مضامين بارزة في أدب قضية الجنوب

> د. عبده يحيى الدباني

> كُنَّا في حلقتين سابقتين قد تحدثنا عن ضرورة جمع أدب قضية شعب الجنوب وتوثيقه ودراسته، وقد ألمحنا إلى مصادره، وفي هذه الحلقة نستعرض بإيجاز أبرز المضامين التي زخر بها ذلك الأدب لا سيما الشعر الشعبي والشعارات الثورية، فمن هذه المضامين بيان غدر الطرف الشمالي في الوحدة، وكشف نواياه الشريرة الانتقامية ضد الجنوب، ومن المعاني أيضًا التعبير عن طبيعة المجتمع الجنوبي وعن هويته، والتمسك بهذه الهوية، والتغني بتاريخ الجنوب، وتثوير الشعب وتنويره في سبيل النهوض بقضيته العادلة، وزرع الثقة فيه بأنه صاحب حق وبأن شركاء الوحدة قد نكثوا العهود وحولوا الوحدة إلى إقصاء.
وكان أجمل ما في هذا الأدب الثوري الجنوبي قوة الإيمان بالنصر التي ترددت أصداؤها في الشعر والنثر، والأجمل من ذلك أن هذا الأدب جاء موحدًا وطنيًا وثوريًا، ولم تتنازعه القوى السياسية الجنوبية المختلفة، لأنه ارتبط بالشعب وقضيته ومعاناته، وليس بالنخب السياسية، وكثيرًا ما دعا الأدب إلى توحيد الطاقات الاجتماعية والقوى السياسية موجهًا الجميع إلى ضرورة الولاء الوطني للجنوب، وقد نهض بإقامة الحجة على الإقصائيين، وعلى فشل الوحدة وموتها في مهدها، وقد استطاع أن يفكك الخطاب الإعلامي والديني الذي كان يروجه الإقصائيون في تخدير الشعب، كما استطاع أن يكسر حاجز الخوف لدى الناس من بطش الإقصائيين وأساليبهم، وكشف سياسة الترغيب والترهيب التي اعتنقها، مثل ما عبر هذا الأدب عن معاناة شعب الجنوب في ظل التهميش والإقصاء، وفي ظل ثورته السلمية التحررية وما لاقاه من بطش وعسف وقتل وتنكيل واعتقالات وغيرها.
كما استطاع هذا الأدب الجنوبي الثوري التأثير إلى حد ما في شعب الشمال بعدالة ثورة الجنوبيين ومشروعيتها وبما جرى عليهم من إقصاء وظلم وغيرهما.
ولم ينسَ الشعراء والأدباء في خضم الثورة أن يرثوا الشهداء رثاءً صادقًا ويستلهموا العبرة من هذه التضحيات ويوظفوها في أدبهم من أجل إذكاء شعلة الثورة، كما رسموا في أشعارهم الخريطة الجنوبية؛ إذ تعانقت مناطق الجنوب في القصائد والأناشيد معززة التصالح والتسامح والمحبة والوئام ووحدة المصير وللحديث بقية إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى