المهمة الصعبة

> محمد سالم بن ماضي:

>
يتفاعل الحديث في الشارع الجنوبي حول المؤتمر الجنوبي الجامع وموقف المكونات الممانعة, ويكاد يكون الحديث الشاغل للرأي العام لأثره الهام على مستقبل الأجيال.. فالمكونات الجنوبية التي أكدت موافقتها على المشاركة في المؤتمر الجنوبي الجامع بغالبيتها.. اصطدمت بموقف المجلسين الأكثر حضورا على الصعيد الميداني في الجنوب (المجلس الأعلى للحراك السلمي) الذي يتزعمه المناضل حسن أحمد باعوم وموقفه الضبابي الذي لم يحسم بالرغم من اتساع قاعدة الاستجابة للمؤتمر في مستويات المجلس القيادية والقاعدية.. و(الجبهة الوطنية) قيادة (المجلس الأعلى للثورة السلمية) وموقفها المعارض بوضوح بالرغم من تململ قيادات مديريات عديدة.. وإعلان بعضها عن استجابتها للمؤتمر الجامع!
وفي خضم هذا التفاعل السياسي الطبيعي في بيئة واقعة تحت تأثير قوة عسكرية منذ 94 تغذي مثل هذه الصراعات.. يقف شعب الجنوب المتقدم على قياداته حائراً أمام ما يعتبره لا مسئولية هذه النخب تجاه استحقاقات وطنية في غاية المصيرية يرجى منها توحيد الكلمة والصف.
فالمؤتمر الجنوبي الجامع أو الحلم الذي طالما لامس وجدان الكثير من الجنوبيين أملا في توحيد القيادة لم يجد أي تعاطٍ عملي من أي من مكونات الثورة في الداخل أو الخارج منذ الإعلان عنه وحتى 20/4/2013 عندما تصدى لهذه المهمة الصعبة (تيار مثقفون من أجل جنوب جديد) الذي أعلن عن مبادرته الرامية إلى تشكيل لجنة تحضيرية ذات طابع علمي وأكاديمي ومهني تؤسس لعقد مؤتمر جنوبي منتهجة مبدأ ( إدارة التباينات) ANOVA ..
وقد نجح (تيار مثقفون) من تجاوز عقبة تشكيل اللجنة التحضيرية التي رأسها الشيخ صالح بن فريد العولقي بتاريخ 21/9/2013م في خطوة باركها الرأي العام والأطراف السياسية بهدوء كان دائما هو السمة الغالبة في أداء ذلك الفريق.
وقد كان مقررا أن تفضي أعمال تلك التحضيرية لعقد المؤتمر الجنوبي الجامع - المهمة الصعبة - وأن تُعِدّ وثائق وبرامج تُحصِن المؤتمر من الفشل وتقوده نحو قيادة جنوبية موحدة بأمان وفق (أسس توافقية) موضوعية وفي ظروف بغاية التعقيد نظرا لما يشهده وسطنا السياسي من تباينات ناتجة عن 47 عاما من المراهقة التي مزقت البلاد وأوقعته تحت سيطرة عسكرية أجنبية..
تلك التباينات الضيقة التي كانت السبب وتوارت بعد سقوط عدن في 7/7/1994م عادت للظهور مجددا في 2009 لتدخل نضالنا السلمي الناشئ في 2007 في ذات التيار اللامتناهي من الخبال.
إذاً .. تاريخياً فنحن أمام أزمة في إدارة تبايناتنا أودت بنا إلى هذا الواقع الذي ثار عليه شعبنا ينشد حريته والخلاص.. ومن باب الحرص والمسئولية تجاه ما يعانيه الشعب الذي عجز الجلاد عن مجاراته تدعو الحاجة نخب هذا المجتمع للتوافق على مشروع موحد وهيئة سياسية موحدة تحمل قضيته للخارج بفاعلية تواكب الزخم الثوري الناتج وتتناغم مع الثوار لتعبُر بأصوات وتطلعات هذا الشعب نحو مراكز صنع القرار في المجتمعين الإقليمي والدولي والهيئات والمنظمات العالمية حتى يحلق الوطن بجناحين ولا تذهب دماء الشهداء هباء..
مبدأ (إدارة التباينات) الذي قامت عليه فكرة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع مبدأ علمي يجب أن يؤخذ من قاعدته الرياضية إسقاطاً نحو الواقع السياسي للقوى المتباينة والفاعلة في مراحل القضية الجنوبية.
والتباين علمياَ عام ونفسي، فالعام هو اختلاف الأشياء عن بعضها والنفسي هو اختلاف المكونات مع بعضها وأحيانا داخل المكون نفسه وفقا للحالة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو النفسية.. ومعالجة التباين تتطلب إحصاء مكونات هذا التباين وتحليلها, فهناك التباين البسيط والتباين في اتجاهين أو أكثر ANOVA والتغاير ANCOVA.
أمام هذه المسألة العلمية المعقدة, والتباينات السياسية المزمنة, والمهمة التاريخية الصعبة لعقد المؤتمر الجنوبي الجامع تجد اللجنة التحضيرية نفسها أمام (عصبة الماضي) التي لا زالت تفكر بعقلية وثقافة قد سقطت تاريخيا لتحتكر نضالات شعب الجنوب وتضحياته على مدى سنوات القهر المليئة بأنين الثكالى بوضع العراقيل في مسيرة الخلاص وتوحيد الصف والرؤية نحو مستقبل آمن ومستقل.
أما آن لتلك العصبة برموزها في الداخل والخارج أن تقتنع بأن الشعب الجنوبي في 2014 مختلف تماما عن شعب 1967؟ ألم يحن الوقت لتتوارى كما توارت في 94م وتفسح المجال للشخصيات الأكاديمية لتتقدم نحو حلول علمية وعملية ومهنية لإنقاذ هذا الشعب المغلوب على أمره؟
واختصاراً لحديث قد يتضمن الكثير من التفاصيل المملة أجده جديراً أن ندعو المجتمع كاملاً للاضطلاع بدوره والإعلان عن موقفه، مانحاَ الثقة لأبنائه وبناته من ذوي التخصصات العلمية والأكاديميين وأن يمنحهم فرصة إنجاز (الجنوب الجديد) والمستقبل الآمن للأجيال.. بالضغط على العُصبِ والبؤر الموتورة التي كانت ومازالت سبب لفشل المشروع الوطني خلال خمسة عقود مضت..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى