بدأ نشاطهم دينيا واستثمروا فراغ السلطة والانقسامات!! تقرير الحلقة (2)..الحوثيون: من صعدة إلى صنعاء

> «الأيام» متابعات:

> تنشر «الأيام» تقرير (مجموعة الأزمات الدولية) من (الحوثيون..من صعدة إلى صنعاء) باتفاق خاص و حصري لصحيفة «الأيام» و
نشر التقرير في 10 يونيو، وتم نشر المخلص التنفيذي في حينه، والآن ننشر التقرير كاملاً على حلقات.. و (مجموعة الأزمات الدولية) هي منظمة مستقلة غير ربحية وغير حكومية، تضم حوالي 150 موظفاً في خمس قارات يعملون من خلال التحليل الميداني وحشد الدعم وممارسة الإقناع على المستويات العليا من أجل منع وتسوية النزاعات الخطيرة.
4.عدو عدوّي
إضافة إلى جاذبيتهم كقوة معادية لمؤسسات الدولة، فإن الحوثيين استفادوا من رد الفعل السياسي ضد الإصلاح وآل الأحمر. العديد من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، وخصوصاً أنصار صالح ينظرون إلى الإصلاح المرتبط بالإخوان المسلمين اليمنيين على أنهم عدوهم السياسي المباشر. إنهم مقتنعون بأن الإصلاح يستعمل موقعه في حكومة الوفاق خصوصاً في وزارة الداخلية التي يسيطر عليها لملء الأجهزة الأمنية والإدارية بأنصاره من أجل التلاعب بالانتخابات المستقبلية وفي المحصلة إقصاء المؤتمر الشعبي العام نهائياً عن السلطة.
لقد دفع هذا الخوف، في الوقت الحاضر على الأقل، بعض أعضاء المؤتمر الشعبي العام إلى المعسكر الحوثي. في بعض الحالات، تحالف أعضاء المؤتمر الشعبي العام من رجال القبائل مع الحوثيين في معاركهم في الشمال؛ ووافق آخرون على البقاء على الحياد. ثمة شكوك واسعة الانتشار بأن صالح نفسه يدعم الحوثيين سياسياً وحتى عسكرياً رغم أن كلاهما ينكر هذه المزاعم.
لقد حدث حراك مشابه داخل حاشد، أحد التحالفين القبليين الرئيسيين في الشمال. هناك، لعب الإحباط المزمن حيال آل الأحمر، شيوخ حاشد المهيمنين، لصالح الحوثيين. لقد اكتسبت الجماعة حلفاء جدد في محافظة عمران (أحد معاقل حاشد والمحافظة التي يتحدر منها آل الأحمر) أو، في حالات أخرى، أمنوا حيادية شيوخ حاشد، ما يحرم آل الأحمر من مدافعين محتملين عنهم. أحد الشيوخ البارزين في بكيل أحد الاتحادين القبليين الرئيسيين في شمال اليمن،حيث حاشد هو الاتحاد الآخر جادل بأن خسارة آل الأحمر نجمت بشكل رئيسي عن إخفاقاتهم: “الحوثيون كانوا المحفِّز وحسب”.
لقد عانى الإصلاح وآل الأحمر على المستوى الإقليمي أيضاً، مع تبعات مهمة على توازن القوى المحلي. السعودية، التي كانت في الماضي تدعم المجموعتين، باتت أكثر حذراً منهما جزئياً بسبب مشاركتهما في الانتفاضة التي رأى فيها السعوديين تهديداً محتملاً لحكمهم، واستمرار علاقاتهما بقطر، التي كان للمملكة علاقات متوترة معها. نتيجة لذلك، تبنّت المملكة موقفاً أكثر غموضاً. بعد الإطاحة بالرئيس المصري الإخواني محمد مرسي، أصبح الإصلاح وآل الأحمر أكثر وعياً بهشاشتهم على الصعيدين المحلي والإقليمي.
يبدو أن شعور الإصلاح بضعفه لعب دوراً في المكاسب التي حققها الحوثيون. رسمياً، ظل الإصلاح خارج المعركة، بينما دعا الحكومة بشكل متكرر لوقف القتال. ناشط مقرب من الحزب أشار إلى أن الديناميكيات الإقليمية لعبت دوراً في هذا الخيار: “العديد من الأفراد في حاشد أعضاء في الإصلاح، لكنهم لم يقاتلوا. لم يدخلوا الصراع لأنهم يعرفون أن الحوثيين يريدون حرباً مع الإصلاح وإذا بدأت هذه الحرب، فإن الحوثيين يمكن أن يحصلوا على مزيد من الدعم من الإمارات العربية المتحدة والسعودية”. في حين أن من غير المرجّح أن ترمي المملكة أو الإمارات، اللتان تعبّران بشكل متكرر عن خشيتهما من التوسع الحوثي، بثقلهما خلف المجموعة، فإن المخاوف حول احتمال حدوث ذلك تشير إلى هشاشة الوضع الداخلي للإصلاح في البيئة الإقليمية الجديدة.
وكذلك الأمر مع آل الأحمر، الذين يفتقرون إلى الدعم السعودي. فيما كان يعتقد من قبل العديد من اليمنيين على أنه محاولة لكسب ود السعودية، تحالف حسين الأحمر، أحد الأشقاء الذين يقودون المعركة ضد الحوثيين، في تشرين الأول/أكتوبر 2013 مع السلفيين في دماج،والذين لديهم تاريخ من تلقي الدعم من أفراد ومؤسسات دينية سعودية. موّل حسين وحشد المقاتلين السلفيين في سائر أنحاء اليمن، لكن بالنظر إلى استمرار الشكوك السعودية حيال آل الأحمر، لم يتمكن من كسب الدعم السعودي الواضح. والأسوأ بالنسبة لحسين، فإن تحالفه مع السلفيين أكسبه المزيد من العداء في أوساط شيوخ حاشد الذين استاءوا من اعتماده على المقاتلين السلفيين بدلاً من اعتماده على قبيلته.
حافظت السعودية على مسافة من جميع الأطراف في الجولات الأخيرة من القتال، إلاّ أن أثر حياديتها لم يكن حيادياً. حرمان حلفائها السابقين من الدعم أعطى ميزة للحوثيين.
5.القاعدة الزيدية
يعتبر الزيديون أنفسهم حركة وطنية ويزعمون أنهم يحظون بالدعم في سائر أنحاء اليمن. وبالفعل فقد اكتسبوا بعض الدعم خارج الشمال الأقصى، إلاّ أن توسّعهم السياسي والجغرافي الأخير كان في حده الأقصى في المرتفعات الزيدية. علي البخيتي، أحد ممثلي الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، شرح المكاسب التي حققتها الجماعة في أوساط قاعدتها الشعبية الطبيعية: “من السهل على أنصار الله الانتشار في المناطق الزيدية التقليدية لأن أفكارنا الدينية تشدّ السكان. الثقافة الزيدية عميقة وراسخة”.
بما أن الحوثيين لم يعودوا خارجين على القانون منذ الانتفاضة، فإن عدداً أكبر من الهاشميين والزيديين الآخرين باتوا مستعدين للتعبير عن دعمهم أو تعاطفهم مع الحركة.
يتمثل الدليل الأكثر وضوحاً في انتشار الشعارات والأعلام الحوثية بشكل واسع حيث تزيّن المنازل والشوارع في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء والريف المحيط بها. ينبع هذا الدعم على الأقل من القرب الثقافي والانتهازية السياسية بقدر ما ينبع من الارتباط العقائدي الديني. أحد الباحثين الزيديين المطّلعين على الحركة شرح قائلاً: يتمتع الحوثيون بالدعم من الهاشميين الذين لا يؤمنون بالأفكار الدينية للجماعة،لكنهم يتعاطفون معهم بسبب ارتباطهم العرقي. كما تتمتع الحركة بالدعم من شريحة واسعة من الزيديين الفقراء، الذين، كالهاشميين، لا يؤمنون بجميع أفكار وأفعال الحوثيين. إلاّ أنهم يتعاطفون معهم لأن الحوثيين زيديون ولأن الزيديين، كمجموعة، يشعرون بالتهميش من قبل الدولة والإصلاح،إلاّ أن تزايد القوة يمثل سلاحاً ذو حدين.
عندما أصبح الحوثيون أقوى، فإن صورتهم التي رسموها لأنفسهم كمدافعين عن الطائفة الزيدية المحاصَرة قد تفقد مصداقيتها. بعض الباحثين والنشطاء الزيديين بدؤوا بالفعل بالتحوّل ضدهم بسبب عنفهم ضد منتقديهم. كما أن التخوّف من أن الحوثيين يتقربون من التراث الشيعي الاثني عشري وبالتالي من إيران يعد عبئاً سياسياً على المستوى المحلي. يؤكد ممثلو الحوثيين على أنهم زيديون، وليسوا اثني عشريين، إلاّ أن ميول الحركة السياسية نحو طهران، وشعاراتها (الله وأكبر! الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل! اللعنة على اليهود! النصر للإسلام!)، واحتفالها بعاشوراء ومزاعم بتلقي الدعم من إيران وحزب الله تطرح شكوكاً حول ولاءاتها الحقيقية أحد الشيوخ الزيديين المتعاطفين مع الحوثيين يحذّر، “إذا انقلب الحوثيون على الزيدية، فإنهم سيموتون في اليمن. إذا أعلنوا أنهم اثنا عشريون،فإن جميع الزيديين سيتحولون ضدهم. لكنهم متمسكون بالأفكار الزيدية، وسيكون الطريق طويلاً أمامهم”.
6. الإكراه، والقوة والتخويف
لقد لعب التخويف والإكراه دوراً في توسّع الحوثيين. رغم أن الجماعة تزعم بأنها سلمية،وأنها تلجأ إلى العنف فقط دفاعاً عن النفس، فإن أعضاءها مسلّحون تسليحاً ثقيلاً، ولديها جناح عسكري اكتسب خبرة كبيرة خلال 10 سنوات. المقاتلون الحوثيون الذين يسيطرون على الأرض ومعظمهم لم يبلغ الأربعين من العمر نشأوا وهم لا يعرفون شيئاً سوى الحرب أكثر قدرة، وراحة، في المعارك مما هم في السياسة. في حين أن الممثلين السياسيين للحركة كانوا يتحدثون لغة ليبرالية حول صنع السلام والمصالحة في مؤتمر الحوار الوطني، كانت ميلشياتها،بالتنسيق مع حلفائها القبائليين، تقاتل بشراسة. تتناقض عدوانيتهم، التي تتضح لكل من يتوجه من صنعاء إلى الشمال، مع صورة الجماعة التي قدّموها في الحوار.
مع تقدم الحوثيين، انضم إليهم بعض السكان المحليين خشية الانتقام، في حين أن آخرين هربوا من منازلهم ولجؤوا إلى صنعاء. ثمة تقارير كثيرة عن التهديدات، والتخويف، والسجن وحتى التعذيب. في حين يصعب التحقق من ذلك، لكن من الواضح أن القوة الوحشية والتخويف لعبا دوراً كبيراً في تحقيق الحوثيين لمكاسب سياسية.
ب. هل يمكن للحوثيين الحقيقيين التعريف بأنفسهم؟
الحوثيون ليسوا جماعة متجانسة تماماً.
وقد أدى توسعهم السريع إلى مزيد من التنوع في حركتهم، وجمعت تيارات دينية، وقبلية وحتى يسارية في الكتلة المعادية لمؤسسات الدولة.
في حين أن الجماعة متّحدة في موقفها المناهض للفساد وللنظام القديم، إلاّ أن ما تريده بالتحديد وكيف ستعمل داخل النظام السياسي اليمني كحزب سياسي، كحركة اجتماعية، كميليشيا مسلحة أو كمزيج من كل ذلك لا يزال موضع تفاوض ويعتمد إلى حد كبير على كيفية إدارة الصراع الحالي والمرحلة الانتقالية.
تتضح التيارات المتنافسة بشكل خاص فيما يتعلق بالأجندة السياسية للجماعة. منذ الانتفاضة، طوّرت الحركة جناحاً سياسياً يضم حفنة من المفكرين اليساريين والليبراليين الذين، وفي سياق مؤتمر الحوار الوطني، ساعدوا الحركة، للمرة الأولى، على التعبير عن رؤية سياسية مواقفها ليبرالية بشكل متميز وتتفق في كثير من الأحيان مع مواقف النساء، والشباب وممثلي المجتمع المدني. إنهم يدعون إلى دولة مدنية، وليس إلى دولة دينية، تستند إلى حرية المعتقد، والتعددية السياسية وتوازن القوى.
كما أنهم يدعمون الفيدرالية، وقبلوا حتى بمقترح إقامة فيدرالية بين الشمال والجنوب الذي تقدَّم به حلفاء الحركة الجنوبيون.
في مجموعة عمل صعدة، دعم الحوثيون سلسلة من الخطوات لمعالجة سنوات من الصراع، بما في ذلك وضع ضمانات للحرية الدينية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين،والمبادرات التنموية، وخطوات المصالحة الوطنية وعودة جميع المهجرين داخلياً، بين مبادرات أخرى. كما أنهم وافقوا على أنه ينبغي أن تسيطر الحكومة على جميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، لكنهم أصروا على أن يتم تنفيذ نزع سلاح جميع اللاعبين من غير الدولة بالتزامن.
يتهمهم منتقدوهم بأنهم يريدون الانقلاب على ثورة عام 1962 والعودة باليمن إلى حكم الأئمة، في حين أن الموقف الرسمي للحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني هو دعم الديمقراطية، وفعلياً،فصل الدين عن الدولة. لم يكن اتخاذ قرار بدعم إقامة دولة مدنية سهلاً. المكوّنات المحافظة في الحركة لم توافق، لكنها، في النقاشات الداخلية،لم تتمكن من فرض رأيها. الراحل أحمد شرف الدين، المندوب الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني،الذي اغتيل في طريقه إلى الجلسة الختامية، قال إن الجزء الأكثر أهمية من رؤيتهم هو بناء دولة مدنية: “إذا وقعت الدولة تحت سيطرة حزب واحد فإن هذا الحزب سيستعمل المؤسسات الدينية لمصالحه الضيقة. وهذا ما حدث في الماضي وما لا نريد أن يحدث في المستقبل. نريد إخراج الخطاب الديني والمساجد من تحت سيطرة الدولة”.
ثمة ما يدعو المتشككين للقلق، حيث من غير الواضح نهائياً ما إذا كانت المسألة قد سوّيت تماماً في مؤتمر الحوار الوطني. الرؤية السياسية الرسمية للحوثيين جديدة ولم تخضع للاختبار. على الأرض، تتناقض أفعالهم بشكل صارخ أحياناً مع آرائهم التعددية المتسامحة التي عبروا عنها في الحوار. من غير الواضح إلى أي حد سيلتزم قادتهم الميدانيون المخضرمون بالوعود التي أُطلقت في مؤتمر الحوار الوطني، أو إلى أي حد تتمتع القيادة السياسية للجماعة بالسيطرة عليهم. كما أن الاغتيالات الأخيرة لممثلي الحركة مثل عبد الكريم جدبان، في الأيام الأولى لمؤتمر الحوار الوطني، وأحمد شرف الدين في الأيام الأخيرة للمؤتمر، قد تقوّض الأصوات المعتدلة التي برزت في نقاشات مؤتمر الحوار الوطني. من شأن المكاسب العسكرية الأخيرة أن توفر للمتشددين ميزة إضافية، وتحوّل التجاذب في صنع القرار لصالحهم.
منتقدو الحوثيين يعتقدون أن مواقف الجماعة في مؤتمر الحوار الوطني غير صادقة،وأنهم يُخفون أجندتهم الحقيقية المتمثلة في الحكم بالقوة. طبقاً للواء علي محسن الأحمر،فإن “مخرجات الحوار بناء دولة مدنية خطرة بالنسبة للحوثيين، ولذلك يريدونه أن يفشل. ولهذا السبب يقاتلون في الشمال الآن.. هدفهم الحقيقي هو إقامة دولة يحكمها الإمام”.
كما أن محسن وآخرين مقتنعون بأن الحوثيين،بالتحالف مع الحراك الجنوبي، يخططون لتقسيم اليمن: “تتمثل الصفقة في أن الحوثيين سيحكمون الشمال والحراك الجنوبي سيحكم الجنوب”. طبقاً لهذا المنطق، يريد الحوثيون أن يتخلصوا من الجنوب، وهو شافعي/سني لجعل التناسب المذهبي في الشمال يميل لصالحهم وتسهيل تحقيق أجندتهم الشيعية السرية. أكاديمي يمني عبر عن ذلك بصراحة مفرطة قائلاً: الحوثيون حركة مسلّحة ذات أساس عرقي (هاشمي)، تسعى لإعادة إحياء الحكم الذي خسروه بعد ثورة 1962 . العنصر الجديد في الحركة هو الأجندة الإيرانية الخفية. يريدون استعادة حكم الهاشميين، لكن ليس من خلال المبادئ الزيدية. يقولون إنهم زيديون، لكن أجندتهم الخفية هي انقلاب اثنا عشري.
غداً الحلقة الثالثة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى