اللاجئون السوريون في اليمن.. من ضراوة الحرب إلى شتات التشرد

> استطلاع/ فواز المريسي:

> منذ الصباح الباكر يقف (سعد) وهو طفل سوري في إحدى جولات مدينة عدن، ماداً يديه للمساعدة، ومثله العشرات من أبناء سوريا الذين شردتهم الحرب إلى مختلف البلدان العربية... يقفون يومياً في مختلف الجولات التي يتخذون من مطباتها مكان مناسباً لممارسة طلب المساعدة والسؤال.
300* دولار إقامة 6 أشهر
راكان الحمصي من مواطني مدينة درعا كان عاملا لبيع معلبات الحلويات، قرر بعد ضغوطات وظروف الحرب مغادرة سوريا مع أسرته البالغ عددهم تسعة أشخاص .
عندما وصل راكان إلى اليمن على حسابه الخاص بحث عن مكتب المفوضية السامية للاجئين من أجل الحصول على الدعم والمساعدة وتوفير لقمة العيش، لكن كما يقول: "لا حياة لمن تنادي ولم يتحصل من المفوضية السامية أي مساعدة باستثناء أنها منحتنا أوراق مسجل فوقها اسمي واسم العائلة" .
ويسرد راكان حكايته: "عندما وصلنا لليمن قادمين من سوريا أعطونا 3 أشهر للإقامة مجانا بالتنسيق مع السفارة السورية في صنعاء، وبعد ذلك صرنا ندفع 300 دولار كل 6 أشهر وعن كل جواز يتبع الإقامة سواء كان طفل أو شاب ومن لم يتمكن من الدفع يغرم باليوم 150 ريال يمني" .
طفلة سورية في إحدى تقاطع شوارع عدن
طفلة سورية في إحدى تقاطع شوارع عدن
وعن الجمعيات والمنظمات يقول راكان بصريح العبارة: "ذهبت إلى بعض الجمعيات الخيرية الكبيرة لطلب المعونة والمساعدة لكن لم أجد منهم شيئا وقالوا: أنهم غير قادرين على مد العون لنا وإنما عندهم حالات فقيرة من أسر يمنيين وصوماليين يقدمون المساعدة لهم ".
* بيع المسابح والورد في الشوارع
يسكن الحمصي في أحد الفنادق ويستأجر هناك غرفة برفقة عائلته المكونة من تسعة أفراد.
يقول الحمصي: "إنه بحث عن شقة ليسكن بها بيد أن المالك طلب منه إيجار مقدم لثلاثة أشهر وضمين تجاري"،وبلهجة يملؤها اليأس أوضح: "أنا لا أستطيع دفع هذا المبلغ واضطريت للقيام كل صباح أنا وابني الكبير الذي يبلغ من العمر 14 سنة بأخذ المسابح والميداليات وبعض الورود لعرضها للبيع في الجولات"، مبيناً: "أن الكثير من سائقي السيارات يشاهدون المسابح والميداليات ويقدمون على شرائها بمبلغ يفوق السعر المحدد".
وقال: "بعض اليمنيين ما يقصروش معنا وما يأخذوش أي ميدالية، وهكذا نوفر ولو جزءا من إيجار غرفة الفندق، حيث تتجاوز مصاريفه 5000 ريال يمني يومياً بخلاف الأدوية واحتياجات الأطفال".
* سمعنا الكثير عن أهل عدن
تبلغ أم محمد من العمر 35 سنة وهي أيضا من مدينة درعا، تقول لـ«الأيام» : "أسرتنا مكونة من 12 نسمة جميعها تقيم في عدن، وكنا في سورية حياتنا المعيشية متيسرة، وكان لدى زوجي بقالة للمواد الغذائية، وأثناء اندلاع الحرب الأهلية في سوريا تدمرت المنازل في بعض المناطق،ومنزلنا من ضمن المنازل التي تضررت، حيث أصبحنا لا نجد أي مكان نستقر فيه في مدينتنا درعا.. لهذا قررنا السفر إلى اليمن وكان وصولنا إلى صنعاء على حسابنا الخاص ومكثنا لمدة شهر كامل في صنعاء قبل مجيئنا إلى عدن" .
وأثناء سؤالنا لأم محمد عن سبب قدومها إلى مدينة عدن، ردت عندما كنا في صنعاء سمعنا فيها الكثير عن مدينة عدن وطيبة أهلها وعند وصولنا إلى عدن وجدنا حقيقة ما سمعناه بل وأكثر من المشاعر الحلوة والدافئة التي تلمسناها منهم" .
وحول ما تقدمه المنظمات الإنسانية من مساعدات قالت أم محمد: " لم نر منهم أي شيء يقدمونه للمساعدة لهم إلا الإعلانات والحديث الذي لا يغني عن شيء حد وصفها".
منذ الصباح الباكر تسعد أم محمد برفقة خمسة من أولادها بتناول وجبة الإفطار في السوق.
وتضيف "أن زوجها غير قادرعلى العمل وفي قريب الظهيرة عندما يتواجد القات في السوق يتوافد المواطنون كثيرا لشراء القات فنطلب منهم المساعدة ويعطوننا بسخاء ولم يقصروا معنا أنا والسوريات المتواجدات بجانبي وبذلك نوفر إيجار الفندق الذي تسكن فيه الأسرة كاملة ونوفر المصروف اليومي الذي يكلفنا 7000 آلاف ريال في اليوم إيجار الفندق والمصروف الغذائي.
* الغلاء المعيشي في الأردن أجبرنا على السفر إلى اليمن
فادي الزهري من درعا 40 عام لديه من الأولاد ثلاثة وبنتين يقيم في عدن كان صاحب محل تجاري لبيع الشيشة بدرعا وبعد أن وصلت الحرب منطقة الزهراوي في 2012 قررنا مغادرة البلاد.
دمرت منازلنا والمحلات التجارية التي نعيش يحكي الزهراوي قصته ويقول: "تمكن الإرهابيون من قتل الكثير من أبناء المنطقة ومن أقربائي في منطقة (مساكن بجلين) مما قررنا السفر عبر الحدود السورية والأردن ومكثنا في عمان عاما كاملا لكن الغلاء المعيشي الذي تعيشه الأردن لم يسمح لنا بالجلوس فيها، وقررنا السفر إلى اليمن عبر مطار عدن الدولي" .
ويضيف: "حين وصلت إلى عدن استقبلني أحد أصدقائي في مطار عدن وتوجهنا إلى أحد فنادق المدينة واستقريت إلى اليوم أنا وأسرتي في الفندق وندفع إيجار يومي" .
وحول الجمعيات وفاعلي الخير يقول:" الحقيقة هناك جمعية بكريتر عدن لا أتذكر اسمها يقومون بمساعدتي ويعطوني الدقيق والأرز والسكر والتمر وملابس لأولادي وخاصة في رمضان نحصل مساعدة من فاعلي خير من أبناء عدن فهم خيرون" .
المفوضية السامية لا تعرف شيء عنا أم شهد تفضل عدم ذكر اسمها من مدينة درعا تبلغ من العمر 30 عاما لديها طفلين مقيمة في عدن تقول: "كان خروجنا من سوريا بسبب الأحداث في الحرب الأهلية وبعدها خرجنا إلى الأردن ومكثنا في مخيم الزعاترة أربعة أشهر تعاملنا كان صعبا من قبل القائمين على المخيم وحياة بائسة ومعاملة قاسية".
وتضيف: "سفرنا إلى اليمن كان على حسابنا الخاص وزوجي يشتغل في أحد البقالات براتب عشرون ألف ريال وأنا أخرج الشارع أطلب مساعدة من المواطنين في الأسواق لكي نوفر إيجار الفندق والمصروف اليومي .
وتقول: " إن المفوضية السامية لم تعتمدهم كلاجئين وإنما تقوم بتغريمهم مبالغ من الفلوس مقابل إقامة في اليمن مالم يتم مطاردتنا في الأسواق والنقاط والفنادق من أجل تغريمنا وسلبنا الفلوس التي نحصلها من المساعدة أثناء التسول" .
* مناشدة الحكومة اليمنية
لاجئة سورية تناشد الحكومة اليمنية أم باسم محمد سورية مقيمة في عدن مضى منذ وجودها أكثر من شهر ونصف تحكي عن كيفية وصولها إلى عدن عن طريق طائرة من الأردن باحثة عن لقمة العيش وقالت: "أنا من درعا من منطقة الحرب خرجنا هرباً من الموت أني وأولادي وزوجي وتضيف: "أعيش في عدن بينما تركت أولادي وزوجي في مخيم (الزعتر) في المملكة الأردنية، ومنذ وصولنا إلى عدن لم نحصل على أي مساعدة من قبل المفوضية العليا للاجئين".
وأوضحت في حديثها لـ«الأيام» بأن الحكومة اليمنية لم تقبل وجودهم في عدن كلاجئين ولكنها تعاملت معهم كمقيمين وأن عليهم تجديد الإقامة كل ثلاثة أشهر.
وقالت: "أعيش في فندق وأدفع في الشهر (تسعين ألف ريال يمني) وإذا كان هناك مساعدة من أي جهة ما بخرج للشارع لجلب الفلوس".
ووجهت رسالة عبر «الأيام» للحكومة والشعب اليمني بأن ينظروا إلى وضعهم الإنساني، وتقدير ما هم عليه الآن، مطالبين بإلغاء مبالغ تجديد الإقامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى