منطقة المحاريق بعدن.. مازالت خارج نطاق اهتمام قيادة المحافظة

> استطلاع/ سليم المعمري

> منطقة المحاريق بعدن، إحدى أكثر المناطق تضرراً في المحافظة، أحياء متشابكة ومتداخلة، وحرمان من أبسط الخدمات الأساسية، غياب تام للمدارس، وحرمان من الصحة، وصرف صحي مفقود، وماء لا يأتيهم إلا فيما ندر، معاناة بعضها فوق بعض، في ظل غياب تمام لقيادة المحافظة والجهات المختصة، حرمان يؤكد بأن هذه المنطقة لم تدرج بعد في الخريطة الجغرافية للمحافظة.
معاناة كثيرة نغصت حياة المواطن هنا، فلا ماء ولا كهرباء أو طرق وغير ذلك، الامر الذي يتضح جلياً من أول زيارة لها.. راغب محمد قائد - ناشط حقوقي - واحد من أبناء المنطقة تحدث عن ما يعانيه الأهالي والحرمان الذي طالهم بالقول: “المحاريق منطقة منسية من قبل الجهات المختصة، على الرغم من وقوعها في قلب محافظة عدن، الأمر الذي حولها إلى أشبه ما تكون بقرية لا تحظى بنعمة الكهرباء إلا فيما ندر مع ما تشكله أسلاكها الموزعة على الشوارع والأزقة فيها من خطورة على القاطنين، وسبق أن أدى سقوط أسلاك كهربائية في هذه المنطقة إلى قتل ثلاثة سعقاً وجرح اثنين آخرين، نتيجة لقدمها وعدم قيام الجهات المختصة بتجديدها وصيانتها، ولهذا نتمنى من وزارة الكهرباء ممثلة بمكتبها بالمحافظة القيام بواجبها للعمل على مد أسلاك جديدة حتى لا تتعرض حياة الناس إلى الخطر”.
ويتابع سرد معاناته بالقول: “معاناتنا في هذا المنطقة لا تقتصر على الكهرباء وحسب، بل أيضاً نعاني من الانقطاعات المستمرة للمياه والذي أجبر المواطنين على شرائه عبر الصهاريج “البوز” رغم ما يكلفه ذلك من معاناة على المواطنين لا سيما وأن كثيرا منهم لا يقوى على شرائها للظروف الصعبة التي يعانونها”.
وأضاف: “لقد حرمنا من أبسط حقوقنا وكلما طالبنا بها عند الجهات ذات الاختصاص نتهم بالتحريض والإرهاب وغير ذلك، كان آخرها اتهامنا بالتحريض من قبل عقال الحارات أثناء تنفيذنا وقفة احتجاجية قبل أسبوع على وفاة طفل بسبب سقوط سلك كهربائي”. وفيما يخص المجال الصحي قال: “هناك أكثر من خمسين طفلا مصابون بأمراض متعددة نتيجة للتلوث البيئي في المنطقة والناتج عن تكدس القمامة وطفح المجاري بشكل كبير”.
**حرمان من المشاريع**
مسئول عقال المناطق الشعبية سعيد مبارك حمود عبر من جهته عن الحالة الصعبة التي يعيشها الأهالي في هذه المنطقة بالقول: “إن معاناة أبناء هذه المنطقة ناتج عن الحرمان الذي طالها في معظم المشاريع الخدمية كضعف الكهرباء وانطفاءاتها المتكررة، فضلاً عن تهالك أسلاكها وضعف تركيبها الأمر الذي جعلها في تساقط مستمر على رؤوس المارة ومصدر خوف للأهالي، ولهذا ندعو قيادة المحافظة ومدير مؤسسة الكهرباء إلى سرعة حل هذه الإشكالية من خلال إنزال فريق هندسي للعمل على مسح كامل لتجميع الأسلاك ومعالجة الضعف بشكل نهائي”.
وفيما يخص مشكلة الصرف الصحي قال: “إن مشكلة الصرف الصحي التي نعانيها ناتجة عن سوء التخطيط للمشاريع الخاصة بالمجاري في المنطقة”. ويضيف: “هذه المنطقة لا تقتصر معاناتها في خدمة واحدة أو اثنتين، فخدمة المياه هي الأخرى حاضرة لتنغص حياة المواطن هنا في هذه المنطقة الذين باتوا لايحصلون على المياه إلا عن طريق شرائه من الصهاريج (البوز) والتي تبلغ قيمتها 4000 ريال في الوقت التي تتوفر فيه باستمرار في الفنادق والمطاعم”.
**منطقة مهمشة**
مشهد من الأسلااك الكهربائية العشوائية
مشهد من الأسلااك الكهربائية العشوائية

المواطن سعيد الطحس من جهته عبر عن استغرابه من تجاهل السلطة المحلية لهذه المنطقة وحرمانها من المشاريع الأساسية التي تحتاج لها كالصحة والكهرباء والماء.. ويضيف: “هذه المنطقة يسكنها 3700 نسمة وأهلها محرومون من المدارس الأساسية والثانوية، رغم المناشدات المتواصلة للمواطنين في وسائل الإعلام المختلفة”. ويتابع بالقول: “ليس هناك منطقة تعاني أكثر من معاناتنا فالحرمان طال جميع الخدمات، فضلاً عن تزايد أعمال البناء العشوائي الناتج عن غياب دور السلطة المحلية”.
وعن الخدمات الصحية قال الطحس: “كان هناك مجمع صحي مخصص لهذه المنطقة (المحاريق) ولكن مع الأسف تم تحويله إلى منطقة السيسبان، الأمر الذي أجبر المواطنين على نقل وإسعاف مرضاهم إلى المجمع الصحي بالشيخ عثمان، باعتباره الأقرب لأبناء المنطقة التي باتت مؤخراً مهمشة ومحرومة من أبسط الخدمات الأساسية”.
**احتياجات المنطقة كثيرة**
تكدس القمامات
تكدس القمامات

بدوره عبر إمام وخطيب مسجد الفخّار الشيخ أشرف إبراهيم الأهدل عن احتياجات المنقطة لـ«الأيام» بالقول: “هناك احتياجات ضرورية مطلوب توفيرها للمنطقة لكي ينعم المواطن بحياة معيشية كريمة، يأتي في مقدمتها النظافة، وذلك لكون القمامة أصبحت فيها تتراكم لفترات طويلة دون أن تقوم الجهات المختصة بواجباتها، وكذا يجب استكمال شبكة المجاري، حيث ماتزال المنطقة تستخدم الحفر الراشحة حتى الآن”.
ويضيف: “الأسلاك الكهربائية تعد مشكلة أخرى، إذ تعود فترتها إلى ثمانينات القرن الماضي، كثير منها سقطت على رؤوس المارة مخلفة كثيرا من الضحايا والجرحى في صفوف المواطنين لاسيما الأطفال”. ويواصل: “المنطقة أيضاً بحاجة إلى رصف الأحياء أسوة بالمناطق الأخرى، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على النظافة وكذا الحد من البناء العشوائي، كما نتمنى من الجهات ذات الاختصاص إيجاد حلول جذرية للمناطق التي تحرم من المياه لعدة أسابيع، ومعرفة أسبابها”.
**مشاريع متعثرة**
مشهد من الطرقات والمجاري
مشهد من الطرقات والمجاري

وعن غياب دور السلطة المحلية في هذه المنطقة أوضح سمير علي عبد الله صالح عضو مجلس محلي بالقول: “منطقة المحاريق بمديرية الشيخ عثمان تعاني من نقص الخدمات منذ فترة طويلة نتيجة لوقوعها بين مديريتي الشيخ عثمان ودار سعد، وهو ما جعلها منطقة محرومة من المشاريع الخدمية الأساسية كالنظافة والطرقات، وكذا تقوية شبكة الكهرباء والمياه”. ويوضح: “لقد تم متابعة هذه المشاريع من أجل توفيرها ولكن تعثرنا بسبب الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد”. ويواصل الحديث عن دور المجلس المحلي في إيجاد حلول لهذه الإشكالات بالقول: “لقد تم الاجتماع مع مدير المديرية وتم الإقرار على تنفيذ المشاريع واستكمال المتعثر منها، ولكن تفاجأنا في العام 2014م أن الميزانية التشغيلية للمشاريع تم رفع الملف الخاص بها إلى صندوق التنمية ولا ندري أين وصلت هذه الميزانية”.
**يجب الاهتمام بالمنطقة**
رئيس جمعية المحاريق النسوية أماني محمد صالح تحدثت عن دور الجمعية بالقول: “لقد أخذت هذه الجمعية على عاتقها القيام بعملية التوعية والتدريب والتدريس بالمنطقة، وذلك بعد أن شاهدنا هذه المنطقة (المحاريق) محرومة من المدارس مع ارتفاع نسبة الأمية فيها لحد كبير في أوساط الذكور والإناث وخاصةً الشباب، في ظل غياب دور السلطات المحلية بالمديرية والمحافظة”. وتوضح: “لقد استفاد من هذه الجميعة 70 %”.
ووجهت صالح عبر الصحيفة في ختام حديثها رسالة لمسئولي المحافظة بـ “ضرورة النظر إلى ما يعانيه أبناء هذه المنطقة من تلوث بيئي جراء تكدس القمامة بشكل كبير مع ضرورة الاهتمام بالمنطقة أسوة بالمناطق الأخرى التي تحظى بجميع الخدمات”.
**نطالب بتأهيل الحي**

الدكتور مجيب الرحمن ـ أحد ساكني حي المحاريق ـ قال: “من يسكن هذا الحي جلهم من الفقراء ومن موظفي البلدية والمصانع، ولهذا رواتبهم لا تغطي حتى احتياجاتهم اليومية”. ويتابع: “الشباب هنا جميعهم خارج الإطار التعليمي وبنسبة 60 %، وهو ما ضاعف من معاناة الأهالي بالمنطقة، ولهذا نطالب السلطة المحلية بإعادة تأهيل هذا الحي من حيث التخطيط العمراني، كون الأحياء فيه متشابكة وضيقة لا تمكن من مرور الدفاع المدني حال حدوث مكروه لا قدر الله فيها، وذلك نتيجة لغياب الجهات المعنية بالتخطيط”.
كما طالب مجيب الرحمن بـ “ضرورة إعادة النظر في سلامة المنازل من الحرائق في ظل التسليك العشوائي الذي ينتشر فيها بكثرة”.
**موقعها أحرمها من الخدمات**
أحمد عبده محمد ـ رئيس مبادرة (من أجل وطن) ـ قال: “الجهات الرسمية تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه ما يحدث من تدني للخدمات والبنية التحتية في المنطقة التي تعد أكثر المناطق حرماناً في المديرية والمحافظة، ولهذا ندعو المحافظ إلى أن ينظر لهذه المنطقة المحرومة من الخدمات بعين المسؤولية”.
ويضيف: “إن ما تتعرض له منطقة المحاريق مشكلة يتحملها مناصفة المجلس المحلي بالدار سعد والشيخ عثمان، لوقوعها بين المديريتين”.
ويختم بالقول: الأهالي حاروا في أمرهم فلم يعد يعرفون إلى أية مديرية ينتمون”.
**خارج نطاق جغرافية المحافظة**
سالم حسن سعيد ـ مواطن بالحي ـ عبر عن معاناته بالقول: “أصبحنا نعيش في عصور الظلام وليس في الحداثة والتطور، فخدمة الكهرباء لا ننعم بها إلا فيما ندر، وأسلاكها باتت تحصد أرواح المواطنين جراء تساقطها المستمر”.. ويواصل سرد معاناته بالقول: “أنا أول الساكنين في هذه المنطقة ولم أعان من هذه المآسي المتكررة إلا في الآونة الأخيرة”. ويختم بالقول: “نحن نعيش في منطقة خارج النطاق الجغرافي لمحافظة عدن، حرمان من الماء وغياب النظافة وانتشار البعوض والأمراض.. إنها منطقة محرومة من كل شيء”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى