أخر تحديث للموقع
الاثنين, 19 مايو 2025 - 02:45 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • من قلب عدن: ساحة العروض تجسد إرادة الشعب الجنوبي

    حافظ الشجيفي




    في قلب مدينة عدن، وتحديدًا في ساحة العروض التاريخية في خورمكسر، تجلت صورة حية لشعب عظيم يخرج ليعبر عن إرادته وتطلعاته بشكل سلمي، رغم قسوة الواقع الذي يعيشه، كانت المظاهرة الجماهيرية الحاشدة تسير بخطى ثابتة ومنظمة، كسيل بشري واعٍ يردد هتافاته بحرية وكرامة، ويرفع رايات الجنوب شامخة، مطالبًا بحقوقه المهدورة، رافضًا السياسات التي أثقلت كاهله وأرهقت حياته.

    لقد سار الحراك الجماهيري في الساحة الملهمة بهدوء وسلاسة، يشهد لها الجميع، بتنسيق عفوي يعكس وعي الشعب ورغبته الصادقة في التغيير السلمي. وكان لرجال الأمن دور مشكور في تأمين المتظاهرين، حيث تعاملوا مع الحشود بمهنية وأخلاق عالية، مدركين أن واجبهم الأول هو حماية الحق في التعبير السلمي.

    لكن ومع اقتراب المظاهرة من لحظاتها الأخيرة التي كان يفترض أن تتوج بالخطابات الختامية على المنصة، ظهرت عناصر مندسة شرعت في استفزاز رجال الأمن من خلال رشقهم بالحجارة وتوجيه الشتائم لهم بهدف جر المظاهرة السلمية إلى الفوضى والانحراف بها عن مسارها الحضاري الراقي، تحقيقًا لأجندات لا تخدم الشعب الجنوبي وتطلعاته.

    وفي لحظة كهذه، اخترق صوت إطلاق النار الأجواء السلمية التي سادت المظاهرة. حيث أطلق رجال الأمن الرصاص في السماء ردًا على تحرش بعض المندسين بهم، بقصد حرف المسار السلمي للمظاهرة. وفي هذا المشهد المعقد يتجلى بوضوح أن هناك من لا يريد لهذا الشعب أن يعبر عن نفسه بحرية ورقي. فهناك أطراف تحركها أجندات تسعى بقصد وتعمّد إلى إثارة الفوضى وتشويه صورة المظاهرة الحضارية للشعب الجنوبي.

    إلا ان رجال الأمن كانوا بالمرصاد لأي محاولة لجر المظاهرة إلى مربع العنف والتخريب، وتعاملوا مع الموقف بمسؤولية مطلقة، وسيطروا على الحالة بحكمة واقتدار. ليثبتوا أن إرادة السلم أقوى من مخططات الفوضى، وأن الوعي الشعبي والأمني كان أكبر من حيل المخربين.

    إن ما حدث في ساحة العروض هو درس بليغ يؤكد أن الطريق نحو تحقيق المطالب المشروعة ليس مفروشًا بالورود، وأن هناك من سيحاول دائمًا وضع العراقيل وبث سموم الفتنة لإجهاض الحراك الشعبي السلمي. ولكنه في ذات الوقت دليل على صلابة هذا الشعب وتشبثه بسلمية مطالبه ووعيه بخطورة الانجرار إلى مربع لا يخدمه.

    كلمة الشعب هي الفصل حقًا، لكن قوتها تكمن في وحدتها وسلميتها ووعيها بالتحديات المحيطة. فالتصدي لأصوات النشاز ومحاولات التخريب ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، بل هي مسؤولية كل مواطن يؤمن بقضيته ويريد لها أن تنتصر بأشرف الطرق وأسلَمها.

    لتظل ساحة العروض منارة للنضال السلمي، وليظل صوت الشعب هو الأعلى، نقياً من العنف والفوضى، قويًا بالحق والمطالب العادلة. فبالسلمية وحدها تبنى الأوطان وتستعاد الحقوق وتكسر رموز الفساد، ويبقى الشعب هو السيد على أرضه ومقدراته.

المزيد من مقالات (حافظ الشجيفي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال