلاح عبدالله مشيراً إلى خصوصية المناطق الجنوبية التي تواجه في أثناء فصل الصيف حرارة شديدة السخونة، وأشعة شمس لاسعة.
وقال: "على الرغم من هذا الوضع البيئي الذي تشهده المحافظات الجنوبية، نجد أن ذلك يأتي بالتزامن مع زيادة الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي " .
وأضاف: " معاناتنا تزداد قسوة وصعوبة في أثناء موسم الصيف، لاسيما بالنسبة للمواطنين الذين يرتبطون بأعمال ومصالح يومية، حيث تعتبر مشكلة الكهرباء من المنغصات التي تنغص عليهم باستمرار أوقات نومهم ما يعيقهم من الالتزام بحضور أوقات الدوام، وأنا واحد من المواطنين الموظفين الذين يتوجب عليهم النهوض باكراً للذهاب إلى العمل " .
وانتقد صلاح التصريحات المتكررة التي يطلقها المسؤولون المعنيون بشأن معالجة مشكلة الكهرباء، وقال عنها: " هذه وعود كذابة ليس لها أية ترجمة فعلية على أرض الواقع، والخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو المواطن الذي يتحمل الكثير من التكاليف والخسائر في سبيل شراء المولدات وأجهزة الشحن الضوئي، وهذا بالطبع يشكل تجارة مربحة بالنسبة للمسؤولين ورجال المال الذين يستوردونها من الخارج، وتساعدهم إشكالية الكهرباء على تسويقها وبيعها بالداخل وبسرعة البرق " .
* لا وجود للتخطيط العام
وفي أثناء تجولنا في أسواق المدينة استوقفنا أحد الباعة، وقال لنا: " أنا مواطن بسيط وأب لثمانية أولاد، وأعتمد على رزقي من خلال بسطة صغيرة أبيع فيها الملابس، ومصدر الضوء الذي أحصل عليه يكون من المحلات التجارية التي أبيع أمام أبوابها، لكن مشكلتي هي عندما تنطفئ الكهرباء وتصبح بضاعتي معرضة للسرقة والنهب " .
عبد السلام الشميري وهو أحد مواطني عدن تحدث عن محطات توليد الطاقة وما تعانيه من تدهور وعجز، وأوضح قائلاً: " محطة الكهرباء في حجيف والمعروفة سابقاً باسم (الباورهاوس) كانت تولد طاقة منذ إنشائها في أوائل فترة السبعينيات بمعدل 150 ميجا هرتز " .
وقال: "وحسب معلوماتي أن شركة الكهرباء في تلكم الفترة، كانت تتولى عملية الإشراف والتدريب المستمر لعمالها ضمن دورات سفر خارجية، وكذلك الاهتمام الدائم بترميم وصيانة المحطات والأسلاك واستيراد قطع غيارها أولاً بأول، لاسيما من دول منتجة عملاقة كروسيا وألمانيا والصين" .
وأضاف: "ومنذ أن تحققت الوحدة اليمنية، وتضاعفت الكثافة السكانية التي وفدت من قرى ومناطق شمالية للعيش في عـدن، توسعت رقعة الأبنية والبيوت السكنية في الوقت الذي تقاعست فيه الدولة ممثلة بمختلف مؤسساتها التنفيذية عن إيجاد خارطة تخطيط تواكب هذا التوسع العمراني والسكاني، ولم تعمل على تحديث المحطات الكهربائية وتوسعة الخطوط المحلية على الرغم من الإيراد المالي الكبير الذي تتحصل عليه وزارة الكهرباء، لكن يظل الفساد الإداري هو أحد مسببات تدهور شبكة الكهرباء العامة" .
* نعاني من الظلم
ويشاركنا المواطن سامي سمير علي يحيى الحديث عن هذه المعاناة بالقول: "يا أخي منذ خمسة سنوات والدولة تقطع عنا الكهرباء ليلاً ونهاراً، ولا تريد أن ترحم أولئك المرضى من الطاعنين بالسن والنساء والأطفال" .
وأضاف: "رواتبنا كلها تذهب من أجل شراء المولدات وأجهزة الشحن وما يترتب لها شراء مشتقاتها من ديزل وزيت وقطع غيار" ، وقال متسائلاً: "ماذا يردون منا هل العيش وسط البحر أو السفر إلى الفضاء الخارجي ؟!" .
واختتم كلامه: "سئمنا مسلسل هذه المأساة التي تتكرر كل يوم، دون أن نجد حلول صادقة وجذرية" .
وقال المواطن علي يحيى سالم: "أوضاع الكهرباء لا تبشر بالخير، وبسبب أصحاب النفوس الضعيفة من ملاك القرار، أصبحنا نعاني ويلات الظلم والمعاناة والاضطهاد، خصوصاً والدولة مازالت تعجز عن مكافحة الفساد الإداري المتفشي في وزارة الكهرباء والفروع التابعة لها" .
* حكاية الدجاجة والكهرباء
ونختتم هذا الاستطلاع بحديث الفنان التشكيلي علي الدرحاني، الذي قال: "يا صديقي مشكلة الكهرباء اليوم هي مشكلة عامة يعاني منها الشارع اليمني بوجه عام، والمناطق الساحلية الحارة بوجه خاص" .
وأضاف ساخراً: "وضع الكهرباء لا يحتاج إلى وصف فهو أشبه بقصة (الدجاجة) التي جاءت من تعز وتريد أن تبيض في عدن، والمعروف أن الدجاجة تجلس على بيضها 21 يوماً، وتجد البيض يتكلم بعد نصف ساعة من شدة الحمى، وهو يقول للدجاجة "قومي من فوقي قده حمى" .
وقال: "ما بالك بالبشر الذين يعانون سياسة (طفي لصي) حيث تنطفئ الكهرباء و(الحرمة) في البيت تتذمر، والعيال تبكي، والواحد منا يشتي يرتاح" ، وأضاف مستطرداً: "عندما تنطفي الكهرباء يفسد الأكل والخضرة، ويصير جسمك (رمة ومعفن) وتشتي تسوي دش فتجد الماء مقطوع" .
واختتم قائلاً: "العالم يحتفل بمرور 50 عاماً دون أن تنقطع عنه الكهرباء، ونحن في اليمن نكتوي بالحمى" .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى