رجال في ذاكرة التاريخ..سليمان ناصر مسعود : الزامكي الذي خاب ظنه في العربي والبرمكي

> نجيب محمد يابلي:

> ورد في كتاب (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) في 159 للعطر الذكر عبدالرحمن جرجرة (خال هشام وتمام باشراحيل): "دثينة إحدى ولايات اتحاد الجنوب العربي الغنية بحاصلاتها الزراعية .. طيبة الهواء دافرة المياه، تتمتع بدستور حر وضع لها عام 1960 وتسير بخطى سريعة نحو التقدم".
تقسم ولاية دثينة إلى أربع مناطق:
1 - المنطقة الوسطى، وعاصمتها مودية.
2 - المنطقة الشرقية، وعاصتمها امقليته
3 - المنطقة الغربية، وعاصمتها أمخديرة
4 - المنطقة الشمالية، وعاصمتها جابرة
الميلاد والنشأة :
سليمان ناصر محمد مسعود المعروف في كل الأوساط باسم (سليمان ناصر مسعود) من مواليد قرية جمعان في دولة دثينة (لم تكن دثينة سلطنة أو إمارة أو مشيخة وإنما دولة ينتخب لها رئيس) وأبرزهم العطر الذكر حسين منصور أبو جابر، نائب ولاية دثينة ووزير الدولة في اتحاد الجنوب العربي.
سليمان ناصر مسعود من مواليد 2 مايو 1951 وفيها عاش طفولته وسنوات دراسته الأولية، وكان واحدا من شباب المنطقة الوسطى الذين تأثروا برياح التيار الوطني القومي الذي ترعرع في ظل التيار الناصري الذي تأجج بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وشارك في صفوف الجبهة القومية في سينا........وخاله الشهيد عباس.
سنوات العمل والتأهيل في القوات المسلحة :
حقق سليمان ناصر مسعود تراكما كمياً ونوعياً في عمله داخل القوات المسلحة، ويتبين ذلك عند الاطلاع على منعطفات سيرته الكفاحية على المستويين العام والخاص، فقد كانت البداية في عام تخرجه من مدرسة الضباط والتحاقه بصفوف القوات المسلحة عام 1970م، وبعد ذلك بعامين، أي في العام 1972م عندما شد الرحال إلى جمهورية الصين الشعبية ليلتحق بالكلية العسكرية هناك في دورة تدريبية عليا مدتها عام واحد.
دخل سليمان ناصر مسعود منعطفاً جديداً في العام 1973م عندما عين عضواً في اللجنة العليا للقوات المسلحة وخرج من ذلك المنعطف ليدخل منعطفاً آخر عندما شد الرحال إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة العليا وتخرج في العام 1978م، وحصل على الماجستير في التاريخ والعلوم العسكرية، وعين في العام نفسه مديراً للدائرة السياسية في القوات المسلحه لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
نجم سليمان يسطع في سماوات بكين وموسكو وهافانا:
سبق للعاصمتين الدوليتين (بكين وموسكو) أن سجلتا اسم سليمان ناصر مسعود من ضمن الوافدين إليها للدراسة العليا، ثم دخلت عاصمة ثالثة وهي هافانا عاصمة جمهورية كوبا الاشتراكية عندما عين سليمان ناصر مسعود في العام 1981م رئيس القيادة الوطنية لمنظمة لجان الدفاع الشعبي في عموم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
كانت هناك ثلاثة بيوت كبيرة تضم البعثات الكوبية وهي على النحو الآتي: البيت الأخضر (CASA VERDE): ويضم أعضاء البعثة الكوبية في كلية الطب التي قامت على أكتاف الخبرات الطبية الكوبية العطرة السمعة.
البيت الأحمر (CASA Roga): ويضم أعضاء البعثة الكوبية في الميليشيا الشعبية وكانت قوة نوعية بناها الكوبيون بتفانٍ وإخلاص وخبراؤهم بسطاء وأكفاء وكرام.
البيت الأبيض (CASA BLANCA): ويضم أعضاء البعثة الكوبية العاملة في لجان الدفاع الشعبي وتعامل الجنوبيون عامة وسليمان ناصر مسعود ومساعدوه على وجه الخصوص مع تلك البعثة الطيبة.
مفارقة عجيبة .. المنتصر على الشمال يلجأ إلى الشمال:
شهد العام 1980م محطتين في سيرة سليمان ناصر مسعود، كانت الأولى انتخابه في عضوية اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، وكانت الثانية تعيينه سكرتيرا أول في الحزب الاشتراكي اليمني، وربما كان لإحدى لجان الحزب في المحافظات.
لا يختلف اثنان أن سليمان ناصر مسعود كان من ضمن الكوادر التي عملت ليل نهار من أجل توطيد دعائم القوات المسلحة بقواها الثلاث .... بري وبحري وجوي، وشهدت فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي نمواً كمياً ونوعياً على مستوى القوات المسلحة وتأسيس ألوية جديدة.
خلال الحربين 1972م و 1979م نشبت حربان كان التفوق فيها للقوات المسلحة الجنوبية، وقد نقلت مراكز القوى في صنعاء أسرها إلى خارج البلاد مع ما خف وزن وغلى ثمنه، وبقوا في صنعاء استعداداً لساعة الرحيل لولا تدخل قوى دولية وإقليمية لصالح نظام صنعاء المهترئ القبلي المتخلف.
إلا أن مطلع العام 1986م وتحديداً في 13 يناير خاض الرفاق في الجنوب حربا على بعضهم البعض والتي سميت بـ"حرب الرفاق" وشهد الجنوب مأساة مروعة بحصد الأرواح ونزف الدماء، وكان المنتصر مهزوماً والمهزوم مأزوماً، ووجد المهزوم نفسه في أحضان أعتى قوة رجعية وفاسدة لا مثيل لها في التاريخ الحديث.
سليمان الزامكي الذي خاب ظنه في العربي والبرمكي:
لجأ سليمان ناصر مسعود إلى السفارة السوفيتية إبان حرب يناير 1986م وشارك مع عبدالقادر باجمال في المباحثات التي أجريت مع الطرف الآخر في الحرب، وكان الشهيد ـ العطر الذكر ـ صالح أبو بكر بن حسينون تحت مظلة السوفييت إلا أنها باءت بالفشل.
عندما غادر سليمان مسعود إلى صنعاء كانت المحكمة التي شكلها المنتصر في الحرب قد حكمت عليه (15) عاماً بالسجن وتم العفو عنه قبل قيام دولة ما تسمى بالوحدة في 22 مايو 1990م.
انتقل سليمان ناصر مسعود من ديكتاتورية الحزب إلى ديكتاتورية الفرد، ذلك عندما انتقل من الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم البلاد لوحده (الحزب الواحد) إلى ديكتاتورية الفرد وهو الأفندم علي عبدالله صالح الذي أسس ما يسمى بالمؤتمر الشعبي العام في عام 1982م الذي تخضع له بالكامل ويديره بالهاتف، وساعده على ذلك أن الدولة في صنعاء دولة رخوة لم تتعامل في التاريخ مع الدولة المؤسسية.
كان سليمان ناصر مسعود ضمن قوام اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام أعلى إطار قيادي في الحزب الواحد، إلا أنه خسر موقعه بالفصل لأنه لم يكن من النوع المعروف بالـ (MR YES) أي السيد نعم أو الكورس الذي يرددون مع القائد ما يقول، لكنهم بالمقابل حققوا ما لم يحققه أحد في الحلم، فقد اتسعت أموالهم المنقولة وغير المنقولة في صنعاء وفي عواصم عربية وأوروبية بل وأمريكية (كندا والولايات المتحدة).
خاب ظن سليمان ناصر مسعود في العربي والبرمكي (أي الفارسي وهم سلالة "الأبناء" الذين خلفهم عتاة المجرمين الذي أخرجهم كسرى فارس من السجون ليقاتلوا في صفوفه جيش سيف بن ذي يزن، وتزوجوا من نساء مناطق معينة في الشمال وأنجبوا من عرفوا بـ "الأبناء" وتناول ذلك المؤرخون اليمنيون).
مسعود لرفاقه في (موج) : "دعوا «الأيام» تفعل ما تشاء":
دخل سليمان ناصر مسعود التاريخ عضواً في اللجنة التنفيذية للجبهة الوطنية المعارضة "موج" خلال الفترة 1994م - 2002م، وخلال الفترة المذكورة كان سليمان ناصر مسعود مشدوداً لموقع «الأيام» في قلوب أهل الجنوب، ومن وجهة نظره أنها وحدت أهل الجنوب وضبطت إيقاعهم لأن من الصعب على الجنوبي أن يقبل بالجنوبي وكسرت «الأيام» ذلك الـ "تابو" (TABOO)، وكان بعض زملائه في "موج" متململين من أسلوب «الأيام» في التعامل مع القضية الجنوبية فقال لهم بلهجة المحب لهم ولـ «الأيام» : "دعوا «الأيام» تفعل ما تشاء لأن ما نريده تريده «الأيام» ولكن باختلاف الوسيلة".
سليمان ناصر باقي أسرة مسعود ولا فخر:
حصاد العمر عند سليمان ناصر مسعود أياديه البيضاء في عمله على المستوى العام والمستوى الخاص، ومن ذلك الحصاد أنه أب لابن واحد هو "مهدي الحسيني" أو "مهدي سليمان" صاحب الترجمات المشهورة الذي انتقل إلى كندا ليستقر هناك ويعمل في مناخ صحي بعيد عن المناخ الملوث في هذه البلاد وبلاد أخرى في بلاد العرب والمسلمين الذي استشرى فيهم (جنون البقر) ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى، فهذا زمن الرويبضة زمن الحثالات، ربما أن ذلك يوحي بقرب الساعة.
سليمان ناصر ينعم أيضاً بحلاوة أحفاده الأربعة إلى جانب ولده الوحيد (مهدي) إلا أنه ولا فخر تكفل برعاية أخوته الستة وعلمهم وزوجهم ولله الحمد، فهو الأب والأخ إضافة إلى الجد والصديق الصدوق في دائرته الاجتماعية الواسعة.
قلت للأخ سليمان : رزقك الله بالزوجة الصالحة، وقد أثنى الله على ذلك عندما قال: "الطيبون للطيبات والطيبات للطيبين" سلام عليك أيها الأخ العزيز.. ونسأله تعالى الهداية لنا ولإخواننا العرب والبرامكة .. آمين!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى