موت أسود أسمه المخدرات

> تقرير/ ماجد الشعيبي

> سعاد علوي أفتتحت مركز لمكافحة المخدرات ومحمد عقيل فقد كليته اليسرى أثناء مطاردات ليلية مع مروجين
فقد محمد عقيل - 23 عام - "كليته اليسرى والطحال" في مارس 2013 م أثناء مطاردات ليلية مع مجموعة من مروجي المخدرات.. وأزدهرت في عدن عملية الترويج للمخدرات بحسب مراقبون مطلع العام 2011 وهو العام الذي شهدت فيه اليمن انفلات أمني كبير.
بصوت شاحب يظهر عليه التعب أجاب عقيل على اتصالي الهاتفي، وتأدباً اعتذرت عن إزعاجه وأخبرته أنني سأجري معه مكالمة في وقت أخرى، قاطعني قائلا إن العملية التي أجريت له قبل أشهر مازالت تؤلمه كثيراً وهي سبب تغيير تفاصيل كثيرة في حياته!
مايزال عقيل حتى اللحظة يعاني من الآلام الكثيرة بسبب الرصاصة التي اخترقت جسده، من قبل عصابة تروج للمخدرات وبعد ملاحقة عقيل لهم، وكي لا يتم كشفهم أطلق عليه أحدهم الرصاص وعلى أثرها يرقد عقيل بعد نقله من المستشفى في البيت بسب حالة الصحية الغير المستقرة.
في وقت سابق أخبرني شباب كانوا يعتصمون في ساحة المنصورة أن هناك جهات رسمية جعلت من الساحة مكان لترويج المخدرات لتستغل ذلك في حملة تشويه ضد من يرتاد تلك الساحة، وفي حينها قبضت اللجنة الأمنية على أكثرمن مروج، تم تسليمهم في حينها، لقسم الشرطة، ويقول الشباب هناك أن جميع من كان يتم القبض عليهم كان يتم الأفراج عنهم في اليوم التالي. وهو الأمر الذي أثار استغراب الكثير هناك.
ويحتفظ شباب المنصورة بكشف مليء بالتعهدات من قبل شباب سبق تعاطيهم للمخدرات عليهم توقيعاتهم يتعهدون بعدم العودة لتعاطي المخدرات أو الترويج لها.
في صحبة متعاطي الحشيش
منذ سماعي عن انتشار المخدرات بشكل كبير كان لا بد من الجلوس مع متعاطين لمعرفة أسباب تعاطيهم المخدرات بمختلف أنواعها.
ألتقيت مجموعة من الشباب عنوة في أحد أحياء مدينة عدن منذ أيام، عرفت من أصدقاء ليأنهم يتعاطون مادة "الحيش"بشكل يومي، في البداية أبدا الكثير منهم تخوفا من أسئلتي الكثيرة عن المواد التي يتعاطونها، بيد أن ذلك لم يشكل ازعاج عن البقية لكونهم يرون أن أمر تعاطي الحيش قد يصبح مع الأيام أمراً عادياً.
يشعر "علي" شاب عشريني، براحه بالغه بعد تناوله مادة "الحشيش" ولايبالي بمايحدث من حوله هو ومجموعة من اصدقائه يدرسون في احدى كليات جامعة عدن وعادة مايجتمعون في أحدى الشقق، ويبدوا الحشيش كما لو أنه أكثر المواد المستخدمة لدى الشاب، وذلك لسهولة شراءه ولخفة ضرره كما يقولون، فتعاطيه لا يعد أدمان كما يقولون.
يعد "علي" من أوائل كلية الهندسة وثمة مشاكل كثيرة بينها عدم تحصله على فرصة عمل جعلت من الفراغ سبيلاً لتعاطيه مادة الحشيش التي تجعله بعيداً عن كثير من المشاكل كما يعتقد.
في عدن اصبح تعاطي المخدرات بمختلف اشكالها أمراً عاديا ولايبالي أكثرمن شخص أن يصارحك بالأمر دون الخوف من العواقب، فالحشيش مثلاً والحبوب المخدرة هيا لهم الوحيد لدى شريحة كبيرة من الشباب.
"صاروخ، حبوب القذافي وبشار، وجونت سطلة، اليدطافي، الاخ ماهلوش" مصطلحات مثل هذه منتشرة بين أوساط الشباب وهي تطلق ككنية للمواد المخدرة كالحشيش وغيرها.
بطريقة ذكيه يتم توزيع كمية كبيرة من الحشيش يومياً من قبل مجموعة يعرف المتعاطون طريق الوصول إليها جيداً، ففي كريتر مثلاً والمعلا والمنصورة والشيخ عثمان تبدوا كما لو أنها بؤر لتوزيع تلك المواد.
وفي الاحياء الأكثر فقراً تزدهر المواد المخدرة وتعتبر أكثرالمناطق شيوعا في الانتشار، ومؤخراً فتحت تجارة المواد المخدرات بابا لرزق للعديد من الشاب العاطلين على العمل، وللأطفال نصيباً من هذا العمل فهم أكثر الاشخاص يتم استهدافهم للعمل كموزعين لهذه المواد، أغلبهم لا يعرفون شيء عما يوزعونه. وكل ذلك مقابل المال الذي يتحصلون عليه مقابل نقل المواد المخدرة من شخص إلى آخر.
يمكن لمجموعة من الأشخاص تعاطي الحشيش بمبلغ 4000 الفين ريال لليوم الواحد ويمكن للمدمنين ان يدفعون أكثرمن عشرة الف ريال يومياً.
وائل شاب عشريني خبر الترويج للحشيش وتعاطي المخدرات في السابق وحالياً يعمل على مكافحتها مع اصدقائه واشترك في حملة توعية ومداهمة لأماكن تعاطي المخدرات في المعلا ويقول: لقد استجاب لنا الكثير من الشباب والحمدلله نحن نحافظ على الصلاة مع الجماعة ونتمنى ان يهتدي باقي الشباب.
محلات بيع الشمة والصيدليات من يملكها كما يقول وائل لايملكون ضمير ويقول وعيناه في الأرض انهم يبيعون الحبوب للشباب ويستغلون حاجتهم ويجبرون بعض الشباب على شراء تلك المواد بسعر مضاعف ومن لا يجد ما يتشري به يضطر إلى استخدام العنف للحصول على المال.
ويتهم ناشطون في حملات لمكافحة المخدرات السلطة بأنها سهلت بيع تلك المواد لتميع شباب عدن والقضاءعلى مستقبلهم فسابقاً لم يكن للمخدرات تواجد بهذا الشكل المهول. ومؤخراً انتشرت الجريمة في عدن بشكل واسع وبشكل يومي تسمع عن مصرع أحدهم دونما أسباب.
أول عيادة لمعالجة الأدمان
في جولة الجمهورية خورمكسر الدكتور عبدالله سالم هادي هو أول دكتور في مدينة عدن يفتتح عيادة لمعالجة المدمنين.
واثناء الحديث معه قال لـ "الأيام": "هناك ما بين 3 – 5 حالات يومياً تتراوح أعمار معضهم بين 20 و25 عاماً يزورون العيادة حديثة النشأة.
ويقول عبدالله سالم أن الدولة لا توفر علاج خاص بالإدمان وان كل مايقوم به هو علاج أولي لمساعدة المدمنين على التعافي وان المدمن يحتاج للكثير من الخطوات للعلاج، وأن تكون هناك فرصة لمعالجة المدمنين.
عبدالله قال لنا انه غادر قبل سنوات عدن ولم تكن المخدرات منتشرة وحين عاد تفاجأ من توسع انتشارها وقرر أن يفتح عيادة لمعالجة المدمنين لعله يساعد في انقاذ حالات ماتزال حديثة الإدمان.
الدكتور سالم يرجع سبب انتشار المخدرات بين الشباب إلى غياب دور الأسرة في عدن ويقول أن المدمنين الذين لايجدون في أحيان كثيرة مواد مخدرة يشرعون إلى ارتكاب الجريمة وهو مايحصل يومياً في عدن حيث يتم تهديد اصحاب المحلات التجارية ومحطات الوقود بقوةالسلاح.
الحشيش في متناول طالبات مدرسة ثانوية
في إحدى مدارس عدن القريبة من المنصورة تم الامساك بواحد من المروجين وفي حوزته ثلاثة كيلو حشيش واعترف بعدها أنه كان يقوم بتوزيعها لمدرسة خاصة بالبنات وسبق له أن وزع كميات مماثلة لطالبات تلك المدرسة وتساعده في ذلك إحدى طالبات المدرسة بحسب اعتراف أنتزعه منه محققون.
جامعة عدن لم تسلم من التعاطي والترويج لتلك المواد فقد ازدهر تعاطي الحشيش بين أوساط الطلاب داخل الكليات، فكلية التربية مثلاً والعلوم الإدارية والحقوق مليئة بالشباب المتعاطين وأغلبهم يتعاطون داخل كلياتهم حتى أن مدير أحدى الكليات تحصل على قطعة من الحشيش في ساحة الكلية وعلم لاحقاً انها مادة "الحشيش" فقدها أحد الطلاب دون ان يدري بحسب رواية لسعاد علوية رئيسة مركز عدن لمكافحة المخدرات.
من هي سعاد علوي التي تعمل على مكافحة المخدرات؟
برز أسم سعاد علوي مؤخراً كأول ناشطة تقوم علناً بمكافحة المخدرات، واستطاعت خلال الفترة السابقة أنشاء أول مركز يعمل بشكل منتظم في التوعية من خطر المخدرات أسمته "مركز عدن لمكافحة المخدرات" يعمل بشكل مرخص.
تقضي سعاد علوي يومياً الكثير من الوقت، في التوعية، وخلال الفترة الماضية استطاعت سعاد علوي - بكالوريوس فلسفة وعلوم اجتماعية - أن تضم إليها العديد من الناشطين ودشنت بفريق عمل أكبر حلمة توعية من خطر المخدرات استهدفت عدد كبير من المدارس والتجمعات الشبابية في مدينة عدن وماتزال هذه الحملة مستمرة حتى اليوم.
تصنف سعاد علوي على أنها المرأة الوحيدة التي تحارب وتقود ثورة لإنقاذ شباب وأطفال الجنوب من أكبر خطر قد يقضي عليهم.
تحدثت سعاد لـ "الأيام" عن الفكرة الأولى لبداية مشوارها وقالت: "بدأت فكرة التوعية من خطر المخدرات تتجلى عندي منذ بدايةا لعام 2001 عندما كنت أرى الشباب المتعاطين للمخدرات في الشوارع وهم في حالة تشبه الإغماء أو فقدان الوعي ولكن حينما صاروا قريبين من منزلي ولم تتبقى أمامهم سوى خطوات قليلة تفصلهم عن بابي أصبحت هنا ضرورة للخروج وأعطاء محاضرات التوعية في الساحات فخرجت.. بدأت العمل على إنشاء مركز للتوعية.
تواجه سعاد الكثير من المشاكل فالانتشار السريع للمخدرات وبأنواعها المتعددة بين الشباب يضعها في تحدي وتؤكد علوي أن دائرة انتشارها توسعت حيث وصلت إلى الأطفال والفتيات.
غياب دور أئمة المساجد في التوعية كما تقول رئيس مركز عدن من هذا الخطر المحدق بالمجتمع وشبابه وإهمال مايتعلق بحياة الناس الواقعية وإنشغالهم بالأمور الحزبية سبب أيضاً من الأسباب الكثيرة في أزدهار المواد المخدرة .
وتواصل سعاد حديثها: "لقد نجح النظام بتحزيب المساجد وقد توجهنا برسالة إلى مكتب الأوقاف بعدن في شهر يونيو العام الماضي ليجعل ذاك الشهر لأجل حملة يشترك فيها المجتمع كله ضد المخدرات لكنه رفض طلبنا بتخصيص خطب الجمع طوال الشهرفي التوعية من خطر المخدرات وأهمل رسالتنا الموجهة إليه.
لايكاد يخلو بيت في الجنوب من شخص متعاطي اومدمن على الأقل بحسب ما تقوله سعاد، وهذا الأمر يشكل خطراً على الأسرة مستقبلاً إذا لم يتم معالجة هذا الأمر بأسرع وقت ممكن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى