ميون.. تدر الملايين للدولة وأبناؤها محرومون من أبسط الخدمات الأساسية

> استطلاع /عبدالعالم العتابي.

> جزيرة ميون إحدى الجزر اليمنية الشهيرة، تقع في قلب مضيق باب المندب أحد أهم الممرات العالمية، وتبلغ مساحتها أربعة عشرة كيلو متر مربع، وكانت تتبع سابقاً مديرية المعلا في عـدن، قبل ضمها لمحافظة تعز.
تعد جزيرة ميون من أفضل الجزر في العالم من حيث توفر المناخات الاستثماراية، فمنها تمر تجارة الشرق والغرب، كما يوجد بها فنار كبير مرشد للسفن والبواخر العالمية، يعود بناؤها حسب معلومات الأهالي إلى نحو مئتي سنة، والذي أصبح اليوم معرّضاً للسقوط دون أن تقوم الحكومات المتلاحقة بترميمه منذ خروج المستعمر البريطاني، في الوقت الذي تدر فيه هذه الجزيرة عشرات الملايين من الدولارات لخزينة الدولة سنويا، لكنها اليوم أضحت وسكانها يعانون الأمرين، نتيجة غياب الدولة وطمس هويتها الجغرافية، وحرمانها من أبسط المتطلبات والخدمات الضرورية من ماء وكهرباء وصحة، بعد أن كانت محط أنظار العالم بحكم موقعها الاستراتيجي الهام.
الجزيرة على مقربة من جبال مجاورة
الجزيرة على مقربة من جبال مجاورة
* علاقة تكاملية
يعيش في الجزيرة حاليا نحو خمسمائة شخص، وكتيبة من الجيش لحماية الجزيرة ومنع التهريب.
يقول عدد من المواطنين أن هناك علاقة جيدة بين أهالي الجزيرة وبين أفرد الجيش.
وأوضح عدد منهم أن العساكر المتواجدين في الجزيرة دائماً ما يقومون بتزويد المواطنين بالمؤن الغذائية العسكرية ويقتسمونها معهم حال تحصلوا عليها كالفول والزيوت والكدم والأرز وغيرها من المؤن التي تصل إلى الجزيرة.
* افتقار للخدمات
لم تكن جزيرة ميون بمنأى عما تعانيه محافظات ومدن الجنوب من إهمال وتهميش وطمس للهوية، بل إن معاناتها أشد وأنكى، طال جميع جوانبها السياسية والجغرافية والاقتصادية وغيرها.
تضاريس الجزيرة ساعة غروب الشمس
تضاريس الجزيرة ساعة غروب الشمس
وعن هذه المعاناة يقول المواطن أحمد علي سعيد من سكان جزيرة ميون: "نحن نفتقر لأبسط الخدمات فلا صحة، ولا كهرباء ولا ماء" مضيفاً بالقول: " أبناء الجزيرة محرومون من الوظائف الحكومية، وكل أبنائها يعملون في صيد السمك وبيعه في حراج باب المندب بسعر بخس لا يكفي لسد حاجة الفرد" .
ويلفت سعيد إلى: "أنه كان جندي لكنه تم تسريحة في 94م وقد قدم بخصوص ذلك ملف للجنة المكلفة بمعالجة قضايا الجنود المبعدين لمعالجة قضيته وحلها وهو مالم يتم " .
موجهاً في الوقت نفسه رسالة إلى رئيس الجمهورية عبدربه منصور ومحافظ عدن بالنظر إلى الجزيرة والاهتمام بها كبقية مديريات عدن، سيما الاهتمام بالجانب الصحي الذي تفتقره الجزيرة، الأمر الذي يزيد من معاناتهم حال أرادوا إسعاف أحد المرضى إلى المخا بمحافظة تعز أو لعدن وهو ما يعرض الكثير من المرضى إلى الوفاة في حال أن يكون البحر مضطربا وهائجاً ".
زوارق صيادي الجزيرة
زوارق صيادي الجزيرة
* غياب الدولة
بدوره يوضح عاقل جزيرة ميون سامي سعيد محمد فشاع: " أن هذه الجزيرة التي تقع في منطقة استراتيجية وتعتبر جزءا من الممر الدولي ، تتطلب من الدولة الاهتمام بها ورفدها بمشاريع من شأنها أن تعود بفوائد كثيرة على ساكنيها والدولة ".
وعن معاناة الجزيرة يقول محمد: " بعد سنوات من نسيان الجزيرة وسكانها، قام مأمور مديرية المعلا بترميم الوحدة الصحية مع توفير الأدوية اللازمة، لكن هذه الوحدة مازالت تعاني من نقص في الكادر الطبي ، بالإضافة إلى معاناة المواطنين من مشكلة مياه الشرب والتي تتطلب التعجيل بتزويد الجزيرة بمحطة تحلية للمياه " .
ويشير إلى: " أن هناك محطة معتمدة للجزيرة وموجودة حالياً في عدن"، مطالباً السلطات المحلية بإيصالها إلى الجزيرة بعد أعوام من تجاهل وتقاعس الجهات المعنية دون أي مراعاة لظروف الأهالي إضافة إلى ضرورة توفير بوزة (وايت) لتوفير المياه بسبب خلو الجزيرة منها باستثناء بوزة واحدة لا تكفي أفراد الكتيبة".
صيادو الجزيرة في رحلتهم اليومية للصيد
صيادو الجزيرة في رحلتهم اليومية للصيد
* افتقار للخدمات
قائد الجزيرة العقيد صالح ناجي عبدالله، يوضح لـ«الأيام» أن الكتيبة الثالثة وأفرادها يبذلون قصارى جهدهم لتأدية الواجب في هذا الموقع الاستراتيجي، وتأمين الجزيرة بسبب موقعها الهام على مضيق باب المندب، وكذا القيام بمراقبة المهربين وملاحقة كل المندسين الذين يتسللون إلى الجزيرة، حيث يتم القبض عليهم والتحقيق معهم".
وطالب العقيد عبدالله من الجهات المختصة، الاهتمام بهذه الجزيرة التي باتت بحاجة ماسة للخدمات لأساسية: كالماء، والكهرباء، والصحة والمواصلات، لافتاً إلى أن الكتبة تقوم بتغطية كل احتياجات المواطنين من مواصلات وتوفير المياه، في ظل خدمات متبادلة مع المواطنين الذين بدورهم يقومون بعملية المراقبة والإبلاغ عن أي غرباء يحاولون دخول الجزيرة، الأمر الذي مكنا من أداء مهمتنا بشكل مطلوب ".
وطالب العقيد عبدالله، وزارة الدفاع وخفر السواحل بإعطاء أبناء الجزيرة فرص العمل من خلال تجنيدهم في قوات الأمن والجيش.
وقال: "هناك أربعون شاباً من أبناء الجزيرة ممن هم في السن القانوني، موجودون حالياً وهم بحاجة لإلحاقهم بالسلك العسكري، ولديهم من الحنكة والخبرة الكافية في معرفة شؤون البحر ووسائل المراقبة والمتابعة، فضلاً عن كونهم قوة ثابته داخل الجزيرة ومن أبنائها، وطالب العقيد في ختام حديثه الجهات المعنية بسرعة نقل محطة تحلية المياه (الكنداسة) المعتمدة للجزيرة والتي ماتزال في عدن ولم يتم إيصالها رغم الحاجة الماسة لها، لإحلالها بدلاً عن الموجودة حالياً التي انتهى عمرها الافتراضي منذ ثلاثة عشر سنة ".
مراسل الصحيفة في جزيرة ميون
مراسل الصحيفة في جزيرة ميون
* قرار مجحف
بدوره عبرمدير مديرية المعلا ذو يزن سلطان ناجي لـ«الأيام» عن ما تعانيه جزيرة ميون وسكانها من إهمال بالقول: "إن الإهمال وغياب البنية التحتية في هذه الجزيرة تتحملها السلطات المتعاقبة التي حكمتها قبل الوحدة وبعدها، حيث لم تلق هذه الجزيرة حتى الآن أبسط حقوقها من الخدمات الأساسية ".
ويضيف ناجي موضحا بقوله: " قرار مجلس الوزراء الذي صدر بضمها إداريا إلى تعز كان قراراً مجحفا حرمها الكثير من المشاريع حيث أصبحت معلقه بين عدن وتعز، لهذا فإننا نطالب رئيس الجمهورية العدول عن القرار وإعادة الجزيرة إلي وضعها السابق إلى عدن، نزولاً عند رغبة أهالي وسكان الجزيرة".
ولفت ناجي إلى أن السلطة المحلية قامت بتأهيل الوحده الصحية في الجزيرة وتأثيثها بالكامل، وقريبا ستقوم بحل مشكلة المياه وفق توجيهات محافظ المحافظة"، حد وقوله.
واستطرد قائلاً: " لكن ما ستقوم به السلطة المحلية لن يلبي احتياجات الجزيرة، فالجزيرة بحاجة إلى مشاريع خدماتية وبنية تحتية واسعة مثل التعليم والطرقات والكهرباء وغيرها"،واختتم قوله: " لا بد أن تعمل الدولة والحكومة على توفير احتياجات الجزيرة، ويأتي موضوع توظيف أبناءها في مقدمة المطالب، ونحن نسعى حاليا إلى توظيفهم بالتواصل مع الجهات المختصة " .
احد معالم الجزيرة المعرضة للاندثار
احد معالم الجزيرة المعرضة للاندثار
* طمس هوية الجزيرة
بعد تحقيق الوحدة بين شطري اليمن وما تعرضت له الجنوب من محاولة لطمس هويته وإلغاء جغرافيته، صدر قراراً وزارياً بضم جزيرة ميون التي كانت تتبع إداريا مديرية المعلا عدن، وجرى تحويلها إداريا إلى محافظة تعز، وإبقائها انتخابياً ضمن مديرية المعلا في عدن، وهذا ما جعل الأهالي يعانون الأمرّين من التهميش والحرمان بسبب ازدواجية التقسيم الإداري والانتخابي.
وبالرغم مما تملكه جزيرة ميون من موقع إستراتيجي ومن مساحة تبلغ أربعة عشر كيلو متر مربع، إلا أن الإهمال والتهميش مازالا يسطيران عليها بسبب غياب الاستثمار والقضاء على مطارها الحيوي وما لحق بمينائها من تدمير والذي كان في السابق يتم عبره النقل والتحميل.
واليوم لم يتبق من معالم هذه الجزيرة سوى فنارها المرشد للسفن والبواخر العملاقة العالمية، والذي باتت آيلة للسقوط ولم تقم الحكومة بترميمه رغم ما يدره على الدولة من أموال تقدر بملايين الدولارات سنوياً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى