عدن.. مدينة (المليون ماطور) وضجيجها يصمُّ الآذان

> استطلاع/ الخضر عبدالله:

> أضحت الكهرباء اليوم إحدى منغصات الحياة اليومية في مدينة عدن ونواحيها، فالإنطفاءات المتكررة وفصل التيار الكهربائي يستمر لــ 6 ساعات يوميا، حتى أصبح ذلك الانقطاع علامة تجارية وبامتياز لوزارة ومؤسسة الكهرباء، التي ضربت الرقم القياسي في هذا الجانب، وباتت سمة من سمات الفساد المبرمج.
لقد تحولت الكهرباء من نعمة إلى نقمة.. فنحن نقرأ ونسمع ونشاهد يومياً ضحايا وخسائر سببها الرئيس الكهرباء، التي تكبِّد الوطن والمواطن ملايين الريالات شهرياً.
صحيفة "الأيام" قامت بهذا الاستطلاع نزولاً عند رغبة المواطنين، الذين تعالت أصواتهم مستنكرين الحالة المزرية التي وصل إليها حالهم.. متسائلين: أين تذهب الملايين من خزينة الدولة، وما هو دور الوزارة والمحافظة والمجلس المحلي حيال كل ما يحدث، أم أن الأمر لا يعنيهم؟!.
* شلل يوقف الحركة
أبدى انزعاجه مما آلت إليه الأوضاع، سالم منصور (معلم) تحدث إلينا قائلا: "لا يزال مسلسل انقطاع الكهرباء في مديريات محافظة عدن مستمراً بوتيرة عالية، لا يعرف الكلل أو الملل، حيث شكل هذا الانقطاع المتكرر والطويل للمواطن هماً وقلقا كابوساً.. فعلى إثره شلت حركة الحياة كليا، وتعطلت مصالح المواطنين.
وتساءل عن أسباب الانقطاع اليومي المتكرر لساعات طويلة، والذي شكل عبئا كبيراً أثقل كاهلهم.. مناشدا عبر "الأيام" الجهات المختصة والمسؤولين بالحكومة التدخل السريع لحل مشكلة الكهرباء التي باتت كابوسا يؤرق المواطن ويقظ مضجعه.
* استياء المواطن
وقال المواطن كمال ناصر (يعمل في مقهى إنترنت): "كهرباء عدن تعتبر من أردى الخدمات، وأصبحت اليوم على قمة الخدمات التي ضررها أكثر من نفعها، والتي تتسبب في إتلاف كل ما يقع أمامها".
وأضاف: "إن مصالح الناس وأعمالهم في محافظة عدن شبه مشلولة، فإذا مررت في السوق فسوف ترى الكثير من الناس واضعين أيديهم على خدودهم منتظرين معاودة التيار الكهربائي المقطوع باستمرار، لمعاودة أعمالهم، وتحديداً أصحاب المهن والحرف والأعمال التي تعتمد في أعمالها على الكهرباء بدرجة أساسية"، وتمنى كمال في ختام حديثه من المسؤولين في المحافظة ومؤسسة الكهرباء أن يعملوا بصدق وإخلاص لتغيير هذا الوضع، "أو على الأقل تحسينه تنفيذاً لبرنامج الحوار الوطني، حيث إن المسؤولين يعملون العكس، جعلوا اليمن قديماً، والمستقبل مظلماً، وهذا يعد تشويها لحكومة الوفاق، فأين الدور الفاعل للمجلس المحلي تجاه ما يحدث".

* انقطاع من 5 ـ 6 ساعات
وعن معدل الإنطفاءات لتيار الكهرباء، أوضح الأخ سعيد قائد أن المواطنين في عدن تفاءلوا كثيراً بانضباط الكهرباء خلال الأشهر الماضية، حتى عادت من جديد بانقطاعاتها المتكررة، ليستمر معد ل الإنطفاءات من 5 ـ 6 ساعات يومياً..
وعند انقطاع الكهرباء تبدو شوارع المدينة موحشة خالية من المارة، عدا الوسائل القديمة في إنارة المنازل بالشموع والمصابيح الصينية.
* آمال لم تتحقق
المواطن صلاح أحمد (سائق أجرة) يقول: "نحن الآن في هذه المدينة معتمدون على كهرباء بالإيجار، وهذا ولّد حالة عدم الاستقرار، تزيد يوماً بعد يوم في نفوسنا، نحن كمواطنين نتمنى أن نشاهد مشروع كهرباء أساسي في مدينتنا وبقية المدن المجاورة لها، خاصة أنه منذ سنوات بعيدة ونحن نسمع عن ربط مدينة عدن بمشروع كهرباء ضخم، وهذا لم يتحقق إلى الآن، فحالتنا كمواطنين أصبحت لا تحتمل أكثر من ذلك، ولا نريد أن نعود إلى منازلنا ونعيش في ظلام".
وأضاف:"عندما نسأل عن سبب الإنطفاءات يقولون محطات الكهرباء خارج الجاهزية أو لا يوجد وقود لأن المواطنين لم يدفعوا قيمة الفواتير.. صدقوني الناس الفقراء يدفعون الفواتير أول الناس، ولا توجد عندهم متأخرات، والذين لا يدفعون المتأخرات هم الأقوياء والمتمرسين، فلماذا لا تتخذ إدارة الكهرباء عليهم الإجراءات الصارمة".
*إزدهار بيع المولدات
الوالد محمد غالب مهيوب (بائع في محل كهربائيات)، ويعمل في هذا المجال منذ أكثر من أربعين سنة، ويعرف معظم التجار الذين يشتغلون في هذه المهنة في عدن، أشار إلى أنه لم يشهد طوال مدة عمله حركة بيع للمولدات الكهربائية في هذه المدينة مثلما يشهده هذه الأيام.
وقال: "إن تواصله اليومي مع التجار والبائعين للمولدات الكهربائية استطاع من خلاله أن يتوصل إلى حقيقة أن ما تم بيعه من المولدات الكهربائية في عدن خلال السنة والنصف الماضية فقط يساوي أو يزيد عما تم بيعه خلال أربعين سنة".
وأكد محمد أن تجارة بيع المولدات الكهربائية ازدهرت بشكل لم يشهد له مثيل طوال حياته وطوال عمله في هذه المهنة .. وقال: "إن تجار الجملة والتجزئة الذين يبيعون المولدات الكهربائية وخاصة المصنوعة بالصين، استطاعوا أن يحققوا أرباحا مهولة من تجارتهم لبيع المولدات الكهربائية بصورة فاقت توقعاتهم..، والفضل يعود (بعد الله تعالى) لإدارة الكهرباء والسلطات بالمحافظة والحكومة التي أوصلت وضع خدمة الكهرباء في المدينة إلى هذه الحال المزرية.. حيث تتجاوز ساعات الانقطاع الـ 16 ساعة من إجمالي 24 ساعة في اليوم الواحد".

هذه الحقيقة المرعبة دفعت صحيفة "الأيام" إلى النزول إلى شوارع وحوافي مدينة عدن، لتلامس الواقع الحقيقي، وترصد (بالصورة) انتشار مولدات الكهرباء في كل مكان، فلا يوجد محل تجاري إلا وتشاهد مولدا كهربائيا يضج بصوته المزعج أمام بوابته.
لقد تحولت مدينة عدن إلى "مدينة المواطير الكهربائية"، فالمواطير منتشرة في كل مكان، وصوتها المزعج يصم الآذان.. وبهكذا وضع نتحسر على حال عدن التي كانت تسمى "مدينة الهدوء والخدمات المتقدمة"، المدينة التي كان من النادر أن يشاهد أبناؤها ماطورا في الصور، لأن شبكة الكهرباء تنضح بالتيار في كل بيت ودكان وشارع.. فمرحبا بكم في مدينة المواطير، من خلال هذه الصور الحية التي التقطت في أحياء وأسواق المدينة.

* تساؤلات
من خلال لقائنا بالمواطنين.. تساءلوا: هل سيظل المواطن في هذه المدينة فاقد البصر ويعيش في ظلام دامس، ويعود إلى عصر النار والفانوس؟.. أين دور المحافظ والسلطة المحلية؟.
المواطن ياسر مثنى ثابت، ترجم غياب دور السلطات المحلية للتخفيف من معاناة المواطن الذي يتجرع المعاناة مع استقبال كل صيف حار بالقول: "المواطنون في محافظة عدن يفتقرون إلى دور السلطة المحلية، فدورها سلبي للغاية في متابعة قضايانا، ابتداءً من محافظ المحافظة وحتى السلطة المحلية التي اختيرت من أجل أن تناقش همومنا ومشاكلنا، ولكن دورها كان ضعيفاً ولم تفد المدينة بأي شيء".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى