محمية الحسوة من الازدهار الى الاندثار

> عدن «الأيام» وليد صالح:

> بعد أن كنا قد سمعنا بها وتناقلت الأنباء عن تلك الجنة الصغيرة التي تقع في منطقة الحسوة، وعن المياه الآسنة التي استطاعت سواعد الرجال الاستفادة منها في زراعة روضة خضراء باسقة الأشجار، وارفة الضلال، يرتادها الزوار من كل حدب وصوب.
رحلتنا الأولى إلى محمية الحسوة كانت قبل عامين ،حيث شاهدنا بأم أعيننا ذلك المشتل الذي شيد بسواعد أبناء الحسوة؛ ليحافظ على الأشجار النادرة، التي تزخر بها تلك المنطقة، وتلك المراجيح التي تم صناعتها بالكامل من مواد خام محلية مما تنتجه أشجار المحمية الباسقة، حيث تم تصنيع الأكواخ والمقاعد وحتى المراجيح من جذوع وأغصان وسعف النخيل لتشكل استراحة رائعة للعائلات.
لقد كان يوم زيارتنا الأولى للمحمية بمثابة دخولنا إلى إحدى جنان الأرض التي لم نعلم سابقا بأنها توجد في عدن.
ولا أنسى استقبالنا أنذاك عند بوابة المحمية بابتسامات رقيقة وترحاب من قبل العاملين فيها، وهم من أبناء منطقة الحسوة بذلك التواضع المعهود فيهم وكرمهم الذي فاق كل الحدود، وشاهدنا أيضا ممثل لمنظمة الـ UNDP التي أشرفت على تأسيس محمية الحسوة منذ إنشائها واهتمت بها.
كان لنا زيارة أخرى لمحمية الحسوة الطبيعية قبل يومين في محاولة للابتعاد عن صخب المدينة، وكذلك للتمتع بقليل من الهواء النقي والعليل بعيدا عن قيض المناطق الأخرى في عدن، والذي أصبح لا يطاق نتيجة لانقطاع الكهرباء المستمر.
أخذنا أغراضنا وانطلقنا إلى محمية الحسوة، وكانت المفاجأة، بل لنقل الصدمة، فلم تعد تلك الجنة التي زرناها في أول مرة، ولم نر تلك الوجوه المبتسمة التي كانت في استقبالنا من قبل، وكل ما وجدناه هو منظر أشبه ما يكون بالأدغال المهجورة التي نشاهدها في أفلام الرعب وأصبنا بالخوف ونحن ندخل إليها وكأننا ننتظر أن يهجم علينا شبح الموت.
تجولنا في المحمية بألم فكل ما كان جميل تحول إلى منظر تشمئز منه النفس فقد تلفت استراحات العائلات من كراسي ومظلات ومراجيح وأصبح مشتل الأشجار النادرة أثرا بعد عين، أما الأكوخ الخشبية التي كان الزوار يحطون فيها الرحال فتحولت إلى أماكن تجمع فيها القمامة، ووجدنا أحد العاملين وسألناه عن سبب ذلك الإهمال فقال: " اسألوا المسؤولين في المحافظة.. لايوجد أي اهتمام بنا ولا بالمحمية فقد أوقفوا ميزانية التشغيل للمحمية قبل سنتين وهي عبارة عن مليون ونصف ريال لا غير كانت تصرف كمرتبات للعاملين فيها وأيضا لعملية التحسين للمحمية والمحافظة عليها".
وأكمل حديثه قائلاً: "هذه الأرض لنا ونحن نملكها وعندما جاؤا إلينا وطلبوا تحويلها إلى محمية لأبناء عدن وافقنا على ذلك حباً في المصلحة العامة وقررنا أن نصبح عمال في أرضنا وجاءت منظمة UNDP الهولندية التي أشرفت على العمل وكنا في كل يوم نرى مسؤول ونسمع وعود بتوظيف أبناءنا؛ ليكونوا عمالاً فيها ولكن كانت جميعها وعود زائفة وخادعة لم تنفذ إلى الآن فهرب أبناءنا للبحث عن مصدر عيشهم وبقينا نحن الثلاثة نحاول بجهودنا المحافظة على ما تبقى، لكننا للأسف فشلنا حتى عندما وضعنا حلول لتطوير المحمية وكان الرفض يأتي لنا من قبل المسؤلين في المحافظة".
واستطرد قائلاً: "يعني لا رحمونا ولا خلو رحمة ربنا تنزل علينا وبعد رحيل الهولنديين رحل معهم المسؤولين وكأنهم أجانب وليسوا من أولاد هذا البلد، ووجودهم واهتمامهم بنا كان فقط بوجود المنظمة الهولندية".
السؤال هنا لمن نوجهه نحن من قمنا بهذه الزيارة.. من هو المتسبب في هذه المسألة هل هي السلطة المحلية للمحافظة أو فرع وزارة المياة والبيئة أم من؟! وهل ستجد هذه المناشدة صدى واستجابة لدى المسؤولين في عدن ومجلس الوزراء لإعادة اعتماد الميزانية التشغيلية للمحمية والتي لم تصرف منذ عامين؟ ومن هو المسؤول عن التصرف فيها وحرمان محمية الحسوة منها؟ ولماذا لم يتم توظيف عمال المحمية إلى الآن رغم مرور سنوات على إنشائها وعلى الرغم من وجود أوامر وتوجيهات بذلك .. أخيرأنترك الصور تتحدث بنفسها عن ماساة محمية الحسوة الطبيعية؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى