كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
هل أصبحنا اليوم في حالة بين النوم واليقظة أم مثل الذي يمشي وهو مربوط العينين؟.. وكأننا لا نرى أو أننا لا نريد أن نرى كيف أصبحنا.. وكيف ساءت حالتنا المعيشية نتيجة البطالة وضحايا القرارات الخاطئة الذين يعانون كثيراً من سياسة (خليك في البيت).. ومخرجات المدارس الثانوية والجامعات إلى الشوارع.. والسياسة الظالمة في طرد الموظفين من أعمالهم تحت مسمى جديد (المعاش المبكر) أو (العمالة الفائضة) تحت ذريعة واهية وهي (إعادة تأهيلها).. وكأننا لا نعرف أن إعادة تأهيل العمالة الفائضة يتطلب إعادة استيعابها بالضرورة وتوظيفها من جديد بعد تأهيلها بما يتناسب وتلبية حاجة المجتمع والوطن.. الأمر الذي لن يتأتى إلا بوجود تنمية حقيقية وصحيحة والتي لا وجود لها كما ينبغي في بلادنا.
> من المؤكد أن الشعب هو الأكثر إحساساً بهذه الحالة التي أصبحنا فيها من العذاب دائم.. فالعذاب موجود في أي نظام حكم لا يدرك قيمة الإنسان.. والإنسان مهما كان قوياً لن يدوم في هذه الحياة.. وإذا كان إنسانا متميزاً لا بد أن يترك له أثراً طيباً.. وبالرغم من أن الإنسان واحد وسط ملايين من الناس.. ولكن هناك قيمة لوجوده.. أو يجب أن تكون له هذه القيمة ولكل الناس أيضاً.. وقد عرفنا أن الدول لا بد أن تأخذ من الناس - الضرائب مثلاً - ولكنها يجب أن تعطي الناس حقوقهم وأكثر.. تعطيهم الأمان والاستقرار والعدل والمساواة.. وتوفر لهم الغذاء والعلاج والتعليم والسكن وفرص العمل وغير ذلك.. فالدنيا أخذ وعطاء.. وإذا أعطت الدولة يجب أن تكون صادقة في العطاء.. ولكن الذي يحدث عندنا ان الدولة تأخذ كثيراً ولا تعطي إلا قليلاً جداً.
> هل السلطة تجد متعة في تعذيب وتجويع الشعب؟.. بزيادة نسبة البطالة وتعميق المأساة بظلم متقاعدي قبل الوحدة وكوادر (خليك في البيت).. ومشروع (المعاش المبكر) و(العمالة الفائضة).. والغلاء الذي يطحن الملايين من الفقراء والمعدمين.. هل تستفيد السلطة من هذه المآسي التي يتضرر منها الناس؟.. فإذا كانت غير مستفيدة فلماذا تمارس هذه الأخطاء الفادحة وتفرض مثل هذه القرارات الجائرة عليهم.
> ولا بد أن السلطة هي التي تخسر كثيراً.. فليس من مصلحتها أن تجعل الشعب يتحمل الكثير من المعاناة والمكابدة في سبيل لقمة العيش.. وكان من الممكن أن تستفيد وتتعلم من تجارب الشعوب أكثر وأعظم.. ولكنها لم تفعل ذلك.. ولا تريد أن تكلف نفسها تحقيق ذلك.. وكأنها لا تعرف أن الخسارة لاتكون إلا في النهاية.. وهذه (المزايا) عندها في الخسارة هي التي تقودها إلى اتخاذ هذه القرارات الخاطئة دائماً.
> يقول علماء النفس: إن الإنسان لا يولد مجرماً.. ولكن الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي التي تجعله مجرماً.. فالجريمة ليست فيه.. ولكنها مكتسبة أو مفروضة عليه.. ومعنى ذلك أن الإنسان لا يمكن أن يقتل أو يتحول إلى مجرم إلا إذا كانت هناك أسباب ودوافع أساسية لارتكاب الجريمة.. وعلى سبيل المثال.. ربما نجد في المستقبل القريب أن البطالة وسياسة (خليك في البيت) و(المعاش المبكر) و(العمالة الفائضة) والغلاء الذي لا يرحم.. عوامل مساعدة لانتشار الجريمة.. ودوافع تكفي لتفريخها في أبشع صورها في بلادنا.. فالجوع هو الذي يدفع الناس إلى العنف.. (إنها حركة الخبز والدم.. فإذا جاء الخبز اختفى الدم.. وإذا اختفى الخبز انفجر الدم)..!!>>
نشرت بالعدد(3980)في 23 سبتمبر 2003

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى