السوق الطويل بكريترعدن..عبق من التاريخ طالته يد الإهمال والتخريب

> استطلاع/ وئام نجيب

> تشتهر عدن القديمة (كريتر) بعدد من المميزات والسمات السياحية والمعالم التاريخية والأثرية الضارب جذور بعضها في أعماق التاريخ كالصهاريج، وقلعة صيرة، كما تشتهر بمعالمها الدينية كمسجد أبان والعيدروس وجوهر وغيره، ميزات منحت المدينة عبقا تاريخياً ورصيداً أثرياً لايطمس ولايزول.
وعدن القديمة لم تقتصر شهرتها فيما ذكر وحسب، بل إن لشوارعها وأزقتها الشعبية العريقة نصيب من هذا الرصيد، كما أن كريتر سوق كبيرة يتفرع بحسب حاجة المتسوق وهي أسواق عتيقة منها : الزعفران، البز، الحدادين، البهرة، الاتحاد، وإن كان سوق الطويل الواقع في قلب عدن القديمة يعد أشهر هذه الأسواق، حيث تعود تسميته بهذا الاسم إلى إبان فترة الاستعمار البريطاني، وقد جرى تغيير تسميته بعد الكفاح المسلح إلى شارع الشهداء، إلا أنه بقي محافظاً على اسمه الذي عرف به حتى اليوم بـ(الشارع الطويل).
وبحسب بعض الروايات فإن سوق الطويل، يُعد أطول سوق بمدينة عدن (القديمة)، وهو شارع تجاري تتواجد فيه أهم المحال التجارية.
** مكتبات ومحلات لازالت حاضرة تروي حكاية الزمان والمكان **
يتكون هذا الشارع الذي كان في الماضي عبارة عن (برندات) من ممرين للمشاة، وطريق واحد لعبور السيارات، ونظراً لقدم مباني هذا الشارع فقد ظهرت عليها تأثيرات عوامل التعرية (الملوحة) وغيرها، وتزدحم فيه العديد من المحال التجارية القديمة، ومن أبرز المحلات القديمة التي مازالت باقية في هذا الشارع، وحاضرة في رواية الزمان والمكان، مكتبة (الحاج عبادي) التي أنشأها الحاج عبادي حسن الهاشمي، والتي يعود تاريخ إنشائها إلى أكتوبر 1884 م، وهي أول مكتبة أنشئت في شبه الجزيرة العربية.
وكانت هذه المكتبة تقوم ببيع ونشر الكتب في ذلك الوقت، ويعد كتاب (النهر الفائض في أحكام الفرائض) للشيخ محمد عبدالقادر المكاوي، أول كتاب قامت المكتبة بنشره عام 1886 م، باللغتين العربية والإنجليزية، وكان لهذا الكتاب أهمية كبيرة لكون مدينة عدن كانت قبلة لشعوب متعددة اللغات والثقافات.
ولهذه المكتبة أيضا الكثير من الإصدارات التي شملت مختلف جوانب المعرفة، ومثلت قبلة للمرتادين من المثقفين والأدباء للنهل من معين معلوماتها الغزير، ومن أبرز الشخصيات الدينية والثقافية التي استقبلتهم المكتبة، العالم محمد سالم البيحاني، والشاعر لطفي جعفر أمان، والشاعر محمد عبده غانم،والشاعر محمد سعيد جرادة، وأبو الأحرار محمد محمود الزبيري، وسعيد عوض باوزير ، ومحمد عوض باوزير، وكوكبة من آل لقمان رواد الأدب والثقافة في الوطن.
كما يوجد في هذا الشارع العديد من المحال القديمة، كمطعم (ملك المطبقية) الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1962 م،
إضافة إلى محل حلويات (الهلال) العائد تاريخه إلى 1979 م، وهي من المحلات التي تأسست منذ مراحل قديمة ومازالت تؤدي وظائفها حتى اليوم حاملة معها نكهة التاريخ، وحضارة مدينة مازالت أبرز مكاتبها ومحلاتها تشهد على ذلك.
** سمات تاريخية شوهها الإهمال ومظاهر أثرت على جماله **
على الرغم ما يمتاز به هذا الشارع من سمات تاريخية، إلا أن هناك الكثير من أعمال العبث والتشويه طالته وطالت مبانيه.
إذ تعلو مباني هذا الشارع عدد من البنايات المهجورة المسقوفة من قطع (الزنج) غير المثبتة جيداً، الأمر الذي يشكل خطراً على المارة حال هبت الرياح، وسقطت تلكم الشرائح على رؤوس المتسوقين.
كما أنه لم تسلم الكثير من مباني هذا الشارع من طمس مغزى التراث والهوية التي تميزت به مباني مدينة عدن منذ القدم، وتم إحلال بدلا عنها مبان من الطراز الحديث، فضلاً عن حركة الازدحام الخانق الذي يشهده حاليا شارع السوق القديم، من قبل بسطات الباعة المقعدون على أرصفة الشارع ووسطه، ما شكل أوضاع من الازدحام والصعوبة في مرور وسائل المواصلات والمارة، وكذا تشويه الوجه الحضاري العام للمدينة.
** مواطنات يعبرن عن استيائهن ما حل بهذا السوق من تخريب **
وإزاء ما يتعرض له السوق من تشويه وخراب، ومن طمس لأبرز معالمه من محلات تجارية، قامت «الأيام» باستطلاع آراء بعض النساء ممن صادفتهن أثناء نزولها للسوق.
وكانت المواطنة أمل أحمد أول المتحدثاث، حيث أشارت إلى أن “رغم ما يمتاز به هذا السوق من وفرة بعض المحال التي تعد حيوية ومهمة بالنسبة للمواطنين كمحال الصرافة والحلويات، إلا أنه بات بحاجة ماسة إلى إصلاح، وكذا إلى وجود قوانين صارمة للمحافظة على مظهره ونظافته من أكداس القمامة المنتشر في معظم جنباته بشكل كبير، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة من قبل الجهات المعنية”.
أما المواطنة إيمان ياسين، فقد اعتبرت ما يشهده هذا الشارع (سوق الطويل) في هذه الأيام، يجسد عنواناً للفوضى من قبل بائعي البسطات المنتشرين على طول امتداده، وهم بذلك يتسببون بإحداث اختناق حاد في مسار الحركة المرورية، وكذا ازدحام مستمر للمارة، فضلاً عن عدم الالتزام بالقواعد المرورية”.
المواطنة (أم أحمد) أدلت بدلوها في هذا الموضوع، قائلة: “يُعد هذا الشارع من أشهر وأقدم الأسواق في مدينة عدن، وما يميز هذا الشارع أو السوق عن غيره من الشوارع والأسواق احتضانه لأقدم المحال التجارية، وكذا وفرة محلات الصرافة”، وأضافت مستطردة حديثها قائلة: “مؤخراً تعرض هذا السوق وشارعه للكثير من الإهمال، وضاق طريقه نتيجة انتشار البسطات فيه بكثرة مع انتشار الأوساخ وغيرها من الأمور التي أساءت وشوهت منظره العام”.
الأخت صفاء علي أشارت إلى أن “أهم ما يجذبها إليه في هذا السوق، هو رائحة البخور المنبعثة من المحال الخاصة لبيع أجود أنواع البخور العدني، غير أنها عبرت عن تذمرها من ارتفاع أسعار تلك المحلات”.
وكان للمواطنة (أم عبدالرحمن) رأي آخر، إذ رأت “أن البسطات التي باتت منتشرة في السوق أضفت عليه طابعاً شعبياً خاصا، فضلاً عما توفره من متطلبات رخيصة ترضي جميع الأذواق متى ما قورنت بالمحلات التجارية”.
وعلى الرغم ما حل من طمس لبعض المعالم التاريخية لهذا السوق التاريخي، وحجم التشوهات التي طالت العديد من جوانبه، إلا أنه مازال يتربع أكثر الأسواق شهرة وإقبالاً من قبل المتسوقين في مدينة عدن.
استطلاع/ وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى