حكاية الوحش الذي اغتال براءة الطفلة شيماء

> قسم التحقيقات / عبدالله مجيد- وليد الحيمدي:

> لم تكن الطفلة المسكينة شيماء شهاب مهيوب ثابت (ماريا) ذات الزهرات الثمان تعلم أنها حين ذهبت لتجلب لجدتها شربه ماء تروي بها ظمأها،أن وحشا بشريا كان يتربص بها لينقض عليها دون أدنى يقظة من ضمير أو وازع من دين.
الجريمة التي هزت المجتمع وأبكت ضمائر الناس، منذ يوم اختطاف الطفلة شيماء من أمام منزل جديها بمنطقة (الحفيرة) بكريتر عدن، مساء يوم الأحد الـ 22 من يونيو الماضي، وحتى يوم اكتشاف جثتها في الـ 27 من يونيو، أظهرت مدى وحشية الجرم الذي ارتكبه ذلك المجرم المتجرد من كل القيم الإنسانية والأخلاقية حين سولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يجر طفلة صغيرة ويغتال براءتها ويستحل جسدها الطاهر بتلك الوحشية القذرة.
شيماء قبل اختطافها
شيماء قبل اختطافها
* حكاية الطفلة شيماء
شيماء من مواليد 7/ 11 / 2006 م،توفيت والدتها حين كانت في الثالثة من عمرها، تبناها جدّاها وتربت في كنف خالتها، في ظل ظروف مادية صعبة.
لم تعش شيماء طفولة مكتفية تتوفر فيها كل احتياجات الأطفال، بل زاد من حرمانها فقدانها لوالدتها وهي في سنتها الثالثة،وتغيب عنها والدها الذي ظل يعيش بعيدا عنها.
كانت طفلة تصحو صباحا تذهب إلى مدرستها حاملة حقيبتها وكراساتها، وتعود لترتاح ثم تخرج لتلعب مع الأطفال. تشير المعلومات الأولية إلى أن شيماء تعرضت لثلاث جرائم جسيمة في وقت واحد،اختطاف واغتصاب وقتل.
وبدأ المجرم باختطافها من أمام منزل عائلتها. وطبقا لروايات محددة، فإن الجاني لحق بالطفلة الصغيرة وحاول إغواءها بالذهاب معه، وحين أبت وخافت، وحاولت الصراخ والاسثغاثة، كانت يد المجرم أسرع في كتم أنفاسها، والإسراع في أخذها إلى منزله،وهناك باشر ارتكاب جريمة اغتصابها بكل وحشية وإجرام، ثم عمد إلى قتلها ونقلها إلى حيث تم العثور عليها في منطقة (البوميس) لإخفاء معالم جريمته، ولكي يخفي ملامح الطفلة ألقى بحجرة لتهشيم رأسها والتنكيل بها في محاولة لمحو ملامحها، ظنا منه أنه بهكذا فعلة بشعة سوف ينتهي كل شيء وتمر جريمته دون أن يكتشفها أحد، متجاوزا بذلك كل القيم الإنسانية والأخلاقية بعد أن سولت له نفسه الأمارة بالسوء ارتكاب أبشع جريمة عرفتها عدن خلال شهر يونيو الماضي.
الجدة : أرسلتها لإحضار ماء فافترسها الوحش تقول جدة الطفلة: “يوم الأحد أرسلت (شيماء) في الساعة الثامنة مساء إلى بيت جارنا لتحضر لنا ماء باردا كما جرت العادة لعدم وجود ثلاجة لدينا، ولم أكن أعلم بأني أرسلتها إلى ذئب بشري ليفترسها وبأنها لن تعود إلينا مرة ثانية لتروي عطشي”.
مدخل المبنى
مدخل المبنى
وتستطرد بألم: “لقد ذهبت وقرعت باب الجار لأخذ الماء، لكن الباب كان مقفلا لعدم وجود صاحبه، وكان هناك من يستمع لطرقات يدها الصغيرة، ويتربص بها دون أن تدري، وبدأ بتنفيذ جريمته البشعة أولا في اختطافها، حاولت الصغيرة الصياح والبكاء”، تقول جارة جدة شيماء: “لقد سمعت صراخا مكتوما، حينها خرجت مسرعة من المنزل لأستطلع الأمر وأتعرف على مصدر الصوت، لكني لم أر شيئا”.
وتواصل جدة شيماء: “مرّت نصف ساعة وشيماء لم تعد، استغربت من تأخرها، إذ إن منزل الجار لم يفصلنا عنه سوى طريق سير لا يتجاوز المتر الواحد، وعندما طال غيابها خرجت أناديها، لكن شيماء لم ترد، لم أكن أتوقع أنها اختطفت وبقيت أنادي باسمها،وعندما تأكد لي بأن طفلتي غير موجودة أخبرت الأسرة وبدأنا نبحث عنها وبدأ الخوف يساورنا، شاركنا في البحث أبناء الحافة وحوافي أخرى من منطقة (البوميس)، واستمر البحث طوال الليل، وفي نفس الليلة توجهنا إلى مركز شرطة كريتر عدن وتقدمنا ببلاغ عن فقدان الطفلة، وكان الجواب في البدء بأن التحريات لا تبدأ إلا بعد مرور 48 ساعة من بلاغ الاختفاء،ثم تراجعوا وبدؤوا في التاسعة صباحا من اليوم التالي بعملهم في عملية البحث عنها والتحري عليها، بدأ بسؤال أطفال (الحافة) واستمر عمل البحث حتى تم العثور عليها مقتولة”.
وتضيف بصوت متهدج من الحزن: “عثر على شيماء جثة هامدة، لقد فجعنا من هول ما سمعناه بعد طول بحث”.
في هذا المبنى تم العثور على جثة شيماء
في هذا المبنى تم العثور على جثة شيماء
* الجريمة تتكشف برائحة فاحت بعد أيام في المنطقة
بدأت تتجلى الجريمة التي هزت مدينة عدن وذلك مساء ليلة الخميس 26 يونيو، عندما عثر عليها أحد المواطنين وهي مقتولة بعد تعرضها للأذى والتمثيل بجسدها.
يقول المواطن أحمد إبراهيم سالم، الذي كان أول من عثر على جثة شيماء، بعد خمسة أيام من اختفائها: “أخبرني الشخص الذي يقع بيته بجوار منزل أخي الذي مازال قيد التأسيس بمنطقة (البوميس) بأن هناك رائحة كريهة تفوح من المكان مصدرها منزل أخي،وهي رائحة أزعجت حتى الجيران”.
ويضيف: “ذهبت مساء الخميس بمعية شخص آخر للمنزل وبدأنا بتفتيش الغرف التي لم يجر تشطيبها بعد، وما أن وصلنا إلى الشرفة الأخيرة حتى صعقنا حين تفاجأنا بوجود جثة لطفلة متحللة، لدرجة أن جلد وشعر الرأس انسلخا عن الجسد وبرز عضم الجمجمة،وديدان كثيرة متنامية تنهش وجهها، والرائحة تعج بالمكان، وكانت هناك بركة دماء والجثة مستلقيةعليها، وكان على الجثة لباس امرأة كبيرة (شلحة) لم نستوعب ما شاهدنا، تركنا الجثة والخوف والرعب مسيطر علينا، وهرعنا للتوجه صوب شيخ الحارة وأخبرناه بما اكتشفناه”.
في هذه الزاوية تم العثور على الجثة متحللة
في هذه الزاوية تم العثور على الجثة متحللة
ويكمل إبراهيم شهادته: “لكن شيخ الحارة رفض التجاوب معنا بذريعة أن الأمر ليس من اختصاصه، ثم توجهنا بعدها إلى مركز شرطة كريتر وأبلغنا عن عثورنا على جثة الطفلة، ثم عدنا إلى موقع الجريمة”.
ويضيف: “في تمام الثالثة بعد منتصف ليل عثورنا على الطفلة، حضر أعضاء البحث الجنائي بعد تلقيهم اتصالا من شرطة كريتر،وقاموا بالتصوير وعمل الإجراءات، ثم أخذوا الجثة للفحص وإيداعها ثلاجة مستشفى الجمهورية”. ويكمل إبراهيم: “إلى اليوم مازالت الآثار في مسرح الجريمة واضحة، رائحة نتنة وآثار دماء؛ لتبقى شاهدة على بشاعة الجريمة التي شهدتها هذه المدينة المعروفة بهدوء وسلمية أهلها، التي هزها ذئب بشري تجرد من إنسانيته”.
* خالتها ربتها منذ أن توفيت والدتها
في بيت متواضع بحافة (الحفيرة) بمنطقة البوميس كريتر عدن، كانت تسكن الطفلة شيماء ذات السنوات الثماني بمعية اثنين من إخوانها مع جدتها وخالتها التي تولت تربيتهم منذ أن توفيت والدتهم قبل خمس سنين.
توجهت «الأيام» إلى الحارة وتحديدا إلى منزل الطفلة شيماء لمعرفة الكثير من تفاصيل الجريمة، وقبل ولوجنا إلى المنزل خرج الأخ الأصغر لشيماء من منزله راكضا ليلعب مع أطفال الحارة ممن هم في سنه، ولكن سرعان ما تبعته جدته طالبة منه العودة إلى المنزل،صارخة في وجهه: “عد إلى المنزل فما زلنا نعاني من فاجعة أختك”.
لقد تسببت الجريمة التي ارتكبت بحق الطفلة شيماء بحالة رعب وخوف للأهالي والأطفال، ليس في منطقة (البوميس) وحسب
وإنما في كل مناطق ومديريات عدن.
والد الطفلة أمام جنازتها
والد الطفلة أمام جنازتها
دخلنا بيت شيماء ووجدنا فيه مجموعة من النسوة يحاولن المواساة والتخفيف عن خالة الطفلة التي تولّت تربيتها منذ وفاة أم شيماء،كانت متكئة بظهرها على الجدار وهي تبكي بحرقة وهي تنظر إلى صورة فوتوغرافية كانت بيدها لشيماء.
بدأنا بالتحدث معها لكن سرعان ما خنقتها العبرة عند ذكرها لاسم شيماء، حاولت تجهش مرة أخرى بالبكاء، لكنها تماسكت بصمت والدموع تنهمر على وجهها.
وبصوت متقطع قالت: “إلى الآن لم أستوعب ما حصل، لقد بحثت عنها منذ فقدانها وأمسيت تلك الليلة حتى الصباح بالبحث عنها، لقد توليت تربيتها مع أخويها منذ وفاة والدتها وعمرها ثلاث سنوات، إلى الآن لم أستوعب ما حصل لطفلتي، ولن يهدأ لي بال حتى آخذ حقي بيدي من هذا المجرم السفاح، لقد رحلت شيماء عن حياتنا بطريقة مأساوية، لتترك قلوبنا مكلومة على رحيلها المفجع”.
وطالبت خالة شيماء “كل الجهات والمؤسسات من محافظة وأمن وقضاء ومنظمات المجتمع المدني بسرعة محاكمة السفاح، وتنفيذ القصاص الشرعي بحقه وصلبه بميدان (الحبيشي) أمام مرأى الجميع ليكون عبرة لغيره”.
* ضبط القاتل والتحقيقات جارية
أفراد البحث والتحري في شرطة كريتر مديرية صيرة، يؤكدون لـ«الأيام» أن قاتل ومغتصب شيماء وقع بقبضة أجهزة الأمن.
حيث كشف مصدر “أن أفراد البحث تمكنوا بعد عملية تحريات مكثفة استمرت أياما من الوصول إلى معرفة الجاني ويدعى (موسى.ر.ع) في العقد الخامس، وهو يعمل في حراج سوق الأسماك بكريتر.
وأكد المصدر قائلا: “الجاني حاليا رهن الحجز في سجن شرطة كريتر، وشهادة الشهود تثبت ارتكابه للجريمة النكراء التي ذهبت ضحيتها طفلة في الثامنة من العمر”.
* جنازة مهيبة تودع جثمان الطفلة الطاهرة شيماء
ووري جثمان الطفلة بمقبرة القطيع بمنطقة كريتر، عصر أمس الأول الجمعة عقب الصلاة عليها في مسجد شمسان بمنطقة (البوميس)، في جنازة تشييع كبيرة شاركت فيها جموع غفيرة،أعقبها تنظيم مسيرة إلى أمام مركز شرطة كريتر حيث يقبع الجاني، مطالبين بتسليمه ليتولى الأهالي محاكمته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى