سنوات من التقاعد الإجباري وعشرات اللجان الصورية ومظالم تنتظر العدالة (2)..المتقاعدون المدنيون في الجنوب : نطالب اللجنة الرئاسية بسرعة معالجة قضايانا

> إعداد / قسم التحقيقات

> قضية الجنوبيين المبعدين قسرا عن وظائفهم، ليست مجرد قضية حقوق يطالب بها البعض، بقدر ما هي مأساة جماعية مست حياة وأوضاع عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تعرضوا لأسوأ صنوف الظلم والإقصاء والتهميش، التي مارسها حيالهم النظام السياسي السابق في صنعاء.
ومازالت هذه القضية تشكل اليوم أبرز التحديات الشائكة للرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي، حيث إنها كانت من الملفات المعقدة التي نوقشت في إطار مؤتمر الحوار الوطني، وشكلت لأجلها اللجنة الرئاسية الخاصة بمعالجة قضايا المبعدين من العسكريين والأمنيين والمدنيين في نطاق يضمن لهم العودة إلى وظائفهم، وضمان استلام كامل حقوقهم ومستحقاتهم.
المعاناة والألم والوجع الذي عانه الآلاف من الضباط والجنود لم يشملهم وحدهم وإنما طال شرائح واسعة من الموظفين المدنيين الذين زادوا بتعدادهم فوق المتوقع، هذه الشريحة مازالت بانتظار ان تبدأ اللجنة الرئاسية اعمال البث في قضيتها ورفع التوصيات إلى رئاسة الجمهورية ليتم اتخاذ القرار بشانها.
وفي هذا الجزء نواصل استعراض معاناة واراء المتقاعدين من المدنيين استكمالاً ما قد بدأناه بالأمس.
تغييب مؤسسات الجنوب
وعن هذه المعاناة يتحدث: رئيس جمعية المتقاعدين المدنيين في عدن الدكتور جعفر الشلالي، "لقد تعرضت الكوادر الجنوبية بعد حرب 1994م للإقصاء والابعاد من خلال السياسة الممنهجة التي اتبعها النظام في صنعاء ضد الموظفين المدنيين والعسكرين الجنوبيين، وسعى إلى التخلص من كوادره واحلاله بكادر غيره استقدم من صنعاء لتمكين النظام من فرض سياسته على كل المرافق في الجنوب"
واوضح الشلالي: إن الهدف من ذلك يتمثل في تغييب المؤسسات الجنوبية التي كانت تعد مصدر دخل المواطن المدني، وكذا تصفية كل مؤسسات القطاع العام سواء عبر سياسة الخصخصة، أو بإعلان افلاسها بعد أن بسط النافذين عليها"
ويواصل حديثه: "الامر الذي ادى إلى اقصاء قوى وظيفية من عملها رغم قدرتها على العطاء، وإبقاءها كقوى مهمشه تلهث وراء الاستحقاقات في إطار نظام جديد تمثل في (صندوق الخدمة المدنية) وهذا مستحدث للمُبعدين قسراً من الوظائف لإحالتهم إلى الخدمة المدنية" .
وأضاف: "فضلاً عن خصخصة بعض المرافق الصناعية التي جاءت بقرار ممنهج من خلال الاتفاق مع من آلت اليه ملكية هذه المؤسسة الصناعية بالحفاظ على جزء من هذه العمالة لفترة زمنية محدودة، تم التخلص منها فيما بعد" مستطرداً: "وهذا عمل على التخلص وإقصاء الكثير من الموظفين المدنيين والعسكريين، منهم من جرى احالتهم إلى التقاعد وإلى صندوق الخدمة المدنية، وآخرون تم إعطائهم مبالغ زهيدة كمستحقات خدمة وإنهاء علاقتهم الكاملة بالدولة ، وهذه المشكلة أُثيرت أمام اللجنة الرئاسية لمعالجة قضايا المتقاعدين المدنيين والمُبعدين قسراً".
وطالب الشلالي الجهات المعنية العمل بجدية وسرعة بمعالجة قضايا المتقاعدين والمبعدين قسرياً ، وتسوية أوضاعهم كأقرانهم العاملين واعتماد درجاتهم بحسب المؤهلات والخبرات والدرجات الوظيفية، واعادة الاعتبار لهم وتحسين اوضاعهم المعيشية.
متابعات مضنية
يوضح أمين عام جمعية المتقاعدين المدنيين، عبدالله محمد عبدالله، معاناة المتقاعدين المدنيين بالقول: "عقدان من الزمن ولم نتحصل على حقوقنا المتمثلة برفع المرتبات وتعديل الأجور وتسوية رواتبنا، وكذا العلاوة السنوية، إضافة إلى هيكلة الأجور الذي لم تنفذ منذ فترة طويلة".
ويزيد أمين الجمعية بقوله: "بعد متابعات مضنية تم الموافقة على اقرار الهيكلة الجديدة للأجور الخاصة بعمال الطيران، وضم كامل العلاوات إلى الاجور، وكذا تنفيذ الهيكلة الجديدة برفع الرواتب ما لا يقل عن100%" مردفاً بقوله: "وقبل تنفيذ هذه المساواة التي كان ينتظرها الكل منذ عدة اعوام، وبعد ان تم رفع كشوف بالعشرات من الكوادر ومعظمهم مدراء دوائر ورؤساء أقسام وموظفيين فنيين".
وقال معرباً عن آسفه: "بعد ذلك جرى تحويلهم تعسفياً إلى التقاعد قبل مساواتهم في الهيكلة والعلاوة والراتب أسوة ببقية زملائهم" ويكمل موضحاً: "هناك مظالم كثيرة بحق الذين ابعدوا قبل أن يتموا أحد الاجلين وهم يعدون من الشريحة الواسعة، والذين لم يتم الاستجابة لشكواهم إلا من حظيا بوساطة أو معرفة، وغالبية المتضررين لجؤو إلى المحكمة وتقدموا بدعاوى ضد هيئة الطيران المدني، وظلوا يعانون المماطلة ولأعوام طويلة، على الرغم من وجود قرارات قضائية صدرت بعضها لصالح العُمال إلا أنها لم تنفذ.
حقوق ضائعة
يتحدث في هذا السياق، رئيس اللجنة العمالية للمصانع والمؤسسات المخصخصة في عدن، علي اليوسفي، عن أنشطة اللجنة العمالية ودورها في متابعة قضية المصانع والمؤسسات المخصخصة، قائلاً:
"بدات اللجنة عملها عام2008م، وبجهود شخصية خاصة بعيدة عن اجترار المناكفات السياسية والاحزابية، حيث قامت اللجنة خلال عامي 2008م/2009م بتنفيذ نحو 16 اعتصام في سيبل لفت انتباه الدولة إلى معاناة المتقاعدين ومطالبهم".
وأضاف: "وفي إطار التصعيد والاعتصام الذي نظمناه، وجدنا شيء من التفاعل من قبل محافظ عدن الأسبق احمد الكحلاني، والذي بدوره عمل على إيصال مطالبنا عبر مذكرة رفعت الى صنعاء".
وحول ما حدث من معوقات في تنفيذ مطالبهم، قال اليوسفي، "اتخذت بعض الاجراءات بهذا الخصوص، غير أنها انتهت في مايو 2008م، حين تم تغيير المحافظ وتشكيل لجنة اخرى بإعادة النظر مع أن الاولى كانت جاهزة، وبسبب هذا ظللنا نصارع المتنفذين حتى تمت المعالجة في اغسطس2009م وحصلت بعض التعديلات من قبلهم، إلا ان بعض من تضررت مصالحهم سعوا إلى إفسادها وعرقلتها وتعريض العمال للمزيد من الجور والظلم".
وأكد في سياق قوله: أن بصفته رئيس للجنة العمالية لم يجري إطلاعه على كل الوثائق والقوانين والاتفاقيات المبرمة بين الدولة والمتنفذين والخاصة بموضوع المصانع والمؤسسات المخصخصة، إلا بعد تشكيل الاعتصامات، مشيرا: إلى أن اللجنة العمالية قامت بجمع هذه الوثائق بطريقة شخصية وهو ما كشف عن وجود نوايا مبيته لإنتزاع حقوق العمال".
وطالب اليوسفي: "صندوق الخدمة المدنية الإسراع بصرف التسوية الذي التزم بها لعدد 14 ألف موظف" مؤكداً: "إن اللجنة العمالية طالبت في بيان لها، من اللجنة الرئاسية انضمامها كعضو في المهام الرئيسية، وعبر مشاركة مندوب المنقطعين ونقابة المتقاعدين ليكونوا عوناً للجنة الرئاسية، إضافة إلى إيجاد خبير من الامم المتحدة لمناقشة كل القضايا المتعلقة بالعمال والمؤسسات المخصصة".
وأختتم قائلاً: "هذه المطالب تم الموافقة عليها مبدئيا حسب افادة القاضي نور ضيف الله، بإشراك من ذكرناهم أنفا".
وشددت اللجنة العمالية للمصانع المخصصة في البيان على ان تنجز اللجنة الرئاسية مهامها بشأن قضايا العمالة من المُبعدين المدنيين خلال فترة شهرين تبدأ من أول مايو حتى30 يونيو2014م، حسب البيان.
لعبة السلم
وفي الإطار التقينا بعدد من المتقاعدين المدنيين الذين لايزالون ينظرون إلى مهام اللجنة الرئاسية بشيء من التفاؤل والتشاؤم، بعد ان انقضت عليهم سنوات وهم يكابدون القهر والضيم والتهميش.
يقول المتقاعد، سعيد محمد بن محمد –من موظفي المؤسسة العامة لتجارة الأقمشة والكهربائيات- عانيت الكثير من التعب والعذاب وتعرضت في سبيل ذلك الكثير من الصعوبات المالية والأسرية جراء ما حدث لي من إقصاء وتهميش ولأسباب مناطقية.
ويضيف: "تقدمنا بتظلمات إلى مكتب الخدمة المدنية في صنعاء عام2011م، وبموجب هذا التظلم تم اعتماد لنا تعزيز مالي رقم 689 – 22 ليتم بعد ذلك رفعه إلى وكيل الهيئة العامة لقطاع التسوية، والذي بدوره قام بإحالته إلى مدير التسوية للتأكد وإبلاغ الفروع للتنفيذ".
ويكمل قوله: "في عام2013م، أستلمنا فارق الراتب لشهر يناير، وفوجئنا في الاشهر اللاحقة عدم اضافة الزيادة الى رواتبنا، وهكذا بدأنا من جديد لعبة السلم طلوع ونزول بين صنعاء وعدن، وكنا عندما نتصل الى صنعاء يقولون التوجيهات ارسلت الى عدن، وعندما ننزل الى عدن يفيدون أن التوجيهات لم تأت بعد، وفي آخر المطاف طالبوا منا في صنعاء اختيار شخص واحد لمتابعة مستحقاتنا، مقابل 50 ألف ريال على كل فرد لمن سيتولى موضوع مستحقاتنا وبأثر رجعي، بعد أن استملناها لشهر واحد فقط".
لا توجد موازنة
علي حسن الكمراني، هو – معلم مستوى ثانوي- يقول جرى ايقافي عن العمل عقب حرب 1994م بطريقة غير مباشرة وعبر ايقاف راتبي الذي حول إلى محافظة تعز تحت مبرر خطأ إداري، بعدها استمرت معاناتي لمدة 3 سنوات متواصلة متنقلاً فيها بين صنعاء وعدن، بغرض استرداد راتبي، لكن ذهبت معاناتي دون جدوى.
ويضيف الكمراني: "في عام 2007م ومع ظهور وتبلور فكرة نشوء الحراك الجنوبي السلمي وبروز العمل الاحتجاجي الميداني، قامت الحكومة بإصدار قرار قضى بإعادة الموقوفين والمُبعدين عن وظائفهم واعمالهم، وكان اسمي مدرجا ضمن مجموعة كبيرة ممن تقررعودتها للعمل في عام 2009م".
ويختتم كلامه: "منذ أن جرى اعادتنا للعمل ظللت أنا وزملائي المشمولين بقرار العودة، نعمل طيلة عامين متواصلين بدون مرتب، ما اضطر البعض منا التوقف عن العمل بسبب عدم حصوله على راتبه لشهور كثيرة، ومع هذا استمرينا نطالب بمرتباتنا عبر مختلف منظمات حقوق الانسان، وصولاً إلى مكتب الخدمة المدنية والمعاشات في عـدن، وهناك التقينا بمدير المكتب الاخت "سميرة عقربي" وطالبناها برفع اسماءنا إلى صنعاء، فما كان من الاخت "سيمرة" سوى القول بأنه لا توجد موازنة لدفع مرتبات العائدين حسب قرار مجلس الوزراء، وأن توظيفنا مجرد تهدئة وضع فقط !!".
تقاعد إجباري
يوضح المتقاعد أحمد محمد عبيد -المؤسسة العامة للإنشاءات- أن الذريعة التي حاول النظام في صنعاء ايهامهم بها لتبرير سياسة اقصاءهم واحالتهم إلى التقاعد الإجباري، هي أنهم كانوا يشكلون عمالة فائضة.
وأضاف قائلا: "منذ عام 2000م ، استمر بنا الحال ونحن نعاني ذات الأمرين حتى تشكلت اللجنة الرئاسية الاخيرة بقرار جمهوري قبل عام، وهي اللجنة التي استبشرنا بها خيراً، وهرعنا إلى تقديم ملفاتنا إليها بغية العودة إلى أعمالنا السابقة وتسوية أوضاعنا ومستحقاتنا كبقية الموظفين".
مختتماً: "مازلنا ننتظر ان ينفذ أعضاء اللجنة وعودهم التي وعدونا بها، وحتى الآن لم نر شيء ولم نلق أية معالجة واضحة بشأن قضيتنا، وكل ما نراه ونسمعه ، سوى كلام يباع ويشترى في الهواء وعبر وسائل الاعلام الرسمي"، حد قوله.
اقصاء بذريعة الانفصال
الإعلامي الخاص للرئيس الأسبق علي سالم البيض، فضل العبدلي لم يكن أحسن حالاً من الآخرين، حيث بدأت معاناته منذ عودته للوطن عام 1996م، الذي تمثلت بفصله عن العمل.
يوضح العبدلي: "إنه وبعد طول متابعة تم إعادته إلى العمل في مكتب رئاسة الجمهورية، ولكن بدرجة وظيفية اقل من الدرجة التي انتقل بها عام 1990م، كمدير إدارة إلى درجة نائب رئيس قسم".
ويواصل: "ومن ثم جرى إحالة ملفي إلى وزارة الإعلام بعد ثلاثة اشهر من عودتي، في مخالفة واضحة لكل التعهدات التي اعلنها النظام في صنعاء أمام المجتمع الدولي الخاصة بقرار العفو العام وإعادة كل من شردوا أو طردوا من أعمالهم، دون أن يقوم بتنفيذها".
وأضاف: "وبعد عامين تم إحالة ملفي إلى جانب ملفات أربعة من زملائي ممن كانوا ضمن الفريق الإعلامي الخاص بالرئيس السابق علي سالم البيض، إلى صندوق التقاعد المبكر، وبعد أشهر من المتابعة والوساطة جرى اعادتنا إلى مكتب الرئاسة، لكن كانت عودتنا شكلية دون أن يمكنونا من القيام بأي عمل، وتم حرماننا من الحوافز والمكافآت بذريعة اننا انفصاليين".
ويختتم العبدلي: "في عام 2004م طردت من عملي انا وزملائي بشكل رسمي بسبب مطالباتنا بحقوقنا، وقبل عام أعادوني إلى العمل بدرجة كاتب بمكتب الرئاسة بدرجة وظيفية رقم 12 وبمرتب 50 الف ريال شهرياً وهو أجر سائق سيارة دخل لتو في الوظيفة .





> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى