تـعـز .. مقلب مفتوح للقمامة وعمال النظافة يبحثون عن حقوقهم

> استطلاع / فهد العميري

> تنتشر القمامة في محافظة تعز بشكل مهول وتحتل مساحات واسعة من الشوارع وعلى الأرصفة وعلى جنبات الطرق وفي الحارات، في ظل غياب شبه تام لعمال النظافة الذين قلما تلمحهم ينظفون شارعا أو يحملون القمامة إلى العربات المخصصة، لها ناهيك عن عدم تحمل الجهات المختصة لمسؤولياتها القانونية والأخلاقية.
«الأيام» استطلعت وضع النظافة بالمدينة وخرجت بالحصيلة التالية.
أينما وليت وجهك في مديريات مدينة تعز: المظفر، القاهرة، صالة، فثمة شوارع غير نظيفة وقمامة متكومة تزداد تعاظما بين الفينة والأخرى وتجبر المارين على تكميم أنوفهم كي لا تستبيح صحتهم وتحيل ما تبقى من حياتهم إلى معاناة لا تتوقف، وما أن ينظف شارع حتى تعود القمامة إلى سيرتها الأولى من التكوم والانتشار، الأمر الذي يهدد بحدوث كارثة بيئية ووبائية يدفع المواطنون ثمنها من صحتهم واستقرارهم المعيشي ناهيك عن تشوه منظر تعز عاصمة الثقافة اليمنية.
الناشط رضوان الحاشدي
الناشط رضوان الحاشدي
الناشط رضوان الحاشدي تحدث عن ذلك بالقول: القمامة انتشرت في تعز بشكل كبير ومخيف، ونحن نشاهدها، شاهدنا العجب، حيث تم وضع القمامة في أماكن بحياتي ما رأيتها فيها، لدرجة أننا شكونا أنها موضوعة بفعل فاعل، وعلى إثر ذلك اتجهنا إلى مكتب النظافة، فوجدنا أن المدير غازي أحمد علي مسافر، وسألنا النائب والقائمين على العمل فأفادوا بأن المدير سافر الجمعة والسبت أضرب العمال، ولم يستطيعوا أن يتوصلوا معهم لحل قبل العيد، كون المدير مسافرا والمحافظ أيضا مسافرا من قبل شهر. فقلنا لهم: ألن تستطيعوا أنتم ووكلاء المحافظة أن تفعلوا شيئا؟ قالوا: لا. يعني إما أن يرجع مدير الصندوق لتسيير العمل أو المحافظ أو يقوم المحافظ بالتوجيه بحل المشكلة، فالشوارع امتلأت بالقمامة والكارثة البيئية حلت ولا يوجد بالسلطة المحلية أو المحافظة من يقدر أن يتصرف وينقذ المحافظة وأبناءها من خطر القمامة”.
**شبعنا وعودا**
وتابع سرد الكارثة بالقول: قمنا “نشطاء وإعلاميين” بتسليط الضوء على مشكلة القمامة، ولكن للأسف المطبلين والبطانة السيئة للمحافظ وهم سبب إضرابات عمال النظافة هاجمونا وكل من ينتقد الوضع، ورموا الاتهامات والإشاعات ضدنا، وفي الأخير كلف المحافظ مدير مكتبه بالعمل ليلا لتنظيف تعز، وللأسف 50 % من العمل كان عبارة عن صور وفرقعة إعلامية، فأكثر الأماكن التي كانوا ينشرون أنهم نظفوها نزورها في الصباح لنجد القمامة موجودة، وبعدها أطلقوا إشاعات بأن هناك فاسدين ومتورطين وأن القمامة مفتعلة، وقال المحافظ بأنه سيعود ويحاسبهم، ويضرب بيد من حديد، ولكن للأسف ها نحن ننتظر ونأمل أن يصدقوا بما قالوا ولو أننا شبعنا وعودا، والقمامة مازالت موجودة بالشوارع.
**لا توجد آلية للرقابة**
قمامة تتكدس على الرصيف
قمامة تتكدس على الرصيف

أسباب عديدة أدت إلى توقف أعمال النظافة، ومن ثم تحولت مدينة تعز إلى مقلب قمامة مفتوح. تحدث عن ذلك الأخ عدنان جامل نائب مدير إدارة الضبط القضائي بمشروع النظافة قائلا: يرجع انتشار القمامة إلى عدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب داخل المشروع منذ سنوات عديدة، وعدم وجود آلية إدارية للرقابة على العمال وعدم تقسيم عمال النظافة في مربعات مخصصة لكل عامل وعدم توزيع المعدات في خط سير معين لكل معدة على مستوى الدوائر في المديريات. ونجد في بعض الأماكن نقل البراميل من مكان الى آخر دون علمنا خاصة مع بقاء القمامة لأكثر من يومين وهناك نقص في براميل القمامة.
عدنان جامل
عدنان جامل

وبخصوص اجراءات ضبط المواطنين المخالفين قال: حتى اللحظة احلنا الى النيابة 1200 مخالفة تقريبا وهناك مخالفات يتم استكمال اجراءات احالتها ولا يوجد تعاون من قبل ادارة الامن بالشكل المطلوب، واطالب الامن والنيابة بتنفيذ ما ورد في محاضر الضبط واتخاذ اجراءات صارمة ضد المخالفين وقد تحصلنا خلال شهر سبتمبر على مليون ريال من الغرامات وفي اجازة عيد الاضحى ثلاثمائة وخمسين الف ريال.
**بوجود الفاسدين لن يتحسن الوضع**
من جهتها تحدثت الينا الأخت ارتفاع القباطي نائبة مدير شؤون الموظفين بمشروع النظافة وأمين عام النقابة قائلة: المقلب منتهي الصلاحية كما ان المشايخ يمنعون نقل القمامة إليه، وهو مكشوف وبحاجة الى تسوير ومعدات ثقيلة تقوم بعملية الردم بصورة مستمرة، وهذه اجراءات مؤقتة كي لا يتوقف العمل، والمفروض وجود مقلب خارج المدينة، والآن لا يوجد اضراب فالإضراب يكون عبر النقابة العامة ووفقا لقانون النقابات لكن الاشكالية وجود شلل تقوم بإغلاق المشروع وبصورة مستمرة وهذا يعرقل اعمال النظافة لما يترتب عليه من عدم خروج المعدات، فمثلا قبل العيد اغلق المشروع اربع مرات لأسباب مختلفة والان اغلق المقلب.
وعن ابرز المشاكل التي تواجه اعمال النظافة قالت: كان المدير الجديد غازي علي احمد قد بدأ بوضع آلية لتنظيم العمل ولكن الرحلة العلاجية لوالده أجلت تنفيذ ذلك ومن ضمن المشاكل في المشروع عدم وجود هيكل تنظيمي للصندوق إضافة الى عدم تثبيت الاداريين حسب محضر الاتفاق مع اللجنة الوزارية والنقابة، ويوجد عمال وهميون يتبعون المشروع، ولن تكون المعالجة الا بتطبيق نظام البصمة ونحن بصدد تنفيذه وبانتظار عودة المدير من السفر.
وطالبت قيادة السلطة المحلية بتثبيت من تبقى من عمال النظافة والاداريين الذين هم العمود الفقري لصندوق النظافة واصلاح المعدات التي تفتقد للصيانة بسبب نقص قطع الغيار ومعالجة اوضاع المقلب وانتشال الفاسدين من جذورهم من المشروع لأنه بوجود الآليات مع وجود الفاسدين لن يتحسن الوضع. حسب قولها.
**العمالة الوهمية كبيرة ومؤثرة**
تيمور آدم سيف
تيمور آدم سيف
الأخ تيمور آدم سيف نائب مدير ادارة العمليات ونظم المعلومات تحدث الينا بالقول: قضية العمالة الوهمية هذه قضية جذورها متشابكة جداً ويعود تاريخها واسبابها لزمن عدة ادارات متعاقبة، وهي مشكلة متراكمة والاخ غازي مدير المشروع شكل لجنة انا عضو فيها للكشف واعداد إحصائية دقيقة عن هذه المشكلة، فلا توجد احصائية حتى الان ولكن العمالة الوهمية عددها كبير ومتنوع فهناك عمالة تم توظيفها في زمن محافظين سابقين وهم اولاد مدراء عموم سابقين وابناء شخصيات نافذه ومرافقين وما الى ذلك وتم توظيفهم كعمال ونوع اخر كبير في السن ولا يستطيع ممارسة عمله ونوع (راقد) في البيت مقابل خصم مبلغ شهري من راتبه ونوع رابع وهمي بمعناه الحقيقي يعني غير موجود اي مسافر خارج المحافظة وما الى ذلك، والنوع الاول والاخير (ابناء الشخصيات النافذة والوهميين غير المتواجدين) عددهم قليل جداً، والعدد الأكبر هم عمال نظافة مهمشون يعملون في وظائف حرة كغسيل السيارات وخرازين وعمال بالمجاري، ويتم التغطية عليهم من قبل مسئولي المناطق الذي يعملون فيها، وفي حال نزول لجنة يتم استدعاؤهم في الحال، وهنا تكمن الصعوبة في كشفهم، وهذا العدد مؤثر جداً من ناحية العمل.
وتابع حديثه بالقول: اختفاء البراميل من الشوارع له شقيان رئيسان الاول: هو غضب المواطن العادي من وجود برميل جوار منزله ولا يتم افراغه بشكل دوري فيقوم المواطن بنقله او اخفائه، والشق الاخر هو ان هناك من يدفع مبالغ مقابل نقل البرميل من امام مؤسسته أو محله أو مركزه.
**العمال مظلومون**
لم يجد المواطن خيارا سوى إحراق القمامة
لم يجد المواطن خيارا سوى إحراق القمامة

لعمال النظافة الذين توجه اليهم أصابع الاتهام باكتظاظ الشوارع بالقمامة “مطالبهم الخاصة ومعاناتهم اللا متناهية” فالرواتب ضئيلة جدا ولا تمكنهم من الوفاء بأبسط التزاماتهم المعيشية، ناهيك عن عدم تثبيتهم ومنحهم تأمينا صحيا يتناسب والمخاطر المحتمل تعرضهم لها مما يجعل مستقبلهم ومستقبل من يعولون على كف عفريت، اذا ما انتابهم مرض عضال أو عجز يقعدهم عن مواصلة العمل.. عن ذلك تحدث الينا الموظف الميداني في صندوق النظافة الأخ عارف سعيد مرشد قائلا: العمال اكبر مظاليم على وجه الارض، لأنه في عصابات مافيا واستغلال تام لهم بدون أي رادع، فالعامل يتسلم عشرين الفا، حق ايش؟!. وهو يعمل في الشمس والريح ويمرض ولا يحصل حبة علاج مقابل خدمته، معنا عامل توفي له ثلاثين سنة يخدم واستبدلوه بعامل لمدة شهرين رغم ان الاستبدال موقف منذ اكثر من سنة ولكن في ناس ما عندهم ضمير اطلاقا.
عارف سعيد مرشد
عارف سعيد مرشد

وتابع سرد بعض الانتهاكات التي تطال العمال قائلا: هناك عمال لهم اكثر من اربعين سنة وغير مثبتين و(مكنونا) سنثبتكم سنثبتكم!! وهذه ابر مهدئة من اصحاب القرار ولا نجد شيئا، الا وقد خرجت النفس باعتصامات وبيانات وهي حق من حقوقنا كما ان الموظف غير المباشر يتسلم ستين الفا ويطالب بالمزيد ونحن نتسلم عشرين الفا، ولو قلنا سنعلم ابناءنا لن نستطيع لان راتبنا ضئيل جدا فأنا أوفر حق البر والدقيق ومصاريف البيت أو اعلم ابنائي؟!. وتعود الاضرابات المتكررة الى انعدام التثبيت وانعدام التأمين الصحي وضآلة الراتب.
وعن تراكم القمامة في الشوارع رغم عدم وجود اضراب في الوقت الحالي قال: يرجع ذلك الى عدم وجود الوازع الديني لدى المواطنين كما ان المعدات بحاجة الى قطع غيار فهي تالفة اضافة الى اغلاق المقلب لعدة مرات من قبل نافذين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى