«الأيام» في زيارة خاصة لمديرية الرضمة في محافظة إب..عرينة الرضمة مشاريع متعثرة وخدمات غائبة وأهالي يستغيثون

> استطلاع/ قسم التحقيقات:

> لا يختلف اثنان على حجم المعاناة والبؤس التي يعيشها الريف اليمني بشكل عام، رغم أنه يشكل الغالبية العظمى من سكانه، فتجد الكثير من القرى مفتقرة لأبسط الخدمات الإنسانية والحياتية، وتجد القيادات الحكومية في سبات دائم ونوم عميق، تتعدد الأمثلة وتكثر النماذج، ولكننا سنستعرض اليوم واحدة من أكثر القرى معاناة، وهي قرية (العرينة) التابعة لمديرية الرضمة محافظة إب، حيث يقطن تلك القرية ما يزيد عن ثمانمائة نسمة، وتحتوي على ما يقارب المائة منزل، وينحصر رزق سكان تلك القرية على الزراعة ورعي الأغنام والمهن الريفية الأخرى، ويعتمد أهاليها على رواتب الضمان الاجتماعي التى تأتي كل 3 أشهر وﻻ تفي بأغراض أسبوع واحد، إلى جانب ما تعانيه القرية من أوضاع تكثر فيه البطالة بالرغم من وجود مجالس محلية .
صحيفة «الأيام» زارت القرية لتستعرض هموم ومطالب المواطن، وأهم المشكلات والتحديات التي تواجه هذه المنطقة البسيطة.
* طريق وعرة
تعد المواصلات من أهم وسائل الحياة التي تساهم في تسيير الظروف المعيشية للمواطن، لكن مشكلة المواصلات تعد من أبرز المشاكل التي تواجه تلك القرية المنسية، فالطريق الإسفلتي يبعد مسافة ستة عشر كيلومترا من القرية وصولا إلى المديرية نفسها، أي مسيرة ما يقارب ساعتين ونصف بسيارة الدفع الرباعي .
ويواجه الطريق الواصل بينها وبين المديرية الكثير من الجبال المحتوية على العقبات الضخمة، والمطبات الصخرية والمنحنيات المميتة التي تأكل إطارات السيارة كما تأكل النار الحطب، حيث إن السفر من القرية إلى المديرية معاناة بحد ذاتها.
وبُعد القرية عن المديرية ساهم سلبا في توفر الخدمات لها فعندما يحتاج المواطن إلى أبسط الأشياء يجب عليه السفر إلى المديرية نفسها، أي أن بعض الأهالي يحتاج إلى السفر أكثر من مرة في الأسبوع، وتوجد في القرية سيارتين فقط ذواتي الدفع الرباعي التي تحتاج إلى الكثير من الوقود الأمر الذي دفع بمالكي السيارات إلى رفع أجرة السيارة إلى (ألف) ريال فمن أين للمواطن المسكين الذي لا يستطيع أن يفي بمتطلبات المعيشة أن يوفر ولو على أقل تقدير (أربعة ألف) ريال أسبوعيا .
* مدرسة بلا مدير
هكذا بات حال مدرسة عمر بن عبدالعزيز أول مدرسة بنيت وتخرج منها العديد من الشخصيات البارزة، فمنهم الدكاترة والأطباء والمهندسين.
ها هي المدرسة اليوم بلا مدير يديرها، فمديرها المعين من قبل الوزارة مشغول بأموره الشخصية، ولا يكاد يحضرها إلا نادرا وحتى وإن حضر فإنه تارة يهدد الطلاب وأولياء الأمور بأقفال المدرسة، وتارة أخرى يهددهم بنقلهم إلى مدرسة القرية التي تلي قرية العرينة والتي تبعد عنها مسيرة ساعة ونصف مشيا على الأقدام.
ولكون المدرسة بلا مدير فإن مدرسيها يتهاونون في أداء عملهم ومقصرين فيه بشكل كبير، حيث أنهم لا يحضرون إلا ثلاثة أيام في الأسبوع فقط، ولايداومون سوى ساعتين فقط، بالرغم من أن أهالي القرية تكفلوا باستضافتهم دون أي مقابل سوى القيام بأعمالهم التي يتقاضون عليها رواتب .
* شقاء التعليم
الجدير بالذكر أن المدرسة تحوي المرحلة الأساسية لا غير، وهي تتكون من ستة فصول فقط، فإذا أراد أحدهم أن يكمل دراسته فعليه الانتقال إلى القرية المجاورة والتي تبعد مسافة كبيرة عن القرية، أما بالنسبة للمرحلة الثانوية فدراستها تتطلب الانتقال إلى المديرية نفسها، كل هذه الأمور جعلت من التعليم شقاءً، الأمر الذي ساهم في انتشار الأمية وتفشي الجهل الذي انعكس سلبا على مجتمع تلك القرية النائية.
* جسد بلا روح
في أواخر 2005 م استبشر أهالي القرية ومن جاورها بقرب موعد إنهاء المستوصف الذي كان من المخطط أن يربط بين جميع القرى في تلك العزلة، لكن أهالي القرية والمنطقة بشكل عام تفاجئوا بهروب المقاول المسؤول عن بناءه، ليظل دون أن يتم إنجازه إلى يومنا هذا، حيث كان من شأن هذا المستوصف أن يخفف من معاناة الأهالي الدائمة والمستمرة.
* لا حياة لمن تنادي
قام أهالي القرية بإرسال الكثير من الشكاوى والمناشدات إلى مدير المديرية بشأن الطريق والمدرسة، وأيضا بشأن المستوصف، ولكن لا حياة لمن تنادي، حيث تجري العادة على إسكاتهم بوعود عرقوبية، أو يتم تجاهلها باستمرار، وكأن تلك القرية غير تابعة لخريطة الجمهورية اليمنية، وقد يستجيب البعض لمطالبهم ويبدأ بانزال معداته وآلاته، لكن لا يلبث أن يخرج من منصبه ليأتي مسؤول غيره، ويبدأ بهيكلة جديدة وعلى نفس المنوال دون الوصول إلى حل.
توقف تمويل الحلم.
قبل ما يقارب الثلاثة أعوام أتت العديد من المعدات والآلات لإصلاح الطريق بأمر من مدير المديرية، وبدأت الآلات العمل بالفعل، لكن وبحسب ما يقوله سليمان الحنشلي أحد شباب القرية: " لقد استبشرنا وفرحنا جميعا لقدوم تلك الإصلاحات، حيث إننا قمنا بالمشاركة في إنجاز الطريق بأسرع وقت، ولكن تفاجئنا بمغادرة الآلات منطقة العمل، وعندما قمنا بسؤال المقاول عن سبب ذلك، قال: " لقد توقف التمويل للمشروع، ومن يومها ونحن نقدم العديد من الشكاوى، لكن لم يستجب لنا أحد" .
ويقول فيصل صالح أحد أولياء الأمور، : "لقد قدمنا من جانبنا العديد من الشكاوى لإصلاح المدرسة، وقما بتحمّل تكلفة الأكل والشرب للعاملين، لكننا لم نلق الرد من أي جهة " .
ويضيف: " نحن نريد تعليم أبنائنا جميعا في القرية " .
* إلى متى ؟
سؤال يتردد في أذهان أهالي القرية، إلى متى هذا التجاهل المستمر في تلبية احتياجات سكان المنطقة، والذين مايزالون مستمرون على مناداة القيادات الحكومية ولكل من يهمه الأمر.
حيث تتمثل مطالب أهالي وسكان القرية بتوفير أبسط الخدمات الإنسانية لهم، فهم لا يريدون مطارات وطائرات، ولا يريدون قصورا وأبراجا مشيدة، لكنهم يريدون حياة كريمة لهم ولأبنائهم .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى