حديث في قدسية الأرض ترجمه شعراً عبدالله البقعي

> الفن «الأيام» نجيب محمد يابلي :

>
نجيب يابلي
نجيب يابلي
من محاسن الصدف وابتسامة القدر أن ضمني لقاء بالشاعر الغنائي وخريج زراعة وهندسة إلكترونيات من مصر العربية، وكنت أحدثه عن عظمة المجتمعات في شرق أوروبا وشرق آسيا بل وأفريقيا، وكان تركيزي على مغرية مجتمعات شرق أوروبا وبربرية المجتمعات في العالم المتخلف ومنها في هذه البلاد.
قلت له: تصور يا أخي عبدالله أن روسيا بعد انفصالها وتفككها مع جمهوريات أخرى فيما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي في تسعينات القرن الماضي، لم تتعرض تلك المساحات الشاسعة للنهب أو القتل أو الثأرات أو تصفية الحسابات، كما حصل عندنا في بلاد العرب والمسلمين، (واستثنى من ذلك أندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش وجمهوريات الاتحاد السوفييتي الإسلامية).
تصور يا أخي عبدالله أن من الـ (K.G.B) جهاز الاستخبارات في موسكو بأدواره العديده فوق الأرض وتحت الأرض يحتوي على مئات الآلاف من المواد الاستخبارية (ورقية وأشرطة وصور) لم يتعرض للسرقة ولو قصاصة واحدة .. تصور يا أخي عبدالله أن كل المدن الرئيسية لما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي لم تتعرض لأعمال النهب والعنف، على عكس ما حدث في سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن وباكستان، التي تعرضت لأعمال النهب ولم تسلم المتاحف ودار الكتب والكنائس وفرق الموت عبر الدراجات النارية التي حركها وتحركها مراكز النفوذ العفنة.
تصور يا أخي عبدالله أن دولاً صغيرة انفصلت بسلاسة ولم يتحول سكانها المحليون سواء أكانوا أفراداً أم جماعات، تحت مسميات مختلفة، إلى قراصنة أراضٍ ومؤسسات، ولم تدخل عليهم حبوب الهلوسة عبر عسكر أو قبائل، لأن تلك المجتمعات مدنية تحترم وطنها وتحترم القانون، ونسبة الأمية في صفوفها تقف عند درجة الصفر، وتصور أن تلك الدول الصغيرة انفصلت دخلت مسابقات كأس العالم مثل: مقدونيا واستونيا وسلوفينيا ولاتفيا وكرواتيا وغيرها.
عبدالله البُقعي
عبدالله البُقعي
تصور يا أخي عبدالله أن مساحة مقدونيا (25) ألفاً و 713 كيلو متر مربع، وعدد سكانها مليونان، ومساحة أستونيا (45) ألفا و 227 ك.م، وسكانها لا يتجاوز مليون ونصف المليون نسمة، ومساحة البوسنة والهرسك (51) ألفا و 129 ك.م، وسكانها لا يتجاوز (4) ملايين ونصف المليون نسمة، ومساحة تشيكيا (78) ألفاً و 846 ك.م، وسكانها يزيدون قليلاً عن العشرة ملايين نسمة، ومساحة سلوفاكيا (49) ألفاً و 35 ك.م، وسكانها يزيدون قليلاً عن خمسة ملايين نسمة، ومساحة سلوفينيا (20) ألفاً و 253 ك.م، وسكانها في حدود المليوني نسمة، ومساحة كرواتيا (56) ألفاً و 510 ك.م، وسكانها يقل قليلاً عن الأربعة ملايين ونصف المليون نسمة، ومساحة لاتفيا (63) ألفا و700 ك.م، وسكانها يقل قليلا عن المليوني ونصف المليون نسمة.
تصور يا أخي عبدالله أن تلك الدول الصغيرة بالمساحات الصغيرة أرضها موزعة على الزراعة والصناعة والسياحة ودور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس والمعاهد العليا والجامعات والحدائق العامة والمنشآت الرياضية والمكتبات العامة والوحدات السكنية، وتراعي تلك المجتمعات المفهوم المقدس للأرض والتنمية المستدامة، أي أن الثروة الحالية هي أمانة في أعناقهم للأجيال القادمة، وهو مؤشر جلي يا أخي عبدالله على الثقافة المدنية لتلك المجتمعات المحترمة، ويا أخي عبدالله لا يوجد في تلك المجتمعات أفندم أو شيخ قبيلة .. لايوجد منتفعون عبر لجان خاصة يتقاضون رواتب أو مكافآت بالشيء الفلاني من دولة مجاورة لا (تقلّي ألماينا أو هولندا)، لأن تلك المجتمعات يا أخي عبدالله محترمة وتقدس الأرض وتقدس التنمية المستدامة، ولذلك لا ترى قراصنة الأرض موزعين بين أفراد قبائل ينهبون، وأفراد قبائل أخرى يشترون منهم الأرض، ولا حسيب ولا رقيب، الكل ينهب، شيخ - أفندم - مواطنون بسطاء ـ (بلاطجة)، تصور يا أخي عبدالله أن الناتج الإجمالي القومي لكرواتيا (59) مليار دولار، وتشيكيا (196) مليار دولار، وسولفاكيا (91) مليار دولار، وسلوفينيا (45) مليار دولار، واقتصاديات الدول الصغيرة الأخرى أعلى بكثير مما هو عندنا، ولا غرابة طالما أنهم يقدسون الأرض ويراعون حقوق الأجيال القادمة، ومثل هذه المشاعر والحقوق والمفاهيم غائبة تماماً عندنا، لأننا غير محترمين.
بعد يومين من ذلك اللقاء جمعني لقاء آخر بالأخ المبدع والتقني المحترم عبدالله البقعي، وسلمني قصيدة عنوانها:
هوشليه:
جزعوها هوشلية وصادروها أرضنا
شلوا المدارس والحدائق والسجون وجبالنا
وكانت «الأيام» صوت الشعب تفضحهم لنا
فغيبوا «الأيام» قسراً لأجل يخبوا صوتنا
وكانت «الأيام» نبض قلوبنا ومدادها من دمّنا
وعادت «الأيام» رغم جراحها من أجلنا
قالت وقلنا بصوت عالي كلنا
الأرض ما هي أرضكم ذي أرضنا
وأرض الأجيال ذي هي باتجي من بعدنا
يتسابقوا في نهبها كلّن سور له وبنى
حد شل له وادي تبن والثاني شل وادي بنا
ومن تأخر شل له الباقي وخلاني أنا
أدوّر قفا القانون والقانون زيّد باعنا
المشكلة المنهوب قد باعوه لبعض مننا
واللي اشترى عارف بأن الأرض هذي أرضنا
ومن يشتري المسروق يعلم حقنا لابد ما يرجع لنا
ويجري قفا ماله من اللي باع له أملاكنا
لله درك يا بقعي .. يا صاحب "تعبنا والتعب راحة معكم يا حبايب".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى