الغش يخترق حضرموت المحصنة تعليمياً وينتشر في عدد من مراكزها الامتحانية

> استطلاع : صفاء عمر باعكابة:

> إن الامتحانات الوزارية ليست حديثة عهد بالطلاب على مستوى الوطن عامة وحضرموت خاصة، إذ هي تجربة خاضها السابقون ومن لحقهم على حد سواء، ولكن الفرق بين الجيلين في هذا المضمار كبير وبينهما بون شاسع، ففي السابق كان للامتحانات الوزارية هيبة ورهبة، والطالب لا يرافقه سوى أدواته من قلم ودفتر وعقل متسلح بالعلم الذي نهله في سنوات دراسته، فنشأ بذلك جيل مستنير ومثقف تحت قيادة تربويين عظام، أما التعليم اليوم فبات في وضع لا يحسد عليه بعد أن سادت ظاهرة الغش بين أوساط الطلاب وأصبح لا صوت يعلو عليه في التحصيل، وحلّت الامتحانات لحصد الدرجات العالية،والنتيجة جيل جاهل (أمي).
* أسئلة من خارج المقرر
بداية توجهنا إلى ثانوية الميناء للبنات في المكلا، وفيه تحدثت إحدى المراقبات عن صعوبة مادتي الإنجليزي والفلسفة اللتان جاءتا من خارج المقرر المدرسي، وتم مشاهدة بعض الإرباك في فصول الامتحانات مع تواجد الشباب عند البوابة الخلفية للثانوية في محاولة لإدخال الغش على الرغم من تأمينها بعدد من أفراد الأمن.
وفي مدرسة ابن خلدون تحدثت مديرة المركز أفراح اليزيدي مؤكدة بأن هناك استهداف لهذه المدرسة بعدد من الأساليب الممنهجة والفوضى المبرمجة.
وتضيف: “تسير الامتحانات بشكل ممتاز والفتيات يتسّمن بالهدوء ومكتفيات بذاتهن،ولكنهن اليوم في امتحان اللغة الإنجليزية عانين صعوبة استيعاب الأسئلة ووضع الحلول المناسبة لاعتمادها بشكل كبير على الترجمة، وهناك مشكلة أخرى تتمثل في امتحان علم الفلسفة، حيث جاءت أسئلته من خارج المقرر المدرسي بالإضافة إلى وضع أسئلة من دروس قد تم حذفها من الأساس”.
وعن مشكلة الأسئلة الخاصة بالمواضيع المحذوفة أوضحت أفراح: “طلبنا منهن حل ما يمكن حله وما صُعب عليهن سنتواصل بشأنه مع مكتب التربية والتعليم لوضع الحلول المناسبة لهذه الإشكالية”.
* تسريب وإشاعة فوضى
وعن تسريب الإجابة من الشباب إلى الطالبات أوضحت اليزيدي بالقول: “هذه المدرسة تختلف عن باقي المدارس، لأنها تفتقد إلى السور ولأجل ذلك استعنا بالأمن العام وبالشباب المتطوعين من الحي لحراسة بوابتها ولكننا نعاني من كسر في إحدى الشبابيك الموجودة في الواجهة الأمامية حيث يستطيع من خلالها الشباب القفز منها لإحداث الفوضى وإقلاق سكينة الطالبات، وليس الهدف من دخولهم هو تسريب الإجابات فحسب، بل لأن المديرية مستهدفة لا نعلم من يتبعون هؤلاء الشباب، ولا نعلم حتى الجهة التي تمولهم للقيام بأمور مشينه أمام الطالبات التي رفضن بدورهن الأسلوب الممنهج الذي يتبعه الشباب الذين يتخذون من الفوضى المبرمجة سبيلاً”.
* نقص كادر الحراسة
وعن الجانب الأمني لتامين سير العملية التعليمية قال مدير الأمن في مديريةالمكلا أثنا زيارته إلى المركز الامتحاني:“إن سير الامتحانات في عموم المحافظة تسير على أفضل حال وتم التجاوز نسبيا عن الأخطاء التي كانت ترتكب في السنوات الخمس الماضية بحق الطلاب المتقدمين للامتحانات الوزارية، ووضعنا حدا لا بأس به ممن يعتبرون الغش حقا مشروعا من خلال تأمين البوابات الرئيسية بأفراد الأمن وبهذا نكون قد قوّضنا عدد الشباب الذين يتجمهرون حول أسوار المدارس ومراكزها لتسريب الإجابات للطلبة والطالبات إلى النصف، وفي العام القادم سنقضي على هذه الآفة الدخيلة على حضرموت وعلى أهلها،وذلك لأننا نعاني من نقص الكادر الأمني على أن نتجاوزها في السنة القادمة بتجنيد عدد من الشباب؛ ولايعني ذلك أننا سنسمح باستخدام القوة المفرطة ضد أبنائنا وإن كانوا يقترفون الخطأ البيّن”.
* تهديد مدير المركز
وفي ثانوية الخنساء للبنات تعرض مدير المركز للتهديد وأحد المراقبين في المركز يهربه الأمن إلى مسكنه بعد تهديده ومحاولة الاعتداء عليه من قبل المتجمهرين حول المركز ممن يحاولون تسريب الامتحان وتسهيل عملية الغش.
وفي ثانويات الخنساء الخاصة بالذكور أوضح مدير المركز الامتحاني حسن علي سمير عن سير عملية الامتحانات فيها بالقول: “سارت الامتحانات بشكل جيد من حيث ترتيب القاعات، وحضور المراقبين في الوقت المحدد لهم ومن حيث ابتداء الامتحانات وانتهائها في الوقت الذي قرره مكتب وزارة التربية والتعليم”.
ويضيف “لم يزعجنا شيء سوى التجمهر حول سور المدرسة وبوابتها، فهم لم يستطيعوا تسريب عملية الغش أو الدخول إلى قاعات الامتحانات نتيجة للتحصين الجيد للمدرسة من جميع الاتجاهات، وبتأمينها من شباب الحي نفسه”.
* الاكتفاء بحارس واحد
من مدارس المكلا إلى مدارس غيل باوزير، والبداية كانت في مدرسة باعمر للتعليم الأساسي للبنات، والتي بدأت كعادتها في التميز عن باقي المدارس لم يتغير فيها شيء، فالنظام هو النظام ذاته منذ سنوات عديدة والالتزام بالهدوء والانشغال بأوراق الامتحانات سمة رافقت الطالبات،لتكتفي إدارتها بحارس البوابة الرئيسية فقط.
* انفلات تعليمي
وفي مركز 14 أكتوبر الامتحاني الذي جمع طلاب المدرسة بطلاب مدرسة الملاحي للتعليم الأساسي )بنين( وفيها بدأ وضعه مختلفاً عن جميع المدارس في المديرية،فلا سور يحصنها من التسريبات والغش،ونوافذ معظمها مكسرة، مع انفلات تعليمي واضح في هذه المدرسة، الطلاب يسرحون ويمرحون في قاعات الامتحانات وتجمهرات كبيرة حول المركز من المغششين.
مصدر رفض ذكر اسمه: “أكّد بأن المراقبين يوزعون الطلبة في هذا المركز على جماعات للاستفادة من التسريبات القادمة إليهم، وبعض من هؤلاء الطلبة يجدون صعوبة في إيجاد الإجابات في حال تم السماح لهم بالغش من كتب المنهج المقرر”.
ويوضح رئيس المركز عبد الله باطرفي أن الامتحانات تسير على مستوى أفضل،نافياً وجود أي اختلالات في سير العملية التعليمية، وأن ما يروج له من عملية الغش ليست سوى إشاعات.
ويضيف باطرفي: “إن ما يقلقنا هو التجمهر خارج المركز نتيجة عدم اكتمال بناء سور المدرسة بحيث إن الحراسة الأمنية تتعب في طرد هؤلاء وتشتت انتباه المراقبين”، وعن الصعوبات التي واجهت الطلاب في حل المواد السابقة اكتفى الأستاذ باطرفي بابتسامة عريضة .
* كأس العالم والامتحانات
بدوره وجه مدير مكتب وزارة الشباب والرياضة في المكلا الأخ محسن علي العطاس نصيحته إلى الطلاب المتقدمين للامتحانات الأساسية والثانوية بالتركيز على امتحاناتهم والتوفيق بينها وبين مشاهدة بطولة كاس العالم.
ويضيف: “هذه النصيحة أوجهها حرصاً منا على عدم حرمان الطلاب من مشاهدة المونديال، وأيضا من عدم إلهائهم عن امتحاناتهم”.
وقال مدير مكتب الرياضة: “رفضنا عرض السلطة المحلية في تنصيب أربع شاشات عملاقة لمتابعة المونديال، واكتفينا بقبول شاشتين فقط نصبت في أماكن متباعدة جغرافيا، إحداها في الخور والأخرى في (فوه)”، طالباً.. في الوقت نفسه من الطلاب استغلال فترة بين الشوطين للمراجعة،وأن يعطوا اهتماما للتعليم قدر اهتمامهم بالرياضة، كون التعليم هو الأساس في بناء أفكارهم ومجتمعاتهم .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى