محافظة المهرة.. ثروة بحرية هائلة تذهب لصالح المتنفذين.. وأسماك تباع للمواطنين بأسعار جنونية

> استطلاع : ناصر الساكت

> في محافظة المهرة الواقعة شرقي اليمن والتي يحيطها شريط ساحلي بطول 55 كيلو متر مربعا، وهي المحافظة الساحلية الأكثر إنتاجا للثروة السمكية، نجد أن سعر الأسماك فيها وصل إلى مستويات جنونية، جعلت المواطنين الذين ارتبطت حياتهم بحياة البحر يعزفون عن تناول الأسماك التي كانت قديما تعد وجبتهم اليومية على موائدهم الرئيسة.
ونتيجة غياب الرقابة وتسيّد العشوائية لأعمال الصيد والجرف الجائر وتسخيره لصالح المتاجرين به من المتنفذين الذين يبيعون مثل هذه الثروة الغنية والخاصة بمحافظة المهرة بأسعار العملة الصعبة في الخارج.. بينما أهالي المحافظة أصبحوا يكتفون فقط بشراء وتذوق الأسماك المعلبة.
لمعرفة المزيد عن الأسباب التي جعلت المواطنين يعزفون عن شراء الأسماك في محافظة تزخر سواحلها بإنتاج وفير لهذه الثروة الغنية بدأنا استطلاعنا مع مدير إدارة الجمعيات والاتحادات بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمهرة سالم سويلم سالم الذي وجه في بدء حديثه دعوة إلى الجهات ذات العلاقة إلى ضرورة القيام بدورها في ضبط الأسعار في السوق المحلية ودعمها بالكمية المناسبة وكذا دعم الصيادين، وذلك لتأمين حاجة السوق المحلية وبأسعار مناسبة تراعي ظروف الناس".
وأضاف سارداً معاناة المواطنين في هذا المجال بالقول: "إن ما يعانيه المواطن هو ذاته ما يعانيه الصياد أيضا، إذ يعاني من عدم الدعم كما يعاني من المزاجية والحرمان من الحقوق التي يجب أن تعطى له من الجهات ذات العلاقة سواء كانت حكومية أو منظمات تعاونية، ومع الأسف فإن هذه الجمعيات والاتحادات التعاونية السمكية بالمحافظة لا تقوم بمسؤولياتها تجاه الصيادين بتقديم المشورة والدعم المعنوي والمالي والعيني أسوة ببقية المحافظات الأخرى، وهذه المعاناة تتجلى في سببين اثنين هما إما أن يكون القائمون على هذه المنظمات أميين أو أنهم مشغولون بأمور أخرى، الأمر الذي يؤكده عدم وجود مكتب رسمي للاتحاد التعاوني السمكي بالمحافظة ليقوم بدوره، وهو ما يظهر جلياً في إهمال السلطة المحلية بالمحافظة، وكذا قصور المتابعة من الاتحاد العام بصنعاء".
وعن ارتفاع أسعار السمك قال سالم: "الأسعار في هذه المحافظة بشكل عام أسعار عشوائية لغياب الرقابة والمحاسبة من قبل الجهات المعنية، وكذا التصدير الكبير له إلى الخارج، فضلاً عن التنافس بين أصحاب العوازل، واستغلال ارتفاع أسعار المشتقات النفطية كل هذه الأمور أدت إلى حرمان المواطن من الحصول على الأسماك بالأسعار المناسبة".. ويوضح: "من المعروف أن المهرة محافظة غنية بالثروة السمكية، ولهذا يفترض أن يكون سعر السمك فيها رخيصاً".
**أسباب كثيرة**
المواطن شيخ سقاف عبر عن معاناته لـ«الأيام» بالقول: "هناك أسباب كثيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار في قيمة السمك أبرزها زيادة الطلب عليه من الخارج والداخل، بالإضافة إلى الصيد العشوائي عن طريق الجرف، وكذا ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي بدورها أدت إلى ارتفاع الكلفة على الصياد وبالتالي أدت إلى ارتفاع أسعار السمك".
وعن دور الجمعيات السمكية قال: "هذه الجمعيات أصبحت أشبه بالعصابات لا تقوم بدورها في حل قضايا ومشاكل الصيادين وتقديم المقترحات والمشورات لهم بقدر اهتمامها بالسلب والنهب والفساد". واقترح سقاف في ختام حديثه أن "يتم تشكيل هيئة إدارية من الصيادين المشهود لهم بالنزاهة وكذا تحديد وقت محدد لبيع الأسماك للحراج والسوق المحلي لتلبية احتياجات السوق كون المعاناة كبيرة والألف الريال لم يعد يكفي لشراء وجبة سمك".
**كانت الوجبة الرئيسة**
أما مختار سليم العوبثاني فرأى أن السبب الرئيس في ارتفاع سعر الأسماك عائد إلى ارتفاع الوقود، بالإضافة إلى غياب الرقابة من قبل الجهات ذات العلاقة والتي شجعت الباعة على التلاعب بالأسعار بشكل كبير، ولهذا نطالب الجهات المعنية بأن تقوم بدورها في الرقابة على أماكن بيع هذه الأسماك في الأسواق لضبط الأسعار ومنع التلاعب بها، كما نتمنى من إدارة الثروة السمكية وخفر السواحل العمل على ضبط أية سفينة تخالف الأنظمة والقوانين الخاصة بالاصطياد".
ويختم بالقول: "لقد أصبحنا محرومين من تناول الأسماك بعد أن كانت الوجبة الرئيسة واليومية في هذه المحافظة نتيجة لارتفاع سعره".
**ارتفاع الأسعار باستمرار**
المواطن عبدالناصر بن عويّض من جهته عبر عن إشكالية ارتفاع الأسماك في هذه المحافظة الساحلية بالقول: "لا يبعد سوق السمك في مدينتنا سوى بضعة أمتار عن الشاطئ، ومع هذا فأسعار السمك جنونية نتيجة لغياب الرقابة والمحاسبة من قبل الجهات ذات العلاقة في ضبط التسعيرة ومحاسبة المخالفين".. ويوضح: "في المحافظات الأخرى يباع السمك بالأوزان وفي هذه المحافظة بالمزاج".
ويضيف عويّض: "مخطئ من يقول أن ارتفاع السمك بسبب رفع أسعار البترول، لكون أسعارها مرتفعة من قبل أن يتم إقرار الجرعة الخاصة برفع المشتقات النفطية، ولكن السبب الرئيس هو غياب المسؤولية، وجشع بعض التجار واستغلالهم لضعف السلطة الرقابية وكذا استباحة البواخر للبحر، كل هذه التجاوزات أدت إلى نتائج سلبية على الصيادين والبيئة البحرية وكذاعلى معيشة المواطن".
**أسعار جنونية**
المواطن رشدي معيلي وهو من أبناء مديرية المسيلة الساحلية قال لـ"الأيام": "لقد حرمت الأسعار المرتفعة للأسماك كثيرا من الناس عن تناوله، وأصبح الـ1000 ريال لا يجدي نفعاً أمام هذه الأسعار الجنونية في هذه المنطقة الساحلية".. وعزا معيلي هذه المعاناة إلى "غياب الرقابة من الجهات المختصة التي لم تقم بواجبها لتترك مجال التلاعب بالأسعار مفتوحاً أمام التاجر والبائع، ولهذا ارتفع السعر المحلي بهذه الطريقة الجنونية، والضحية الوحيدة هو المواطن الذي اضطر للجوء إلى السمك المعلب أو الدجاج لأسعارها المناسبة".
ويضيف: "المعاناة هذه لا يقاصيها المواطن وحسب، بل الصياد أيضاً يعاني من هذه الإشكالية نتيجة ارتفاع المشتقات النفطية، والاصطياد الجائر من قبل كثير من سفن الاصطياد، وكذا غياب دور الجمعيات السمكية التي أصبحت لا تخدم الصياد بقدر ما تشكل من عبئا عليه". وطالب معيلي في ختام حديثه الجهات ذات الاختصاص بـ "تطبيق النظام والقانون، مع ضرورة تأمين حاجة أسواق المحافظة بالأسماك وبأسعار معقولة ومناسبة للمواطنين".
يجب الالتزام بالسعر المحدد
بدوره أوضح المواطن محمد علي رزق أن ارتفاع المشتقات النفطية ليست السبب الرئيس في الارتفاع الجنوني لأسعار السمك، فقال: "إن غياب الرقابة على البائعين من قبل الجهات المعنية هي السبب الأكبر في هذه المشكلة"، ويتابع سارداً جانبا من المعاناة الأخرى بالقول: "الأسواق تعاني أيضاً وضعا بيئياً غير صحي، إذ أن هذه الأسواق مليئة بالأوساخ والقاذورات، ولهذا أناشد الجهات المسؤولة بوضع حد لمثل هذه المخالفات وإلزام الباعة بالالتزام بالسعر القانوني وكذا المحافظة على نظافة السوق".
**تصديره إلى الخارج**
الصياد ربيّع نصيب عبر عن معاناته بالقول: "الصياد يعاني في كل الحالات، يعاني داخل البحر من مخاطر جمة، منها الجرف الجائر للأسماك ومراعيها من قبل السفن التجارية من خلال استخدام الوسائل المحرمة، وفي الأسواق نعاني من ارتفاع سعر البترول، وكذا من إهمال الجمعيات السمكية، بالإضافة إلى العوازل الكبيرة واستحواذ التجار الكبارعلى كل شيء لتصديره إلى الخارج وهو ما أدى إلى انعدامه وارتفاع سعره".
**تلاعب بالأسعار**
أما المواطن علي سعيد عبده فقال: "غياب الرقابة من قبل السلطة بالمحافظة هي السبب الرئيس في ارتفاع أسعار السمك والتلاعب بها من قبل الصيادين".. ويضيف: "التلاعب بالأسعار زاد من معاناة المواطنين وحرمانهم من شراء الأسماك بعد أن كان في متناولهم بشكل يومي". وطالب عبده السلطة بـ "الوقوف إلى جانب المواطن وأن لا تحمله فوق طاقته".
نطالب بسن قوانين
«الأيام»" أنهت استطلاعها الذي رصدت فيه معاناة أبناء هذه المحافظة من ارتفاع أسعار السمك مع المواطن سالم محمد علي الذي أوضح رأيه بالقول: "لا توجد آلية من قبل السلطة ومكتب الثروة السمكية لتنظم عملية البيع والشراء تُعنى بتأمين الأسواق المحلية بالمحافظة من الأسماك".. ويضيف: "أنا صاحب عازلة أشتري من مواقع الإنزال السمكي من الصيادين، وأحيانا من الجمعيات كل يوم بسعر، بالإضافة إلى ضعف الإنتاج نتيجة الاصطياد العشوائي.. ولهذا نطالب السلطة بسن قوانين وأنظمة في هذا المجال".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى