شرقي سورق بتعز.. منطقة منسية وغياب تام للجهات المسئولة

> تقرير / جميل باعلوي

> منطقة شرقي سورق بمديرية ماوية محافظة تعز من من أكثر مناطق المديرية كثافة سكانية، وتشتهر بزراعة الحبوب والفواكه ومزروعات أخرى، كما أن للمنطقة مكانة تاريخية وأثرية وحضارية، حيث يوجد فيها عدد من المعالم الأثرية والشواهد التاريخية العريقة.
ومع ما تزخر به هذه المنطقة من مقومات تاريخية وأثرية إضافة إلى طيبة أهلها إلا أن ذلك كله لم يشفع لها لتحظى باهتمام الدولة، حيث تفتقر إلى أبسط الخدمات، فلا صحة ولا تعليم ولا طرق ولا خدمة مياه.. معاناة بعضها فوق بعض، في ظل غياب تام للجهات المختصة.
تقع منطقة شرقي بمحافظة تعز على الشمال الشرقي من مديرية ماوية ويسكنها قرابة عشرة آلاف نسمة من السكان يتوزعون على عدد من القرى مترامية الاطراف، والمعاناة ترتسم في ملامح أبنائها وتتجلى كثيراً في ابنيتهم وانعدام الخدمات الأساسية فيها، فمساكنهم متهالكة ويوشك الكثير منها على الانهيار، يقول الأهالي “إن منطقتنا تعاني كثيراً من غياب الخدمات الأساسية، وعدم الاهتمام والإهمال والحرمان”.
المواطن أمين قاسم الشرعي أحد ابناء المنطقة عبر عن جانب من معاناته بالقول: “إن منطقتنا تفتقد إلى مراكز صحية لمعالجة مرضانا وهو ما يضطرنا إلى اللجوء إلى مراكز صحية بمديرية الحشاء محافظة الضالع”.
أما المواطن ناصر محمد أحمد فقال: “منطقتنا بحاجة ماسة إلى مزيد من الجهود لرفع المستوى التعليمي فيها، كون الوضع التعليمي الحالي لا يؤهل المنطقة لتخريج أجيال متعلمة”.
وتابع بالقول: “إننا بحاجة ماسة إلى بناء أساسي يشمل مختلف المجالات كالمياه، والكهرباء، وبناء المشاريع التنموية، والاستثمارية ليمكنها اللحاق ببقية المناطق في المحافظة”.
**مشكلة الطرقات**
بسبب الموقع الجغرافي للمنطقة والمحاطة بسلسلة جبلية حرمها من مشاريع الطرق الرئيسة، وهو ما جعل جميع طرق المنطقة سيئة ووعرة، ومتسببة في حرمان كثير من القرى من وصول السيارات لافتقارها إلى الطرق لوقوعها في مرتفاعات جبلية، والأخرى لا تصل اليها إلا بصعوبة كبيرة.
وتبلغ معاناة الأهالي هنا اشدها في مواسم تساقط الأمطار والتي تتسبب في وعورة الطريق بشكل كبير ويصير من المستحيل على المواطنين العبور فيها.
**وعود كاذبة**
لهذه المنطقة مشروع خاص بالطرق، يقول الأهالي “لقد طالبنا كثيرا الجهات المختصة بإيجاد حلول لها ورصفها ليخففوا من معاناتنا ولكن دون فائدة”.
ويضيفون: “لقد زارت المنطقة عدة لجان حكومية واهلية بهدف إصلاح الطرق ورصفها وشق طرقات جديدة ولكن للأسف لم تشهد المنطقة أي تنفيذ لهذه المشاريع.
أحمد محمد باعلوي
أحمد محمد باعلوي
أحمد محمد باعلوي عضو المجلس المحلي في المنطقة قال لـ«الأيام»: “نعاني أكثر من مشكلة، الطريق لموقع منزلي في تلة جبلية مرتفعة محاطة بساحات مملوكة لأشخاص لم تسمح لي بشق طريق في بداية الأمر، وعندما اتفقت معهم وبدأت بالعمل تفاجأت بعصابة خارجة عن النظام والقانون تمنعني أثناء العمل، مع مصادرة الألات والمعدات الخاصة بشق الطريق وهدم ما تم رصفه بذريعة أن الطريق تمر في المقبرة، علماً بأن الطريق بعيدة عن المقبرة ومخطط لها مسبقاً”.
**الكهرباء منعدمة**
مولد كهرباء
مولد كهرباء

المواطنون في هذه المنطقة ينظرون لخدمة الكهرباء كحلم بعيد المنال نتيجة لتجاهل الجهات المعنية لمطالبهم وعدم تنفيذ وعودها التي قطعتها لهم طيلة السنين الماضية.
يقول المواطنون في هذه المنطقة “الفترة الوحيدة التي نشعر فيها بأن هذه الخدمة ستتحقق هي فترة الانتخابات، نتيجة للوعود المؤكدة التي يقطعها المرشحون في الانتخابات لأبناء المنطقة كتوفير خدمة الكهرباء، وبناء السدود، والحواجز، وشق الطرق، وبناء المدارس، والمرافق الصحية وغيرها من الخدمات التي تصير بعد الأنتخابات سراباً”.
المشاريع التي وعدت الحكومة بتوفيرها لهذه المنطقة كثيرة لاسيما بخصوص خدمة الكهرباء كتوفير محطة كهربائية خاصة بالمنطقة تعمل بكفاءة على توليد الكهرباء، وكذا مشروع الكهرباء العمومية والذي شهد نزول لجنة لقياس المسافة الممتدة بين منطقة الطاحون بمديرية الحشاء في الضالع ومنطقة شرقي سورق بمديرية ماوية في تعز وذلك لمعرفة عدد الأعمدة الكهربائية وما تحتاجه المسافة من أسلاك، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم، ليبقى الأمر في هذه المنطقة كما هو عليه، اناس ما زالوا يعتمدون على أساليب ووسائل الإضاءة القديمة كالفوانيس والشمع.
**نقص في المدارس والمدرسين**
‎مدرسة مهملة في المنطقة
‎مدرسة مهملة في المنطقة

الجانب التعليمي في هذه المنطقة لم يكن احسن حالاً من الخدمات الأخرى، حيث توجد فيها ثلاث مدارس فقط، اثنتان خاصة بالمرحلة الاساسية وواحدة لمرحلة الثانوية العامة، الامر الذي اجبر الطلاب على التعلم في البيوت المجاورة للمدرسة وفي بعض في القاعات المتهالكة والتي توشك على الانهيار في أية لحظة على رؤوس الطلاب والمعلمين، بالاضافة إلى نقص وغياب الكادر التعليمي المؤهل، فمعظم المعلمين في مدرسة 26 سبتمبر شرقي سورق لايحملون شهادات جامعية والبعض الآخر يدرس مواد بعيدة عن تخصصه.
مع عدم الالتزام بالزي المدرسي، الأمر الذي نتج عنه ضعف العملية التعليمية وضعف المستوى الدراسي لدى الطلاب في هذه المدرسة التي تُعد من أقدم المدارس في المديرية وتخرج منها العديد من الكوادر من أبنا المنطقة والمناطق المجاورة كما كانت هي المدرسة الوحيدة التي تحتفي بتربية وتأهيل الأجيال المتعاقبة لتضحى اليوم في وضع يرثى لها لقلة الاهتمام الحكومي وغياب دور الجهات المسئولة المختصة للقيام بدورها.
**أزمة مياه**
يعاني أبناء المنطقة من ندرة المياه، نتيجة لشح المياه في الآبار التي يعتمد عليها الاهالي في المنطقة، الأمر الذي زاد من معاناتهم بشكل كبير واجبرهم على مواصلة البحث في هذه الابار بتناوب طوال ساعات الليل والنهار.
وزادت هذه المعاناة منذ مطلع العام الجاري حيث شهدت المنطقة استنزافا كبيرا للمياه جراء الحفر العشوائي للآبار الجوفية، الأمر الذي تسبب كثيرا في نضوب العيون السطحية.
المواطن توفيق حسن ناصر عبر عن ممعاناته تجاه ازمة المياه بالقول: “أجتهد يوميا بتوفير 40 لترا من المياه للاستخدام المنزلي ومن أماكن تبعد نحو كيلومترين على متن دراجتي، وما يزيد الامور تعقيداً هو وعورة الطريق المليئة بالحفر والرمل والاحجار وغيرها.
**افتقار للصحة**
الدكتور محمد خالد
الدكتور محمد خالد

الوضع الصحي ايضاً في هذه المنطقة هو الأسوأ على الإطلاق من بين المشاريع الخدمية العامة، إذ إن المنطقة تخلو تماما من وجود الوحدات والمراكز الصحية سوى العيادة الخاصة بالدكتور حسان خالد صالح والتي بناها على نفقته الخاصة، لتحتل هذه المنطقة المركز الأول بين المناطق من حيث المعاناة والافتقار للخدمات الصحية.
يقول الدكتور محمد خالد صالح وهو صيدلاني بصيدلية الوحدة في الشاعثة إن منطقة شرقي سورق أكثر المناطق معاناة وافتقارا للخدمات الصحية، وهو ما أجبر أبناءها على معالجة مرضاهم هنا في منطقة الشاعثة بالضالع رغم بعد المسافة ووعورة الطريق وقلة المواصلات.
وأضاف: “يصل إيجار السيارة إلى خمسة آلاف ريال في حالة اراد الشخص اسعاف مريضه، ولهذا نطالب الجهات المختصة بسرعة إنشاء مراكز صحية في المنطقة وتوفير الكادر الطبي والعمل على رفع مستوى الخدمات الصحية في المنطقة”.
**المعالم الأثرية منهارة**
لقد كانت المنطقة آية من آيات الجمال الآسر في مديرية ماوية بمحافظة تعز وكل ما فيها يشهد بأن لها ارتباطا وثيقا بالإنسان اليمني القديم الذي سطر مجده الضارب بأحرف من نور في أعماق التاريخ، ولم تخلُ المنطقة من شواهد التاريخ من القرى والمتاحف والحصون الأثرية المعلقة في قمم الجبال، واخرى متناثرة في السهول والهضاب يفوح منها عبق حقب حضارية تنتسب إلى أزمنة مختلفة.
ويخشى أبناء المنطقة مما شهدته المنطقة من صراعات ونزاعات بين الجهات المعنية والمواطنين لاسيما في موقع (دار هار) الأثري الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على تاريخ المنطقة الفريد وحضارتها العميقة.
**مناشدة**
أبناء المنطقة وجهوا في ختام أحاديثهم مناشدة عاجلة عبر “الأيام” إلى الحكومة والجهات المعنية بالنظر إلى حالهم وأوضاع المنطقة المنسية المحرومة من أبسط حقوقها، والعمل على رفع مستواهم المعيشي وإعطاء المنطقة حق الأولوية بالاهتمام في بنائها وتوفير مستحقاتها من المشاريع الخدمية والتنموية لإخراجها من دائرة الحرمان التي تعيشها المنطقة منذ سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى