عادات من التراث مهددة بالاندثار.. ختائم مساجد مدينة سيئون

> تقرير/ جمعان دويل:

> تتجلى عظمة شهر رمضان الفضيل في مدينة سيئون في التزاور والإفطار والتكافل الاجتماعي، وتنشط فيه دور الجمعيات الخيرية وتتنافس فيما بينها في فعل الخير تجاه ما تقدمه سواء عبر السلات الرمضانية أو وجبات الإفطار للبيوت المحتاجة أو عبر المساجد المنتشرة في عموم المدينة، وتبلغ ذروة التراحم والتكافل خلال أيام الشهر الفضيل في روحانية أيامه ولياليه.
وفي مدينة سيئون ومنذ زمن قديم وخلال شهر رمضان الكريم تقام ختومات للمساجد، أي يتم فيها ختم القرآن، حيث كانت تنطلق في ليلة الحادي عشرة بمساجد آل السقاف نظرا لقلة عدد المساجد آنذاك ثم تزايد عدد المساجد من خلال توسع المدينة وتقدم موعدها، وأصبحت الختومات تبدأ من الليلة السابعة في رمضان بمسجد جبران بحي الوحدة والعيدروس بحي السحيل حتى وقتنا القريب الحالي مع التوسع العمراني، أصبحت تبدأ من الليلة الخامسة بمسجد المهاجر بحي القرن شمال غربي فندق السلام، وهو من المساجد حديثة التأسيس وتستمر تلك الختومات يوم بعد يوم في الليالي الفردية من الشهر الفضيل الليلة الخامسة والسابعة والتاسعة حتى نهاية الشهر الفضيل بختم مسجد الزاوية.
حيث يشهد المسجد ليلة ختمه أي بمعنى ختم القرآن حضورا كبيرا من الأهالي إلى المسجد لسماع دعاء ختم القرآن إضافة إلى قراءة قصائد و موشحات دينية لأئمة وعلماء حضرموت في جو روحاني مهيب يقوم بأدائها بعض المنشدين ويقام في وقت العصرية بجانب المسجد سوق شعبي فيه من الألعاب والشيكولاته والحلويات من خلال الباعة المتجولين والتي تسمى (بساط) غالبية زبائنه من الأطفال ذكورا وإناثا بعد أن يلبسوا أجمل الثياب و أزهاها وهم منتظرون هذه الليلة في شوق ترى على وجوهم الفرحة وهم يتنقلون بين الباعة المفرشين على الأرض يعرضون بضائعهم للأطفال، والبعض تجده من الأهالي يأتي مصاحبا لأطفاله ليس مقتصرا على أطفال البيوت المجاورة فحسب بل أطفال أقاربهم وأهاليهم الذين يأتون لتناول وجبة الإفطار والعشاء التي تقام في البيوت المجاورة والقريبة للمسجد الذي يحتفل بليلة ختمه وتسمى هذه الوليمة أو العزومة (تفطير) كنوع من صلة الأرحام ومضاعفة الأجر في تفطير الصائم .
وفي الغالبية تجد أكثر من مسجد يحتفل بختمه في ليلة واحدة موزعة على مناطق المدينة على سبيل المثال في السحيل والبلاد والقرن وغير ذلك ونادرا ما تجد مساجد متقاربة تحتفل بختمها في ليلة واحدة.
تلك العادات في الختومات بدأت في وقتنا الحاضر تبرز في عدد من المساجد وتختفي في الأخرى ولكن باللفظ فقط أي يقولون ختم جامع مسجد سميح الذي يصادف ليلة 19 ولكن لا توجد مظاهر احتفالية بالمسجد مثل التي كانت تقام فيه بالماضي بينما جيران المسجد لازالوا يقومون بالعزائم في نفس ليلة ختم المسجد لحفاظهم على عاداتهم القديمة. والسبب في ذلك ظهور عدد من التيارات الدينية منها المتشددة بمحاربة تلك العادات باعتبارها بدعة وخاصة ما يمارس وسط المساجد من الأناشيد المصاحبة للطبول وعلى أساس أنها طريقة صوفية وغير ذلك حسب زعمهم.
ومن أكبر ختومات المساجد في مدينة سيئون هي ختما مسجدي باعلوي بالسحيل ومحمد بن عمر ليلة نصف رمضان ثم يليه ختم مسجد الحبيب علي السقاف بحي الوحدة ليلة 17 رمضان وختم مسجد الرياض ليلة 19 رمضان ثم ختم مسجد طه بن عمر الصافي ليلة 27 رمضان.
وبشكل عام فإن ما يميز تلك الختومات أنها موروث ديني وشعبي اجتماعي قبل أن يكون ذات دلالات أخرى هي التقارب والتآخي والمحبة والفرح والوئام والترابط الأسري من خلال تلك العزائم التي يجتمع غالبية أفراد الأسرة الواحدة والقبيلة الواحدة على مائدة إفطار واحدة وتتزايد الفرحة والبهجة التي ترتسم في وجوه الأطفال الذين يلتقون خلال هذا الشهر الكريم برغم كل ذلك إلا أن العادات والموروث الشعبي اختفى في مدينة سيئون وأبرزه الترازيح للبنات والشابات كل في حارته وهن يرددن الأغاني والأهازيج بصوت جماعي مقابل حفنة من الفلوس أو الشيكولاته وتغمرهن الفرحة والسعادة والسرور إضافة إلى عدد من الألعاب الرياضية التي كان يمارسها الأطفال والشباب كل في حافته، والتي انقرضت نهائيا منها لعبة (السر والسري) و(الكوك أمبيلي) و(الفقوز) و(الغراب صاخي) و(الطيبان) وعدد من الألعاب الأخرى.
وختاما ومن خلال مشاهدتنا للختومات للأعوام الماضية، نجد أن هناك خطر يتهددها بالانقراض نتيجة عادات دخيلة على هذه المناسبة منها اطلاق المفرقعات التي تقلق المواطنين وكذا الحالة الأمنية السائدة بشكل عام، وهو ما يتوجب الوقوف ازاءه بمسئولية للمحافظة على استمرار تراث الأباء والأجداد وعدم ضياعه في غياهب النسيان.
وفي العام المنصرم كان لشباب الحويف والحارات دور كبير في منع الباعة المتجولين من بيع الألعاب النارية التي أصبحت تشكل خطرا في كل من حي البلاد والوحدة والسحيل والقرن وخاصة في ختومات المساجد ذات الشهرة الكبيرة، والتي تتجمع فيها أكبر المجاميع من الأطفال.. ونأمل أن يواصلوا تكاتفهم وتعاونهم لإبعاد الخطر عن الأطفال وأن تكون للأسرة دور فعال في النصح والإرشاد لأطفالهم، إضافة إلى دور خطباء المساجد والإعلام المسموع والمقروء في التوعية والإرشاد والنصح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى