لماذا تخشى مكونات جنوبية من نجاح المؤتمر الجامع ؟

> تقرير/ ماجد الشعيبي

> كان الصمت سيد الموقف عندما كان الدكتور سعيد جريري، نائب رئيس المؤتمر الجنوبي الجامع، يتحدث أمام عدد كبير من ممثلي المكونات الجنوبية، عن المؤتمر الجامع،وطريقة اختيار الأعضاء المشاركين في المؤتمر واصفاً أياها بالطريقة السلسلة والمنهجية.
تحدث الجريري الذي كان يظهر ثقة كبيرة في مداخلته عن المؤتمر الذي يحضر له منذ أكثر من عام ويتوقع أن يتمخض عنه قيادة جنوبية تمثل الحراك المطالب باستعادة الدولة الجنوبية.
يقول الجريري: “إن (الجامع) مفتوح للجميع وعلى من أراد الدخول فيه أن يتوضأ قبل ذلك استعداداً للدخول” في تشبيه يقصد به التخلص من كل شوائب وانقسامات الماضي،التي قد يحملها البعض وقد تعطل دخوله الجامع ويفسد الأمر على المؤتمر ويفشل مهامه.
لقي حديث الجريري تفاعلاً كبيرا من قبل الحاضرين وما إن أنهى كلامة حتى تعالت التصفيقات المؤيدة لما طرح من نقاط، وفي
اجتماع ضم شخصيات اجتماعية وقيادات في الحراك أخذ البعض يتحدث عن مستقبل الجنوب وعن خيارات المشاركة في مؤتمر الجريري وباقي رفاقه، وأمام الحاضرين أبدا الكثيرون قبولهم بالأمر، وبمجرد الخروج من الاجتماع تفاجأ الجميع بتصريحات صدرت عن قيادات جنوبية حضرت وأيدت المؤتمر بعكس ما قالته في حديثها أمام العشرات، ويظهر هذا التناقض عند أغلب قيادات الحراك التي تتبنى ما تطرحه قيادات الخارج.
يحرص الكثير على الانخراط في المؤتمر كخيار لإنقاذ الجنوب من الغرق في خندق الخلافات الجديدة، والتي قد تجعل المستقبل
مليئا بصراعات قد لا تنتهي عند التحرير والاستقلال، وكخيار جاد في بناء الدولة الجنوبية كاملة السيادة.
تنصاع شريحة كبيرة في الجنوب وراء كلمة (التحرير والاستقلال واستعادة الدولة) - كخيار دراماتيكي يعول عليه الشعب الجنوبي كثيراً للخروج من المأزق - وخلال الفترات السابقة ظهرت مكونات تحمل هذا الشعار، ولكنها تعمل وفق خيارات خارجه تماماً عن هذا الهدف.
هذا الشعار المهم بالنسبة لأي ناشط جنوبي غدا شرطاً للمشاركة في أي نشاط اجتماعي أو سياسي ينظم في عدن، خصوصاً بعد أن أظهرت قوى جنوبية خصومة بالغة من مكونات وهيئات لا تريد إقحام هذا الشعار في أعمالها، منها منظمات المجتمع المدني، ومن جهة أخرى تعطي بعض القوى نفسها الأحقية في تمثيل هذا الخيار عن غيرها، وتقدم على مهاجمة الغير بحجة أن باقي القوي ليست قوى التحرير والاستقلال.
على قاعدة التحرير والاستقلال وبناء الدولة الجنوبية كاملة السيادة وضع المؤتمر الجنوبي الجامع خارطة طريقه في أول شعار يرمز للمستقبل، إلا أن هذا الشعار لم ينل إعجاب الكثير، حتى من يقولون إنهم يسيرون على قاعدة التحرير والاستقلال، ويعود السبب إلى أن مشروع المؤتمر لم ينطلق من شخصيات تربعت على عرش قيادات الحراك للسنوات الماضية الطويلة، وهذه الأسماء والمكونات فضلت المقاطعة حتى الآن، خصوصاً والمؤتمر لم يتضمن أسماءهم حتى هذه اللحظة ضمن قوائم المؤتمر الجامع كأشخاص لا يمكن تجاوزهم.
تظهر شخصيات في الحراك تخوفها من هذا المؤتمر الذي قد يكون سبباً في سحب القرار من طرف لصالح طرف آخر ويصبح تأثيرها في الشارع ضئيلا جداً، خصوصاً وكثير من القوى في الحراك الجنوبي تظهر كما لو أنها مستفيدة من تشتت القيادات الجنوبية وبقاء الوضع على ما هو عليه.
بحسب منظمي المؤتمر، فقد جاء اختيار الأعضاء بطريقة منهجية، ولم تعتمد على المحاصصة التي تعودت مكونات الحراك استعمالها خصوصاً في تشكيل اللجان التحضيرية للمليونيات، ولايشترط بالنسبة للمؤتمر الجامع اختيار الأشخاص بحسب مشاركتهم في المسيرات والفعاليات، بقدرما يهم اختيار الشخصيات التي تحظى بقاعدة شعبية ولها ثقلها في الوسط الاجتماعي والسياسي.
* قوى جنوبية تخشى من نجاح الجامع!
تتخوف بعض القوى من انعقاد المؤتمر الجنوبي الجامع مخافة أن يكون بمثابة سحب البساط على باقي المكونات، خصوصاً
وهي التي تتصدر المشهد في الجنوب رغم وجود العشوائية الكبيرة في أنشطتها، وهي بذلك تعتقد أنه ببقائها المصدر الوحيد للثورة وللحراك سيمكنها في المستقبل من البقاء على واجهة القوى التي ستحكم الجنوب مستقبلاً.
بعض القوى في الحراك الجنوبي وعلى رأسها التياران اللذان يتزعمهما الرئيس علي سالم البيض، والزعيم حسن باعوم، عارضت
المؤتمر، والغريب أن الرجلين اللذين يحظيان بشعبية كبيرة في الوسط الجنوبي لايعارضان فكرة المؤتمر بل يقفان مع أي فكرة توحد رأي الجنوبيين، إلا أن المكونات التي يتزعمانها،تقف وراء ظهور هجمة شرسة تحاول إفشال المؤتمر، من خلال البيانات التي أصدرتها بعض المكونات أو التصريحات التي نسبت لقيادات في المجلس الأعلى وقيادات في الجبهة.
سبق للرئيس علي سالم البيض أن ساند فكرة المؤتمر منذ تدشين عمله لأول مرة في المكلا، وعقد عدة لقاءات مع منظميه، وظهرت محاولات لشخصيات مقربة منه في الداخل استغلال اسمه كطرف معارض للمؤتمر، كما هو حال الزعيم باعوم الذي ربما لا يعرف عن المؤتمر شيئا، بيد أن اسمه كان عنواناً بارزاً في رفض المؤتمر الذي لم يراع حصة الأولاد المستقبلية في أي مكون يسعى أن يكون واجهة الجنوب.
بالتأكيد لن يحصد المؤتمر الجامع رضى الجميع، وكسابقه من المحاولات للملمة شمل القيادات الجنوبية، ويظهر الجامع أكثر هذه المحاولات جدية وعملا بغرض الوصول إلى نتيجة هدفها لم شمل قيادات جنوبية تتبنى وجهات نظر مختلفة منذ تشتتها عقب حرب صيف 94 .
يرى الكثير أنه ليس من المهم أن يخرج الجامع بقيادة واحدة للجنوب وهذا لن يحدث بقدر ما يهم أن يلم تحت سقفه عددا كبيرا من الفصائل الجنوبية التي تسير وفق استراتيجية معينة، بحيث تكون مستقبلاً نموذجا يحتذى به في العمل والتنظيم وهذا قد يحقق تغييرا في مسيرة الحراك وثورته بعد رتابة السنوات الماضية.
وعلى الرغم من أن المؤتمر الجنوبي لن ينجح في لم شتات مكونات الحراك الجنوبي كاملة، لكنه سيصنف من إجراءات محاولة لم الشمل منذ انطلاق الحراك، ومن المهم أن يقدم المؤتمر جديداً على الساحة، خصوصاً في عمله خارج قاعات المؤتمر وصالات الاجتماع.
ليس هناك ما يستدعي العجلة في عقد المؤتمر، بقدر ما يهم أن يظهر المؤتمر ومنظموه عند المستوى المطلوب، وإلا يكون نسخة من التيارات السابقة التي تحولت فيما بعد إلى مجرد مكونات انتهت محاولاتهم للتوحد بالفشل والانقسام أكثر.
يطمح الشارع الجنوبي أن يكون ما بعد هذا المؤتمر هو الظهور بعمل أكثر تنظيماً ودراماتيكية عن سابقها الذي اتسم بالعشوائية، وإذا ما كان لدى الجامع استراتيجية معدة لتنظيم العمل السياسي والثوري في الجنوب وفرض السيطرة على خارطة المساحة التي يطالب اليوم الجنوبيون بإحكام القبضة عليها فإن الخيارات والنجاحات ستكون حليف هذه النخبة، وإذا ما كانت محاولة للم الجميع في طاولة واحدة فإنه لا جديد سيطرأ على الساحة سوى مزيد من البيانات.
* تصريحات ممثلي الجامع تثير بلبلة
أخذ الحديث يدور عن بعض المتخوفين من المشاركة في هذا المؤتمر من تصريحات أطلقهاقائمون على هذا المؤتمر كتصريح الشيخ بن فريد الذي تحدث عن أن من يسكنون الفنادق لا يمكن لهم أن يحكموا الجنوب مجدداً، وتصريح أخير للناطقة الرسمية للمؤتمر هدى العطاس التي ظهرت مهددة معرقلي المؤتمر الجامع في رسالة لقيادات تيار جنوبي ينشط بشكل كبير في الجنوب.
وهنا يجب التنويه أن مثل هذه التصريحات،لا يجب أن تصدر من منظمي مؤتمر يحمل شعار الجامع، فمن يسعى للملة الأطراف لا يمكن له أن يشتتها من الجهة الأخرى.
يقع على عاتق اللجنة التحضيرية للمؤتمر مهمة ليست بالسهلة، فثمة مراهنات كبيرة على فشله وبالمقابل هناك عوامل كبيرة لنجاحه وكل هذه المخاطر، تعتمد على مدى انسجام وتحدي أعضاء المؤتمر للوصول إلى الهدف المراد تحقيقه.
ويفترض بالمؤتمر الجنوبي الجامع أن يكون أكثر جدية في تعاملاته مع مكونات الحراك والسير في الطريق العلمية الممنهجة،
وليس المحاصصة فحسب، بل العمل بوتيرة أقوى لتحقيق نتائج ترتقي إلى مستوى تطلعات الشارع الجنوبي.
يسيطر هاجس كبيرعلى الجنوبيين في لم الشمل، وتوحد القيادات وهذا الأمر أصبح محالا في الوقت الحالي، لصعوبة تحقيقه، وربما تضيع الفرص ويبقى الحال على ما هو عليه، ويبقى الحراك الحلقة الأضعف أمام العشرات من الحركات التي تنشط في الجنوب وتحمل أهدافا وأجندةً لا ترتبط بهدف وقضية شعب الجنوب، كمثل حركة أنصار الشريعة وغيرها من الحركات الدينية المتطرفة التي تستغل ضعف الحراك الميداني وتعمل وفق خططها في تغيير الواقع الاجتماعي والسياسي في الجنوب.
فهل سيكون الوقت سانحا أمام الحراك لإنقاذ الجنوب من الغرق وسط بيئة يصبح من الصعب استعادة سابقها في المستقبل؟.
ويبقى الجامع محاولة جادة يميزها وينقصها أشياء كثيرة، ويصعب القول إنها ستكون قارب نجاة للجنوب، كما أنه ليس من
المنطق القول إن قاربها سيكون مصيره الغرق.
في الطريق إلى النجاح أو الفشل، تبقى خيارات الحراك الجنوبي مطروحة لطي مرحلة الشتات،والبدء بمرحلة جديدة، عنوانها الجامع من أجل المستقبل.. مرحلة تتطلب جرأة أكبر، وتحركات سياسية دبلوماسية أكثر من التحرك في مسيرات يظهر الشارع الجنوبي كما لو أنه مل منها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى