أبين .. رغم المعاناة والفقر لم تستطع إخفاء الطقوس والتقاليد الشعبية المعتادة في رمضان

> استطلاع / الخضر عبدالله :

> في كل ديار الإسلام التي يتوحد فيها المسلمون في فرحة استقبال الشهر وصومه، وشعائر العبادة وطرق أدائها، ولا يختلفون على مفطرات الصوم ومواعيد الإمساك، وقيام ليلة القدر، ودون اختلاف جوهري بين مذهب وآخر، تكاد النشوة الروحية والفرحة بحلول الشهر تكون اللافتة الأساسية في طقوس وتقاليد استقبال شهر الصوم عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإن اختلفت اختلافا شكليا باختلاف الزمان والمكان.
في هذا الاستطلاع نتعرف على مظاهر استقبال الشهر الكريم في محافظة أبين وامتدادها إلى المناطق المتصلة بها من مديريات جعار، زنجبار، لودر ، مودية، والوضيع.. وهذه أبرز المشاهد.
لم يعد استقبال الشهر الكريم أو توديعه كما كان في سالف العصر بخروج موكب الحاكم وطلقات المدفعية لزف بشرى حلول الضيف بعد أن أمسى الاعلان الرسمي ينفرد بتحديد رؤية هلال الشهر وهلال انقضائه، والخطاب الرسمي وأغاني وأناشيد وسائل الإعلام هي اليوم التي تقوم بالمهمة، فما أن يعُلن حتى يشرع الناس بتبادل التهاني والتبريكات (رمضان كريم ،كل عام وأنت بخير) ، ويبدأ التوجه إلى المسجد لإقامة أول صلاة للتراويح والألسنة تلهج بالترحيب والتسبيح .
المنارة والاسواق الشعبية بالمحافظة
المنارة والاسواق الشعبية بالمحافظة
* امتزاج الماضي بالحاضر
الطقوس والتقاليد الدينية والشعبية في استقبال شهر رمضان في أي بلدة يمنية لا تختلف كثيرا عن طقوس استقباله في منطقة يمنية أخرى، لكن لمحافظة أبين شيء من التفرد. الظرف الاستثنائي الذي تمر به المدينة منذ أشهر حفزنا لرصد مشاهد استقبال شهر الصوم والظروف التي تصاحب صومه وقضاء لياليه.
لم تعد طقوس التقاليد القديمة هي السائدة بجملتها في استقبال شهر الصوم، ولم تستطع الطقوس المعاصرة التي أفرزها خط سير الزمان والاتصال بالحياة الحديثة أن تجتث القديم بحذافيره، لكن امتزجت كثير من العادات والتقاليد القديمة بالتقاليد المعاصرة وتعايشت جنبا إلى جنب معها .
لن نغوص في تفاصيل الشهر ولكن سنتعرف على طقوس العادات والتقاليد الشعبية التي كانت سائدة وما تراجع منها، والتقاليد المعاصرة التي استجدت، ومدى امتزاج هذه الطقوس والتقاليد القديمة بالطقوس المعاصرة دون أن يستطيع أحدهما أن يطغى على الآخر أو يلغيه.
من الاسواق الشعبية في ابين
من الاسواق الشعبية في ابين
* مظاهر فرحة الشهر
تمتزج مظاهر الاستقبال الدينية بالتقاليد والعادات الشعبية في مشاهد تضفي أجواء روحانية.. تتداخل اللوحات، وتتنوع مشاهد استقبال الشهر الكريم ، فمن منظوره الديني رمضان شهر التوبة والغفران وتطهير النفوس والروح والبدن يستقبل بشعائر روحانية بالترحيب والابتهالات، ومن منظور شعبي رمضان شهر البركة والخير والصدقات والتعاطف.
* فرحة الأطفال
فرحة الأطفال أكبر، فهم يتشوقون لحلول الشهر وما يحفل به من جديد ولذيذ الطعام، وما يتبعه من عيد حافل بالملذات والهدايا والكساء الجديد، يتفاخرون بتصميمهم على ترك اللعب والتوجه إلى المسجد لقراءة القرآن وتأدية الصلوات وصلاة التراويح، يزداد إقبالهم على المساجد، والاستعداد لصوم الشهر الفضيل. بعضهم يستعد لانتهاز بركة الشهر الفضيل والغوص مع الغائصين في البيع والشراء.
حركة لا تنتهي إلا باقرب من موعد الفطور
حركة لا تنتهي إلا باقرب من موعد الفطور
* حرص النساء
النساء أكثر حرصا على استقبال شهر الصوم استقبالا يليق بمقامه، يبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيب أماكن السمر، وإعداد المطبخ وترتيب لوازم رمضان، ووضع نظام رمضاني لعمل المنزل، والحرص على ترتيب واستكمال متطلبات الشهر من الأطعمة والمشروبات ووجبات الإفطار والسحور إلى حد المبالغة في الطلبات.
معظم الناس يقضون ليالي رمضان في مسامر متواضعة لتناول القات في قراهم، ولعب الورق ومشاهدة المسلسلات الرمضانية، أما النسوة فقليلا ما يجتمعن للسمر في منازلهن .
* موائد رمضان
بؤس اللحظة الحاضرة رغم قسوتها على معظم أبناء المنطقة من ارتفاع جنوني للأسعار وانهيار أو غياب أهم الخدمات فإنها لم تستطع سلب رمضان روحانيته ونكهته المميزة، مألوف الأكلات والمشروبات المعتادة إلى جانبها تستحدث أكلات ومشروبات جديدة بأسمائها الشعبية، رغم ضعف غالبية نساء الريف في طبخ الواجبات التي كثيراً ما تكثر في رمضان وفق المتاح ، إلا أنها تفتقر إلى كثير من مذاقها ولذتها.
أكلات يكثر طبخها في رمضان خاصة (اللحوح، الشربة، المكرونية، العطرية) يتفاوت إتقان طبخها من منطقة إلى أخرى، بل ومن أسرة والى أخرى، وأكلات لا تعرف سوى في رمضان خاصة بالإفطار (سنبوسة، لبنية، باجية ، مدربش، شفوت).
احد الاسواق الشعبية بالمحافظة
احد الاسواق الشعبية بالمحافظة
* استعدادت الرجال
يشرع الرجال منذ الأسبوع الأخير من شعبان بجلب وتجهيز متطلبات ولوازم شهر رمضان من أطعمة وأشربة وأوان، حيث يستعد رب الأسرة بتوفير المشروبات الرمضانية، وتكثر الاستعدادات بمكوناتها خاصة لدى الميسرين، وتكاد تنعدم لدى المعسرين، وفي مقدمتها بن القهوة وبهاراته (زنجبيل،قرفة، نخوة).
حيث يكثر تناول القهوة لهذا الشهر اعتقادا من الصائمين بأن تناول القهوة ليلاً ومع وجبة السحور يقلل من العطش نهار الصوم.
حتى عقد الثمانينات كانت أبرز الاستعدادات لمائدة رمضان توفير ما يعرف بـ (منيحة لبون) من غنم أو بقرة لتوفير اللبن والسمن والحقين، إذ كانت هذه السوائل أهم ما يستعد به الصائمون، لكنها اليوم توشك أن تختفي بسبب الجفاف ونضوب الآبار الزراعية وارتفاع أسعار الأبقار والأعلاف، والظروف المعيشية التي تزداد بؤسا من عام إلى آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى