مدير عام مستشفى خليفة بتعز لــ«الأيام» : السياسات الخاطئة أوصلت الوضع الصحي إلى حافة الانهيار

> حاوره/ محمد العزعزي

> أكد مدير عام مستشفى الشيخ خليفة في التربة بمحافظة تعز د.عبدالرحمن أحمد صالح أن الوضع الصحي وصل إلى حافة الانهيار في المدينة والتي باتت تعاني نقصا حادا في الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر المؤهلة والمتخصصة نتيجة للسياسات الخاطئة التي تمارسها الحكومية في المدينة.. وقال صالح في حوار أجرته معه «الأيام» بخصوص الوضع الصحي في التربة عاصمة مديرية الشمايتين “إن المرافق الصحية فيها أضحت مبانيَ ليست إلا”، مؤكداً أن المستشفى الوحيد في المديرية يعاني غياب عيادات جراحة المخ والأعصاب والأوعية الدموية والأمراض التناسلية والقلب والشرايين وتجميل الفك ووحدة غسيل الكلى وغيرها من الأمراض.. تفاصيل أوفى تجدونها في سياق الحوار الآتي:
**يُعد القطاع الصحي في مديرية الشمايتين أبرز المشكلات التي تواجه أبناء المديرية.. بنظركم ما هي الأسباب التي أدت إلى الانهيار الصحي فيها؟
- في البدء أشكر «الأيام» لاهتمامها بهذه المديرية التي تعاني من انهيار الوضع الصحي كغيرها في مناطق اليمن، وأما عن الأسباب التي أدت إلى انهيار الوضع الحي في هذه المديرية فيمكن تلخيصها في الآتي:
الموارد البشرية والتي تعتبر هي الجزء الأساسي في تدني الخدمات الصحية في ظل غياب التخطيط الصحي السليم لتوفير الكادر على مستوى الوحدات الطرفية والوسطية، كما أن قلة التوظيف، وبالذات في الجانب التخصصي هو ما أدى إلى تراجع الخدمة وعدم مقدرتها على تقديمها بالشكل الصحيح وفقا للمعايير الصحية العالمية والوطنية، ومن هنا أقول إن التوظيف هو العامل الأساسي والمتمثل في توظيف كوادر الخريجين الاختصاصيين والعام سواء أكان الطبي أو التمريضي أو الفني أو الإداري والعمالة المساندة، ولهذا نحن نعاني في مستشفى خليفة من ضعف وعجز شديد في الكادر الصحي.
ومن ضمن هذه الإشكالات التي نواجهها أيضاً التجهيزات المتمثلة في الطريقة العشوائية في بناء الوحدات والمراكز الصحية، ولهذا نعاني الضعف الحاد نتيجة غياب الخدمات فيتحمل المستشفى مسؤولية جميع السلبيات العائدة من الوحدات والمراكز وانعدام الكوادر في تلك المرافق، وأصبح هذا المستشفى يقدم خدمات رعاية صحية أولية، بالإضافة إلى كونه مستشفى يقوم بتقدم خدمات صحية ورعاية طبية، وهذا كله ينعكس سلبا نتيجة تزايد الأعداد المرتادة إلى المستشفى وعدم وجود خدمات على المستوى الطرفي ووضعها أصبح يمثل عبئا علينا في عملية تقديم الخدمات، وهذه المراكز والوحدات الصحية يوجد بها تجهيزات عادية وبنيت وفق رغبات شخصيات اجتماعية معينة كان لها دور في الدولة ولها تأثير، ومن له معرفة في مكان سكاني بسيط يعتمد له مركز صحي وقد لا يكون محتاجا له، ونجد أنه في بعض المناطق تم البناء وغاب التجهيز وأصبحت هناك مبان بلا معان لا تقدم خدمات، ومن خلال زيارتي للمديرية والمديريات المجاورة ضمن لجنة إشرافية مكلفة من المحافظة وجدت أن هناك مراكز تتوفر فيها بعض الأجهزة التي يجب أن لا تكون هناك وإنما في المستشفى، وعلى سبيل المثال يوجد لدينا جهاز أشعة 300 ملي أمبير وبعض المراكز تقتني جهاز أشعة 500 ملي أمبير ولا يستفاد منه بسبب عطل به، وكل هذا يحدث نتجية غياب التخطيط السليم.
وحدة صحية
وحدة صحية

المستشفى يعاني أيضاً من نقص في الكادر مع غياب تخصصات نوعية فيه في ظل توفرها في مراكز صحية.
ومن أسباب تدني الخدمات الصحية في هذا المستشفى أيضاً الاعتمادات المالية، حيث إن الاعتماد المالي المخصص لهذا المستشفى وغيره من المستشفيات الحكومية لا يتواكب مع الخدمة التي يقدمها هذا المرفق في حال أردنا تقديم خدمات صحية بجودة ترضي المجتمع، ولهذا نقول إنه من الضروري عند وضع هذه الاعتمادات يجب مراعاة خصوصية الخدمة، وهنا أجدها فرصة لأتقدم بشكوى عبر «الأيام» إلى الجهات المعنية بأنه إذا لم يعاد النظر في عملية زيادة الاعتمادات المالية وفقا للمعايير الدولية لخدمة السرير سنظل على ما نحن فيه من التوقف والركود للخدمات الصحية وخلق مزيد من العداء مع المواطنين.
إن الاعتماد الخاص للمشتقات النفطية في المستشفى 175 ألف ريال في ظل الانقطاعات الكهربائية المتكررة والاستخدام المكثف لمادة الديزل في تشغيل المرفق أثناء انطفاء الكهرباء والتي تكلفنا 900 ألف ريال شهرياً، بالإضافة إلى معاناتنا من مشكلة تعطل مضخة البئر والتي تعد المصدر الوحيد للمياه في المستشفى، نتيجة لانتهاء صلاحيتها وتكلفة شراء مضخة جديدة سيكلف مليون و500 ألف ريال، بالإضافة إلى نفقات النقل والتركيب وما هو مخصص لهذه الحالة 165 ألف ريال فقط، الأمر الذي وقفنا أمامه عاجزين كون الاعتماد لا يكفي لحل المشكلة الطارئة، بالإضافة إلى مخصصات الأدوية والمستلزمات الطبية والتجهيزات التي لا يوجد في هذا البند مبلغ كافٍ لشراء الحاجيات الضرورية، وما هو معتمد يخضع للمناقصة مما يعرقل عملية الشراء في ظل البيروقراطية وهو ما يؤدي إلى خلق مشكلات بيننا وبين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
والأثاث والأجهزة الطبية في المستشفى أيضاً قد عفى عنها الزمن، وأصبحت خارج نطاق الخدمة حيث يعود تاريخ تجهيزها إلى عام 1989م، وعند إصلاحها تحتاج إلى مبالغ طائلة، كما أن صيانتها لا يوجد لها ضمانة ولو لشهر، فضلاً إلى انعدام التجهيز المركزي وإن وجد هو بفعل المطالبة المستمرة، ونقص الأكسجين والنيتروز منذ ثلاث سنوات لضعف الاعتمادات الخاص بها.

**أين دور هيئة الأدوية في اليمن؟
- هيئة الأدوية كان في البدء اسمها صندوق الدواء وكنا نتعامل معها في البداية لسببين اثنين هما توفير الخدمة الصحية بأقل وقت وجهد للمريض وبأقل تكلفة والتي تكاد تكون مجانية، غير أن هذه الهيئة تحولت من صندوق الدواء الذي فيه استعادة كلفة بسعر رمزي إلى الإمداد الدوائي على أساس أن تقوم الهيئة في ظل الشكاوى المتعددة من المواطن بعدم توفر المادة له والذي يدفع ثمنها، ثم تحول إلى إمداد وللأسف الشديد انقطع وأصبح عدما، وعلى سبيل المثال ما كان مخصصا لمستشفى خليفة لمادة السبرت 250 لترا شهرياً انخفض إلى 4 لترات لكل ستة أشهر والذي لا يكفي حتى لتعقيم مريض واحد يصل إلى قسم الطوارئ، بالإضافة إلى أن الأدوية الأساسية من الهيئة أصبحت معدومة كمواد التخدير والمهدئات الخاصة لأمراض قبل وبعد العملية، ويجب أن لا تباع وإذا كان هناك رقابة صحية يجب أن تأتي عن طريق القنوات الصحية والإمداد الدوائي لأن اقتنائها من السوق تصبح مادة للادمان وهذه غير متوفرة في المستشفيات، كما تنعدم المستلزمات الطبية مثل الخيوط والقطن والشاش وسوائل المحاليل الوريدية.
ومن الأمراض المزمنة مرض السكر ونعاني شكاوى هذه الشريحة في المجتمع ضمن الأمراض في العالم التي يجب النظر إليها، فالإنسولين من الأدوية الأساسية التي يجب على الدولة توفيرها لكن السياسات الخاطئة وغير المؤمنة بأن هؤلاء الناس أقل ما يمكن تقديمه لهم هو هذه المادة غير المتوفرة منذ ستة أشهر.
**هل لديكم مشاريع متعثرة في هذا المسشفى؟
- نعم هناك مشاريع متوقفة، وتحديدا مشروع وحدة الغسيل الكلوي، ومشروع قسم الطوارئ التوليدية، وهذان المشروعان بنيا على نفقة السلطة المحلية في المحافظة، غير أن المقاول توقف عن العمل بهما منذ عام لأسباب خاصة به، ونتيجة لهذا التوقف في المشروع قمنا بتقديم عدد من المذكرات عبر السلطة المحلية في المديرية إلى قيادة المحافظة، وعادة يكون الرد في كل مرة هو عدم حصول المقاول على المستخلص، وقبل شهر استقبلنا لجنة من المحافظة لاستكمال العمل في مستشفى خليفة ومنذ أربعة أشهر لم يأت المقاول وكان يفترض التشغيل بالمرفقين بداية عام 2012م حسب الاتفاق المبرم.
**شاع بين الناس بأن بعض الأدوية تحولت إلى مواد مخدرة .. ما مدى صحته؟
- هناك بعض الأدوية تباع في المخازن والصيدليات وهي ما تعرف بالأدوية الروحية التي لا يجوز بيعها إلا عبر وصفة الطبيب، ولكن مع الأسف أصبحت هذه الأدوية تباع من قبل دكاكين تسمى صيدليات والتي تحولت مع الأسف إلى تجارة، الأمر الذي أدى إلى تحويل المجتمع إلى مدمن عليها حتى إذا كانت من علاجات الإدمان، وهذه كثيرة جدا.. وأنا أعتقد أن الكثير من شكاوى الناس في عدم استجابتهم للعلاجات الموصوفة بسبب الأخطاء الصيدلانية والمجتمعية والتي عادة تؤدي إلى عدم استجابة جسم المريض لبعض الأدوية كون الجسم قد اكتسب مناعة.
**برأيك مَن الأقوى في تقديم الخدمات الصحية للمرضى المستشفيات الحكومية أم الخاصة؟
- عندما سمحت السلطة بفتح مرافق خدمية صحية للقطاع الخاص كان الهدف هو استكمال ما عجزت عنه الدولة من تقديم خدمات صحية للمرضى، ولكن مع الأسف الشديد وجدنا أن ما هو حاصل اليوم هو العكس فلا يوجد خدمات على المستوى الذي يؤمل منه من خلال افتتاح المستشفيات الخاصة في تقديم خدمات أرقى، ولهذا يمكن اعتبار المرافق الحكومية أفضل في تقديم خدمات بمعايير الجودة من الخاصة وبعضها لا تتوفر فيها شروط المبنى لتقديم الخدمة وعلى مستوى التجهيز لا يوجد عنايات مركزة، فإذا حدثت مضاعفات للمريض يلجؤون للمستشفيات العامة.
**هل توجد معايير للجودة الصحية في هذا المستشفى؟
- هناك معايير، وبالنسبة لنا في مستشفى خليفة يعتبر هو المستشفى الوحيد في المحافظة الذي ينشئ قسماً للجودة وبالمعيار المتاحة وفقا للإمكانيات ويتم تطبيقه على مستوى العيادات الخارجية والمختبر والأقسام الداخلية كاستقبال المريض.. وعلى مستوى الأقسام الداخلية نقوم بجمع المخلفات وحرقها ، وهذا لا يوجد في أي مكان آخر، وهي ليست بالمثالية والمعيار الصحي العالمي أو المحلي الوطني المنشود ومع ذلك يوجد قصور في خدمة المريض لانعدام التدريب والتأهيل وتوقف تطوير المعلومة الطبية.
**ما أبرز النواقص التي يفتقر إليها مستشفى خليفة؟
- هذا المستشفى يفتقر إلى الكثير من النواقص حيث لا يوجد فيه أقسام خاصة بتجميل الفك والأمراض النفسية والعصبية، كما أن هناك أقساما مغلقة كقسم جراحة المخ والأعصاب، وقسم القلب، وقسم الأشعة التخصصية، ونقص الكادر والمعدات، كما نحتاج إلى أربعة استشاريين و(35) كادر عموم و(10) أطباء اختصاصيين، بالإضافة إلى كادر متخصص في الصيانة، حيث أدى عدم توفره إلى صعوبة في التخطيط في بعض الأقسام، كما يوجد عجز في غرفة العمليات في التجهيزات، كما نحتاج طاولة عمليات.. كذلك يوجد لدينا نقص في غرفة العمليات المركزة في أجهزة مراقبة العلامات الحيوية.
**هل من كلمة تود قولها في ختام هذا الحوار؟
- إن كان من كلمة فهي مناشدة نتوجه بها إلى السلطة المحلية في المحافظة نطالبها بالالتزام والوفاء بما أقر في الخطة الاستثنائية عام 2012م المخصصة لتوفير المستلزمات الطبية والأجهزة، حيث تقدمنا بطلب إلى المحافظ عند زيارته لنا وعمل دراسة حول الاحتياجات وفقا للأولويات الخاصة والنوعية، ونتمنى عمل ذلك كوننا قد قدمنا كل الدراسات المطلوبة للجهات ذات العلاقة التي من أهمها توفير جهاز طبقي محوري لما له من أهمية لتقديم الخدمة التشخيصية التي لا تتوفر في المديرية، الأمر الذي يجبرنا على تحويل المريض المحتاج لها إلى مركز المحافظة، وهذا يكلف الفقير العناء والجهد والمال، ومع الأسف يحدث كل هذا رغم كل التوجيهات من قبل المحافظ الواضحة والصريحة والتي لم تلق تجاوبا حتى الآن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى