«الأيام» تستطلع أوضاع وأوجاع مستشفى الغيضة المركزي..مواطنون : معظم المرضى يرحلون إلى خارج المحافظة بسبب انعدام أبسط الخدمات الطبية

> استطلاع/ ناصر الساكت:

> مستشفى الغيضة المركزي أقرب إلى (بدالة) منه إلى مستشفى .. هكذا يمكن وصف المستشفى الوحيد بمحافظة المهرة، فما أن يصل مريض إليه حتى يتم تحويله أما إلى صلالة العُمانية أو إلى المكلا أو عدن أو صنعاء نتيجة تردي خدماته العلاجية والصحية وافتقاره إلى أبسط الخدمات والإمكانيات من أجهزة وكادر، وغالبية المواطنين لا يستطيعون تحمل التكاليف، تصوروا حالات مرضية عادية يقف المستشفى عاجزا أمامها وهناك حالات توفيت، لقد بات الوضع اليوم كارثيا وخطيرا بحسب تعبير بعض المواطنين الذين التقيناهم.
* وفيات بسبب الإهمال
د. صادق علي النهاري ماجستير طب عام وجراحة - عين شمس - زمالة بريطانية في الجراحة العامة، من أبناء المهرة يقول: "نحن في حاجة لدراسة أسباب تدهور الخدمات الصحية لتشخيصها وعمل الحلول الناجعة، وفي نظري هناك قصور كبير من المركز في الإشراف والدعم والمراقبة للخدمات الصحية المقدمة، فللأسف الدولة تخلّت عن مهمتها بتوفير خدمة راقية ومجانية للمرضى" .
مستشفى الغيضة كمبنى لم يعد صالحا، فقد تم بناؤه في السبعينات عندما كان عدد السكان لا يساوي ربع العدد اليوم، وفي ٢٠٠4م، تم تجهيزه بأجهزة دعم من عُمان بعد إعادة ترقيعه والأصل أنه لا يرقى إلى اسم مستشفى، حيث إنه بحاجة لإعادة تصحيح من الصفر، إعادة تقييم للكوادر المساعدة (تمريض ومختبرات) وعمل فرز للجيدين عن الذين لم يطوروا أنفسهم ولاعندهم الاحساس بأنهم ملائكة الرحمة وهم قلة، والجيدون كثر لكنهم بلا حوافز ولا علاوات ولا رواتب مشجعة، كذلك إعادة تقييم للأطباء الأجانب الذين يتم التعاقد معهم بدون اختبارات ولا تقييم لعملهم فنيا، وإنزال عروض من الوزارة للإخصائيين اليمنيين بنفس مرتبات الأجانب للعمل في المهرة، وممكن نستغني عن الأجنبي، كذلك تزويد المستشفى بكوادر تمريض عالي أجنبي لإعادة تقييم وتقويم عمل التمريض، الإدارة الحالية تدير المستشفى بعقلية إدارة عادية والمستشفى بحاجه الى إدارة متخصصة لأن في العالم تخصص اسمه إدارة مستشفيات، جدول المناوبين في المستشفى هو الآخر لا يوجد، وفي العالم يوم نوبة وثلاثة أيام إجازه للتمريض، والطبيب يوم مناوبة وأسبوع إجازة وعاده يريد علاوة نوبة، ولايوجد برنامج مطبق للتعليم المستمر للكوادر الصحية والأطباء، المطلوب تزويد المستشفى بالمعدات الحديثة وأجهزة المختبرات، وإعادة تقييم وتأهيل الفنيين ليستطيعوا مواكبة الجديد ، وتوفير الوسائل المساعدة للتشخيص من أجهزة طبية وتأهيل الكوادر وتحفيزهم، العمل على وضع قوانين تحرم مضغ القات والتدخين بالمستشفى، كذلك العمل على إحالة أي مرتكب خطاء طبي نتيجة إهمال إلى النيابة العامة فحياة الناس غالية، يؤسفني أن أقول لك أنه لا توجد لجنة تناقش أسباب الوفيات لنعرف أسبابها، أيضا لا يوجد في المهرة وسائل نقل سريعة للحالات الحرجة مثل طائرة إخلاء هيلوكوبتر خاصة ونحن على بُعد أكثر من500كم من أقرب مستشفى، وهناك وفيات يكون سببها الإهمال لذا أوجه دعوة لكل متضرر ألا يسكت عن حقه وتقديم بلاغات للنيابة للتحقيق حتى نحمي حياة الآخرين من هؤلاء المستهترين.
* واقع من العذاب والتهميش
أنور كلشات من أبناء مدينة الغيضة قال بألم: "لا تكفي الكلمات ولا العبارات للتعبيرعن حجم المعاناة وعن مدى رداءة الخدمات الصحية في المحافظة...الصحة بمفهومها الشامل الاهتمام بصحة الانسان وحمايته، أنا كمواطن لم ألمس يوما هذا الدور من قبل وزارة الصحة، لا ننكرهناك جهود يقوم بها العاملون في المجال الصحي، لكنها لا ترقى ولو إلى أبسط الاحتياجات التي ينبغي أن توفرها الوزارة للمواطن، إن العالم من حولنا يتطور في الجانب الطبي مما يوفرلأبناء البلد مناخا صحيا لائقا يعيش فيه أفراد المجتمع حياة مستقرة دون منغصات" .
وأضاف: "إن وضع الصحة في محافظتنا سيء جدا، فالمستشفى الوحيد للأسف لا يجد فيه المريض الرعاية والخدمة اللازمة. إن محافظة المهرة ظلمت وهي محرومة من أبسط الحقوق التي يجب أن توفرها الدولة كون الأمر يتعلق بحياة البشر وهو واجب وطني وأخلاقي وإنساني" .
ومضى يقول بحسرة " إن من يقارن الوضع الصحي بالمهرة ببقية المحافظات الأخرى لا يجد وجه للمقارنة ويرى العجب العجاب، ففي المحافظات نجد مستشفيات تتوفر فيها كافة الخدمات الطبية من كادر وأجهزة ورعاية للمرضى، وهذا مالم يتوفر في محافظتنا، لا تتوفر أيضا الأدوية الضرورية والمستلزمات العلاجية للحالات الحرجة، وانعدام الأجهزة الطبية المتطورة، وهناك حالات تحتاج لتشخيص فقط يتم تحويلها إلى خارج المحافظة لعدم توفر أجهزة التشخيص .
وقال: " المعاناة كبيرة فكل مرة أذهب فيها إلى المستشفى أرى وأعيش معاناة مرضى تكسر القلب ترى في أعينهم اليأس والإحباط جرّاء تردي الخدمات الصحية، هناك أناس فقدوا أحبّة لهم داخل المستشفى، وهناك مرضى توفوا في الطريق قبل الوصول للمكلا أو لسلطنة عمان ، مصائب وكوارث وبلاوٍ تحدث وأناس تموت بسبب الإهمال وضعف الخدمات الصحية في المحافظة عموما " .
واختتم أنور حديثه بتوجيه رسالة للمركز في صنعاءبقوله: " ما ذنب أبناء المهرة حتى يكون مصيرهم، هكذا ويلاقوا كل هذا التهميش والعذاب واللا مبالاة، هل أنتم قوم لا يفهم إلا لغة العنف ولا يتخاطب إلا بلغة ليّ الأذرع عجبا لكم! عندما نذهب لمحافظات أخرى نرى المستشفيات والرعاية الصحية ونشعر بأن هناك اهتمام جاد من الدولة والسلطات المحلية هناك بالوضع الصحي وتحسينه والارتقاء به .. فلماذا نحن استثناء؟ .. الصحة عندنا في المهرة تريد من يعالجها وينتشلها فهي مشلولة، وكل واحد له يد في التقصير الحاصل في الجانب الصحي في المحافظة وتقع عليه مسؤولية كبيرة فليتق الله وليقدر المسئولية التي تقع على عاتقه" .
* حكايات من الداخل
الطالب/ ماهر الجدحي .. من مديرية قشن يروي بعض مشاهداته المؤلمة: "قبل نحو سنة -يومها كنت موجودا بالمستشفى فجاءوا بمريض من مديرية المسيلة وطبعا لا يخفى علينا حالة أهل المريض المادية وظروفهم المعيشية الصعبة ، كان المريض رجلا مسنا يشكو من أمراض عدة وحالته الصحية حرجة قال لهم الدكتور: حالة والدكم صعبة ونحن لا نستطيع عمل له أي شيء.. عليكم تسفيره إلى سلطنة عمان .. هنا كنت أنظر إلى وجوه أبناء المريض، فلكم أن تتخيلوا الموقف كل واحد منهم ينظر للآخر وأعينهم تملأها الحيرة والحزن الشديد قالوا: وكيف نسفره إلى عمان ونحن لا نملك المال وظروفنا صعبة شوفوا لنا حل ثاني رد الدكتور بقوله: أنا لا أستطيع غير المساعدة بكتابة تقرير من خلاله يمكنكم الدخول إلى عمانو كان موقفا صعبا وأبناء المريض عاجزين عن إنقاذ حياة أبيهم الذي يكاد يفلت من بين أيديهم والسبب عدم وجود مستشفى مؤهل فانصرفت وأنا أتجرع مرارة الحزن والألم بمدى القهر الذي يعيشه مثل هؤلاء الأبناء " .
وأضاف: " حالة ثانية أكثر ألما وحزنا - لم أكن شاهدا عليها لكني سمعت عنها وقعت قبل أيام قليلة في قسم الولادة وهي امرأة جاءت من مديرية (حصوين) لتضع حملها في مستشفى الغيضة لتنجب طفلها البكر ولتفرح بقدومه العائلة وتفرح الأم بعد حمل تسعة أشهر .. لكن حدث مالم يكن في الحسبان المولود خرج ميتا بسبب التفاف الحبل السري على رقبته والسبب قلة خبرة القابلات، وضعف كفاءتهن وعدم وجود أجهزة متطورة خاصة بفحص حالة الجنين قبل الولادة و المصيبة والفاجعة الكبرى أن الأم صار عندها نزيف ولم يستطع العاملون في المستشفى تدارك الحالة ونزفت حتى الموت ..هكذا يموت الناس في المهرة فهل حياتهم رخيصة؟ وأين الدولة؟ ارحمونا .
* عدم القدرة على الإنفاق
الشاب أحمد عبدالله بلحاف من مديرية حوف أدلى بدلوه قائلا: " في الحقيقة أنا لست متخصصا، ولكن من خلال ملاحظتي للمستشفيات في الأماكن الأخرى أرى أن المحافظة تفتقد للعديد من التخصصات والإ‘خصائيين الذين يعتبر وجودهم في أي مستشفى أمر ضروري ومهم، لكن للأسف الشديد الكادر الطبي في مستشفى الغيضة لا يلبي الاحتياج المطلوب؛ خاصة وإن المهرة محافظة نائية وبعيدة، والسفر منها لأقرب محافظة يتطلب الكثير من المال والوقت، وأتذكر مرة سافر دكتور العظام الوحيد وترك عمله ولم توفر وزارة الصحة البديل إلا بعد أشهر عدّة، وكانت مشكلة حيث ظلّت معظم الحالات التي تصل للمستشفى ترحل إلى خارج المحافظة؛ لأنه ما فيش عندنا أي مستشفى أهلي متخصص وإنما عبارة عن عيادات عامة ، الموظفون بالمستشفى كثر وتصرف لهم رواتب لكن القوة العاملة لا تتجاوز الـ 50% وأما الباقي فلا نعلم أين هم؟"
وقال: " للأسف فقد أصبح المستشفى مجرد ترانزيت لترحيل المرضى إلى إحدى الوجهتين المكلا أو سلطنة عمان والغالبية من المواطنين يعودوا بمرضاهم إلى بيوتهم لعدم قدرتهم على تحمل نفقات السفر. وضع المستشفى مزر للغاية ولا يخفى على أحد، فعند حدوث أي طارئ فأول ما يفكر فيه أهل المريض تسفيره إلى عمان أو حضرموت أو صنعاء وهنا لكم أن تتخيلوا المصاريف الباهظة التي يترتب عليها السفر والعلاج تصل لمئات الآلاف ولوكان عندنا مستشفى مؤهل لن يكلف العلاج إلا مبلغ بسيط في متناول المواطن".
الأخ / سالم مرزوق أبو جابر بلحاف لم يجد من الكلام حول الوضع المزرى للمستشفى سوى مجموعة من التساؤلات والأسئلة مكتوبة بمداد الألم والأمل : " يا مسؤولينا في السلطة المحلية.. ألستم أنتم من أبناء المحافظة ؟ أليس لكم أقارب حدثت معهم حالات مماثله كتلك التي ذكرها الأخ أنور؟ ألا تشعرون بمعاناة المواطن المسكين الفقير الذي لا يجد قوت يومه؟ فكيف بتكاليف العلاج الباهظة؟! أين دوركم ؟ وما الذي قمتم به تجاه أوضاع المستشفى المتردية؟ يا مدير الصحة بالمحافظة أنت المسؤول الأول إذا أنت عاجز عن فعل شيء دعك من الصمت واترك الفرصة لغيرك لعله يفعل شيء؟ هناك ملايين تخصص للمستشفى شهريا لا ندري أين تذهب ؟ ارحموا الناس من جحيم الموت الذي ينتظرهم داخل أروقة المستشفى !
وقال: " ندائي للسلطة المحلية لا نريد أي مشاريع إنشائية ولاسفلتة شوارع داخل المدن ولامبان لإدارات نريدكم توجّهوا كل جهودكم واهتمامكم نحو تحسين وتطوير الوضعي الصحي بالمحافظة، ادعوكم للوقوف وقفة جادة تجاه هذا الأمر فانتم مسؤولون أمام الله وأمام خلقه، ادعو الأخ المحافظ علي محمد خودم -حفظه الله- وأدام عليه الصحة والعافية أن يرسم استراتيجية وخطة واضحة المعالم للعام 2015 خاصة بتطوير الوضع الصحي في المحافظة وخصوصا مستشفى الغيضة " .
أما المركز فرسالتي له وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي أقول له : "لقد عانت المهرة وأبناءها في عهد (صالح) أسوأ معاناة وإهمال متعمد في مختلف الجوانب الحياتية، وأهمها الجانب الصحي دفع فاتورتها غاليا المواطن المسكين الذي يموت بسبب عدم توفر أبسط العلاجات، والأمل فيك يا فخامة الرئيس هادي أن ترفع المعاناة عنّا في المهرة. إن المسؤولية الملقاة على عاتقكم تفرض عليكم انتشال الوضع الصحي الخطير بالمهرة " .
الأخ / محمد سعيد كلشات من مديرية الغيضة تحدث وقال: " بداية أشكر "الأيام" ونطالب بتحسين الوضع الصحي بمحافظة المهرة، وشعار رفعه شباب حريصون على انتشال مستشفى الغيضة -هذا المرفق الحيوي الهام بعد أن تردّت أوضاعه إلى الحضيض ولم يبق عذر للسكوت اليوم ، لقد ضاق الناس ذرعا وهم ينقلون مرضاهم إلى خارج المحافظة لعدم وجود خدمات صحية تلبّي حاجة المريض وتوفر عليه عناء السفر وتكاليف العلاج ، فالمستشفى ما زال كما لو أنه (بدالة) تحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى سواء في المكلا أو صنعاء أو صلالة أو الأردن والذي ليس بمقدوره أن يتحمل تكاليف السفر يضطر أن يتعالج في هذا المستشفى معرضا حياته للخطر نظرا لتردي أوضاعه الصحية والعلاجية والإهمال وانعدام الأجهزة الطبية والأطباء الأكفاء مما يتسبب دائما في حالات الوفاة لبعض المرضى ، ومن المعروف أن مهنة الطب هي مهنة إنسانية كما أن الأطباء والعاملين في أي مستشفى يطلق عليهم رسل الرحمة فهل نعتبر مستشفى الغيضة بمثابة مبنى داخل أروقته رسل الموت؟ ومن هذا المنطلق نطالب بتحسين الوضع الصحي بالمحافظة " .
الشاب / رشدي بن معيلي من أبناء مديرية سيحوت قال من جانبه: " الوضع الصحي بمحافظتنا يعاني الأمرّين، فغياب الكادر الطبي من جانب.. وغياب الاهتمام بهذا الجانب الحيوي الذي يعتبر من أشد معاناة المواطن المهري من جانب آخر، فلا نحن نرى المنشأة الصحية المتكاملة، ولا نحن نرى الطبيب المختص متواجد في داخل أبنية المستشفيات والمراكز الصحية والأنكى من هذا هو السكوت غير المبرر من قبل السلطات المحلية بالمحافظة والمديريات فدائما نجد المواطن المسكين يلجأ إلى محافظة حضرموت أو إلى سلطنة عمان الشقيقة لتلقي العلاج اللازم ومن إبسط الأمراض .. فالناس هنا تعاني إيما معاناة في مسألة الحصول على العلاجات المطلوبة خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المزري والمتدني جدا للمواطن المهري واليمني بشكل عام وهناك الكثير من الحالات المرضية عانت وتوفيت بسبب نقص تلقيها العلاج، أو بسبب عدم قدرة ذويها على دفع تكاليف السفر خارج المحافظة، وقيمة العلاجات البالغة الثمن وغير ذلك. إن هذه المشكلة كبيرة جدا ويجب على السلطة المحلية الانتباه لها ، وإحاطتها بالعناية الكافية الاهتمام وأنا من رأيي أن فكرة التعاقد مع أطباء أجانب فكرة رائعة يجب تفعيلها وتطبيقها في مرافقنا الصحية الفقيرة صحيا بالمهرة " .
أحمد علي رعفيت من أبناء مديرية حوف يقول: "بحسب تعبير الكثير من المرضى فإن مستشفى الغيضة هو صورة سوداء، وهذا المستشفى وغيره من المستشفيات في بقية المديريات تعاني من نقص حاد في الإمكانات والأجهزة الطبية اللازمة، وخدمات التمريض والكادر المؤهل، كذلك النقص النوعي من التخصصات التي تحتاج إلى درجة عالية من الكفاءة، وأيضا ضعف الصيانة الدورية للأجهزة الطبية، فليس هناك أجهزة تكييف كافية حتى الأسرّة غير صحية أو نظيفة، فمستشفيات محافظتنا في جميع المديريات عكس التيار، لتكون النظافة الغائب الأكبر حتى في الأماكن الحساسة التي تتواجد فيها الأدوات الطبية ومستلزماتها " .
وأضاف: "هذا هو جانب يسير لحال مستشفياتنا بالمهرة – مع الأسف- أما بالنسبة لمعاناة المرضى فهناك أكثر من الحالات يرعبك ما تقاسيه من آلام ومواجع ومآس لا تستطيع حتى تخيلها، فصراخ أقرباء المريض الذين تجدهم يطالبون بضرورة إسعاف مريضهم ، وأنين المرضى الذي تقشعرّ له الأبدان دون أن يقدم لهم المستشفى شيئا.
يفقدك صوابك ، أن ترى هذا المستشفى يمكن أن يصلح لأي شيء إلا العلاج، فتجد أغلب الناس يذهبون بمرضاهم للخارج بالرغم من إن أوضاعهم المادية صعبة، ولكنهم يبذلوا المستحيل في إسعاف مريضهم ولو كلفهم ذلك الغالي والنفيس والبعض الآخر لا يملك تكاليف السفر بمرضاهم ويضطرّوا للبقاء في المستشفى في انتظار رحمة أرحم الراحمين.
وأضاف قائلا : " رسالتي إلى السلطات المحلية بالمحافظة والمديريات ووزارة الصحة وإلى كل شرائح المجتمع بتحمل مسؤولياتهم في انتشال مستشفى الغيضة وبقية المراكز الصحية من أوضاعها المزرية، ومساعدة المرضى وإخراجهم من دائرة الموت والهلاك جرّاء ما يتعرضون له من معاناة في الخدمات الصحية " .
ويضيف: " تحت أنقاض الأنين يموت الضمير وتنعدم الإنسانية ، فلا خدمات طبية زي الناس ولا دواء ولا أطباء يدركون مكمن الوجع أجهزة معطلة غير قادرة على تشخيص المرض لما تعانيه من إهمال وغياب في الصيانة، ومبان صحية شبه منهارة بحاجة إلى ترميم؛ لذلك وجب على السلطة في المحافظة وقيادة وزارة الصحة سرعة إيجاد الحلول وتوفير كافة الأجهزة والآثاث والمستلزمات الضرورية " .
ويختم أحمد رعفيت بسرد بعض مواقف مؤلمة: " المواقف أو الحالات التي رأيتها أو سمعت عنها بسبب غياب الإمكانيات الطبية كثيرة وخطيرة ومؤثرة للغاية ، قبل اسبوع أو عشرة أيام كنت في مستشفى الغيضة حيث رأيت امرأة تعسرت لديها الولادة وبعد أن وضعت مولودها المتوفى، وصاحبها حدوث نزيف حاد بسببه فارقت الحياة نتيجة الإهمال وانعدام الخبرة للقابلات، وعدم وجود أطباء مختصين، ومن ضمن المواقف الصعبة التي شاهدتها في مستشفى الغيضة قبل حوالي ثلاث أو أربع سنوات كان معنا جدتي ساءت حالتها الصحية ورقدناها في المستشفى وكانت بجانبنا عائلة من (حصوين) معهم ولدهم مريض كان الوقت حوالي الساعة العاشرة ليلا، جاء الطبيب المناوب وعاين الحالة وقال : "إنه ما يقدر يحدد بالضبط إيش عند الولد من مرض وطلب من أهل الولد الانتظار حتى الصباح ، نصحناهم أن يسعفوه إلى المكلا لأنه قد يكون مرض خطير وقد يؤدي إلى موته ، والسبب أن المستشفى ما فيه أجهزة وغرفة عناية مركزة تستطيع رعاية الحالة والكشف عن سبب المرض وتشخيصه بشكل صحيح ، نحن رجعنا للبيت وفي الصباح سألنا عليهم قالوا: الولد مات بعد الفجر، طير من طيور الجنة -إن شاء الله- ، وتستمر المعاناة ولكن إلى متى".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى