منطقة حصن بلعيد بأبين .. نزوح إلى المجهول

> استطلاع / صلاح أبو لحيم:

> ويستمر نزوحهم إلى المجهول.. مئات الأسر غادرت مسقط رأسها ووطنها الذي ولدت وترعرعت فيه، واقتسمت حلو الليالي ومرها وهي تأمل بغد أفضل وأجمل، ولكن ما تخبئه الأقدار كان أعظم من أن يحسب بالحسبان، وأشد وقعا من الحسام علی الروح والجسد.
بين عشية وضحاها وجدوا أنفسهم يتسولون المنظمات الإنسانية والسلطات المحلية بأحور وأبين، ولكنهم جميعا أوصدوا الأبواب، بل حتی منعوا الأهالي من الحديث لأي صحفي، ولكل منهم قصة وغصة، إنهم نازحو منطقة حصن بلعيد الساحلية بأحور الذين نزحوا بسبب ضراوة المعارك بين مسلحي القاعدة وقوات الجيش اليمني طوال ساعات المساء حتی الفجر.
«الأيام» كسرت طوق التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطات المحلية تجاه أهالي منطقة حصن بلعيد الساحلية التي تبعد عن عاصمة المديرية أحور بحوالي 38 كم شرقا.
الأخ عوض أبوبكر امسعادي رئيس لجنة التخطيط والتنمية وممثل أهالي حصن بلعيد وضواحيها بمحلي أحور قال لـ«الأيام»: “نزحت جميع الأسر التي تقطن منطقة حصن بلعيد وضواحيها منذ آلاف السنين من منازلها تاركة خلفها أطالا مهجورةً، لم نكن نتوقع يوما أن يصل الحال بكل سكان حصن بلعيد والقری المجاورة إلی هذا الحال المأساوي حيث نزحت أكثر من مائة أسرة من مناطق الاستيطان البشري التي تقطنها بسبب الاشتباكات بين عناصر من القاعدة وأفراد الكتيبة المرابطة بالقرب من منازلنا، وهي اشتباكات متقطعة أدت إلی خسائر كبيرة في البشر، وكذلك تحطيم دور العبادة والمدارس ومنازل المواطنين وذلك لكثافة نيران القذائف الثقلية التي سقطت علی كل ما هو حي ينبض بالحياة، فأصابوا البشر وهدموا المساجد والمدارس والمنازل، وحتى الشجر لم يسلم، إذ لقي نصيبه من قذائف الجماعات المسلحة وجنود الكتيبة العسكرية التابعة للواء 111 ميكا المرابط بأحور”.
وأضاف امسعادي: “نزحت مئات الأسر نحو شبوة ومدينة أحور التي تبعد بمسافة 38 كم عن منطقة حصن بلعيد والمناطق المجاورة لها، لصعوبة العيش بين قذائف الجماعات المتصارعة التي يدفع ثمنها السكان العزل، وأيضا صعوبة العيش تحت حظر عسكري علی المواطنين يبدأ من السادسة مساءً حتی ساعات النهار الأولی، حيث لا يستطيع الصيادون النزول إلی البحر خاصة بعد وصول القذائف إليهم وتحطيم معداتهم، لذلك فهم لا يستطيعون النزول لممارسة عملهم اليومي في صيد الأسماك الذي يعتبر مصدر دخلهم الوحيد كونهم ليسوا موظفين في السلك الحكومي للدولة”.
واختتم امسعادي حديثه قائلا: “طالبنا كل الجهات المسؤولة من سلطة محلية ومنظمات محلية ودولية عاملة في أحور بتقديم مساعدات إنسانية وصحية، ولكن للأسف الجميع أوصد الأبواب في وجوه مئات الأسر العالقة بين شبوة ومدينة أحور”.
الشيخ عبدربه بلعيد قال لـ«الأيام»: “لقد نزحنا من منازلنا باتجاه مدينة أحور نحن وعائلاتنا بسبب الاشتباكات المتقطعة، وفرض حصار يومي يمتد من الساعة السادسة مساءً حتی ساعات الصباح الأولی، كما حرمنا من نزول البحر والعمل بصيد الأسماك كما كنا وكان أهلنا وأجدادنا وذلك خوفا من قذائف جنود الكتيبة العسكرية التي ترابط بالقرب من منازلنا".
وأضاف بلعيد: “لقد رفضنا قرارت المنطقة الرابعة والسلطة المحلية بأحور التي كانت تنص علی إمداد منطقتنا بكتيبة عسكرية بالقرب من منازلنا، ولكن لم يسمع أحد لصوتنا لا مدير عام أحور ولا قيادة المنطقة الرابعة، ونحن نحملهم تبعات كل ما نعانيه من تشريد ومآس، وهم يعتبرون السبب الرئيسي لذلك، حيث تشردت مئات العائلات التي لم تكن تتوقع يوما ما أن تترك منازلها إلی المجهول”.
وتابع بلعيد “نعيش حالة مأساوية صعبة للغاية حيث إن الجميع رفض التعاون معنا من جانب إنساني ابتداءً من السلطة المحلية التي أدارت لنا ظهرها، وانتهاءً بالمنظمات المحلية والدولية العاملة في أحور التي اتضح أنها منظمات ارتزاق لا غير، وعليه فإننا نناشد كل الجهات المسؤولة بأبين وصنعاء في الإسراع لإنقاذ عشرات الأسر التي تتكبد ويلات العوز والمرض ولم يلتفت إلی حالها أحد، بل إن بعض المسؤولين طلبوا منا عدم الإدلاء بأي تصريح صحفي لأي وسيلة وخاصة «الأيام»، وهو ما اعتبرناه تكميما لأفواهنا وخيانة لتلك الوجوه الشاحبة من العجزة والكهول والأطفال المنتشرين علی طول الشريط الساحلي بين مدينتي أحور بأبين وعرقة بشبوة الذين ينظرون إلی من يغيثهم بعد الله من رجال الخير أو السلطة المحلية أو المنظمات المحلية والدولية التي تقول إنها منظمات إنسانية”.
الشيخ حسين عوض بلعيد قال: “إن أول مطالبنا نقل الكتيبة العسكرية بجنودها وعتادها من منطقتنا كونها ملاصقة لمنازلنا ولم نر خيراً منذ أن وجهت قيادة المنطقة الرابعة والسلطة بأحور بنقلها من اللواء 111 ميكا المرابط بأحور بالقرب من منازلنا، ولقد رفضنا بكل الوسائل قبول تلك الكتيبة أو أي تواجد عسكري بمنطقتنا، والنتيجة ظهرت جلية وذلك بنزوح المئات من العائلات من منازلها إلی أبين وشبوة، وكذلك حرمان الصيادين من ممارسة أعمالهم اليومية بصيد الأسماك بسبب قذائف الكتيبة باتجاه أي حركة في البحر، ولقد فقد الكثير من الصيادين زوارقهم نتيجة لذلك”. وأضاف حسين بلعيد: “نرجو من الجميع سماع صوت العقل والمنطق وإيجاد حلول من شأنها تحقيق مطالب أهالي حصن بلعيد والمناطق المجاورة لها، فمن العيب أن يستمر الخطأ، فنتيجة ذلك ما شاهدناه من نزوح المئات من العائلات، وحرمان الصيادين من ممارسة عملهم مصدر رزقهم الوحيد كونهم غير موظفين مع الحكومة، كذلك هدمت المساجد والمدارس والمنازل والأشجار ولم يبقوا علی شيء حي في هذه المنطقة والمناطق المجاورة لها”.
الأخ عبدالله علي ربيع قال: “لقد تحولت منطقة حصن بلعيد إلی منطقة أشباح وماتت فيها روح الحياة حيث لم تبق قذائف اللواء والجماعات القاعدية علی أي شيء حي.. لقد هدموا الجامع الوحيد بالمنطقة وهو مسجد وجامع تاريخي وهدموا المدارس ومنازل المواطنين، فليس هناك أي شيء يدل علی الحياة.. لقد نزحوا جميعهم إلی شبوة وأحور خوفا من الاشتباكات المتقطعة بين مجهولين وجنود الكتيبة، ويدفع ثمن ذلك الأبرياء من السكان المحليين لحصن بلعيد وضواحيها الذين تكبدوا النزوح بسبب التفكير غير المنطقي وغير السليم للسلطة بأحور وقيادة المنطقة الرابعة تجاه السكان”.
وأضاف ربيع: “نناشد كل الخيرين إنقاذ أرواح مئات العائلات التي تتكبد ويلات النزوح، وأن تسعی إلی تقديم مساعدات إنسانية خاصة بعد أن أغلقت السلطة المحلية والمنظمات المحلية والدولية العاملة بأحور أبوابها في وجوه أولئك العجزة والأطفال المشردين نتيجة سياسات خاطئة وهم اليوم يعانون نتيجة تلك السياسات الخاطئة”.
زرايب الأغنام وخزانات المياه.. غادرتها الحياة
زرايب الأغنام وخزانات المياه.. غادرتها الحياة

بعض منازل المواطنين بالمنطقة
بعض منازل المواطنين بالمنطقة

مواطن يعرض بعض الشظايا التي أصابت منزله
مواطن يعرض بعض الشظايا التي أصابت منزله

استطلاع / صلاح أبو لحيم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى