> استطلاع /عنتر الصبيحي:

باتت ظاهرة تسرب الطلاب عن المدارس وعزوفهم عنها، وعدم مواصلتهم للتعليم تتصدر أبرز المشاكل التي يعاني منها أبناء كرش بمحافظة لحج، نتيجة لانتشار عدد من المعوقات التي تحول دون مواصلة التعليم لديهم، كنقص المدارس وبعدها في المنطقة ذات الطبيعة الريفية المترامية الأطراف، وكذا غياب الكفاءة في الكادر التدريسي في كثير من المدارس، وضعف المنهج التدريسي، فضلاً عن الحالة المادية الصعبة التي يعيشونها، كل هذه الأمور جعلت من أبناء كرش الصبيحة يعزفون عن التعليم مرغمين، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى توسع رقعة الجهل والأمية بين أوساط أبناء المنطقة.
هناك عدد من الأسباب شجعت الطلاب على التهرب عن الدراسة والعزوف عنها، وبحسب التربوي علي مقبل فإن أبرز هذه الأسباب التي تؤدي عادة إلى تسرب الطلاب تتمثل في “أركان التعليم كاملة بدءاً بالمعلم، والمنهج المدرسي، وقلة المدارس وعدم توافرها بما يلبي احتياجات الطلاب ويخفف من معاناتهم من قطع المسافات الطويلة” ويضيف: “هناك مدرسة واحدة رغم المساحة الجغرافية الكبيرة التي تغطيها، وهو ما جعل الطلاب يتوافدون إليها من أماكن وقرى بعيدة للتعلم والدراسة، وما ينتج عن ذلك من صعوبة المواصلات”، وتابع مقبل موضحاً جانبا من أسباب تسرب الطلاب عن الدراسة بالقول: “عدم انضباط الإدارة المدرسية يعد أحد الأسباب الرئيسة التي من شأنها أن تؤدي إلى خلق حالة من التذمر لدى المعلمين، كذلك اللامبالاة بالعملية التعليمية وهو ما ينعكس في الأخير بنتائج سلبية على المستوى التعليمي لدى الطالب، فضلاً عن الزواج المبكر، وخلو المدارس من وسائل الترفيه، وكذا السلوكيات غير الحضارية التي تؤدي عادة إلى إجبار الفتيات على ترك دراستهن وعدم مواصلتها، مما نتج جيل غالبيتهم لا يستطيعون القراءة والكتابة، الأمر الذي يجعلهم في مواجهة مباشرة مع العقاب الجسدي والتأنيب والتوبيخ والشتم، وهو ما ولد لديهم حالة اليأس والإحباط من مواصلة الدراسة”.
ويضيف “إن الحالة المادية الصعبة لدى كثير من الأسر أجبرت الكثيرين من الآباء على إخراج أولادهم لعدم تمكنهم من تدريسهم سيما أصحاب المناطق البعيدة من المدارس في المرحلة الجامعية، وكثير منهم من يهتمون بتعليم أبنائهم الذكور ويحرمون الأناث، فضلاً عن الإحباط الذي أصيب به البعض لغياب فرص العمل والحرمان من التوظيف لمن سبقوهم من خريجي الجامعات، كذلك الظروف المادية التي يعاني منها أبناء كرش لاقتصار غالبيتهم على مرتباتهم الشهرية فقط”.
** المستقبل المجهول **
الشاب علي منصور أوضح أن “تهرب الطلاب من المدارس في كرش أصبح ظاهرة منتشرة ومخيفة بين أوساط الطلاب وفي جميع المراحل التعليمية، وهو ما يتوجب الإسراع في وضع الحلول المناسبة لها قبل تفاقممها بشكل أكبر، ويوضح علي “أن السبب الرئيس لهذه المشكلة يتمثل في الواقع المحبط والخوف من المستقبل المجهول نظراً لقساوة الوضع المعاش الذي يكتوي بنيرانه الجميع وفي مقدمتهم المتعلمون وحملة الشهادات الجامعية العليا والذين مر على غالبيتهم ما يزيد عن 14 سنة من عام تخرجهم دون أن يحظوا بأي وظيفة حكومية، هذا الأمر وغيره كالفقر، وسياسة التجهيل،وقلة المدارس وغير الانضباط من المعلمين، وقلة المدارس، كلها أسباب جعلت الطالب يعزف عن التعليم مرغماً”.
** مناهج معقدة وكادر غير كفؤ **
بدوره أعاد المواطن رمزي محمد ردمان - وهو ولي أمر - ظاهرة تسرب الطلاب وعزوفهم عن التعليم ومواصلة الدراسة إلى أسباب عدة منها “المنهج التعليمي الذي بات الطلاب يعانون منه لاحتوائه على مقررات ومواد معقدة لا تراعي قدرات ومدركات الطالب، وكذا الفروقات الفردية بينهم، فضلاً عن قلة الكفاءة في الكادر التدريسي وضعف طرق التدريس لديهم، وغياب هيبة المعلم، وهو ما شجع الطالب على التغيب وغير الانضباط في التدريس، الأمرالذي شجع على انتشار ظاهرة الغش، والاتكالية وعدم الاجتهاد، وكذا غياب الرقابة الأسرية في متابعة أبنائهم في كل المراحل والمجالات، وكذا عدم الاهتمام بالطلاب المتفوقين وتحفيزهم وغياب الأنشطة المدرسية من قبل الإدارات والجهات المسؤولة.. كل هذه الأمور وغيرها خلقت في نفوس الطلاب الشعور باليأس والإحباط والتسرب عن الدراسة والعزوف عنها”.
** سياسة التجهيل **
من جهته اعتر الشاب محرم مقبل سعيد ظاهرة ترب الطلاب من الدراسة “إحدى المشكلات التي أصبح يعاني منها أبناء كرش في السنوات الأخيرة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تفشي ظاهرتي الأمية والبطالة” وأعاد سعيد أسباب انتشارها إلى أمور عدة، تأتي في مقدمتها “سياسة التجهيل المتبعة من قبل الجهات الرسمية، وكذا غياب الرقابة الأسرية، وغياب الوعي لدى الطالب لخطورة ما يقدم عليه، وما له من آثار سلبية على مستقبله القريب، في عالم أضحى العلم أساس الحياة”.
** انتشار العادات السيئة **
الإعلامي نبيل الحربي ولي أمر أوضح “بأن هذه الظاهرة ناتجة عن أمور كثيرة منها ما هو متعلق بأسرة الطالب كالظروف المادية القهرية لأب، وطريقة التوبيخ من قِبل الوالدين والإهانات حال أخفق الطالب في شي ما من أموره التعليمية، وكذا انفصال الوالدين الذي يُعد سبباً رئيساً بهذا الخصوص؛ لما ينتجه من اضطراب الحالة النفسية للطالب” ويضيف الحربي “هنالك أيضاً أسباب متعلقة بالمدرسة كعدم متابعة حالات الهروب من المدرسة، وانشغال إدارات المدارس بقضايا أخرى، وكذا عدم تعزيز الأنشطة المدرسية المفيدة التي من شأنها أن تلبي رغبات وحاجيات الطلاب، كالقيام بالمسابقات والأنشطة ذات الجوائز التحفيزية للطلاب، وخلق روح التنافس وحب التعليم فيما بينهم، وكذا تفعيل دور التوعية المجتمعية بين أوساط الطلاب” ويوضح الحربي في ختام حديثه: “بأن هناك أسباب أخرى متمثلة في انتشار الغش و ضمان النجاح للجميع من قبل الإدارات المدرسية، وكذا تعلق كثير من الطلاب بعادات سيئة مثل التدخين والقات وغيرها من العادات السيئة”.
** التسرب نتيجة الإحباط **
وجدان محمد غالب أحد ضحايا الترب عن الدراسة يوضح “أن أسباب تهربه وعدم إتمامه للمرحلة الثانوية كان ناتج عن التحطم الذي تعرض له أثناء الدراسة، كغياب التفاعل بين الطالب والمدرس أثناء الدراسة، وعدم كفاءة المدرسين، وضعف طريقة تدريسهم وإيصالهم للمعلومة بشكل يستطيع الطالب استيعابها، الأمر الذي خلق في نفوسنا الإحباط والتحطم، ثم العزوف عن الدراسة وتركها بالكامل” .
وقال أعضاء مجلس الآباء: “إن تزايد تسرب طلاب كرش من مدارسهم سوف يؤثر سلبا على المستقبل التعليمي للطالب وثمة أسباب تجعل طلاب كرش يهربون من التعليم، منها المعلم والمنهج وأولياء الأمور في واقع أضحى مليئا بالتغيرات ومعلمين يفتقدون لدورات في أسلوب التعليم، والبعض الآخر مصاب بالأمراض العصبية، بل وتجد منهم من ينقل المشاكل من بيته ويذهب إلى المدرسة ليخلّص مافي نفسه على ظهر الطالب”.
استطلاع /عنتر الصبيحي