ابنة الجنرال

> رباب محمد فرحان

> في المدينة (عدن) وفي الليل تنبح الكلاب، تنهق الحمير، يلعلع الرصاص، يقفل المرء على نفسه الأبواب والنوافذ والجدران، ومع ذلك يظل خائفاً يترقب رصاصة طائشة تخترقه عبر الجدران أو من خلال الشقوق تماما كما تفعل الفئران، تعددت الأسباب والموت واحد.
الكل يظل ساهراً في الخارج، خفافيش الظلام، الحيوانات السائبة، العاطلون عن العمل، اللصوص والقتلة، متعاطو الحبوب المخدرة وغيرهم من عسس الظلام، تماما كما هي حال النفوس الحائرة والخائفة في الداخل.
وفي النهار يختلف المشهد، تنام قاذورات الليل، و يصحو مقاوماً من بات خائفاً، بالرغم من كل شيء فلابد أن تستمر الحياة، وأحلى ما في النهار الأطفال وهم يذهبون إلى مدارسهم جذلين فرحانين بيومهم الذي أتى، غير مدركين الوضع المزري من حولهم.
وقد كانت رنا إحدى تلكم الزهرات، جميلة، ممتلئة بوجهها المدور وخديها المكتنزين ببعض الحمرة، وشعرها الناعم المسترسل حول جسمها، وعينيها الساحرتين المسافرتين إلى حيث مكمن الخير، وابتسامتها العريضة والبريئة توزعها على الكل الغادي والرايح.
وفجأة ينهض الكلب من مكمنه، كأنه لم ينم، ربما منعه عائق ما من أن يغادر ويترك صفحة النهار للطفولة، كما كان قد فعل جميع أصدقائه..
يهجم الكلب بعنف بلا حدود على الفتاة الصغيرة البريئة، راح ينهش جسدها الطري ويرش رذاذه بجنون على كل جسدها.. بالطبع لم يترك المارة الوحش يكمل وليمته على صفحة جسد الفتاة، فقد أنقذوها من بين مخالبه، وأسرعوا بها إلى المستشفى.. ترقد الفتاة أسبوعا في المستشفى، تتغير صحتها، يتبدل صوتها بشكل مخيف ويذبل جسدها، وأخيراً تموت الطفلة، ويبقى الكلب طليقا باحثاً عن فريسة أخرى.
لم يستطع الجنرال زيارة ابنته، وبقي للأسف متمرساً في موقعه الجهنمي مدافعاً عن وضع لا يستطيع أن يحمي طفلاً من هجوم الكلاب ولو كان أقرب الناس إليه.
**رباب محمد فرحان - عدن**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى