في ذكرى تأسيس جيش الجنوب.. ولاء شعبي يزداد لوطن كل عام

> تقرير/ عبداللة مجيد الأيام متابعات

> بات الفاتح من سبتمبر من كل عام يوماً له وقعه الخاص في ذاكرة الجنوبيين الذين
يحتفلون خلاله بيوم ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي، والتباهي به كجيش كان يُعد من أكثر جيوش المنطقة تأهيلاً وتدريباً واحترافاً، ساهم بإرساء معادلة الأمن في المنطقة العربية
والإقليمية، الأمر الذي كان يزعج نظام صنعاء الذي جعل من أولوياته تصفية وزعزعة كافة مقومات المؤسسة العسكرية الجنوبية منذ تحقيق الوحدة اليمنية، حتى نجح من تصفيتها بالكامل في أعقاب حرب 1994 م، وفرض سيطرته وهيمنته على الجنوب أرضاً وإنساناً.
في مثل هذا اليوم الأول من سبتمبر من عام1971 م،تم إعلان تأسيس الجيش الجنوبي، خلال فعالية إشهار استضافتها الكلية العسكرية في صلاح الدين بالعاصمة عدن حينها، أي بعد مرور ثلاثة أعوام من جلاء آخر جنود الاستعمار البريطاني لآخر بقعة من الأراضي الجنوبية في الـ 30 من نوفمبر1967 م.
**حكايةجيش**
ازدادت قوة ومكانة الجيش الجنوبي واستمد هيبته العسكرية بعد انضمامه
عام 1981 م لما كان يُعرف بدول (الاتحاد السوفييتي) سابقاً، وكان يعد من الجيوش العربية الأكثر جاهزية وقدرة قتالية في المنطقة.

تألف قوام المؤسسة العسكرية والأمنية بشتى أنواعها وتخصصاتها في دولة الجنوب آنذاك، وفقاً لتقرير فريق القضية الجنوبية المشارك في الحوار الوطني، من 80 إلى 100 ألف ضابط وجندي، بالإضافة إلى قوام 60 ألف فرد من القوات الشعبية الاحتياطية.
كما كان يتألف من 40 لواءً نظامياً، (مشاة وميكانيكي، ودبابات، ومدفعية صواريخ،وقوى جوية، ودفاع جوي، وبحري، وغيرها).
إلى جانب 18 دائرة تابعة لرئاسة الأركان العامة بمختلف أنواعها ومهماتها)منها كليتان عسكريتان تابعتان للشرطة، وكلية الطيران، والمدرسة البحرية، وكل الكليات كانت مجهزة تجهيزاً كاملاً.
وكانت المؤسسة العسكرية الجنوبية تضم ضمن قوامها 12 مدرسة متخصصة للتأهيل المختلف لـ (القوات العامة، القوات البرية)، بينها 16 لواء مشاة، 4 ألوية مشاة ميكانيكي، 3 ألوية مشاة وميكانيكا، 3 ألوية دبابات، 4 كتائب مستقلة، 3 ألوية مدفعية وصواريخ قوات جوية، 8 ألوية جوية ودفاع جوي، إضافة إلى قوات بحرية مؤلفة من 6 ألوية وصواريخ ومدفعية، وإنزال وحراسات وزارة أمن الدولة، حيث بلغ قوام القوة البشرية
لوزارة أمن الدولة من 8 آلاف موظف.
**الأسطول الجنوبي العملاق**
امتلكت القوات البحرية الجنوبية أضخم سفينة إنزال في المنطقة، وهي واحدة من ثلاث سفن أخرى تمتلكها القوات البحرية التابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً، وقد جرى تفكيك معدات هذه السفينة العملاقة بعد حرب1994 م، وبيعت قطعها فيما بعد من قبل نافذين مدعومين من أركان الحكم في الشمال. عُرف عن الجيش الجنوبي امتلاكه قاعدة صيانة للصواريخ، وتُعد هذه القاعدة الوحيدة المتوفرة في المنطقة، وكان موقعها في منطقة (بئر النعامة).

عملت هذه القاعدة منذ تأسيسها على صيانة الصواريخ بكافة أنواعها لصالح(حلف وارسو)، وقد نهبت هذه القاعدة الرئيسية من قبل مشائخ ومتنفذي صنعاء، وشوهدت الكثير
من معداتها وقطعها وهي تنهب بعد اقتحام مدينة عدن في عام 1994 م.
**بداية المؤامرة والتفكيك**
كان يوم الإعلان عن تحقيق الوحدة بين الدولتين (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية( و)الجمهورية العربية اليمنية) في 22 مايو 1990 م، بمثابة بداية التآمر على خلخلة القوة القتالية والميدانية للجيش في الجنوب، وعبر سيناريوهات نقل أقوى ألويته ومعظم وحداته إلى مناطق تخضع لمواقع النفوذ والسيطرة القبلية في اليمن الشمالي، تحديداً في مناطق عمران وذمار.

في الـ 27 من أبريل 1994 م، عمد لواء الفرقة الأولى مدرع (شمالي) بتوجيه نيران مدافعه صوب معسكر اللواء الخامس مدرع (جنوبي) والذي كان يرابط في منطقة )حرف سفيان( بمنطقة عمران، كمؤشر لبدء تنفيذ عملية المؤامرة وتفجير الموقف، أعقبه إثر ذلك فرض حصار عسكري وقبلي شمالي على لواء باصهيب (جنوبي) في منطقة ذمار الذي تم
حصاره وتطويقه بمختلف الوحدات العسكرية الشمالية، وتدمير مقوماته بعد تصاعد الأزمة
السياسية بين شريكي الوحدة، وتملص قيادة صنعاء على كافة الاتفاقيات الهادفة إلى تهدئة الأوضاع السياسية والعسكرية المتأزمة بين الطرفين، غير أن قيادة صنعاء أصرت على فرض الوحدة بقوة السلاح وإزاحة الشريك الأساسي، وعبر الخطاب الشهير الذي أعلنه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، بإعلان الحرب على الجنوب من ميدان السبعين، وذلك في يوم 27 إبريل من عام 1994 م.
وفي أعقاب انتصار الطرف الشمالي في حربه على الجنوب، وسقوط العاصمة الجنوبية عدن في ال 7 من يوليو من ذات العام، بدأت القوات الشمالية المنتصرة ببدء سلسلة أعمال تدميرية للمؤسسة العسكرية الجنوبية، وعبر سلسة من الإجراءات والسياسات الممنهجة، التي أعقبتها عملية إقصاء عشرات الآلاف من الجنود والضباط الجنوبيين وإحالتهم للتقاعد الاجباري، وآخرين جرى تهميشهم ومن تبقى منهم جرى إبقائهم في وظائف ثانوية وهامشية.
**مهزلة المعالجات**
بعد الإطاحة بنظام علي عبدالله صالح، ونتيجة الأخطاء الكارثية التي ارتكبها ومارسها طيلة 17 عاما تقريباً، بدأت اليوم تظهر حلول تهدف إلى محاولة إستعادة ولو جزء من المؤسسات والمعسكرات الجنوبية التي جرى القضاء عليها وتسريح جميع منتسبيها.
وفي سبيل ذلك وضعت عدد من الحلول الترقيعية لحل هذه الأزمة الشائكة والمعقدة، ولجأت القيادة السياسية الراهنة بإشراف الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي إلى إصدار عدداً من القرارات واللجان بغية الوصول إلى صيغة حلول ومعالجات تضمن إعادة الآلاف من العسكريين والأمنيين الجنوبيين إلى مواقع أعمالهم السابقة ودون تسويف أو مماطلة.

قرارات أعادت لبعض الموقفين من العسكريين والأمنيين بصيص من أمل، إلا أنها سرعان ما خفت وتحطمت على صخرة التنفيذ، حيث لم ينفذ منها سوى جزء بسيط منها، وعبر دفع بعض التعويضات التي لا تكاد تذكر، وذلك في إطار الوصول إلى حل جذري لإغلاق ملف قضية المبعدين من العسكريين والأمنيين الذين بلغ عددهم بحسب اللجنة الرئاسية المعنية بمعالجتها عام 2013 م وفق الإحصائية ب 57 ألف، وإن كان عدد المبعدين العسكرين وفق بعض الإحصائيات تزيد عن مائة وخمسين ألف ملف، ومع هذا يبقى الاحتفال بذكرى يوم تأسيس الجيش الجنوبي أهم المناسبات مفخرة لدى شعب الجنوب، وهو ما يضع السؤال يتكرر كل يوم، هل سيظل هذا اليوم مجرد ذكرى لزمن تليد، أم
أن الأمر سيعود إلى حقيقة عما قريب ؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى