أنا لا أشعر ببرودة التكييف !

> مريم أبوبكر باذيب

> “أنا لا أشعر ببرودة التكييف”.. عبارة كررتها أكثر من مرة وأنا نائمة مستغرقة في نومي، سمعني من في الغرفة وقام بزيادة درجة التكييف، ولكنني مازلت أشعر بحر شديد، كنت وقتها أعيش في كابوس جعلني أتحدث نائمة، وأبكي وأضحك وأثير قلق كل من يراني، ولكن لم يجرؤ أحد على إيقاظي، تركوني نائمة، تارة أبكي، وتارة أضحك، وأردد بين الحين والآخر “أنا لا أشعر ببرودة التكييف !”.
رأيت في ذلك الكابوس أنني في معرض للصور، كانت صورا عربية التقطها أخبث يهود الأرض، وهم سياح غربيون في زيارتهم للعالم العربي، صورة فيها الأقصى يحترق وحوله طبول يرقص على دقاتها رجال ونساء العرب، وصورة أخرى ليمنيين يقتتلان، وبجانبها صورة لفلسطينية تحمل لافتة كتب عليها “نريد السلام”!، وصورة رابعة لأطفال سوريون في مصر يحملون لافتة كتب عليها "من فضلكم أعينونا"، وخامسة لجامعة القاهرة أمام بوابتها مصري يتكفف الناس، ويدخل الجامعة طلبة أمريكيون.
وقفت كثيرا أمام تلك الصورة أتأمل المصري وهو يمد يده في خجل، وأتأمل الطلبة الأمريكان يدخلون الجامعة بفخر، انتقلت للصورة التالية وهي صورة لامرأة سورية تعمل في بلاد الحرمين خادمة وتضربها ربة البيت بقسوة، صورة أخرى.. يكفي ما نظرت إليه من الصور يكفي اشتعالاً لقلبي وغليانا لدمي، يكفي سيلان دموعي التي أحرقت أجفاني، يكفي لهيباً لصدري يكفي.. يكفي.. صرخت هذه المرة عالياً، وقلت “أنا لا أشعر ببرودة التكييف”!!.. فأجابتني أمي هذه أقصى درجة للتكييف، ففتحت عيني ورأيت نفسي في المنزل ولست في معرض صور، فأدركت حينها أن المشكلة ليست في التكييف، كان كابوساً جعلني أتصبب عرقاً، جعلني أشتعل حراً في درجة تكييف عالية.
إنها ليست صوراً، إنه ليس بفن تصوير، إنه ليس مجرد كابوس رأيته أنا، بل إنه كابوس رأته كل الشعوب العربية، لأننا في الحقيقة جميعنا نائمون إلى هذه الساعة، لم نستيقظ بعد لندرك أن المشكلة ليست في درجه التكييف ولا في أجواء بعض عواصمنا ومدننا الحارة كي نخطط لرحلة سياحية إلى أوروبا، إنما المشكلة في حر الظلم الذي نعانيه والقهر المكبوت بداخلنا والاستبداد الذي نتعامل به والجهل الذي يغزو عقول كثيرين منا.
الأمر يتطلب تخطيطا لرحلة تحريرية إلى فلسطين وخطة لدعم النازحين السوريين وخطة لمحو أمية آلاف المواطنين وأخرى لتوعية من هم متعلمون، هذا ما نحتاجه، صحوة تذكرنا بأسرانا المعتقلين وشهدائنا المدفونين، حينها سنشعر ببرودة التكييف.
**مريم أبوبكر باذيب**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى