اختارت طريق القانون لإثبات حقها العدالة تنتصر لطالبة جامعية تم تزوير درجتها لصالح تعيين ابنة عميد (كلية الهندسة) بجامعة عدن

> تقرير/ جهاد محسن

> بعد صبر وإصرار ومتابعة ملحة استمرت لعامين نجحت الطالبة في كلية الهندسة بجامعة عـدن (نعمة محمد عزعزي) من استعادة درجاتها المستحقة بموجب حكم قضائي من المحكمة الإدارية الابتدائية بعـدن بعد أن تم التلاعب بها، وإسقاطها من قبل إدارة كلية الهندسة لصالح تعيين ابنة العميد كمعيدة بالكلية، وعلى حساب استحقاق الطالبة، وحساب بقية الطلاب المتفوقين.
الطالبة (نعمة) التي سلكت مسار القانون والعدالة بمعية زميلتها الدارسة معها بنفس الكلية والمستوى (بشرى هشام باشراحيل)، والتي تعرضت هي الأخرى للظلم والإجحاف بإسقاط درجاتها المستحقة استطاعتا من إثبات حقهما بروح الإصرار والمثابرة، وأن يبرهنا صورة حضارية وواعية للطلاب الجامعيين، حين تقدمتا بدعوى قضائية لإلغاء القرارات الإدارية المجحفة التي اتخذتها إدارة كلية الهندسة بحقهما.
وقضى منطوق الحكم الصادر يوم 32 سبتمبر الماضي عن المحكمة الإدارية الابتدائية لصالح الطالبتين (نعمة وبشرى) “بإلغاء قرار مجلس كلية الهندسة بحجب نتيجة الطالبة “نعمة” مع إلغاء الدرجة المضافة للطالبة وئام صالح مبارك بن حنتوش (ابنة عميد كلية الهندسة)، وإعادة حساب المعدل التراكمي بين المدعية “نعمة عزعزي”، وابنة عميد الكلية، وإلزام المدعي عليهما (نيابة شؤون الطلاب بجامعة عدن ـ وكلية الهندسة) بدفع تعويض (مليون ريال يمني) للمدعيتين بسبب حرمانهما من درجاتهما المستحقة، وكذا دفع (مائة ألف ريال) أتعاب مقاضاة”.
حكم المحكمة الإدارية، والذي أثار الكثير من الارتياح والسعادة بين طلاب جامعة عـدن وعمادة وأستاذة الجامعة جاء ليؤكد واقعة التزوير والتلاعب بدرجات “الطالبتين” لغرض تعيين ابنة العميد كمعيدة في الكلية، وحرمان الطالبة “نعمة” من وظيفة أكاديمية مستحقة بقرار تعسفي أصدره مجلس “كلية الهندسة” في مايو 2013م، وأقر فيه على حجب النتائج وعدم صرف أية وثيقة تأكيد أو صحة إثبات تخرج لفترة عام دراسي لـ “الطالبتين المتظلمتين”، بل وعمد وبصورة سافرة ومكشوفة باعتماد درجة مضافة غير مستحقة للطالبة وئام صالح مبارك (ابنة عميد الكلية) على الرغم من عدم صدور كشف موقع من أستاذ المادة.
ولاشك أن هذا الحكم القضائي العادل قد أثبت أيضاً عن وجود قضايا ممثلة لطلاب آخرين تعرضوا للضيم والإجحاف في درجاتهم المستحقة، ولم يتمكنوا من اللجوء إلى القضاء خشية من نفوذ وديكتاتورية بعض المسؤولين في جامعة عـدن، والذين سمحوا لأنفسهم التلاعب بمصير الأجيال إرضاءً لرغبات أبنائهم، ومنحهم درجات ومراتب وظيفية غير مستحقة.
**ممارسات تعسفية مفضوحة**
تعتبر قضية الطالبة “نعمة” التي تخرجت في السنة الدراسية 2011م / 2012م أنموذجاً راقياً للطالب الجامعي الرافض للظلم، والمطالب بإصرار على استعادة حقوقه، والوقوف أمام عتاولة الفساد ومقارعتهم مهما كان الثمن.
وحكاية الطالبة “نعمة” التي أنهت الدراسة الجامعية (خمس سنوات) بعد أشهر وليالي قضتها بالجهد والسهر والمثابرة محققة كل عام (المركز الأول) على دفعتها، وتطمح إلى تحقيق المزيد من الدرجات الأكاديمية التي تساندها لمواصلة الدراسة العليا.
لكنها وجدت طموحها يتهاوى أمام عربدة الفساد المهيمن على كلية الهندسة، والتي لجأ عميدها “صالح مبارك بن حنتوش” بوسائل مفضوحة إلى إقصائها، ممهداً الطريق لابنته “وئام” الدارسة معها في نفس الدفعة قسم (هندسة معمارية)، بغرض تعينها لشغل وظيفة معيدة بالكلية، بعد قيامه بتعديل (تزوير) درجات موادها خلافاً للقوانين والأنظمة المعمول بها، وبعلم ومحاباة بعض الأساتذة المرتبطة مصالحهم مع قيادة الكلية.
ولم يقتصر قرار خصم 10 درجات الذي اتخذته إدارة الكلية بحق الطالبة “نعمة”، بل شمل القرار التعسفي عددا من طلاب قسم الهندسة المعمارية (الذي تدرس فيه ابنة العميد) بهدف التغطية على حرمان الطالبة من درجات مشروع التخرج (5×8= 40 درجة)، وإعطاء الدرجة الكاملة لابنة العميد، وزيادتها 4 درجات إضافية في البحث الاختياري بغرض تمكينها من الحصول على “المرتبة الأولى” بفارق درجة واحدة عن الطالبة “نعمة”، وفقاً لما أظهره كشف الدرجات المقيدة في سجلات الكلية الخاصة بابنة العميد، والذي كشف فيه أن درجات إحدى موادها قد تم رفعها وزيادتها دون علم أستاذ المادة.
الإجراءات والممارسات الظالمة التي تعرضت لها الطالبة “نعمة” أعطتها الحق في تقديم سيلاً من التظلمات والمناشدات، والتي جرى تجاهلها وبتعمد من قبل عمادة الكلية إرضاء لرغبات العميد، ما دفع الأخير إلى ممارسة المزيد من إجراءات التعسف والانتقام من الطالبة المتظلمة، وقام باتخاذ عقوبة حجب النتيجة عنها وبصورة مزاجية لمصلحة تحقيق رغبات ابنته.
وبالنظر إلى محتوى القضية التي رفعتها الطالبة المتظلمة فإنه لو تم إعادة الدرجات المستحقة التي تم خصمها منها، وأعيد تقييم المشروع، ورفع الدرجة إلى 46 كأقل تقدير مع احتساب 5 درجات الخصم، ودرجة واحدة إضافية للتقييم فإن “نعمة” ستكون مستحقة بجدارة للمركز الأول بين طلاب القسم، وهذا ما كان يسعى ضده عميد الكلية، محاولاً عدم تنفيذه حتى يعطي المجال لابنته في تولي وظيفة (معيدة) بالكلية.
**تظلمات تم تجاهلها**
لم تشأ الطالبة “نعمة” السكوت عن حقها وهو يستباح لصالح غيرها، ولم تلجأ إلى القضاء إلا بعد أن استنفذت كل الوسائل القانونية المتبعة في اللوائح الداخلية، وقامت بطرق أبواب كل المعنيين في كلية الهندسة، وإدارة جامعة عـدن، وتقدمت بالكثير من المناشدات والتظلمات علها تفلح بإعادة درجاتها، لكن - وبرغم كل ذلك - لم تحصل على ردود منصفة.
وكثيرة هي المناشدات التي رفعتها وتم تجاهلها، من بينها مذكرة (تظلم) قدمتها لنائب رئيس جامعة عـدن لشؤون الطلاب، والتي أشارت فيها إلى “إتمامها للفترة الدراسية 2011م/2012م، قسم هندسة معمارية بكلية الهندسة، وقيامها بمناقشة مشروع التخرج في 25 ديسمبر 2012م، بعدما أدرج اسمها ضمن الطلبة المحددة أسمائهم للنقاش خلال الفترة من 22 وحتى 25 ديسمبر من عام 2012م، ونتيجة ظرف صحي منعها من الالتزام بالموعد المحدد، وعملاً بنظام وقوانين الجامعة قامت بإحضار ورقة طبية معمدة من مركز الرعاية الصحية للجامعة، وتسليمها لرئيس قسمها”.
لكن وبعد مرور 18 يوماً من مناقشة مشروعها اكتشفت عدم اعتماد ورقتها الطبية، وتم خصم 10 % من درجة المشروع، وهو ما يعني خصم 80 درجة من الدرجة النهائية للمشروع، بالاعتماد إلى أن عدد الساعات المعطاة لمشروع التخرج في قسم “الهندسة المعمارية” تقدر بــ8 ساعات، وهو ما يعني أن خصم 10 درجات يقابله خصم 80 درجة من الدرجة النهائية للمشروع، والذي بسببه تم حرمانها من المركز الأول على الدفعة، وحرمانها من وظيفة معيدة بالجامعة.
وفي مناشدة أخرى قدمتها إلى عميد كلية الهندسة الدكتور صالح محمد مبارك، وجرى إهمالها بعد مطالبتها بإعادة النظر في التظلم المقدم من قبلها، أو ستلجأ مضطرة للقضاء في حالة عدم اعتماد درجاتها المستحقة.
وذكرت نعمة في مذكرتها مخاطبة عميد الكلية أنه “وبعد متابعة دامت لأكثر من شهرين لم يتم النظر في التظلم المقدم لديكم، وعليه أتقدم إليكم مرة أخرى بإعادة النظر في التظلم المقدم باعتماد الورقة الطبية، وإعادة درجاتي التي اعتبرها عصارة جهود بذلته طوال سنوات من الدراسة، وتم خصمها بوسيلة مخالفة للأنظمة واللوائح والقوانين المعتمدة في جامعة عـدن”.
وفي سياق الممارسات التعسفية التي تمارسها إدارة كلية الهندسة بحق طلابها نجد الطالبة “بشرى هشام باشراحيل” إحدى الطالبات اللاتي تعرضن لوسائل التدليس والتزوير في درجات مستحقة لها.
حيث قامت “بشرى” من جانبها برفع مذكرة تظلم مماثلة مع زميلتها “نعمة” إلى كل من الجهات المعنية في جامعة عـدن، ممثلة بنائب رئيس جامعة عدن لشؤون الطلاب، ورئيس نقابة هيئة التدريس، وأعضاء مجلس الكلية، ورؤساء الأقسام العلمية، وشرحت فيها أسباب ونتائج الظلم الذي تعرضت له، لكن دون أن تجد صدى وإنصاف من أحد.
**السبيل الوحيد هو القضاء**

ظلت الطالبتان “نعمة وبشرى” وبإصرار عجيب على استخدام كل الوسائل القانونية في استعادة درجاتهما المستحقة، ولم تيأسا من حالة الجمود والتطنيش التي كانتا تتعرض لها في كل مرة، وبعد التجاهل المتعمد التي واجهته الطالبتان المتظلمتان من قبل عميد وإدارة كلية الهندسة، قام مساعد نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب الدكتور عبدالكريم عبدالله فارع بتوجيه رسالة إلى رئيس جامعة عـدن، الدكتورعبدالعزيز بن حبتور، راجياً فيها التعاون بسماع تظلمهما، ولم تكن هناك أية استجابة لسماع الشكوى من قيادة الجامعة والتي تركت الأمر معلقاً أمام الطالبتين، ما دفعهما للجوء إلى القضاء الإداري في عـدن.
وفي أول مذكرة رسمية وجهتها المحكمة الإدارية الابتدائية في عـدن إلى رئيس الجامعة في 21 أغسطس 2012م، وطالبت فيها بتوقيف إجراءات المفاضلة والتعيين في درجة المعيد في كلية الهندسة بقسم الهندسة المعمارية، حتى يتم الفصل النهائي بالدعوى المقدمة من المدعيتين نعمة محمد عبده عزعزي وبشرى هشام باشراحيل ضد شؤون الطلاب جامعة عدن وكلية الهندسة المعمارية، حيث ألزمت المحكمة في مذكرتها المعنيين في جامعة عـدن بتنفيذ وقف إجراءات المفاضلة والتعيين، كون عدم التنفيذ يشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
وبعد عامين من إجراءات التقاضي وتقصي مضمون التظلمات قررت المحكمة الإدارية بإنصاف كل من “نعمة” و “بشرى”، وذلك بعد أن أصدرت حكمها العادل، “بإعادة دراجتهما المستحقة، وإلغاء الدرجة المضافة لابنة عميد الكلية، وهو القرار الذي أعاد منح الثقة للعديد من الطلاب المتضررين باللجوء إلى القضاء لانتزاع حقوقهم ودرجاتهم المسلوبة بعيداً عن الضمير الأكاديمي، وتحت ذرائع تخضع لأهواء ومزاجية بعض العمادة والمسؤولين في كليات جامعة عـدن.
**مثال يحتدى به**
لاشك أن حرص الطالبتين المدعيتين للمطالبة بدرجاتهما عبر القضاء الإداري، وعدم رضوخهما للظلم الذي تعرضتا له سلوك ينم عن وعي راق من شأنه أن يشجع، ويفتح الباب على مصراعيه أمام طلاب “جامعة عـدن” بتقديم تظلماتهم للقضاء بعد ثبوت حالات تلاعب تطال الملفات الامتحانية، وضبط حالات تزوير تمس درجات مستحقة للطلاب في المعدل التراكمي لصالح آخرين.
وهو سلوك من شأنه أيضاً أن ينصف كافة المتظلمين من الطلاب والخريجين من جامعة عـدن باتخاذ مسار القضاء لاستعادة حقوقهم المتمخضة عن سنوات من الكد والجهد العلمي، وأن يعيد الاعتبار للمؤسسة العلمية والأكاديمية العريقة، والمساهمة في تقويم العملية الجامعية التي لازالت ترضخ تحت وصايا المتلاعبين بمستقبل الأجيال الواعدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى