لا صوت يعلو فوق صوت المونديال !!

>
شكري حسين
شكري حسين
لا صوت يعلو فوق صوت " المونديال " ، ولا لغة تتحدث بها البشرية في هذه الأيام غير لغة " كأس العالم " .. ولا مكان تهفو إليه الأنفس وتستريح على جنباته الأجساد المتعبة غير النظر ومشاهدة ما يدور هناك في البرازيل من صراع وإثارة ومنافسات ومراهنات وحتى حروب وعداوات.
• ليس بالمستغرب أن تتجه أنظار الكون كله إلى أرض السحر الكروي الجميل ، أرض " السامبا " حيث حرب النجوم وصراع المنتخبات ، ولا عجب أن تستحوذ منافسات كأس العالم على تفكير الناس في الليل والنهار وأثناء العمل والراحة في الأسواق والمقايل وحتى في الصحو والمنام وتجرهم بإثارتها ونجاحاتها ومفاجآتها إلى عالم جميل من الصخب والمتابعة والاهتمام.
• لكرة القدم " سحر " عجيب ينغمس فيه الجميع دون شعور في الأحياء والقرى والمدن والدول متوغلة في قلوب الفقراء والأغنياء يحبها الأبيض والأسود .. الصغير والكبير .. المثقف والجاهل .. الذكر والأنثى ، ولأجلها تصرف مليارات الدولارات التي لو وزعت على مجاعة العالم لأغلق هذا الملف العالق من أساسه.
• تزهو كفتاة " ساحرة " سرقت عقول وقلوب الكبار والصغار ، فاتنة تجوب المدن والقرى وكل البلدان تعشق من يعشقها ، ولا ترضى بحب أبدي ، تسرح وتمرح ولكنها تنقاد لمن يعطيها حقها بالتمام والكمال ، تذوب في من يركلها بإتقان ، ولديها قدرة عجيبة على استمالة القلوب رغم أنها جماد يركلها من يشاء لكنها تضحك وتطاوع من يعشقها بشوق وحنان.
• إنها " المستديرة " .. لغة السلام وأحياناً لغة حروب تؤثر في البشر دون أن تتأثر ، لا تملك أحاسيس ولا مشاعر ولكنها قد ترمي بالمجتهد والفنان في بحر من الأحزان أو تغمر شعباً بشلالات من الفرح والإمتنان .. تبكي طفلاً صغيراً وتسعد شيخاً كبيراً ترسم بسمة وتكتب في مكان آخر حسرة توزع هداياها هنا وهناك دون تحيز لأحد فالمعيار عندها " أعطني ما أحتاجه وأمنحك ملكاً ومكانة ومهابة " .
• " كأس العالم " عالم من خيال تمنح متابعيها " أوكسير " حياة متجدد وتشحن أيامهم ببطاريات ترقب ووله لا حدود له ، وتغدو " مساحة " تلتقط فيها البشرية أنفاسها ومكاناً للهروب من وجع الأيام وكروب الدهر ، تنسى فيه ما تمر به من كوارث وحروب وفواجع وفتن وبراكين وزلازل وفيضانات ومحن وتصير بلسماً تستطيب به القلوب ومرهماً لمعالجة الهموم والأحزان.
• كرة القدم رفعت فقراء لا يجدون قوت يومهم إلى مصاف أثرياء يتلاعبون بالملايين .. وأوقعت أغنياء في بئر الفقر المظلم .. وأبكت رؤساء دول لم تهزّهم الحروب .. وكانوا عظماء وأشاوس انتصروا في حروب عالمية ، لكن عندما تخسر منتخبات بلادهم في كرة القدم يذرفون الدموع أمام الجميع دون ما خجل ويصير الواحد منهم كطفل صغير فقد أمه في ليلة مظلمة.
• إنها كأس العالم التظاهرة الكروية الكبيرة بل والكونية أيضا التي تجذب البشرية وتدخل فيها السياسة والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا لتصبح ميداناً للتباهي والفخر بين الدول ، فها هي أمريكا سيدة العالم كما ترى نفسها والأذرع الممدودة في كل مكان كبراً وغطرسة لا تقوى على المرور إلى الدور الثاني .. وفي المقابل نجد دولة فقيرة من دول العالم الثالث كـ " البرازيل " تفرض سطوتها على العالم كروياً بخمس بطولات وحضور دائم في كل المناسبات.
• إذاً هي صورة من صور الزهو والافتخار ومطلب حتى الساسة والقادة تمارس أحكامها على الجميع بانتظام ، وعلى المجنونة المستديرة : أحلى " سلام ".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى