عمالة الأطفال.. ظاهرة سببها الفقر والعرف القبلي

> تقرير / وليد الحيمدي

> عمالة الأطفال ظاهرة تفشت في اليمن منذ سنوات، ورجح الاقتصاديون والباحثون في مجال علم الاجتماع بعد
بحوث طويلة ومسح استبياني في عموم اليمن أن السبب الرئيسي في عمالة الأطفال هو الفقر والتفكك الأسري والعرف القبلي
عند كثير من الآباء الذي يظن بأن ابنه إذا عمل واشتغل بعمل ما أفضل من التحصيل العلمي.
وقد بلغت هذه الأسباب مرحلة صعبة في اليمن، فقد وصلت إلى منعطف خطير لمنحنى الفقر، لذلك اتجه الأطفال للعمل لتوفير لقمة العيش له أو لغيره من أراد الأسرة.. ويلعب التفكك الأسري دورا كبيرا في تشرد الطفل مما يخلق حالة نفسية
سيئة تجعل منه منحرفا في سجل الجريمة أو ضحية للتحرش الجنسي في بيئة العمل أو في الشارع.
هناك حملات لمناقشة ومناصرة قضايا انتهاكات حقوق الأطفال، والتي هي رسالة من الأطفال المحرومين من حقوقهم لمساعدتهم في إعادة حقوقهم من خلال مناصرة قضاياهم و المشاركة الفعالة عبر المساعدة في نشر وتعميم الحملة في جميع مديريات محافظة عدن.
**اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال **
في 12 يونيو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، لدعم الأطفال وتوصيل رسالتهم إلى
الجهات والمنظمات الحقوقية المسؤولة عن هذا الأمر لحمايتهم من مختلف أشكال العنف والقضاء على عمالة الأطفال بأشكالها.
**كرت أحمر**
“أنقذوا طفولتي” عنوان الحملة التي انطلقت ضد عمالة الأطفال من مركز العائلة بدار سعد بعدن، تحت شعار
(كرت أحمر)ضد أي شخص يفكر في استغلال الأطفال للعمل دون سن ال 12 .
الحملة تعد مشروع شراكة مع جمعية الخدمات الاجتماعية ومركز العائلة افتتح في بداية شهر فبراير 2014 ويستهدف
800 طفل و 800 ولي أمر، حيث يعمل المشروع على تحسين السلوك وتنمية المستهدفين و إظهار قدراتهم.. ومركز العائلة من
أهم المساهمين في الحملة.
**لا تسرقوا مستقبل الأطفال**
ستعمم هذه الحملة في جميع مديريات محافظة عدن بهدف توعية الأهالي بأضرار عمالة الأطفال، وأن عمالة الأطفال تسرق مستقبلهم وتنتهك كرامتهم، حيث تم في الفعالية تنظيم ماراثون بتاريخ 18 - 8-2014 وتبعه مؤتمر صحفي بعد أيام
قليلة، واختتم بندوة علمية تشارك فيها كل المنظمات الخاصة التابعة للأمم المتحدة في نقاش موسع. ماراثون من أجل الطفولة وتمت أولى فعاليات الحملة في الجامعة اللبنانية الدولية - عدن وبمساعدة مدير الجامعة اللبنانية الأستاذ معمر رضوان طقطق ومسئول الأنشطة الأستاذ سالم الوادي، وتم النزول إلى الجامعة لتعريف الطلاب بالحملة وتوعيتهم وتعريفهم
بأخطارها، حيث تم توزيع كروت حمراء لرفعها ضد عمالة الأطفال.
وتم اللقاء مع مبادرات شبابية وهي ألوان وعزيمة شباب تعمل حاليا دورات وورش عمل لدعوتهم للمشاركة معنا في خلق مبادرات إبداعية تخدم الفئة المستهدفة، وتم اللقاء مع الطلاب الملتحقين بالدورات وتعريفهم عن الحملة وتوعيتهم بمخاطر هذه المشكلة وعمل حلقات نقاش صغيرة عن الأسباب والحلول. وبالتعاون مع إدارة مجمع عدن مول السياحي تم النزول يومي 3 و 10 يوليو2014 وتعريف زوار المجمع عن الحملة وتوعيتهم وتوزيع منشورات فيها نبذة تعريفية عن الحملة، وكيف
يمكنهم تقديم مشاركة لرفع صوت الأطفال المنتهكة حقوقهم.
وتم عرض فلاش الحملة الرسمي للتعريف عنها وتوصيل صوت الأطفال للجميع في شاشات شركة كوكولا في خورمكسر وشركة Adser المتواجدة في مجمع عدن مول، وجاء ذلك بتنظيم مركز العائلة.
وتم تنظيم فعاليات عديدة في شهر رمضان المبارك في العديد من الأماكن أهمها مناطق الفئات المستهدفة في دار سعد و الممدارة و الدرين وأماكن أخرى ومعاهد ومقرات لمبادرات شبابية في محافظة عدن، هدفت الفعاليات إلى التركيز على جميع طبقات المجتمع بعدن وألا يقتصر على فئة محددة وإنما يشمل جميع طبقات المجتمع ليحصل التغيير في المجتمع بأكمله.
**معضلات خطيرة**
وتعد عمالة الأطفال من المعضلات الخطيرة التي تقف كل دول العالم ومنها اليمن ضدها، حيث تبذل اليمن جهودا وإن كانت بطيئة تشكر عليها لمكافحة هذه الظاهرة، فإجمالي عدد الأطفال العاملين فيها يصل لنحو 1,600,000 طفل ما بين الخامسة والسابعة عشر عاماً من إجمالي عدد الأطفال الذين يقدر تعدادهم بنحو 7,000,000 طفل وفقاً للمسح الوطني الأول الذي قامت به وزارة الشئون الاجتماعية والعمل عام 2013 م، حيث يمارسون أعمالاً لا تتناسب مع أعمارهم مما يعرض صحتهم وسلامتهم
للخطر والاستقلال.
في ظل وجود القوانين والرقابة إلا أن احتياجاتهم جعلتهم يجوبون الشوارع دون السن القانونية يبحثون عما يسد جوعهم ورمقهم.
أكدت منى سالم - مدير إدارة المرأة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل عدن أن عمالة الأطفال بلغت أكثر من مليون وأربعمائة ألف طفل على مستوى الجمهورية ما عدا صعدة التي تبلغ نسبة للفئة العمرية للأطفال دون السابعة عشرة وأن هذا الرقم قابل للزيادة بالنتائج النهائية الرسمية التي ستعلن خلال الفترة المقبلة.
**القبلية أسهمت في انتشارالظاهرة**
وقالت سالم: “إن مشكلتنا هي صعوبة تنفيذ القوانين بالرغم من كل الاتفاقيات التي تمت المصادقة عليها وكل التعديلات القانونية التي توائم الاتفاقيات، ومع أنه توجد لدينا آليات لحماية هؤلاء الأطفال إلا أن القطاع غير المنظم يأخذ الطفل في أي عمر ليتم تشغيله في أي عمل ولساعات طويلة مما ساعد في تفشي هذه الظاهرة”.
وأضافت سالم: “لو أردنا حلا لمشاكل عمالة الأطفال فلا بد أن نعرف الأسباب العالقة وراء هذه الظاهرة كالفقر
والمشاكل التعليمية والصحية وتدني مستوى الوعي والمشاكل الاجتماعية بشكل عام التي تعتبر أسباب رئيسية”.
وأوضحت سالم أن “تنقل الأطفال من الريف إلى المدينة ووجودهم في اللوكندات أو الشوارع يعرضهم إلى أشكال العنف
المخيفة كالتحرشات الجنسية وبيع الخمور وما شابه ذلك، والتي تجعل الطفل يعف عن الإفصاح لكي لا تكون وصمة عار عليه ما ينعكس سلبياً على نفسيته وبالتالي انعكاس ذلك على تصرفاته مع الآخرين من خلال الجريمة، ولذلك فإننا نعمل على رفع الوعي لدى الطفل والأسرة والمجتمع بكل عام أكثر من القوانين.
**أزمات اليمن**
يعاني اليمن من أزمات سياسية واجتماعية كثيرة ومتنوعة عنف قبلي وعمل الطفل هوفي سن صغير يعد رجولة، لعل أبرزها أزمة عمالة الأطفال، إذ أن الاحصائيات غير الرسمية تشير الى وجود نحو 30 ألف طفل في شوارع المدن اليمنية،
العدد الأكبر منهم يعمل في بيع البضائع الرخيصة بحثا عن لقمة العيش. يجوب آلاف الأطفال أزقة العاصمة اليمنية صنعاء يوميا لبيع البضائع الرخيصة مقابل مردود يومي لا يتجاوز دولارا أمريكيا واحدا، وغالباً ما يكون ذلك الدولار، المعجون بألم الطفولة الضائعة، من نصيب الأهل.
الأستاذة منى منصور أهم الأسباب الفقر والجوع والتفكك وقلة الدخل المواطن لهؤلاء الاطفال أسماء، ولكن لا أحد يعرفها، لهم عائلات، ولكن ما نفع الحسب والنسب حينما يقول الفقر كلمته. وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة لإعداد أطفال الشوارع في اليمن، إلا أن المشهد يشير إلى أرقام مخيفة. هم أطفال فقدوا الطفولة ولا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا في
بلد يعيش غالبية سكانه عند عتبة الفقر، فيما لا ينتهي قادته من تصفية حساباتهم السياسية. وصدقت الحكمة اليمانية
القائلة: “إذا اتفق القادة على الشعب أكلوه، وإذا اختلفوا قتلوه”.
في عام 2010 توصلت الباحثة منى علي منصور أستاذة عالم الاجتماع في رسالة الماجستير لها والتي نقاشتها في كلية الادآب جامعة عدن وجاء في مجمل الرسالة “أن معظم أفراد العينة ( 80.5 %) هم الأطفال الأكبر سنا حيث تقع أعمارهم بين
( 12 - 14 ) سنة.
إن الغالبية العظمى(96.5 % % ) من أفراد العينة هم من الذكور و إن الغالبية الساحقة من أفراد العينة هم أطفال الريف المهاجرين إلى مدينة عدن، حيث نجد أن نسبة الذين ولِدوا في الريف شكلَت ( 84 % ( مقابل ( 16 %) ممن ولِدوا في الحضر ، وفيما إذا كان أفراد العينة مهاجرون اتضح وجود نسبة
كبيرة من الأطفال المهاجرون من الريف إلى مدينة عدن وصلت إلى ( 51.5 %).
إن معظم الأطفال العاملين ينتمون إلى أسر كبيرة الحجم ، حيث إن ( 92.5 % ) يتراوح حجم أسرهم ما بين 5 – 10 أفراد، ويبلغ متوسط عدد أفراد الأسرة في العينة الكلية حوالي 7 أفراد . . تدني الدخل الشهري لأسر الأطفال العاملين وعدم كفايته لتلبية احتياجاتها اليومية، حيث تبين أن معظم أفراد العينة( % 92.5 ) تعيش أسرهم على دخل شهري يتراوح
بين 10 - 19 ألف ريالاً .
إن الفقر وتدهور الوضع الاقتصادي يجعل الأسرة تلجأ إلى أكثر من مصدر لزيادة دخلها . إلا إن المصدر الأساسي للدخل هو الأجر الذي يحصل عليه الوالد وذلك بنسبة( 69 % ) وجاء في الترتيب الثاني اعتماد الأسرة على أجر الطفل
العامل ( المبحوث) وأطفال آخرين داخل الأسرة وذلك بنسبة( 31 % ).
ناقشت الرسالة تفاصيل دقيقة وأسباب كثيرة لكن تؤكد الباحثة منى على أن المعلومات التي توصلت لها المذكور في بداية الرسالة أسهمت إلى حد بعيد في زيادة ظاهرة عمالة الأطفال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى