(الغش) ظاهرة تتفشى في مدارس عدن.. بإشراف رسمي وتقاعس أمني (1)

> رصد وتقرير/ قسم التحقيقات:

> ما حدث أثناء سير العملية الامتحانية للمرحلتين الأساسية والثانوية في عدن يوم أمس الأول من فوضى وإرباك وتشجيع فاضح على (الغش) يضع الجميع (دولة ومجتمع وأسرة) أمام مسؤولية وطنية لاستدراك مستقبل أولئك الطلاب الذين بات مستقبلهم محفوف بخطر الجهل والبلادة.
إن استمرار ظاهر (الغش) لم تعد وحدها الإشكالية القائمة منذ الثلاث سنوات الأخيرة في عدن، بل أصبحت ترافقها ظواهر مارقة وأوضاع خطيرة باتت تهدد استقرار ومستقبل العملية التربوية والتعليمية برمتها، بعد أن تبث وجود أشخاص يدخلون مقار الامتحان بأسلحتهم،والسماح للطلاب باستخدام هواتفهم النقالة، والإذن لأولياء الأمور بحل الإجابات بدلاً عنهم، وقيام المراقبين بتسهيل عملية تسريب الأسئلة للخارج، وبتواطؤ وتساهل من رجال الأمن المناط بهم توفير الحماية للمقار الامتحانية.
توجه أمس الأول الثلاثاء نحو 9656 طالب وطالبة من طلاب الثانوية العامة من القسمين (العلمي والأدبي) لأداء امتحانات الموسم 2013 م/ 2014 م، في 63 مركزا امتحانيا، 30 منه خصص للقسم الأدبي، و 33 للقسم العلمي،إضافة إلى 58 مركزا امتحانيا للتعليم الاساسي.
غير أن الصور التي رصدتها عدسات مراسلي «الأيام» في عدد من مراكز الامتحان بالمحافظة، أعطت دلالة واضحة عن تغاضي الجهات التنفيذية ممثلة بمكتب إدارة التربية والتعليم في عدن، عن مثل هكذا ظاهرة أصبحت متفشية وبشكل مقلق بين أوساط طلابنا وطالباتنا،بعد أن أهملت مؤسسات التربية دورها وتقاعست ربما بتعمد أو بغير قصد عن وضع رادع وضوابط صارمة للحد من ظاهرة (الغش) التي بدت سمة تلازم كل موسم أثناء موعد بدء الامتحانات النهائية.
طلاب يمتحنون وآخرون باقون لمساعدة زملائهم
طلاب يمتحنون وآخرون باقون لمساعدة زملائهم
* مديرية الشيخ عثمان
أظهرت نتائج الرصد الأولية الذي قامت به «الأيام» مؤشرات تعليمية متدنية وأوضاع لم تعد بحاجة للمزيد من التغاضي عنها، حيث أن حجم الخروقات والتجاوزات لهذا العام فاقت المتوقع.
ونقل مراسل قسم التحقيقات في «الأيام» عن تعرض مدرسة (العبادي الابتدائية) بالشيخ عثمان، للاقتحام أمس الأول من قبل أشخاص أرادوا مساعدة أقرانهم في حل الإجابات داخل القاعة.
كما شوهد عدد من الشباب والنساء يندفعون اتجاه البوابات الرئيسية للمقار الامتحانية في المديرية، حيث استطاعوا دخولها بمساعدة الحراسة من جنود النجدة مقابل دفع (500) من كل ولي أمر.
وقال طلاب في مديرية الشيخ عثمان:«إن بعض المراقبين طلبوا منهم إحضار (ألف ريال) مقابل السماح لهم بالغش في المواد العلمية، خاصةً في مادة الرياضيات».
* مديرية المنصورة
وفي مديرية المنصورة توافد العشرات من أولياء أمور الطلبة مجتازين أسوار المدارس والتجول بين ممراتها، وقاموا بتلقين الإجابات لأبنائهم عبر النوافذ والشبابيك، وتحت مرأى ومسمع المراقبين وجنود الحراسة.
واتهم بعض مدراء المراكز رجال الأمن بالتقصير والتواطؤ عن أداء واجبهم، بل وبمساعدتهم للأهالي في دخول المراكز.
وأكد لـ«الأيام» أحد المراقبين في مدرسة الشيخ عثمان أن سير عملية الامتحانات لم تجر منذ ساعتها الأولى بالشكل المطلوب، خصوصا والجميع كان يعتقد بأن هذا العام سيكون أكثر صرامة وشدة في منع تكرار ظاهرة الغش التي أصبحت سمة تلازم كل موسم.
طلاب الأساسية يحملون دفاتر امتحاناتهم في أسواق الشيخ عثمان
طلاب الأساسية يحملون دفاتر امتحاناتهم في أسواق الشيخ عثمان
وشوهد العديد من الطلاب وهم يخرجون ملفات ودفاتر الامتحان بالقوة إلى خارج المركز، حيث كان بانتظارهم أولياء أمورهم وعدد من أصدقائهم لإعانتهم على حل الإجابات.
* مديرية صيرة
تواصلت صباح أمس الامتحانات في مدارس وثانويات مديرية صيرة، التي لم تخلُ منها مظاهر (الغش)، حيث طغت وبشكل واضح لدرجة أن بعض المراقبين سمحوا للطلاب باستخدام هواتفهم النقالة والتواصل مع ذويهم في المنزل،وبعض الأهالي حضروا بأنفسهم لمساعدة أبنائهم على (الغش).
وشوهدت أعداد كبيرة من النساء والشباب يتجمهرون أمام بوابة أكثر من مقر امتحاني في المديرية.
ورصدت عدسة «الأيام» عددا من الأشخاص وأولياء الأمور يقومون بتسريب قصاصات الغش (البراشيم) إلى الطلاب بالداخل. فيما حاول رجل طاعن في السن اقتحام مقر مدرسة (عقبة بن نافع) وتمرير قصاصات الغش إلى ابنه، لكن الأمن حال دون ذلك.
ووسط حالة الإرباك والفوضى التي أحاطت الكثير من البوابات الرئيسية، هدد أحد الشباب أنه إذا لم يتم السماح له بدخول قاعة الامتحان لمساعدة أخيه في أداء امتحانه بأنه سيلجأ إلى استخدام العنف والسلاح.
* واثقون من النتائج
بعض الصور أظهرت بجلاء أن الطالب لم تعد تنتابه الرهبة والقلق أثناء قرب موعد الامتحانات الأساسية،لكونه أصبح واثقاً بأن عملية الامتحان ستكون ميسرة وسهلة عبر الاعتماد على (البراشيم) واللجوء إلى وسيلة (الغش) من فحوى المخصص الدراسي، وتحت رعاية مدرسين يغضون الطرف عن سلبية ما يحدث، وغياب رقابة مركزية صارمة تتولى مهام الضبط لسير العملية الامتحانية.
دفاتر الامتحان فوق الطاولات
دفاتر الامتحان فوق الطاولات
لذلك أصبح ليس عجيباً أن يستدعي الطالب صحفياً ويطلب منه التقاط الصور له، وهو يمتهن ظاهرة (الغش) بابتسامة ساخرة، في إشارة منه إلى أنه لم يعد بحاجة للارتواء من مناهل الدراسة والمثابرة ولا حتى الاتكال على الذات !!.
وعود مدير التربية !!
في استطلاع أجرته «الأيام» قبل أسبوع تناولت فيه ظاهرة (الغش) وطغيانها على زمام الدراسة في عدن، تحدث مدير عام مكتب التربية والتعليم بالمحافظة،الأخ سالم المغلس، عن التحضيرات التي أعدتها إدارات مكاتب التربية والتعليم في عموم المديريات، بدءا من تحديد وإقرار مراكز الامتحان الأساسية، واختيار المراقبين والمشرفين.
وأكد في سياق كلامه: “إن الإدارة مستعدة لاستقبال موعد الامتحانات لهذا العام، بعد أن قامت بالتنسيق مع مجالس أولياء الأمور لوضع ضوابط صارمة إزاء كل مخالف”.
وقال: “إن هذا الموسم سوف يشهد استقرارا أكثر من الأعوام السابقة، كون إدارته تمتلك خطة وخطوات لمنع ظاهرة الغش في عدن” !!.
لكن ما حدث مع أول أيام سير الامتحانات من فوضى وإرباك يضع المغلس أمام مسؤولية حقيقية إزاء مصداقية كلامه، وهي مسؤولية تتقاسمها معه الجهات الأمنية في المحافظة، والتي قال عنها (المغلس) بأنها جرى معها التنسيق لضبط سير العملية الامتحانية ووضع الترتيبات والإجراءات اللازمة لحماية مقار الامتحان ومنع تسلل وتسرب الطلاب من القاعات.
لحظة اقتحام بوابة مدرسة العبادي
لحظة اقتحام بوابة مدرسة العبادي
* مجرد تساؤل ؟!
والسؤال هنا !!.. هل قيادة المحافظة ومكتب التربية والتعليم في عدن تدرك وتعي ما يدور من تجاوزات وظواهر سلبية في دهاليز الامتحانات، وهي ظواهر لاشك تتجافى مع القيم التربوية والمعايير المهنية!!، أم أن صمت تلكم القيادات أصدق دليل على عدم قدرتها في تولي القيادة، ويبرهن عجزها على ضبط شؤون الإدارة !!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى