جامع جبلة في إب.. 15 عاماً من العبث والطمس والتشويه بذريعة الصيانة والترميم

> تقرير/ نجيب الغرباني

> منذ أكثر من 15 سنة وجامع (جبلة) يتعرض للهدم بحجة الترميم، وخلال سنوات ترميمه وصيانته تم العبث والبطش بمعالمه التاريخية الجذابة والمذهلة، حيث تم محو ما يقارب نصف معالمه تقريباً واستبداله بمعالم جديدة ومزرية وكأنه جامع جديد.
ولم ينحصر العبث على (البركة) الجميلة التي أصبحت تدمر اليوم، بل تعدى الأمر إلى تدمير كلي للقباب المزخرفة حولها، وحذف المخطوطات والنقوشات التي كانت تزخرف جدران حرم الجامع والصرح الخارجي المنحوت بالخط (الكوفي)، واستحداث خربشات إسمنتية بدلا عنها، كما تم إزالة الأعمدة القديمة والقضاض الذي كان يغطي سطح الجامع وتعرض للهدم بمعدات آلية نتيجة صلابته ومتانة سمكه الذي كان يزيد عن 20 سم وتحويله إلى جص مخلوط برملة إسمنتية لا يتعدى سمكه 2سم، ما جعل العيوب تظهر فيه اثناء موسم هطول الأمطار، حيث ينزل الماء إلى البنية ويتسبب بإحداث تسربات وشقوق في أجزاء واسعة وكبيرة من أركانه.
** طمس متعمد وممنهج **
ذلك العبث واكبه أيضاً تدمير كلي للملحقات الأثرية، فالمدارس العلمية التي كانت منارة علمية منذ 900 عام، أصبحت اليوم مشوهة وبعضها آيل للسقوط على الرغم من إتمام عملية ترميمها، مع استبدال (الشرانف) التي كانت تزين واجهة الجامع واستبدالها بغطاء إسمنتي مزر.
ولم تسلم أيضاً الألواح الخشبية الصلبة التي كانت تقي السطوح القديمة، إضافة إلى المساس بالألواح المنقوشة بمخطوطات وآيات قرأنية كانت في غاية الروعة والدهشة، بل زاد الأمر إلى سرقة باب مقام الملكة القديم.
مدينة جبلة التاريخية التي طالتها أيادي العبث والإهمال
مدينة جبلة التاريخية التي طالتها أيادي العبث والإهمال
** تشويه النقوش وحذفها **
يستاء الزوار حيال ما يشاهدونه من جرم وعبث يمس جامع ومعلم تاريخي طوال كل هذه السنوات، وما اقترفته أيدي العابثين من تدمير متعمد لهذه المنشأت التاريخية تحت مبرر الترميم ، إذ دُمرت واجهات الأروقة المطلة على الفناء من ثلاث جهات (الشرق والغرب والجنوب) وجرى إعادة بنائها بتصاميم ومقاييس مخالفة لما كانت عليه وعُرفت به منذ عقود خلت، حيث أصبح مظهر الفناء كما لو كان شيد حديثاً.
هذا العبث نابع عن عدم دراية بخطوات وأسس الترميم القائم على المواصفات العلمية الدقيقة في كل مشروع يمس منشآت وأبنية أثرية، كما أنه ينم عن عدم وجود وعي وحس وطني بأهمية المواقع والمعالم التاريخية، وغياب خطط ودراسات علمية جادة لتفادي أي ضرر قد يشوه آثارنا ونقوشنا التاريخية، حيث لا تستند هذه الدراسات لمعالجات حقيقية عند شروعها بأعمال الصيانة والترميم، وذلك باعتراف وزارة الأوقاف ومكتبها في محافظة إب.
** أعمال ترميم فاشلة **
كل الدراسات أظهرت قصورا كبيرا في أعمال الصيانة وبأيد بعيدة عن التخصص، وتوضح تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتقارير جمعية (أروى للتاريخ والآثار) بمنطقة (جبلة) أن الجامع قد تم ترميمه بطريقة عبثية لا علاقة لها بالتخصصات وبأساسيات الترميم والصيانة للمعالم والآثار، وكثيرا ما تتدخل إدارة مكتب الأوقاف بالمحافظة بصورة مباشره في عملية الترميم، وتتناسى أنها جهة ممولة وليست منفذة.
وما يزال مكتب أوقاف إب يقوم بمحاولات فاشلة بتغطية الأخطاء الفادحة التي أحدثتها أعمال الترميم السابقة، من خلال زيادة ومضاعفة الترميم لإخفاء العيوب، خصوصا في سطوح الجامع وبعض ملحقاته عن طريق بعض المقاولين، بعد أن بانت نتائج الإخفاق بشكل واضح في مستوى الترميمات السابقة.
القباب مدمرة
القباب مدمرة
** تدمير وعبث وسطو **
أعمال الترميم المشوهة تزامنت أيضا مع حالة من السطو والسرقة لما تبقى من المخطوطات النادرة والكتب القديمة التي كانت تعمر المكتبة وتدرّس لطلاب العلم الذين كانوا يأتون ويتوافدون إلى الجامع من جميع محافظات ومدن الجمهورية، إضافة إلى المخطوطات اليدوية التي كانت تقدر بنحو 2000 مخطوطة مكتوبة بخط اليد وبماء الذهب وعلى أوراق جلدية نادرة، وكانت هذه المخطوطات تحفظ في صناديق مزخرفة غير قابلة للتآكل ونخر الدود (الأرضة) لكنها جميعها فقدت وسرقت، خاصة المخطوطات التي كان يكتب عليها (وقف) حتى لا يعرف مكانها.
** خصوصية جامع الملكة **
جامع الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، يعتبر من أهم المعالم الأثرية الإسلامية، ونموذج فريد وأخاذ في فن العمارة الإسلامية في اليمن، وينبغي الحفاظ عليه والعمل على صيانته وترميمه، ليس بمستوى هش وركيك وإنما بمستوى عالي من الدقة والمعاينة المتخصصة وبما يراعي خصوصية شكله الأصلي البديع، الذي بني عليه قبل نحو 900 عام تقريباً، وبحسب إجماع الباحثين في مجال الآثار، أن هذا الجامع أصبح محاط بالخطر.
** نداء واستغاثة **
أهالي مدينة (جبلة) وبمشاركة جمعية (أروى للتاريخ والآثار) طالبوا بمحاسبة من قاموا بتلك الأعمال التي وصفوها بالجريمة، محملين المسؤولية مشرفي الهيئة العامة للحفاظ على المدن القديمة ومديري عام مكتب الأوقاف سابقا وحاليا، ومشرفي ومقاولي وأعضاء اللجان الفنية.
كما إنهم يوجهون نداءهم لكل الجهات المعنية وعلى رأسهم محافظ المحافظة القاضي يحيى الإرياني، الذي تسلم مؤخرا تقارير تفضح مدى حالة العبث الذي مس هذا المعلم، وإهدار نحو 300 مليون ريال دون حسيب أو رقيب، منذ 15 عاما من عملية البدء بمشروع (التدمير) بذريعة (الترميم).تقرير / نجيب الغرباني
منذ أكثر من 15 سنة وجامع (جبلة) يتعرض للهدم بحجة الترميم، وخلال سنوات ترميمه وصيانته تم العبث والبطش بمعالمه التاريخية الجذابة والمذهلة، حيث تم محو ما يقارب نصف معالمه تقريباً واستبداله بمعالم جديدة ومزرية وكأنه جامع جديد.
ولم ينحصر العبث على (البركة) الجميلة التي أصبحت تدمر اليوم، بل تعدى الأمر إلى تدمير كلي للقباب المزخرفة حولها، وحذف المخطوطات والنقوشات التي كانت تزخرف جدران حرم الجامع والصرح الخارجي المنحوت بالخط (الكوفي)، واستحداث خربشات إسمنتية بدلا عنها، كما تم إزالة الأعمدة القديمة والقضاض الذي كان يغطي سطح الجامع وتعرض للهدم بمعدات آلية نتيجة صلابته ومتانة سمكه الذي كان يزيد عن 20 سم وتحويله إلى جص مخلوط برملة إسمنتية لا يتعدى سمكه 2سم، ما جعل العيوب تظهر فيه اثناء موسم هطول الأمطار، حيث ينزل الماء إلى البنية ويتسبب بإحداث تسربات وشقوق في أجزاء واسعة وكبيرة من أركانه.
البركة دمرت تماماً مع أسوارها
البركة دمرت تماماً مع أسوارها
** طمس متعمد وممنهج **
ذلك العبث واكبه أيضاً تدمير كلي للملحقات الأثرية، فالمدارس العلمية التي كانت منارة علمية منذ 900 عام، أصبحت اليوم مشوهة وبعضها آيل للسقوط على الرغم من إتمام عملية ترميمها، مع استبدال (الشرانف) التي كانت تزين واجهة الجامع واستبدالها بغطاء إسمنتي مزر.
ولم تسلم أيضاً الألواح الخشبية الصلبة التي كانت تقي السطوح القديمة، إضافة إلى المساس بالألواح المنقوشة بمخطوطات وآيات قرأنية كانت في غاية الروعة والدهشة، بل زاد الأمر إلى سرقة باب مقام الملكة القديم.
** تشويه النقوش وحذفها **
يستاء الزوار حيال ما يشاهدونه من جرم وعبث يمس جامع ومعلم تاريخي طوال كل هذه السنوات، وما اقترفته أيدي العابثين من تدمير متعمد لهذه المنشأت التاريخية تحت مبرر الترميم ، إذ دُمرت واجهات الأروقة المطلة على الفناء من ثلاث جهات (الشرق والغرب والجنوب) وجرى إعادة بنائها بتصاميم ومقاييس مخالفة لما كانت عليه وعُرفت به منذ عقود خلت، حيث أصبح مظهر الفناء كما لو كان شيد حديثاً.
هذا العبث نابع عن عدم دراية بخطوات وأسس الترميم القائم على المواصفات العلمية الدقيقة في كل مشروع يمس منشآت وأبنية أثرية، كما أنه ينم عن عدم وجود وعي وحس وطني بأهمية المواقع والمعالم التاريخية، وغياب خطط ودراسات علمية جادة لتفادي أي ضرر قد يشوه آثارنا ونقوشنا التاريخية، حيث لا تستند هذه الدراسات لمعالجات حقيقية عند شروعها بأعمال الصيانة والترميم، وذلك باعتراف وزارة الأوقاف ومكتبها في محافظة إب.
** أعمال ترميم فاشلة **
كل الدراسات أظهرت قصورا كبيرا في أعمال الصيانة وبأيد بعيدة عن التخصص، وتوضح تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتقارير جمعية (أروى للتاريخ والآثار) بمنطقة (جبلة) أن الجامع قد تم ترميمه بطريقة عبثية لا علاقة لها بالتخصصات وبأساسيات الترميم والصيانة للمعالم والآثار، وكثيرا ما تتدخل إدارة مكتب الأوقاف بالمحافظة بصورة مباشره في عملية الترميم، وتتناسى أنها جهة ممولة وليست منفذة.
وما يزال مكتب أوقاف إب يقوم بمحاولات فاشلة بتغطية الأخطاء الفادحة التي أحدثتها أعمال الترميم السابقة، من خلال زيادة ومضاعفة الترميم لإخفاء العيوب، خصوصا في سطوح الجامع وبعض ملحقاته عن طريق بعض المقاولين، بعد أن بانت نتائج الإخفاق بشكل واضح في مستوى الترميمات السابقة.
** تدمير وعبث وسطو **
أعمال الترميم المشوهة تزامنت أيضا مع حالة من السطو والسرقة لما تبقى من المخطوطات النادرة والكتب القديمة التي كانت تعمر المكتبة وتدرّس لطلاب العلم الذين كانوا يأتون ويتوافدون إلى الجامع من جميع محافظات ومدن الجمهورية، إضافة إلى المخطوطات اليدوية التي كانت تقدر بنحو 2000 مخطوطة مكتوبة
بخط اليد وبماء الذهب وعلى أوراق جلدية نادرة، وكانت هذه المخطوطات تحفظ في صناديق مزخرفة غير قابلة للتآكل ونخر الدود (الأرضة) لكنها جميعها فقدت وسرقت، خاصة المخطوطات التي كان يكتب عليها (وقف) حتى لا يعرف مكانها.
** خصوصية جامع الملكة **
جامع الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، يعتبر من أهم المعالم الأثرية الإسلامية، ونموذج فريد وأخاذ في فن العمارة الإسلامية في اليمن، وينبغي الحفاظ عليه والعمل على صيانته وترميمه، ليس بمستوى هش وركيك وإنما بمستوى عالي من الدقة والمعاينة المتخصصة وبما يراعي خصوصية شكله الأصلي البديع، الذي بني عليه قبل نحو 900 عام تقريباً، وبحسب إجماع الباحثين في مجال الآثار، أن هذا الجامع أصبح محاط بالخطر.
** نداء واستغاثة **
أهالي مدينة (جبلة) وبمشاركة جمعية (أروى للتاريخ والآثار) طالبوا بمحاسبة من قاموا بتلك الأعمال التي وصفوها بالجريمة، محملين المسؤولية مشرفي الهيئة العامة للحفاظ على المدن القديمة ومديري عام مكتب الأوقاف سابقا وحاليا، ومشرفي ومقاولي وأعضاء اللجان الفنية.
كما إنهم يوجهون نداءهم لكل الجهات المعنية وعلى رأسهم محافظ المحافظة القاضي يحيى الإرياني، الذي تسلم مؤخرا تقارير تفضح مدى حالة العبث الذي مس هذا المعلم، وإهدار نحو 300 مليون ريال دون حسيب أو رقيب، منذ 15 عاما من عملية البدء بمشروع (التدمير) بذريعة (الترميم).
تقرير/ نجيب الغرباني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى