«الأيام» زارت المنطقة وتفقدت هموم الأهالي..منطقة (طور المعقم) بلحج محرومة من كل متطلبات الحياة والخدمات الضرورية

> استطلاع/ الخضر عبدالله

> عندما تطال يد الحرمان وحياة البؤس والشقاء شريحة من أبناء المجتمع، وتحرمهم من الحياة الكريمة المكفولة لهم شرعاً، فإن هذه كارثة كبرى، تدل على مدى التقاعس واللامبالاة من قبل المسؤولين ومن بأيديهم زمام الأمور، فما أن يبلغ الطفل السادسة من عمره في منطقة (طورالمعقم) بمديرية طور الباحة بمحافظة لحج ذكراً كان أو أنثى حتى يثقل كاهله بأعباء يعجز عن حملها الكبار أحياناً.. كحرث الأرض ورعي الأغنام وجلب الماء من مسافات بعيدة إلى المنازل.
كل هذه الأعباء يضعها الأباء على كاهل أطفالهم ليس كراهية لهم ولا انتقاماً منهم كلاّ.. لكنه الواقع الذي تفرضه حياة الريف.. إذاً فسهام المعاناة والحرمان والنسيان قد أصابت كل الفئات العمرية بدءاً بالشباب ومروراً بالشيوخ والنساء وانتهاء بالأطفال.
وفي زيارة خاصة قمنا بها تحملنا خلالها تجشم الصعاب بالنزول إلى المنطقة.. لتسليط الضوء على ما تعانيه من حرمان ومن فقدان أبسط الحقوق كخدمة توفير المياه، الصحة، التعليم، الاتصالات وغيرها.
* نقطة البداية
ما إن تطأ قدماك تراب هذه المنطقة التابعة لمديرية طور الباحة، إلا وتشاهد البيوت المتناثرة المبنية بعضها من الأحجار والبعض الآخر من طين (اللبن) حتى تسمع من بين تلك البيوت المتواضعة أنات، وصرخات العجزة والشيوخ الضعفاء يدوي صداها في كل أرجاء البلاد، وتذوق طعم الواقع المر الذي يعيشه أبناء هذه المنطقة الذين لايملكون عوناً ولا نصيراً غير الله.
* معاناة المياه
وفي منطقة (طورالمعقم) التقينا بالأخ مياز عبده الصبيحي الذي قال: "القرية تعاني من صعوبة وضع شحة المياه الذي أصبح جاثماً على صدرها منذ فترة طويلة من الزمن، حيث كان لدينا مشروع أهلي يضخ المياه للمنطقة وتعثر المشروع نتيجة عدم إجراء الصيانة والتأهيل، فأصبح المشروع أثراً بعد عين، واليوم يقوم الأهالي بشراء (البوز) حيث يبلغ سعر الوايت الواحد الصغير الحجم (4000) ريال والبعض الآخر من الأهالي لا يقدرون على شراء الوايتات بسبب تكلفتها الباهظة ".
ويتحدث الأهالي لــ«الأيام» قائلين: "أصبحنا نجلب المياه من أماكن بعيدة على ظهور الحمير، بعد أن طرقنا كل أبواب الجهات المسؤولة في المحافظة، وبرغم كثرة المتابعات والملفات تم اعتماد حفر بئر ارتوازية مع المضخة للمنطقة، لكن للأسف أصبحت الوعود (عرقوبية) ولم تتعاون الحكومة مع أهالي المنطقة بما فيها المجلس المحلي بالمديرية وكذلك المحافظة ".
وتابعوا كلامهم: "إننا وعبر صحيفتكم «الأيام» نناشد الأخ أحمد عبدالله المجيدي محافظ محافظة لحج أن يقوم بالتوجيه بسرعة تنفيذ مشروع منطقة (طورالمعقم)، علماً أن المنطقة كانت من قبل أكثر المناطق التي يأتي إليها الأهالي من مختلف المناطق لجلب المياه من آبارها وهي اليوم ترزح في أزمة خانقة جراء شحة المياه ".
إحدى آبار المنطقة
إحدى آبار المنطقة
* الاتصالات وعود عرقوبية
وعن خدمة الاتصالات العامة في المنطقة، يقول مياز الصبيحي: "لم تصل بعد خدمة الاتصالات السلكية، حيث ما يزال الأهالي يعتمدون فقط على التلفون المحمول (الجوال)، ويحمّلون وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والسلطة المحلية في المديرية والمحافظة مسؤولية إهمال موضوع الاتصالات وعدم إدخال شبكة الاتصالات إلى المنطقة حتى الآن" مردفاً بقوله : "مع أن المنطقة تقع بالقرب من عاصمة المديرية، وكابلات الهاتف تمر بالقرب من المنطقة، إلا أنها ما تزال محرومة من خدمة الاتصالات على الرغم من مطالبة الأهالي بايصالها منذ سنوات، الأمر الذي حرمهم من التواصل مع الأهل والأقارب في الداخل والخارج".
ويضيف: "إن المنطقة بحاجة ملحة إلى اتصالات ثابتة كغيرها من المناطق المجاورة للمديرية، وقد قام فريق المسح بالنزول إلى المنطقة وتم المسح ورفع مبالغ التكاليف، ومن فترة النزول وحتى هذه اللحظة لم نر بصيص أمل في إدخال خدمة الاتصالات، واستمرينا نتابع مدير عام الاتصالات بالمحافظة ولم نجده، ووجدنا نائب المدير العام وحدثنا بأنه قد تم المسح للمنطقة ورفع التكاليف المقررة للمشروع، ووعدنا بالنزول في بداية العام، ولكن إلى الآن ومنذ حوالي ثلاث سنوات لم نر سوى وعود سرابية من مسؤولي المحافظة " .
* مأساة التعليم
أما حول معاناة التعليم فتحدث بقوله : " توجد في المنطقة مدرسة تم تأسيسها نهاية الثمانينيات، وهي مكونة من عدة غرف من (البردين) وبنيت بطريقة عشوائية ونظراً لذلك فقد تعرضت جدرانها للتشقق وباتت معها آيلة للسقوط وتدق جرس الخطر على رؤوس الطلاب، وبناها الأهالي بطريقة تقليدية، وبسب وضعها السيء فإنها لم تعد صالحة للدراسة، وهذه المدرسة لا تفي بالغرض ولا تتسع للطلبة والطالبات، وعندنا تعليم مختلط (بنين مع بنات) لعدم بناء مدرسة خاصة للبنات وأكثر البنات في المنطقة تركن التعليم لعدم وجود مدرسة خاصة بهن، نتيجة العادات والتقاليد الأسرية التي تمنع الاختلاط بين الطرفين".
ويعاني الكثير من شباب المنطقة من البطالة، ومن عدم تمكنهم من مواصلة الدراسة لفقر أسرهم.
* صحة معدومة
وعن الأوضاع الصحية التي تشهدها المنطقة، يشير الأهالي إلى أن وضعها يرثى له، حيث أن لا عيادة صحية ولا خدمات، ومن يصيبه المرض يتم إسعافه إلى أي مستوصف أو مستشفى ويتحمل المريض فوق مرضه تكاليف باهظة، بداية في تكبده أجرة السيارة التي تنقله إلى المشفى، وانتهاء بتكاليف العلاج وشراء العقاقير والادوية.
ويناشد الأهالي عبر الصحيفة، المسؤولين الاهتمام بالجانب الصحي في منطقتنا، مشيرين: "إلى أن أكثر حالات الوفاة تكون بسبب هذه العوامل، كما تساءلوا: " إلى متى ستظل هذه المنطقة محرومة من الخدمات الضرورية لحياة الإنسان".
نساء يجلبن الماء من آبار منطقة طور العلقم
نساء يجلبن الماء من آبار منطقة طور العلقم
* صرخة إلى الحكومة
إن منطقة (طورالمعقم ) كمنطقة تقف على أطلال الماضي، حيث لا شيء هناك سوى الحرمان المسيطر على جنباتها، والإهمال المستشري في مساكنها، تنعي ذاتها الضعيف من وخزات الحاضر، وتسكنها العديد من الأزمات والمشاكل.. والمعاناة فيها أكبر من الوصف.
إذن كل ما تناولناه وطرحه الأهالي عن منطقة (طور المعقم) من هموم ومعاناة نضعها على طاولة الجهات المسؤولة وأمام من يتشدق بالإصلاحات وانتشار خير الخدمات، وهناك أسئلة كثيرة تنادي الجهات المسؤولة وتبحث عن إجابة لتشفي غليلها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى