«الأيام»..تكشف خفايا فشل محادثات اللجنة الرئاسية والحوثي

> صنعاء «الأيام» ذويزن مخشف:

> فشلت محادثات «الفرصة الأخيرة» بين جماعة الحوثي واللجنة الرئاسية الممثلة للدولة أمس الأحد في إتمام اتفاق يؤدي إلى إنهاء مظاهر توتر مسلح وسط احتجاجات عارمة تابعة للحوثيين في أحياء وشوارع العاصمة وعلى مشارفها في وقت عقد الرئيس هادي اجتماع مجلس اللجنة العسكرية والأمنية العليا لبحث تحديات الموقف بعد إعلان الحوثيين رفضهم الاتفاق، الذي في ضوئه كانت تقدم الحكومة الحالية استقالتها ويتم تشكيل حكومة جديدة (تكنوقراط) يتم تسميتها في غضون الشهر القادم بمشاركة الحوثيين أنفسهم.
ورغم قبول الدولة مطالب الحوثيين بإقالة حكومة الوفاق التي خرجت إلى النور في ديسمبر عام 2011 عقب الأزمة السياسية وتعيين لجنة اقتصادية متخصصة لمعالجة الإصلاحات الاقتصادية ومنها قرار رفع أسعار المشتقات النفطية في مقابل فض الحوثيين اعتصاماتهم التي أقاموا لها خياما بمحيط العاصمة منذ الأسبوع الماضي، إلا أن المباحثات اصطدمت برفض نهائي من قبل الجماعة لتوقيع الاتفاق الذي تمخض عن مباحثات استمرت 4 أيام في محافظة صعدة معقل الجماعة شمال البلاد.
** طريق مسدود.. **
وأبلغ «الأيام» مسؤولون حكوميون وقيادات بجماعة أنصار الله الجناح السياسي للجماعة المعروفة باسم (الحوثي) وصول محادثات الجانبين إلى طريق مسدودة أمس بعد جهود مضنية انطلقت فور وصول اللجنة الرئاسية إلى مدينة صعدة مباشرة ولقائها زعيم الجماعة عبدالملك وأعضاء مكتبه السياسي.
وأكد أحد المسؤولين وهو عضو باللجنة الرئاسية لـ«الأيام» صباح أمس الأحد من مطار صعدة أن “تشدد جماعة الحوثي في مطالبها خاصة في ما يتعلق بقرار رفع أسعار المشتقات النفطية تسبب في فشل المحادثات”، مشيرا إلى أنهم (الحوثيين) طالبوا بضرورة إعادة الدعم الحكومي لأسعار الوقود حتى قبل تشكيل الحكومة الجديدة المقررة تأسيسها ضمن الاتفاق في مدة أقصاها 30 يوما.
** انهيار المفاوضات **
وحمل المسؤول - الذي طلب ألا نذكر اسمه كونه غير مخول له التصريح - جماعة الحوثي وقائدها عبدالملك بدر الدين الحوثي “المسؤولية في انهيار المحادثات بصورة تامة تدفع معها بمزيد من تعقيد المشهد وتفاقم الاضطرابات بالعاصمة نتيجة رفضهم غير المبرر توقيع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بالتوافق والإجماع عند الساعة ال 12 ليل السبت”.
وتضمن الاتفاق إقالة حكومة الوفاق وتشكيل حكومة جديدة من شخصيات وكفاءات، بالإضافة إلى تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة تنظر في إجراءات تصحح قرار الحكومة بشأن أسعار المنتجات النفطية. ويشمل الاتفاق أيضا إزالة مخيمات الاعتصام التي أقامها الحوثي عند الوزارات وعند المنافذ البرية الأربعة للعاصمة صنعاء.
وكشف المسؤول تفاصيل فشل المحادثات قائلا: “بعدما توصلنا في ساعة متأخرة لاتفاق يوقع عليه الطرفان صباح الأحد (أمس) عادت جماعة الحوثي وانقلبت على الاتفاق وأبلغتنا أنها ترفض الاتفاق جملة وتفصيلا، وأنها لن توقعه قبل إصدار القيادة السياسية قرارا بإعادة أسعار الوقود لما كانت عليه قبل قرار رفع الدعم”.
وفي 30 يوليو الفائت بيع الوقود بأسعار تصل نسبتها إلى 100 %.
** الانزلاق إلى صراع شعبي **
المصدر ذاته وصف جماعة الحوثي، قائلا إنها “مجموعة لا تكترث ولا تبالي بالأخطار المحدقة باليمن، وما قد تنزلق إليه البلاد من آتون اقتتال وصراع شعبي يصطدم به الشعب مع نفسه”. وأضاف: “يبدو أن الحوثيين مسيرون عبر جهات خارجية وليس لهم حرية اختيار القرار بأنفسهم”.
من جهته أعلن عبدالملك المخلافي المتحدث الرسمي للجنة الرئاسية بأن اللجنة الوطنية “فشلت في توقيع الاتفاق مع جماعة الحوثي بسبب رفض الأخير كل الحلول والمقترحات التي قدمتها اللجنة في مختلف القضايا طيلة الأيام الماضية”.
وقال المخلافي في تصريح لـ«الأيام» مساء أمس: “تفاجأنا في اللحظات الأخيرة بتراجع أنصار الله الحوثيين عن كل الحلول والمقترحات التي تضمنها الاتفاق وبنوده، بما فيه الانخراط في حكومة جديدة.. وشددوا على ضرورة مراجعة قرار رفع دعم الوقود وإعادته لأسعاره السابقة، قبل كل شيء”.
وقال المخلافي في تصريحات لوسائل إعلامية أخرى إن “الحوثي أبلغنا أن جماعته ستستمر باحتجاجاتها للمطالبة بإلغاء قرار زيادة أسعار الوقود، وأنها ستصعد من خطواتها على هذا النحو بالعاصمة صنعاء وبعض المدن”.
وإذ أكد المخلافي لوكالة (رويترز) أن الحوثيين تراجعوا عن كل تفاهماتهم السابقة بما في ذلك الانضمام إلى حكومة جديدة وعرض خفض أسعار المنتجات النفطية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه قوله “يبدو الحوثيون مبيتين للحرب، فقد رفضوا كل المقترحات التي قدمت إليهم، وهو ما أفشل المفاوضات، ويثير مخاوف من اندلاع العنف في العاصمة اليمنية”.
ومساء أمس صرح مصدر برئاسة الجمهورية لـ«الأيام» أن اللجنة الرئاسية التي يقودها نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات ستقدم تقريرا كاملا لما جرى من نقاشات مع الحوثي إلى اجتماع استثنائي يعقد اليوم الإثنين مع رئيس الجمهورية وكبار قيادات الدولة والحكومة والمستشارين، ثم تعلنه اللجنة بعد غد الأربعاء أمام الاجتماع الذي أقر تشكيلها الأسبوع الماضي بالقصر الجمهوري.
وأفاد المصدر الرئاسي أن “الرئيس يدرس التحديات الأمنية التي تفرضها جماعة الحوثي وتحركاتها غير القانونية بعدة بدائل واحتمالات منها إعطاء الجماعة فرصة أخيرة حتى مطلع الأسبوع القادم لإزالة خيام اعتصامهم، وذلك قبل اتخاذ أي إجراء قانوني وشعبي عبرت عنه المسيرات والمهرجانات الضخمة التي شهدتها مختلف مدن البلاد وخاصة العاصمة صنعاء (عصر أمس) والتي أكدت رفضها المطلق لأعمال أي جماعة تستهدف أمن واستقرار الجمهورية وتسعى لإماء رغباتها بالقوة والعنف وتهدد مخرجات الحوار الوطني بهدف نسف التسوية السياسية برمتها”.
بدورها أعلنت جماعة الحوثي موقفها حول فشل توقيع الاتفاق بينها وبين اللجنة الرئاسية التي فوضها الرئيس هادي للجلوس معها، فقال محمد عبدالسلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة لـ«الأيام»: “رفضنا التوقيع لأننا لم نلمس من اللجنة أن لديها صلاحيات كافية تخولها اتخاذ القرار في القضايا التي خرج لها الشعب اليمني وطالب بها وعلى راسها إلغاء قرار الجرعة”.
وأكد عبدالسلام أن “أعضاء اللجنة الرئاسية رفضوا الكثير من البدائل والحلول التي عرضناها لإيجاد صيغة مشتركة تمثل حلا للمطالب الشعبية وتزيل معها المخاوف التي يطرحونها”، مشيرا إلى أن “اللجنة الرئاسية غير مخولة بالنقاش في قضايا تتعلق بإلغاء فوري لقرار رفع الدعم عن أسعار الوقود”.
وقال إن “المحتجين سيستمرون في اعتصامهم واحتجاجهم الشعبي والسلمي حتى تتحقق مطالبهم العادلة والمشروعة وبعدها نعود للتفاوض”.
وفي تطور لاحق أعلن عبدالسلام أن جماعته سترسل موفدا خاصا للرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية هو القيادي علي البخيتي عضو الحوار الوطني عن جماعة أنصار الله لمقابلة الرئيس وتسليمه رؤية متكاملة لحل كافة القضايا محل الخلاف بعدما غادرت اللجنة صعدة من دون تسلمها، رغم الاتفاق المسبق على ذلك لإيصالها للرئيس.
وقال مسؤول عسكري كبير في اللجنة الأمنية والعسكرية العليا لـ«الأيام» إنه “فور انتهاء الاجتماع برئيس الجمهورية اتخذت عددا من الإجراءات منها تعزيز الوحدات العسكرية والأمنية بالعاصمة، وأمرت بنشر لواءين من ألوية الحماية الرئاسية إلى جانب وحدات اللواء الرابع التابع لقوات الاحتياط المرابط ومهمته الحزام الأمني للعاصمة”.
وأوضح المسؤول أنه تم نشر كتيبتين عسكريتين أمس بكافة عتادها وأسلحتها في الوزارات الثلاث التي نصب أنصار الحوثيين جوارها خيام الاعتصام. ورفض إعطاء مزيد من المعلومات.
ويرى محللون سياسيون أن “الحوثي لم يسقط الاتفاق، ولكن أسقط الحلول السلمية التي رغبت في وضعها الدولة لتجنب بحر من الدماء”. وقالوا إن “إعاقة الحوثي لجهود الدولة السلمية هو نسف للتسوية السياسية والمبادرة الخليجية التي جاءت لإنهاء صراع دامٍ ظل لأكثر من عام بين الأطراف السياسية باليمن عام 2011 ”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى