الأحد, 18 مايو 2025
82
هكذا رفع بعضهم صوته مطالبًا بخدمات الماء والكهرباء كما رفعوا شعار المطالبة بحياة كريمة بعيدًا عن المعاناة القاسية التي سحقت الجميع، وهكذا تنوعت الشعارات المرفوعة التي تعبر عن ما آل إليه حالنا وفي الجنوب من فساد وسوء إدارة حياة المجتمع.
الكل ساخط على الفساد المستشري، الأمر اللافت أن البعض لا يرى فيما ترفع من شعارات معبرة عما يريد رغم أن من أبرز احتياجاته الخدمات والوضع المعيشي لكنه لا يريد ذلك تحت راية الجنوب ولا مسمى الجنوب، على اعتبار أن كل من ينتمي للجنوب عليه أن يتخلى عن كل ما يتصل بذلك طالما وأن هناك فاسدين في الانتقالي.
فهل من المنطقي أن يشار إلى عدم صلاحية الانتقالي بكل هيئاته ونسلم بما تريده تلك الأطراف التي تلعب على وتر معاناتنا وتحدث الشقاق الجنوبي لأهداف معروفة لا تخدم قضية شعبنا ثم أليست مطالب استعادة الدولة الجنوبية أو الحل السياسي هو الركيزة الأساسية لحل كافة المشكلات المتفاقمة خصوصًا على الصعيد المعيشي فكل محاولات الحلول على مدى سنوات لم تأتِ بنتيجة وما وصلنا إليه من فساد عارم وتدهور معيشي وغياب الخدمات هو ناتج عن الوضع المركب المأساوي الذي فرض على الجنوب وعلى قيادته السياسية التي دون شك فقدت الكثير من قاعدتها الشعبية بحكم عدم قدرتها على حل المشاكل القائمة ولا تمتلك الموارد التي يمكنها أن تحقق ذلك.
لاشك أن الانتقالي لا يخلو من الفاسدين ولكن هل ينبغي أن نسلم بفشل الثورة الجنوبية بكل ما قدمت من تضحيات ونحمل الانتقالي وزر كل ما نعانيه ولا نأخذ بمنطق الأشياء بصورة واقعية بمعنى أن فساد عناصر معينة في الانتقالي ينبغي ألا يجرنا إلى مربع يبعدنا عن صلب قضيتنا.. وذلك ما يسعى إليه البعض ولكن عبر استغلال واقعنا المعيشي وسوء الخدمات.
والمنطق أن نكون جميعًا تحت راية الجنوب وكل شعاراتنا تحت ظلال علمنا وأول مطالبنا هي استعادة دولتنا الكفيلة بتجاوز واقعنا المؤسف منذ أن فقدنا عنوان ومكانة دولتنا.
لا مجال لتحقيق ذلك إلا بالحل السياسي واستعادة الدولة الجنوبية دون ذلك سوف تظل ساحتنا الجنوبية تحت وطأة المعاناة وغياب الحلول لكافة أمورنا الحياتية ناهيك عن أن تأخير الحل السياسي مدعاة لكل التباينات التي تدفع باتجاهها أطراف كثيرة
وهي دوامات مستحكمة لا يمكن الخروج منها بنفس أدوات ما رأينا على مدى سنوات خلت فهل تنجح الأطراف المناهضة للحق الجنوبي في زرع بذور الشقاق على نحو ما يجري رغم أن معاناتنا واحدة وكل آلامنا متماثلة وليس بالضرورة أن تقاس الأمور من زوايا ضيقة وسلوكيات شاذة قضيتنا الأم هي عنوان عزتنا وكرامتنا واستعادة حقوقنا ودون ذلك نظل ندور في حلقات مفرغة.