مواطنو صنعاء جشع السائقين وضعف الرقابة تسبب بتضارب تسعيرة المواصلات

> رصد/ بشرى العامري

> تشهد العاصمة صنعاء حاليا خلافا حادا بين سائقي باصات الأجرة والمواصلات العامة وعدد من المواطنين يصل في كثير من الأحيان إلى حد الاشتباك بالأيدي، نتيجة لعدم تخفيض سعر أجرة المواصلات وإعادتها للتسعيرة السابقة، بعد قيام الحكومة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية خلال الفترة الماضية إلى ألف ريال على دفعتين كان آخرها الأحد الماضي، بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية، لتعود قيمة الدبة البترول ـ سعة عشرين لترا ـ إلى ثلاثة آلاف ريال، عوضا عن الأربعة آلاف ريال التي كانت قد أقرتها الحكومة في عيد الفطر الماضي.
وكان سائقو الباصات في خطوط النقل داخل العاصمة قد استغلوا رفع الدعم عن المشتقات النفطية كليا في عيد الفطر الماضي إلى رفع الأجرة بشكل غير متساوٍ لتصل من 50 % إلى 100 %، كما تفاوتت التسعيرة مابين السبعين ريالا إلى مائة ريال للراكب الواحد، وهو ما أدى إلى نشوب خلافات واشتباكات متفرقة بين الركاب والسائقين، الوضع استمر على ما هو عليه حتى صدرت الحكومة تعميما بتوحيد السعر برفع أجور النقل لعشرة ريالات إضافية هو ما حدد التسعيرة الجديدة بستين ريالاً للخط الواحد.
ويستنكر عدد كبير من الركاب إصرار سائقي الباصات لمواصلتهم على عدم تخفيض تسعيرة أجرة المواصلات الداخلية، بالرغم من انخفاض أسعار المشتقات النفطية وتخفيض سعر البترول والديزل إلى ثلاثة آلاف ريال للدبة سعة عشرين لترا، غير أن سائقي الباصات يرون أن التسعيرة الجديدة مجحفة في حقهم وبالكاد تسد احتياجاتهم الرئيسية.
**نطالب بالقيمة الأولى**
سائق الباص أحمد صالح التقيناه في إحدى الفرزات بوسط العاصمة وأوضح أن الأجرة الحالية بالكاد تغطي مصاريفه كسائق وأن الحياة المعيشة صعبة بالكاد يغطي الضروريات الأساسية لأسرته، وأحيانا لايستطيع السائق إدخال مصروف يومه، وقال: “أشعر وكأنني أعمل فقط لأشتري بترول لأن أغلب ما أجنيه من مال يذهب لشراء البترول فقط”، مشيرا إلى أن “الدولة لم تخفض أسعار المشتقات إلى ما كانت عليه سابقا بــ 2500 ريال لسعر الـ 20 لترا، وأن التسعيرة الحالية مناسبة جدا لهم في الوقت الراهن”.
فيما يؤكد السائق عرفات الحاج أنه توقف عن العمل بعد قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية بأسبوع لكونه لم يستطع من خلال عمله توفير شيء سوى قيمة البترول فقط، وأن السائق يتحمل الكثير من المصاريف الأخرى إلى جانب البترول منها رسوم الفرزة وأصحابها وأتاوات رجال المرور وغيرها مما حول هذه المهنة إلى مهنة متعبة جدا.
**سنلجأ إلى أعمال أخرى**
أما السائق خالد البعداني فيقول إنه حول ماكينة باصه الذي كان يعمل بالديزل إلى ماكينة تعمل بالغاز بعد انعدام مادة الديزل خلال الفترة الماضية بشكل كبير، إلا أن النحس يلاحقه أيضا حيث تم رفع أسعار الغاز بصورة غير رسمية حاليا، ويحدث أحيانا أن ينعدم الغاز بين الحين والآخر مما جعله يفكر حاليا ببيع باصه إذا ما وجد سعرا جيدا والتوجه لعمل آخر لا يحتاج لأي نوع من المشتقات النفطية، مشيرا إلى أن هذه المهنة أصبحت لعنة على أصحابها بعد أن كانت مدخلا جيدا للرزق وتفتح بيوتا كثيرة.
**جشع سائقي الباصات**

وعلى صعيد آخر وفي فرزة أخرى تحدث إلينا محمد الفائق موظف حكومي بأن بعض السائقين جشعون ولا يقدرون الوضع المعيشي الصعب الذي يمر به المواطن حاليا خصوصا مع غلاء المعيشة وضعف الدخل بشكل عام، ويستغلون ضعف الرقابة عليهم ليقوموا بفرض أجرة عشوائية حسب ما يرونه مناسباً لهم والتي لاتتوافق غالبا مع معظم الركاب الذين يكونوا عادة من الطبقة الكادحة والفقيرة أو من طلبة الجامعات والمدارس، مما يزيد عليهم أعباء إضافية تفوق قدرتهم بكثير، ولايهمهم في ذلك سوى مصالحهم وجني أكبر قدر من الأموال على حساب هذه الفئة الكادحة في المجتمع.
**غياب الرقابة**
من جهتها عبرت سلوى البهلولي وهي طالبة جامعية عن هذه المعاناة بالقول: “إن تخاذل معظم الركاب وصمتهم وتهاونهم مع السائقين وإذعانهم لمطالبهم هو من شجع السائقين على رفع الأجرة بشكل عشوائي خصوصا مع غياب الرقابة الفاعلة من قبل الجهات المعنية، وأضافت: “تنقلت اليوم بين أربعة باصات، ثلاثة منهم أصرَّ على أخذ الأجرة ستين ريالا فيما أحدهم أخذ خمسين ريالا فقط، منوهة إلى أن الركاب يستطيعون فرض الأجرة المناسبة لهم متى ما اتفقوا وأصروا على ذلك.
**تفعيل دور النقابة**

لينا البعداني بدورها دعت الجهات المعنية إلى ضرورة سرعة ضبط وتحديد أجرة المواصلات وتخفيضها بما يتناسب مع الوضع العام وأسعار المشتقات الجديدة حتى لاتحدث أية إشكالات أو خلافات بين السائقين والركاب تفضي في بعض الأحيان إلى تأزيم المشكلة إلى حد كبير، كما دعت البعداني إلى تفعيل دور النقابة الخاصة بسائقي الباصات من أجل الحد من تصرفات السائقين العشوائية التي قد تفضي إلى إشكاليات لاتحمد عقباها.
**الإصرارعلى رفع التسعيرة**
أم محمد أبدت رأيها حول هذه الأزمة بالقول: “إن ارتفاع أجرة المواصلات لايتعلق فقط بسائقي الباصات بل أن سائقي سيارات الأجرة أيضا قاموا برفع الأسعار إلى الضعف وأكثر من ذلك بعد صدور قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، توضح: “كانوا سابقا قد رفعوا الأسعار في فترة اختفاء وانعدام المشتقات النفطية لتصل حاليا إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سابقا مطلع هذا العام، حيث أن المشوار الذي كان سعره خمسمائة ريال وصل اليوم إلى ألف وخمسمائة ريال”، ونوهت أم محمد إلى أنه “على الرغم من انخفاض أسعار المشتقات النفطية إلا أنهم مازالوا يصرون على رفع الأسعار”.
**جشع واستغلال**

محمد عاطف أوضح رأيه لـ«الأيام» حول هذا الموضوع بالقول: “سائقو سيارات الأجرة بالغوا كثيرا في رفع أسعار المشاوير دون وجود أي رادع لهم أو جهة تضبط أسعار مشاويرهم أو وجود عدادات تحسب قيمة المشاوير وفق تسعيرة متفق عليها ومحددة من قبل الجهات المعنية”. وقال: “مشوار المطار الذي كان سابقا لايتعدى الألف الريال أصبح اليوم يضاهي الخمسة والستة آلاف ريال، وهو ما يجعل المسافر يضطر إلى استئجار سيارات أجرة بشكل مضاعف بغرض الوصول إلى المطار تصل في بعض الأحيان إلى ثمانية آلاف ريال، وترتفع كلما بعدت المسافة، وهذا المبلغ يعادل نصف سعر تذكرة الطيران الداخلي أو يزيد قليلا”.
ويواصل: “هذا أمر مجحف جدا ولاتجد مثل هذه التسعيرة في معظم دول العالم، حيث تصل الأجرة إلى ما يقارب الخمسين دولار، وإذا كان الواصل عربي أو أجنبي فإن التسعيرة ترتفع كثيرا وقد تصل إلى المائة دولار وهذا قمة الجشع والاستغلال”.
**النقل الجماعي واستغلال الأزمة**

بدوره أوضح صالح الريمي بالقول: “إن باصات النقل الجماعي هي الأخرى لم تقم بتخفيض تسعيرت الأجرة بالرغم من انخفاض سعر المشتقات النفطية وهي التي بادرت بقرار رفع التسعيرة لخطوط النقل بين المحافظات”. وقال: “هذا القطاع عرف عنه الانتظام والوضوح ولهذا يفترض من أصحابها أن يعلنوا عن خفض التسعيرة الحالية لا سيما وأنه قد تم خفض أسعار المشتقات النفطية”.
ويواصل بالقول: “الواضح في هذا البلد أنه في حال تم ارتفاع الأسعار فيه لن تعاد إلى قيمتها الأولى إلا بالقوة والفوضى”.
وعلى صعيد آخر تشهد أسعار الكثير من المنتجات والصناعات الرئيسية وكذا المواد الغذائية ارتفاعا ملحوظا منذ قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهي أيضا بدورها لم تلق أي انخفاض في أسعارها رغم انخفاض أسعار المشتقات النفطية منذ ما يقارب الأسبوع، بل شهدت ارتفاعا ملحوظا مع دخول موسم عيد الأضحى المبارك، وقد دعت وزارة الصناعة والتجارة في تعميم لها أصدرته يوم الأحد الماضي مكاتبها في الأمانة وبقية المحافظات إلى مراجعة الأسعار وضبطها وفق نسب التغيير في هذا الجانب وخصوصا المرتبط بأسعار الرغيف ووزنه، وتفعيل الرقابة على الأسواق وإطلاعها بأية مخالفة سعرية على المواد الغذائية الأساسية وإخطار الوزارة بذلك، إلا أن كثيرا من المواطنين يرون أن مثل هذه القرارات تظل حبرا على ورق في ظل عدم تفعيلها على أرض الواقع وفرض الرقابة الحقيقية على الأسواق التي يصر تجارها على رفع الأسعار بشكل كبير دون أي رادع لجشعهم وطمعهم”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى