تعز.. غياب للأنشطة المدرسية ومدارس تفتقر للمقومات الأساسية (2) الولاء الحزبي والنشاط السياسي يهيمن على العمل الإداري

> استطلاع / فهد العميري

> تناولنا في الحلقة الأولى عددا من الجوانب والأوضاع السلبية التي يشهدها الوضع الدراسي العام في محافظة تعز، والذي بدأ هذا العام وهو يفتقر للكثير من المقومات الأساسية من نقص كادر المعلمين والكثافة الطلابية في الفصول الدراسية، وغياب الكتاب المدرسي وانعدام الأنشطة وعدم جاهزية الفصول الدراسية.
وفي هذه الحلقة نواصل ما تبقى من الجوانب المتردية التي يمر بها الوضع التربوي في محافظة تعز، على لسان عدد من المعنيين والتربويين.
لمدرسة الشعب حكاية أخرى، فما أن تهم بالدخول إلى حوش المدرسة حتى تستقبلك المجاري الممتدة بامتداد نصف مساحة الحوش، حيث تفيض مجاري المدرسة مشكلة علامة قاتمة على بؤس البيئة المدرسية والكم الهائل من المخاطر والأوبئة التي يكون الطلاب ضحيتها.
**الإمكانيات غير متوفرة**
تقف الإمكانيات عائقا أمام ممارسة الانشطة في نموذجية الثورة بمديرية القاهرة بالشكل المطلوب، الأخت لينا محمد علي وكيلة المدرسة حدثتنا عن ذلك بالقول: “رغم وجود ساحتين مجاورتين للمدرسة نرغب في إعدادهما لمصلحة الطالبات في إتمام النشاط المدرسي، إلا أن الإمكانيات غير متوفرة، ويتم ممارسة بعض الأنشطة المدرسية من قبل الطالبات كالقفز بالحبل وكرة القدم تحت إشراف مدرسة الرياضيات والمختصة الاجتماعية، ويمارس ذلك في أوقات الاحتفالات والمناسبات الوطنية، مع العلم أن المدرسة تحاول إعداد الأدوات والأماكن المناسبة لهذه الأنشطة وتنمية المواهب لدى الطالبات ولكن الإمكانيات لا تسمح بالإعداد الممتاز لذلك”.
**بطالة مقنعة**
لم يعد التدريس فضاء رحبا تشد إليه ومن أجله رحال الملتحقين بسلك التربية والتعليم، فما أن يقضي المعلم بضعة أعوام - قلما تصل إلى خمسة - في الاتصال والتواصل مع الطالب ومدهم بالعلوم والمعارف المدرسية حتى يتوجه صوب الوظائف الإشرافية (موجه، مفتش مالي وإداري) الأمر الذي أحال الكثير من المعلمين إلى بطالة مقنعة تكتظ بهم كشوفات المرتبات ولا أثر ملموسا لهم في واقع العملية التعليمية التي تفتقر العديد من المدارس لمعلمين في أكثر من مقرر دراسي.
 نبيل السفياني
نبيل السفياني
الأخ نبيل السفياني - مدرس رياضيات - تحدث إلينا عن ذلك قائلا: “يوجد سوء توزيع للمدرسين، فهناك مدارس لا يوجد فيها مدرسون وبالذات في التخصصات العلمية مع وجود ظاهرة توجه المدرسين نحو التوجيه الإداري والمالي والأنشطة، ناهيك عن تعيين مستشارين لا يستشارون وموجهين لمواد غير موجودة على أرض الواقع، إضافة إلى الأنشطة الوهمية داخل المدارس كالمكتبات والمعامل والمواد الفنية والأنشطة الرياضية، فمعظم هذه المواد تحديدا في الأرياف يتم إعداد تقارير وهمية خاصة بها، مخالفة للتقارير المرفوعة وما هو على أرض الواقع، وأصبحت الظاهرة تشمل جميع الأحزاب وتحديدا الكبيرة منها، ويتعامل البعض معها وكأنها حقوق مكتسبة وتتم بشكل مباشر أو بوظائف غير مفعلة، كما يعمل جزء كبير من المعلمين في المدارس الخاصة والمعاهد، وهذا كله ينعكس سلبا على التعليم”.
**الأنشطة المدرسية منعدمة**
مجاري في ساحة المدرسة
مجاري في ساحة المدرسة

وعن الأنشطة المدرسية يؤكد أن “الأنشطة في الريف منعدمة وخصوصا الأنشطة الرياضية والثقافية، وإذا وجدت فبشكل موسمي وفي المناسبات في ظل انعدام فاعلية التوجيه وانعدام الإمكانيات والرقابة الحقيقية واستغلال هذه الأمور في قضية التفريغ، وقد كانت مبادرة الشرق أوسطية مع المركز القانوني الدولي تدعم إصدار صحف شهرية في المدارس بتكاليف الطباعة، وهذا ينمي القدرات الثقافية والمهارات الصحفية، ويوجد حراك ثقافي في العملية التعليمية ويعمل على الترابط بين المدرسة والمجتمع ونتمنى عودته”.
وفيما يتعلق بكفاءة الإدارة المدرسية يرى أن “العلاقات الاجتماعية والمناطقية والولاء الحزبي وتحديدا في مدارس الريف تطغى على العمل الإداري وعلى حساب المؤهل والكفاءة والقدرة والجهد ويظهر ذلك بشكل واضح أثناء الامتحانات أو ما يسمى بـ(موسم الحصاد المادي)، كما يظهر من خلال معايير تقوم بها الوزارة والتي تتناقض مع الواقع وبعيدة عن الكفاءة والقدرة والاستحقاق”.
ويعتقد أن “مجالس الآباء غير مفعلة وغالبيتها لا توجد في معظم المدارس وإن وجدت فهي شكلية ووجودها يساهم في الحد من الممارسات والفساد المستشرى وسيدعم دور القيادات التربوية ويعزز مفهوم الشراكة الاجتماعية”.
**المستويات التراكمية متدنية**
مشهد من إزدحام الطلاب في الفصل
مشهد من إزدحام الطلاب في الفصل

ويرى المختص الاجتماعي نبيل الخطيب أن “الازدحام في مدارس تعز يشكل ظاهرة سلبية تقود إلى تدني المستوى الدراسي على أبنائنا الطلاب، كون ازدحام الفصل بـ100 طالب أو 90 طالبا لا يستوعب قدرات المدرس في توزيع مجهوداته ومعلوماته على الطلاب مما يجعل العملية التعليمية تلقينية فقط دون اكتشاف المهارات، وبالتالي عدم معرفة المدرس بالفوارق الفردية للطلاب وعدم اكتشاف مهاراتهم وغيرها مما يتحتم على المدرس معرفته كون التعليم هو اكتشاف المواهب وتنمية القدرات وليس التلقين، ناهيك عن صعوبة متابعة الطالب من حيث الدفتر والواجب، وما إلى ذلك مما يتسبب في تدني المستوى التعليمي خصوصا عند انتقال الطالب من مرحلة إلى أخرى، وهذا ما اكتشفناه من مستويات متدنية على سبيل المثال في الإملاء والقراءة في الصفوف العليا مثل الصف الثالث الثانوي، كما أن الازدحام يسبب لنا تراكم المشاكل وتعقيدها وظهور ظواهر يصعب حلها.
**تغييب دور الأنشطة**
زايد سلطان
زايد سلطان
فيما يؤكد الأخ زايد سلطان الشيباني - وكيل مدرسة الشعب - أن ارتباط الأنشطة المدرسية يعد ترجمة عملية للمنهج الدراسي، إلا أن الواقع يناقض هذا تماما حيث تجد الأغلبية العظمى من المدارس لا تدعم هذا التوجه، فنجد أن الإذاعة المدرسية لا تستمد فقراتها من المنهج المدرسي كما لا تجد هناك تفعيلا لها في بعض المدارس على مستوى المحافظة، ناهيك عن تغييب دور النشاط المسرحي والفني كالإنشاد والموسيقى بالإضافة إلى النشاط الصحفي ممثلا بالصحف الحائطية والنشرات الدورية المدرسية، فتفعيل مثل هذا النشاط يخرج لنا جيلا له القدرة والشجاعة في خوض معترك الحياة التي أصبحت تعتمد على الإعلام والمسرح في توصيل رسالتها للمجتمع.
**ضعف الاستيعاب**
طه محمد مرشد
طه محمد مرشد
وعن الوسائل التعليمية يرى المختص الاجتماعي الأخ طه محمد مرشد أن “ضعف استخدام الوسائل التعليمية من قبل بعض المدرسين في المحافظة وانعدام استخدام الوسائل التعليمية الحديثة، ويترتب على ذلك جهد كبير في إيصال المعلومة للطالب وضعف استيعابه لها وكذلك عدم وجود معامل، وهناك بعض المدرسين المبدعين يستخدمون وسائل من البيئة المحلية مما يؤدي إلى استفادة الطلاب من المعلومات بشكل أسرع ووقت قصير”.
وقال: “لن يستقيم حال العملية التعليمية ما لم يتم بناؤها وفقا لمداميك متينة تنتج مخرجات مؤهلة بالقدرات والمهارات والخبرات التي تمكنها من إثراء الواقع وتنميته بدلا من أن تتحول إلى عبء على الوطن اليمني برمته، وهي دعوة لمسؤولي التربية والتعليم لمعالجة كافة الاختلالات التي ترافق العملية التعليمية بما يخدم المعلم والطالب والوطن”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى