تصعيد احتجاجي وتلويح باللجوء إلى القضاء .. نتائج امتحانات الثانوية العامة تطيح بأحلام المتفوقات

> تقرير/ سليم المعمري:

> مخرجات فشل التعليم قنابل وحقول ألغام لم تستثنِ أحدا، بعد أن تناثرت شظاياها وألحقت أضرارا نفسية حلت باستثناءات ترعرعت في بيئة مناهضة للغش وأسر تسهر الليالي الطوال في سبيل تميز أبنائهم وبناتهم على مدار العام و تكابد 12 عاما في سبيل ذلك.
بعد سنوات من التميز جاءت نتائج الثانوية العامة صادمة لأسرة الطالبة فاطمة نبيل وعدد من الأسر الأخرى بعدن وبناتهم اللاتي سلكن طريق التميز والنجاح بين أقرانهن طيلة مشوارهن الدراسي في المدارس الأساسية والمتوسطة والثانوية.
سقطت 10 عامات من المحصلة النهائية بعملية حسابية دقيقة وفق شكاوى طالبات وأولياء أمورهن، جرى احتسابها قسطا من جميع طلبة أحد المراكز الامتحانية بعدن، وقعت فيه أعمال غش ربما لم يكن بذات الفوضى التي رافقت سير العملية الامتحانية في كل مكان.
بعد أيام من إعلان نتائج الامتحانات تداعى عدد من أولياء الأمور وأبناؤهم للبدء بتنفيذ احتجاجات مناهضة لنتائج الامتحانات، وقالوا إنها منحت الفشل (امتياز)، فيما تسببت بظلم أبنائهم المجتهدين.
وتقاطر أمس عدد من الطلاب والطالبات وأولياء أمورهم إلى أمام إدارة التربية بمديرية الشيخ عثمان للتنديد بنتائج مراكز امتحانية جرى فيها خصم 10 درجات شملت جميع الطلاب ولم تستثنِ المتميزين منهم.
تقول الطالبة فاطمة نبيل: “صعقت من نتيجتي التي أعلنتها الوزارة وهي لا تعبر عن درجاتي الحقيقية، وأطالب بفتح ملفاتنا والتحقيق فيها وإذا لم تؤخذ الأمور بجدية سنصعد من الاحتجاجات من أجل مستقبلنا”.
الطالبة فاطمة نبيل في مركز العبادي الامتحاني بالشيخ عثمان أضافت: “لم يحصل أحد على درجة امتياز والمدرسة فيها متفوقات، ومنا من حصل على أوائل الجمهورية للشهادة الأساسية، والآن نتفاجأ أن الطالبات المجتهدات معدلاتهن بالثمانينات، مع أن المركز لم يحدث فيه غش مقارنة بما حدث في المراكز الأخرى من فوضى”.
تواصل حديثها بحرقة وألم: “نطالب وزارة التربية بفتح ملفاتنا والتحقيق فيها، وإذا لم تؤخذ الأمور بجدية سنصعد من الاحتجاجات من أجل مستقبلنا، كنت أتوقع %96 وتفاجأت أن طلبة في مراكز أخرى فاشلون حصلوا على معدلات امتياز وأنا وزميلاتي نعيش حالة نفسية صعبة اليوم بسبب هذا الظلم”.
إلى جوار فاطمة تقف عدد من الطالبات في القسم العلمي الطالبة مريم سالم عبد الله تشير إلى رواية حول قدوم إحدى الطالبات إلى المركز الامتحاني ومعها رقم جلوس مختلف عن أرقام المركز وهي الوحيدة التي جاءت نتيجتها 91 % وتساءلت عن أسباب ذلك، وطالبت مريم الجهات التربوية ووزير التربية والتعليم بفتح ملفات الطالبات المتضررات واسترجاع علاماتهن.
طالبات في نموذجية بلقيس رفعن رسالة موجهة إلى وزير التربية والتعليم ذكرن فيها تعرضهن لظلم في نتائج الامتحانات الوزارية للعام الدراسي 2013 / 2014 م.
وقالت الرسالة: “تم سحب أكثر من 10 درجات من كل طالبة وبكل مادة من نتائجنا بحجة الغش، في حين جرى تسهيل الغش في مدارس ومحافظات أخرى، وملفات إجابات طالبات وطلاب في ثانويات أخرى خرجت إلى البيوت وعادت ظهراً”.
وأضافت الطالبات: “إن هذا القرار غير القانوني سيحطم آمالنا وسوف يتسبب في ضياع مستقبلنا إن لم يعدل، بسبب المعدلات المنقوصة التي قررتموها لنا مع تأكيد رفضنا للغش كما حثنا عليه ديننا.. ونناشدكم الاضطلاع بمسئولياتكم، فأنتم آباء قبل أن تكونوا قيادات، فنحن مظلومات، وبرفع الظلم عنا فإنه من الممكن أن نخدم الوطن ونكن ذخراً له”.
وتساءلت سهير عبد العزيز ولي أمر الطالبة حنين عبد القادر عن الأسباب استهدفت نموذجية بلقيس بالشيخ عثمان، وقالت: “لم تحصل جميع الطالبات على معدلات مرتفعة مقارنة بمدارس غير نموذجية وأعلى درجة في المدرسة لم تتجاوز 84 %، وهذا أمر غير معقول”.
وأضافت: “ملفات ابنتي منذ بداية مشوارها في صدارة المراكز الأولى، نريد أن نعرف ماهي الأسباب التي أدت إلى هذه المأساة، عندما تكون من أوائل الجمهورية في الصف التاسع وتسهر وتجد وتجتهد وإلى جانبك جميع أفراد أسرتك.. يجب أن نعرف لماذا جرى استهداف الطلبة المجتهدين وإحباطهم”.
وطالبت عبر «الأيام» بفتح ملفات الإجابات، وقالت: “سنصعد الأمر حتى نرفع الظلم عن أبنائنا وبناتنا.. كل المدارس وقع فيها غش، وبناتنا عودناهن على الجد والمثابرة ورفض الغش والقيم الغريبة على مجتمعنا، ومع ذلك كان مدراء المدارس الخاصة يجيبون عن أسئلة الطلبة، والطالبات كانت تأتيهن الملفات جاهزة، ألا يستفز هذا الأمر أولياء الأمور والطلبة المجتهدين وأسرهم عندما يمنح الفشل تقدير امتياز ويكافأ المجتهد بالظلم؟!”.
من جهته يتحدث محمد سعيد هاشم - تربوي وولي أمر أحد الطلاب بقوله: “أستغرب من الإشكالية التي حصلت بالنتائج بعد رفعها إلى صنعاء، ومن خلال تقييم التصحيح اتضح أن هناك تمت غربلة بحق الطلاب والطالبات من خلال تغيير النتائج، فمثلاً اللي حصل في اللغة العربية على 80 أعطوه 70 ”.
يواصل التربوي هاشم: “هذه النتائج كارثية تنعكس على مستقبل أبنائنا الطلاب، فبالنسبة لظاهرة الغش لا يتحملها الطالب وإنما الجهات المسؤولة لوجود خرق في نظام الامتحانات”.
وفي الوقت الذي تغيب فيه المعلومات ودور منظمات المجتمع المدني في الرقابة على سير العملية التعليمية والامتحانات تؤكد المحامية نادية صالح السقاف، مستشارة في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولية أمر أحد الطلاب لجوئها إلى رفع دعوة قضائية ضد التربية بشكل عام والمسؤولين بالمراكز الامتحانية.
وقالت السقاف: “بحثنا عن أسباب ماحدث ووجدنا أن عملية التصحيح تمت في عدن بصورة سرية وأن النتائج تغيرت بسبب نقل الملفات إلى صنعاء، وأن تقارير سرية أدت إلى خفض الدرجات على جميع الطلاب وظلم الكثيرين منهم ولحق الظلم بأبنائنا وبناتنا”.
وتابعت: “وقفنا اليوم للتعبير عن تظلمنا من نتائج الامتحانات التي حرمت بناتنا من علاماتهن المستحقة بحجة الغش في المركز الامتحاني على الرغم من أن القائمين على العملية التربوية أدرى بكثير من الحقائق المرتبطة بالامتحانات والتسريب الذي حدث على مستوى الجمهورية”.
وقالت: “تفاجأنا بإلقاء المسؤولية على طالبات مجتهدات وتحميلهن نتائج فوضى وغش يعرفها الجميع في عموم البلد، وكان على الوزارة تحميل اللجان الامتحانية والعاملين والمشرفين المسؤولية الأولى والطلبة الذين تورطوا في الغش، فالنتائج التي أعلنتها الوزارة كارثية بحق ابنتي وبناتنا المجتهدات، ولها انعكاسات على مستقبلهن في الحياة وآثار نفسية ستبقى مرافقة لهن طيلة حياتهن”.
وواصلت حديثها: “الآن نناشد الجميع تغيير النتيجة وكشف الحقيقة وسنلجأ إلى رفع دعوة قضائية ضد التربية بشكل عام والمسؤولين بالمراكز الامتحانية”.
في نتائج الثانوية العامة والشهادة الأساسية لهذا العام 2013 2014 م فشل وتسرب من الامتحانات أكثر من مئة ألف طالب وطالبة، في حين جاء في النتائج المعلنة نسبة نجاح وصلت إلى 83 % وهي نسبة مرتفعة دحضتها حقائق تسريب نماذج أسئلة الامتحانات وأعمال غش واسعة في عموم مراكز الامتحانات.
المؤكد أن نتائج الامتحانات والثانوية العامة تحديدا لا تعبر عن المستويات الحقيقية للطلاب وانهيار التعليم وتحمل في طياتها كل عام مغالطات غير مجدية، في وقت يتطلع الجميع للاعتراف والإقرار بحجم الكارثة التي تتهدد جيل برمته ومستقبل بلد يستهدف الغش قرابة ربع سكانه هم في سن التعليم.
تقرير/ سليم المعمري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى