مواقف وأحداث على هامش زيارة ملكة بريطانيا لعدن

> إعداد وتقديم: بلال غلام حسين

> هناك العديد من الأحداث التاريخية التي سُطرت على صفحات التاريخ العدني بأحرف من نور، فيها ذكريات ومواقف خالدة لا تُمحى بقيت محفوظة في ذاكرة النسيان. ومن أحد أهم هذه الأحداث التي لازالت في أذهان الكثيرين من الناس حتى يومنا هذا هي زيارة ملكة بريطانيا لعدن في 27 إبريل 1954 م والتي دونت سطورها في العديد من الوثائق والمراجع التاريخية، وعلى هامش هذه الزيارة حصلت هُناك بعض من المواقف والطرائف التي رافقت هذه الزيارة ولم يعيرها أو يتطرق إليها أي من المؤرخين أو كُتاب التاريخ.
واليوم وبعد مرور أكثر من ستون عاماً على هذا الحدث وقعت بين أيدينا بعض من الأوراق والقصاصات القديمة تحوي في طياتها ملامح وذكريات جميلة لهذه المواقف وقد أخترنا لكم بعض منها وهي:
- أُختيرت عائشة عبدالعزيز الطالبة في الصف الرابع بالمدرسة الإبتدائية للبنات في التواهي لتقدم باقة ورد إلى جلالة الملكة أثناء زيارتها لعدن نيابة عن طالبات عدن. وقد كان اختيارها عن طريق القرعة التي إشتركت فيها 9 طالبات تمثلن مدارس الميدان والطويلة والبراق والشيخ عثمان والتواهي. وكانت عائشة عبدالعزيز في الحادية عشرة من عمرها وكان أبوها يعمل شرطياً في قوة بوليس عدن.
- أُختير الشاب العدني محمود محفوظ علي سائق سيارة الحاكم العام السير توم هيكنبوتم ليكون السائق الرسمي لسياقة السيارة التي أقلت جلالة الملكة إليزابيث الثانية وزوجها دوق أدنبره الأمير فيليب خلال زيارتهما لعدن.
وكان والد الشاب محمود أيضاً سائقاً لحاكم عدن السير ريجنالد شامبيون,وقد ألحق أبنه كسائق صغير لخدمة السير شامبيون في عام 1948 م بعد أن إجتاز الصف الثاني الثانوي, ومن ثم عُين كسائق أول للحاكم توم هيكنبوتم في بداية الخمسينات. وقد كان محمود محفوظ يبلغ من العمر حينها 22 عاماً, وأنعمت عليه الملكة بميدالية فيكتوريا وأهدته إطاراً فنياً يضم صورة لجلالتها وولديها شارل وآن وقرينها دوق أدنبرة وكانت الصورة موقعة في أسفلها بإمضاء جلالتها وإمضاء قرينها الدوق, وذلك تقديراً له على مهارته وبراعته حينما كان يسوق سيارة الملكة أثناء تنقلاتها الملكية في أنحاء المستعمرة.
- أُختير الخطاط إبراهيم خان الطالب في بالمعهد التجاري ونجل المؤرخ العدني عبدالله يعقوب خان ليخط رسالة الترحيب بالملكة وهي الرسالة التي وضعت في علبة من صنع طلاب الكلية الفنية لتُهدى إلى جلالة الملكة.
وقد خط إبراهيم خان الرسالة بالمداد الأسود ونقلها إلى أربع ورق بيضاء والورقة الأخيرة كانت من الجلد البقري المصنوع. وقد أعجب الدكتور سنل مدير المعارف بخط الرسالة قبل تسليمها إلى حاكم عدن.
- لم تتمكن سوى 44 إمرأة من نساء عدن المحجبات من مقابلة الملكة شخصياً. وقد تمت مقابلتهن لجلالتها في مكان منعزل في حدائق الشيخ عثمان في مساء يوم الزيارة الملكية 27 إبريل 1954 م. وكانت ترافق الملكة المسز ترينج زوجة أحد الضباط في سلاح الجو الملكي البريطاني وقد كانت تجيد اللغة العربية. وعندما التقت جلالتها بالنساء المحجبات كان الخجل يكسو وجوههن جميعاً بحيث إنهن لم يستطعن أن يقلن شيئاً, ولم تكن جلالة الملكة نفسها أقل خجلاً منهن.
وسادت فترة من الصمت تحدثت فيها العيون أما الألسن فقد ظلت محتبسة داخل الأفواه التي أطبقت عليها الشفاه. ثم تقدمت المسز ترينج إلى جلالتها وسألتها عما إذا كانت تحب أن تسأل عن شئ, وهنا تقدمت جلالتها إلى إمرأة عدنية كانت تعلق على صدرها ميدالية وسألتها عنها؟! فأجابت بأنها تلقتها أيام الحرب تقديراً لخدمتها في مساعدة المرضى. ووجهت جلالتها نفس السؤال إلى إمرأة أخرى كانت تحمل ميدالية فأجابتها بأنها حصلت عليها كتقدير لخدمتها في سلك التعليم مدة 20 عاماً. ثم أخذت جلالتها تسأل الباقيات عن أحوالهن. وحان موعد إنتهاء الزيارة فألتفتت إليهن جلالتها مشرقة الوجه وودعتهن بإبتسامة رقيقة.
- سقطت إحدى الأمريكيات من أعلى بناية في المعلا وهي تحاول التقاط صورة تذكارية لمرور جلالة الملكة بالمعلا فكسرت رجلها, وأُدخلت على إثرها المستشفى للعلاج.
- دهش الكثيرون من الناس عندما شاهدوا جلالة الملكة بملابسها العادية فقد توقعوا أن تكون في ثياب العرش وعلى رأسها التاج التقليدي وبيديها السيف والصولجان.
- بالغت بعض الإدارات الحكومية في تلوين بناياتها حتى إنها لونت الأحجار والقرميد الأحمر بالألوان الزيتية.
- تسلق بعض المتفرجين عموداً كبيراً في ميدان الهلال وإنكسر العمود عندما زاد عدد المتسلقين.
- منع الصحفيون والمصورون من الدخول إلى ساحة المدرسة المتوسطة حيث إحتشد نحو ثلاثة آلاف تلميذة صغيرة لإستقبال جلالة الملكة.
- أُشيع بأن جلالة الملكة قد أبدت ملاحظة قيمة حول بناء المستشفى الجديد حينها (مستشفى الملكة) بخورمكسر وكانت ملاحظة غير متوقعة وأحاط المسئولين هذه الملاحظة بالكتمان الشديد.
- زارت جلالة الملكة حديقة البلدية بالشيخ عثمان متأخرة عن الموعد المحدد في البرنامج نحو 15 دقيقة. وكان قدومها أثناء قيام بعض أمراء ومشايخ الأمارات لصلاة المغرب.
- تحدثت جلالة الملكة طويلاً مع الممرضة (مس بين) التي قلدتها وساماً. وقالت جلالتها لمس بين: "أنني سعيدة جداً للقيام بتقليدك هذا الوسام".
- أجمع ضيوف الحكومة والمتفرجون على أن "أشيك" الفرق التي قامت بتحية الملكة وأكثرها أناقة هي "فرقة بوليس عدن المسلح" وفرقة "جيش البادية الحضرمي".
- كان بعض أعيان البلاد في مقاعدهم في ساحة الهلال قبل هبوط جلالة الملكة إلى الميناء بثلاث ساعات ونصف الساعة.
- قالت ثلاث نساء محجبات ممن تشرفنا بمقابلة الملكة "مسكينة الملكة صغيرة وضعيفة ومهمومة ولابسة ثوب "ويل" ولا لابسة جواهر ولا حتى ذهب !!".
- أثناء زيارة جلالتها لمستشفى سلاح الطيران طلب منها أحد المرضى وهو من جاميكا أن توقع بأسمها في "الأوتوجراف" فتناولت جلالتها القلم منه وشرعت في كتابة الأوتوجراف ولكن القلم كان فارغاً تماماً من المداد. وحاولت جلالتها مراراً دون جدوى فلم يسعها إلا أن تعيد القلم والأوتوجراف للمريض الجاميكي وقد إرتسمت على وجهها أعمق علائم الأسف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى