«الأيام»..تنفرد بنشر تقرير فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار (13):نظام صنعاء يقوم بتغذية ثقافة الكراهية وشحن أبناء الشمال بالبغضاء والعداء ضد أبناء الجنوب

> «الأيام»/ قسم التحليل:

> نشرت «الأيام» في الحلقات الماضية تقرير جذور القضية الجنوبية المقدم من فريق القضية الجنوبية إلى مؤتمر الحوار الوطني، وتنشر الآن تقرير الرؤية المقدمة من الحراك السلمي الجنوبي لـ(محتوى القضية الجنوبية) إلى فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني بصنعاء في 25 مايو 2013 م.
** القتل خارج نطاق القانون ضد أبناء الجنوب **
مقدم من فريق الحراك الجنوبي الى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني. تقرير 2013.
** مقدمة **
منذ انتهاء الحرب بين الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) في 7 يوليو 1994 ، يشهد اليمن الجنوبي تصعيداً غير مسبوق في انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني، والتي ترتكب من جانب القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لنظام صنعاء المنتصرة في حرب 1994.
حيث واصلت القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها من المتنفذين و أمراء الحرب في فترة ما بعد (توقف العمليات العسكرية) في 7 يوليو 1994 م استهداف المدنيين الجنوبيين فيما كان يعرف باليمن الجنوبي، وارتكبت انتهاكات في مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني. وتشمل تلك الإنتهاكات، أعمال القتل، وجرائم الاغتيال، والتفجيرات، والقصف للمدن والقرى الجنوبية، وتدمير البنية التحتية، وفرض الحصار والعقاب الجماعي على المدنيين الجنوبيين.
ويغطي هذا التقرير الفترة من 7 يوليو 1994 حتى 11 مارس 2013 . ووثّق 1237 جريمة قتل واغتيال سياسي، بينهم 122 طفلاً، و 55 امرأة، و 19 من الكهول.
وقد شجع صمت المجتمع الدولي نظام الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) على ارتكاب مزيد من الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين الجنوبيين، وبدا هذا واضحاً من خلال استهتاره بأرواح المدنيين الجنوبيين الأبرياء، وخاصة النساء والأطفال منهم، أثناء اقترافه لجرائم القتل.
وقد تصاعدت وتيرة الانتهاكات، خاصة منذ بدء الحراك السلمي الجنوبي في 7 يوليو 2007 م المطالب بالاستقلال واستعادة دولة الجنوب، التي كانت قائمة حتى قيام الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) في عام 1990 م.
** منهج التقرير **
المعلومات الواردة في هذا التقرير استقيناها من مصادر متعددة أبرزها من نشطاء في الحراك السلمي الجنوبي ونشطاء في حقوق الإنسان متواجدين في الجنوب، ومما نشر في الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية، كصحيفة (الطريق) وصحيفة (أخبار اليوم) وموقع (عدن الغد) الإخباري وموقع (المصدر أونلاين) وغير ذلك من الصحف والمواقع المبينة في الجدول المرفق الذي يضم عدد الشهداء والقتلى، وعبر المشاهدات الحية والمقابلات واللقاءات التي أجريت مع أسر الشهداء والمتظاهرين والمصابين.
استند التقرير أيضاً الى التقارير والبيانات الصحفية التي أصدرتها منظمة العفو الدولية، كتقرير (استقرار اليمن مستقبلاً يتطلب خطة عمل لحقوق الإنسان) والتي أكدت على أن السلطات اليمنية تواجه المظاهرات التي تخرج في مدن الجنوب، كعدن، بالقوة المفرطة، وبما يؤدي إلى قتل وجرح المتظاهرين السلميين.
(1)- استفدنا أيضاً من المعلومات التي وفرتها الجهات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني داخل الجنوب حول أعداد الشهداء والقتلى وطريقة قتلهم ونوعية الانتهاكات التي اقترفتها القوات الأمنية والعسكرية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها.
ونتقدم بالشكر الجزيل الى الجهات والأفراد الذين تقدموا بملاحظات حول محتوى التقرير، ونخص بالذكر الحقوقيين والقانونيين والإعلاميين، ونثمن جهود كل من تعاون معنا في إعداد هذا التقرير من خلال تزويدنا بأسماء وصور الشهداء والقتلى، ورصد حالة حقوق الإنسان في الجنوب، ونخص بالذكر القيادي في الحراك الجنوبي محمد حسين المارمي والناشطين الحقوقيين حسين الصديق علي وأحمد جعيم ناصر.
ونود أن نشير إلى أن التقرير ربما لا يغطي كافة عدد الشهداء والقتلى ولكنه يعكس مؤشرا واقعيا لحالة حقوق الإنسان في الجنوب، وهو استمرار لحرب 1994 بوسائل أخرى.
وندعو كل من يرغب في المشاركة والإسهام في إغناء هذا التقرير بإضافة معلومات لم يتطرق لها التقرير، مراسلتنا على البريد الالكتروني: [email protected]
(1) - أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرٍ بعنوان «(استقرار اليمن مستقبلاً يتطلب خطة عمل لحقوق الإنسان)» بتاريخ 28 سبتمبر 2012 ، على أن السلطات اليمنية تواجه المظاهرات التي تخرج في مدن الجنوب، كعدن، بالقوة المفرطة، وبما يؤدي إلى قتل وجرح المتظاهرين السلميين. ودعت منظمة العفو الدولية في هذا التقرير الى وضع حد للقتل غير المشروع، واحترام الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي.
** خلفية **
يقع اليمن الجنوبي في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية في المنطقة الممتدة من باب المندب وخليج عدن غرباً حتى حدود عمان شرقاً ويحده من الشمال الجمهورية العربية اليمنية و المملكة العربية السعودية ومن الجنوب البحر العربي ومن الشرق سلطنة عمان ومن الغرب البحر الأحمر.
وتبلغ مساحة اليمن الجنوبي 337 الف كيلومتر مربع، ويبلغ التعدد السكاني حوالي 4 ملايين نسمة. توجد لدى اليمن الجنوبي عدد من الجزر تنتشر قبالة سواحله على امتداد البحر الأحمر والبحر العربي وأكبر هذه الجزر جزيرة سقطرى والتي تبعد عن الساحل مسافة 150 كيلو متر تقريباً.
نال اليمن الجنوبي استقلاله من بريطانيا في 30 نوفمبر 1967 م، وأسس دولة مدنية حديثة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، وكان لديه مقعد في جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة.
دخلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) في وحدة طوعية سلمية مع الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) في 22 مايو 1990 م لإقامة دولة الجمهورية اليمنية. غير أن نظام (اليمن الشمالي) عرقل اتفاقيات الوحدة ومن ثم إعلن الحرب ضد الجنوب واحتله عسكرياً عقب حرب دموية في 7 يوليو 1994 باعتراف أحد أركان النظام السابقين اللواء علي محسن الاحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع، الذي قال: «لقد قامت الوحدة في 22 مايو وشاءت الأقدار أن يكون علي صالح رئيسا فحكم الشمال بالاستبداد والجنوب بالاستعمار». (كلمة علي محسن الاحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع عبر قناة (سهيل) بمناسبة عيد الأضحى بتاريخ 5 نوفمبر 2011).
في عام 1994 وقفت الهيئة الدولية ومجلس أمنها أمام العدوان الهمجي الذي شنه نظام صنعاء ضد الجنوب وأصدر قراره رقم (924) بتاريخ الأول من يونيو 1994 م، دعا فيه إلى الوقف الفوري لإطلاق النار مذكّرا بأنه لايمكن حل الخلافات السياسية باستخدام القوة، مع الحث على العودة فورا إلى التفاوض السياسي والتوصل إلى حلول سلمية والعمل على إحلال السلم والإستقرار. كما وجّه مجلس الأمن بإيفاد بعثة دولية إلى المنطقة لتقصّ الحقائق وتقديم تقرير عن الحالة. غير أن نظام (ج . ع . ي) تجاهل قرار المؤسسة الدولية وواصل حربه العدوانية وقصف مدن الجنوب وخاصة مدينة عدن ما أوقع الآلاف من الضحايا والإصابات والدمار بين المدنيين. (راجع قرار مجلس الأمن أس/ أر إي أس/ 924 (1994) الذي اتخذه في جلسته 3386 يوم 1 يونيو 1994 بشأن الحالة في الجمهورية اليمنية).
وإزاء هذا الوضع الخطير أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم (931) بتاريخ 29 يونيو 1994 م مؤكدا فيه انزعاجه البالغ لعدم تنفيذ وقف إطلاق النار وداعيا بقوة إلى الوقف الفوري والتام لقصف مدينة عدن والإدانة لعدم اكتراث نظام صنعاء بهذا النداء. كما شجب مجلس الأمن بقوة ما يتعرض له المدنيون من إصابات ودمار نتيجة الهجوم العسكري المستمر على مدينة عدن.
وقد كرر مجلس الأمن الدولي تأكيده إن الخلافات السياسية لايمكن حسمها عن طريق استعمال القوة ودعا إلى استئناف الحوار السياسي بين الطرفين فورا ودون أية شروط مسبقة، كما أقر إبقاء المسألة قيد النظر الفعلي.
وتعهد نظام صنعاء في مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 7 يوليو 1994 م بمواصلة الحوار الوطني. (رسالة الحكومة اليمنية الى الأمين العام للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، بتاريخ 7 يوليو 1994 ، قدمها الدكنور محمد سعيد العطار، القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء).
لكن نظام صنعاء تنكر لتعهده ذاك عقب انتهاء الحرب لصالحه. ووصم قيادة (ج.ي.د.ش) بالخيانة وأصدر أحكاما ضدها ومارس أعمال دولة احتلال، حيث حلّ كافة أجهزة الدولة المدنية والعسكرية وسرّح عشرات الألوف من أعمالهم وقام بنهب المؤسسات العامة وتوزيع أراضي وممتلكات الدولة على قادة جيشه وكبار مسئوليه وأطلق أيدي المتنفذين من أبناء الشمال لنهب وسلب الممتلكات العامة والخاصة والإعتداء على حقوق المواطنين الجنوبيين.
ولّد الوضع المأساوي لدى أبناء الجنوب تراكمات من المشاعر الرافضة للغزو المسلح وسياسات الاحتلال التي يطبقها نظام صنعاء، وقد تجلى ذلك الرفض في مواقف عديدة ومتفرقة قبل أن يأخذ طابعه الشعبي الواسع والمنظم في حركة الاحتجاجات والاعتصامات السلمية التي دشنها أبناء الجنوب في عام 2007 ، مطالبين بحقهم المشروع في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم المستقلة. ومع اكتسابه هذه الصورة المنظمة أضحى الحراك الجنوبي تمدد يوما بعد يوم حتى شمل كافة محافظات الجنوب الست: عدن، لحج، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة.
** الخارطة السياسية لليمن الجنوبي **
الخارطة أدناه توضح الحدود السابقة بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي.
** انتهاك الحق في الحياة **
لا يتورع نظام صنعاء عى أعلى المستويات عن تأكيده على مواصلة انتهاك الحق في الحياة واقترافه لجرائم القتل خارج نطاق القانون، من خلال تنفيذ سياسته المعلنة بتصفية أبناء الجنوب. حيث قام النظام اليمني بتشكيل الهيئات الوطنية للدفاع عن الوحدة اليمنية، والتي تدعو للضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بالثوابت الوطنية والنيل من اليمن ووحدته.
ويقوم نظام صنعاء بزرع الضغائن،وتغذية ثقافة الكراهية، وشحن أبناء الشمال بالبغضاء والعداء ضد أبناء الجنوب على اعتبار أنهم كفرة وخونة ومتآمرين، وينظيم مهرجانات ومسيرات جماهيرية وكرنفالية وندوات سنوية، للاحتفاء بيوم السابع من يوليو 1994 ، باعتبارة يوم النصر الوحدوي ضد قوى الردة والانفصال، والذي تم فيه فرض الوحدة بالقوة والدم وانتهاء حرب صيف 1994 ، تلك الحرب التي اعتمد الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح في خوضها بتحالفه مع قوى الإرهاب والتطرف بقيادة الشيخ عبدالمجيد الزنداني، وعبدالوهاب الانسي، وغيرهم من قيادات حزب الاصلاح المتطرفة، مستنداً إلى الفتوى الدينية التي أفتى بها الدكتور عبدالوهاب الديلمي، وزير العدل اليمني السابق، والتي أحل لليمنيين في الشمال قتال أبناء الجنوب واحتلال أرضهم كأمر أحله الله شرعاً.
وتشن القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها حرباً ضد المدنيين المحميين بموجب القانون الدولي، وظفت فيها الة القمع العسكرية، واستخدمت القوة المفرطة بوجه حركة الاعتصامات السلمية لأبناء الجنوب، وأطلقت النار على المدنيين العُزّل المشاركين في الاحتجاجات السلمية، ونفذت عمليات اجتياح وتوغل في عمق المدن والقرى الجنوبية، بما في ذلك إحتلال أجزاء من المدن، مدعومة بآليات وحشودات عسكرية ضخمة، ويرافق ذلك كله أعمال القصف من قبل الطائرات الحربية لمنازل المواطنين والتجمعات السكانية وجرائم الاغتيال. وقد أدى ذلك إلى مقتل وإصابة المئات من المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ. (تقرير منظمة العفو الدولية 2012 / 010 / MDE 31 بعنوان «النزاع في اليمن: أحلك الأوقات في أبين” في ديسمبر 2012 ، أكدت فيه أن قوات الحكومة اليمنية ارتكبت انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من خلال استخدامها على نحو متزايد الطائرات والمدفعية ضد المناطق السكانية والهجمات العشوائية ومنع الرعاية الطبية التي أسفرت عن وقوع خسائر في أرواح المدنيين).
على الرغم من أن المادة الثالثة من الأحكام الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على أن: “لكل فرد حقا في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه”.
(قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د - 3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948).
كما أوضحت المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن «الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسّفاً».
(قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د - 21) المؤرخ في 16 ديسمبر 1966).
إلا أن القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها واصلت استخدام إمكانياتها العسكرية، بما في ذلك الطائرات الحربية والدبابات والآليات المتطورة في مواجهة المدنيين الجنوبيين. وقد أدى هذا الاستخدام المفرط للقوة، وفي أغلب الظروف التي لم تنشأ فيها أي تهديد لحياة جنودها عن (1237) جريمة قتل وإغتيال، بينها 122 طفلاً، و 55 امرأة، و 19 من الكهول.
من ناحية أخرى، يدعي نظام صنعاء أن الأعمال العسكرية الإجرامية التي يقوم بها، من قتل وجرح المدنيين العزل من شيوخ وأطفال ونساء، وتهجير الآلاف من الأسر من منازلهم قسرا بسبب القصف العشوائي والحصار العسكري على المدن والقرى، تأتي في سياق محاربة الإرهاب.
بتاريخ 18 أكتوبر 2010 ، أكدت المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في اليمن في بيان لها، إن عشرين قرية في محافظة ابين قد تم قصفها بالطيران التابع للجيش اليمني. مشيرة إلى أن القصف الصاروخي سبقه قصف بالمدفعية والدبابات تحت مبرر مكافحة الارهاب. والقرى التي تم قصفها هي (الحميراء - المنجدة - المنياسة - السلامية - امعين - الجوف - عكد - خرف - كورة العسعوس - ساكن الدعناء - أورمة - حبان - حبيل المجنة - الحميمة - قرن امارم - وثعوبة). وذهب ضحية هذا القصف شخص معوق اسمه عبدالله احمد صالح الفطحاني، وجرح ثلاث نساء هن: منى عبدالله احمد وآمنة ناصر أحمد ولم يتعرف على الاسم الثالث، كما جرح أربعة أطفال لم يتعرف على أسمائهم، وخلف القصف أضرارا مادية ونفسية لدى سكان القرى التي تعرضت للقصف.
وأعلنت المنظمة استنكارها للقصف، مطالبة بوقف نزيف الدماء والدمار الذي يلحق بمدن وقرى الجنوب، كما طالبت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والانسانية بالتدخل.
وتهدد قوات الأمن اليمنية الرعاية الصحية في الجنوب بشكل عام ومدينة عدن بشكل خاص، وذلك عن طريق الاعتقال القسري للجرحى والمصابين في المستشفيات، وتبادل النيران مع مسلحين حاولوا منع هذه الاعتقالات، وضرب أفراد الطواقم الطبية.
وأكد الدكتور (ج ح م) الذي يعمل في مستشفى باصهيب العسكري، وجود تعميم أمني على جميع المستشفيات والعيادات الطبية الحكومية بمدينة عدن بعدم استقبال أي قتيل أو مصاب أو جريح له علاقة بحركة الاحتجاجات والاعتصامات السلمية.
وأكد مسؤولون طبيون لـ(هيومن رايتس ووتش) إن كافة مستشفيات عدن تقريباً، فيما عدا مستشفى النقيب، ترفض قبول المرضى الذين قد يسببون حساسية سياسية، مخافة اعتداءات مشابهة من قبل قوات الأمن اليمنية.
(بيان صحفي لهيومن رايتس ووتش بتاريخ 20 أكتوبر 2012).
وقد قتل معظم هؤلاء الجنوبيين سواء من خلال قتل المشاركين في المظاهرات السلمية للحراك الجنوبي، أو جرائم قتل بحق ناشطين ميدانيين، أو خلال قصف للمدن والقرى الجنوبية. ووفقاً للتحقيقات الميدانية وشهود العيان والدلائل الظرفية، فقد استخدمت القوات العسكرية والأمنية اليمنية والمليشيات المسلحة التابعة لها القوة المفرطة، والتي حصدت أرواح ضحايا
مدنيين آمنين، في بيوتهم أو أعمالهم أو أثناء سيرهم في الشوارع، بينهم أطفال، ونساء وشيوخ.
وتمثلت طرق القتل على النحو التالي:
1 - قتل المشاركين العزل في المظاهرات السلمية.
2 - قتل المدنيين داخل منازلهم جراء القصف العشوائي للجيش على المدن والقرى.
3 - قتل المدنيين في النقاط العسكرية.
4 - قتل المعتقلين داخل السجون نتيجة التعذيب.
5 - اغتيال أبناء الجنوب العاملين في السلك المدني والأمني والعسكري.
6 - الدهس بمركبات قوات الأمن.
7 - القتل على أيدي قناصين تابعين لنظام صنعاء.
** انتهاك الحق في حرية الحركة **
أغلق الجيش اليمني في عام 2011 ، الطريق العام (نقطة العلم - زنجبار) الرابط لمحافظة عدن ببقية المحافظات الجنوبية في وجه مستخدميه تحت ذريعة محاربة الإرهاب. حيث منعت حرية تنقل المدنيين بين المناطق، وعدم وصول المشتقات النفطية والمواد الغذائية، وصعوبة إسعاف المرضى مخالفاً بذلك المادة الثالثة عشر من الأحكام الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، نصت على أن: “لكل فرد حق في حرية التنقل».
(قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د - 3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948).
واستبدل الطريق العام بطريق يمر عبر محافظة لحج، طريق (عدن - الحبيلين - يافع - البيضاء - لودر - شبوة) وشكل هذا الطريق معاناة كبيرة للمواطنين وذلك لوعورتها وإرتفاع تعرفة التنقل، وطول المسافة. وقالت صحف محلية إن وعورة الطريق وغياب الوعي الصحي أدى إلى عدة حالات وفاة في الطريق لمواطنين قادمين من أبين إلى عدن للعلاج.
الأخ أحمد بوصالح، كاتب وصحفي، قال: «بسبب إغلاق الطريق العام قررت الإقدام على مغامرة غير محسوبة العواقب اضطررت لركوب البحر للمرة الأولى في حياتي للخروج من مدينة عدن والعودة الى محافظة شبوة، ونحن في عرض البحر مر بالقرب منا قارب صيد يحمل على متنه عددا من النسوة والأطفال والعجزة (كبار السن)، ولم يمر وقت طويل على مرور ذلك القارب بجانبنا فبعد حوالي نصف ساعة وجدنا قاربا معطلا في عرض البحر محملا حتى آخره بأسرة كاملة مكونة من 16 فردا بينهم 7 أطفال و 4 نساء منهن امرأة مسنة.
** تدمير البنية التحتية **
واصلت القوات العسكرية التابعة لنظام صنعاء سياستها في تدمير البنية التحتية في الجنوب. فقد استهدفت الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة خلال المعارك الدائرة في محافظة أبين قصف المؤسسات والمرافق الحكومية والخدماتيه، فضلاً عن المؤسسات التعليمية، وحسب الإحصائيات فقد تجاوزت الـ90 في المائة من مشاريع البنية التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم.
فقد طال هذا القصف مصنع القطن ومصنع الزيوت النباتية بالكود، ومصنع الذخيرة في الحصن، ومركز البحوث الزراعية، ومؤسسات الكهرباء والماء في زنجبار، ومستشفى الرازي ومعهد الأوراس والمعهد الصحي والتقني بجعار، ومعهد الشبيبة بالكود، وكلية التربية بزنجبار، ودور العبادة، ودار الضيافة واستراحة المطلع ودور السينما وبيوت المواطنين، وإحراق المزارع وقتل الماشية.
وتشريد المواطنين ونهب ممتلكاتهم الخاصة.وتدمير مؤسسات الدولة بالعاصمة زنجبار مثل البنوك ومكتب المحافظة وغيرها من المؤسسات المدنية والأمنية كقصف الطرق الحيوية وتدميرها، وخدمات الماء والكهرباء وقطع الاتصالات.
وحسب منظمة اليونيسف فإن نحو تسعين ألف مواطن نزحوا من منازلهم في مدينتي زنجبار وجعار وضواحيهما هرباً من سعير القتال، حيث توزع النازحون بين المدن والمحافظات المجاورة الآمنة.
(في مؤتمر صحفي لمنظمة اليونيسف في صنعاء بتاريخ 26 يوليو 2011 ، أكد جيرت كابيليري ممثل المنظمة أن 90000 شخص نزحوا من أبين إلى عدن و 18000 نازح يعيشون في 57 مدرسة بعدن، وأوضح بأن الوضع في أبين صعب جدا وهناك أسر لا زالت عالقة ويصعب على المنظمات الإنسانية الدخول إلى أبين).
صرح الشيخ حسين ناصر عمير، رئيس منظمة دلتا أبين التنموية، على الحرب الدائرة في أبين، بالقول: «هذه حرب تدميرية لكل المقومات والبنى التحتية لدلتا أبين.. حيث قضت الحرب على كل سبل المعيشة لمواطني دلتا أبين وزعزعت استقرارهم وأمنهم، ويؤسفنا أنه تم تدمير المؤسسات التاريخية التي اشتهرت بها الدلتا كمركز الأبحاث الزراعية بالكود ومحلج القطن بالكود أيضاً.. ويعرف القاصي والداني عن قطن أبين وشهرته في الأسواق العالمية، كما دمرت الحرب المدارس والمستشفيات وكلية التربية بزنجبار وكافة مؤسسات الدولة ومنازل المواطنين، وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها من مقومات الحياة المدنية».
** ضحايا الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب **
تعدّ الألغام سلاحاً لازماً للدفاع بالنسبة للأطراف المتحاربة، إلا أن آثارها ضارة جداً لغير المتورطين في النزاع المسلح وخاصة من الأطفال، ويشكل المدنيون 80 في المئة من ضحايا الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب، ويشكل الأطفال جزءا كبيرا من الضحايا، ويُقدر أن 50 في المائة من الضحايا يموتون في غضون ساعات من وقوع الانفجار، وغير قادرين على الوصول إلى مراكز الرعاية الطبية التي قد تكون على بعد ساعات إذا ما قُصدت على ظهور الجمال أو في شاحنات على طرق وعرة.
وأعربت منظمة اليونيسف عن قلقها البالغ من تزايد عدد الأطفال الذين يسقطون ضحايا للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة. وأكدت منظمة اليونيسف من أنه تم الابلاغ خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من سنة 2012 عن مقتل 13 طفلاً وإصابة 12 طفلاً آخرين جراء الذخائر غير المنفجرة أو الألغام الأرضية في 12 حادثة تم الإبلاغ عنها. (نشرة منظمة اليونسيف بتاريخ 20 أبريل 2012 أكدت فيه على أن الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية تودي بحياة المزيد من الأطفال في اليمن).
وقال جيرت كابيليري، ممثل اليونيسف في اليمن: “إن هذه الارقام مثيرة للقلق البالغ. وإن الخسائر البشرية في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2012 تقترب بسرعة من إجمالي الخسائر لعام 2011 ”، ففي سنة 2011 ، تم الإبلاغ عن مقتل 28 طفلا وإصابة تسعة أطفال آخرين من جراء الذخائر غير المنفجرة أو الألغام الأرضية”.
وأكد مصدر في الهيئة الوطنية اليمنية لنزع الألغام أن انفجار الألغام يتواصل بشكل يومي في مناطق زنجبار، وجعار، وحصن شداد، وباجدار، والمراقد، وملعب نادي حسان في محافظة أبين، ويذهب ضحية هذه الألغام رعاة الأغنام والمواطنين. وسجل مركز الرصد بمنظمة ابن رشد لحقوق الإنسان 90 طفلا ضحية الألغام والقذائف غير المتفجرة من مخلفات الحرب في محافظة أبين لعام 2012..حيث رصدت المنظمة 21 طفلا قتيلا و 14 طفلا مشوها من الألغام والقذائف غير المتفجرة، و 3 أطفال معاقين من صواريخ الطيران والألغام والقذائف و 52 طفلا جريحا بجروح مختلفة تنوعت بين الجروح الخطرة والعميقة والمتوسطة والخفيفة، بالإضافة الى مئات القتلى والجرحى لم يتم التبليغ عنهم.(تقرير منظمة ابن رشد لحقوق الإنسان اليمنية، منظمة مدنية مقرها محافظة أبين الجنوبية الساحلية بتاريخ 5 يناير 2013).
** الإطار القانوني لحماية حقوق الإنسان في الحياة **
يمثل الحق في الحياة أهم حقوق الانسان، فهو الحق الاساسي الذي تقوم عليه بقية الحقوق، وقد كفلت كافة القوانين الدولية والمحلية حق الانسان في الحياة، ومنعت المساس بهذا الحق تحت أي مبرر أو ذريعة. وفيما يلي عرض لأبرز المعايير الدولية والمحلية لحق الانسان في الحياة:
1 - القانون الدولي لحقوق الانسان: تنص معظم المواثيق الدولية لحقوق الانسان صراحة على حق الانسان في الحياة أهمها:
أ- المادة (3) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان: حيث ينص على أن: «لكل فرد حق في الحياة و الحرية وفي الأمان على شخصه».
ب - المادة (6) الفقرة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: حيث تنص على أن:
1 - «الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً».
ج - المادة (6) من اتفاقية حقوق الطفل: حيث تنص على أن:
1 - «تعترف الدول الأطراف بأن لكل طفل حقاً أصيلاً في الحياة.
2 - تكفل الدول الأطراف الى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه».
2 - القانون الدولي الإنساني:
أ- المادة (3) من إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 م، والخاصة بحماية المدنيين في وقت الحرب: حيث تنص على ما يلي: «في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف المتعاقدة، يلتزم كل طرف من أطراف النزاع بأن يطبق كحد أدني الأحكام التالية:
1 - الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة، أو أي معيار مماثل آخر. ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقي محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
(أ) - الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، (ب)أخذ الرهائن، (ج)الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا. وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
2 - يجمع الجرحى والمرضى والغرقى ويعتنى بهم. يجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع. وعلى أطراف النزاع أن تعمل فوق ذلك، عن طريق اتفاقات خاصة، على تنفيذ كل الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقية أو بعضها. وليس في تطبيق الأحكام المتقدمة ما يؤثر على الوضع القانوني لأطراف النزاع».
ب - المادتان 50 و 51 من البروتوكول الإضافي الاول، والملحق بإتفاقيات جنيف لعام 1949 م:
المادة (50) تنص على أن:
1 - «المدني هو أي شخص لا ينتمي إلى فئة من فئات الأشخاص المشار إليها في البنود الأول والثاني والثالث والسادس من الفقرة (أ) من المادة الرابعة من الاتفاقية الثالثة والمادة 43 من هذا اللحق «البروتوكول». وإذا ثار الشك حول ماإذا كان شخص ما مدنياً أم غير مدني فإن ذلك الشخص يعد مدنياً.
2 - يندرج في السكان المدنيين كافة الأشخاص المدنيين.
3 - لا يجرد السكان المدنيون من صفتهم المدنية وجود أفراد بينهم لا يسري عليهم تعريف المدنيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى