سوق الشنيني بتعز.. منتجات شعبية وحرف تقاوم الاندثار

> استطلاع/ فهد العميري

> يُعتبر سوق الشنيني بمحافظة تعز من أهم وأقدم الأسواق الشعبية في المحافظة، اشتهر منذ القدم ومازال قبلة يقصده المواطنون من مختلف مديريات المحافظة والمحافظات المجاورة لشراء حاجياتهم ومستلزماتهم الغذائية، بيد أن دور هذا السوق ومكانته شهدت تراجعاً كبيراً في الآونة الأخيرة، نتيجة لتوسع المحافظة، وافتتاح أسواق جديدة في مختلف الأحياء والمديريات.
ولسوق الشُنيني - الواقع بين باب موسى والباب الكبير وباب المخلولة وسط مدينة تعز - خصوصيته المتفردة كونه مصدراً مهما للمنتجات الشعبية كالبن اليمني، والجبن البلدي، والوزف، وكذا المشغولات اليدوية كالمَدر، والدبيات، والخزف، والأدوات الزراعية وأدوات البناء محلية الصنع.
ولكل مهنة من هذه المهن والحرف روادها وأسرارها التي تتوارثها الأجيال، وتسعى للمحافظة عليها من الاندثار خاصة مع اشتداد منافسة كل ما هو أجنبي ورخيص.
«الأيام» زارت السوق وتعرفت على بعض من تلك الحرف وأسرارها الخاصة من خلال الاستطلاع الآتي:
ما أن تهم بدخول هذا السوق من خلال باب المخلولة الذي لم يتبق منه سوى أطلال حتى تجد على يمينك بائعي الجبن البلدي الذي يحظى بسمعة محلية ذائعة الصيت، وله فرادته وأسراره، وعن هذه السلعة التي تُعد من أبرز مبيعات هذا السوق تحدث لـ«الأيام» بائع الجبن عارف مهيوب بالقول: “نشتري هذا المنتج المحلي من مديرية مقبنة وبأسعار مناسبة نوعاً ما باستمرار كونه منتجا يباع بشكل يومي”.
وأضاف موضحاً كيفية صنع هذا الجبن بالقول: “الجبن يُصنع من لبن الأغنام، والبقر، حيث يتم تجفيفه وتنشيفه ثم كبوه بشجرة المضُاض من يومين إلى ثلاث أيام يصبح بعدها منتجا جاهزا للبيع، وله طلب وإقبال كبيران من قبل المستهلكين من مختلف مديريات المحافظة والمحافظات المجاورة”.
أما رضوان حسن أمين بائع بهارات فتحدث أيضاً عن هذا السوق ومبيعاته بالقول: “لقد كان هذا السوق يشهد في الماضي إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين من عموم مديريات المحافظة لاسيما يوم الخميس، أما في الوقت الحاضر فلم يُعد هذا السوق كما كان، نتيجة لانتشار محال البهارات في كل مكان، بالإضافة إلى الفقر المدقع الذي يعاني منه أفراد الشعب”.
**زراعته محدودة**
مقلاية البن اليمني
مقلاية البن اليمني

بدوره تحدث خالد مهيوب الزغروري صاحب مقلاية بُن عن أنواع البُن في السوق ومدى الإقبال عليه بالقول: “مُنتج البُن عادة يتم استيراده من بني مطر بصنعاء، والعدين بمحافظة إب ويافع بلحج، ثم يتم بعد ذلك فصل البُن عن القشرة، تليه عملية التحميص ليكون متوافقاً مع نوعية القهوة حسب البلد، فمثلاً إذا كانت القهوة ستُحضر بالطريقة اليمنية سيكون لون البُن أحمر، أما إذا كانت على الطريقة الخليجية سيكون لون البُن أبيض، وأسود بالطريقة التركية، بعد ذلك يتم طحنه، وبيعه في العديد من الأسواق داخل اليمن وخارجها، وفي أيام الشتاء يكون الطلب على هذا المنتج كبيرا”.
وأوضح الزغروري بأن “المشكلة التي يعاني منها بائع هذا المنتج هو طغيان البُن الخارجي على الأسواق المحلية والذي تصل نسبة مبيعاته 80% مقابل انخفاض كبير في مبيعات البن المحلي”، وأعاد الزغروري ذلك إلى رخص البن الخارجي وتوفره بكميات كبيرة، وهما السببان اللذان لا يتوفران في البن المحلي نتيجة لمحدودية زراعته لمصلحة زراعة شجرة القات”.
مختتماً حديثه لـ«الأيام» عن مدى تعلقه ببيع هذا المنتج بالقول: “أنا أزاول هذه المهنة منذ خمسة عشرة سنة، ووالدي هو من أسس هذا المحل قبل سبعين سنة، واستمررنا بتوارث بيع هذا المنتج، نتيجة للإقبال الكبير عليه من قبل السياح، ولكن المبيعات هذه الأيام مع الأسف قلَّتْ بسبب ضعف إقبال السياح على البلاد”.
**الأسعار غالية**
فؤاد الشرعبي مالك محل بهارات وخزف ودبيات بدوره تحدث لـ«الأيام» بالقول: “في هذا السوق يتم بيع الخزف، والدبيات والتي يتم شراؤها من تهامة بمحافظة الحديدة وبأسعار غالية وهو ما يؤثر على عملية الشراء”.
وأضاف: “أنا أعمل في هذا المحل منذ طفولتي، وقد ورثه أبي عن جدي”.
**الإقبال كبير**
محل الأعشاب الطبية
محل الأعشاب الطبية

رضوان قائد مالك محل عطارة وأعشاب طبية قال: “يوجد في المحل العديد من الأعشاب الطبية منها: زهرة البابوند، وعشبة المرامية، وعرق السوس، وعين الديك، وشمار ونخوة وغيرها من الأعشاب”، مشيراً إلى أن هذه الأعشاب تشهد في هذه الأيام إقبالاً كبيرا من عموم مديريات المحافظة، والمحافظات الأخرى”، معيداً سبب الإقبال المتزايد عليها إلى رخص أسعارها وعدم وجود أضرار جانبية لها.
وقال في ختام حديثه: “أعمل في هذه المهنة منذ طفولتي، وقد توارثتها أباً عن جد”.
**مهنة مرهقة**
محل الحدادة
محل الحدادة

أما عبدالله محمد قائد الوصابي مالك محل حدادة فقال: “نحن نقوم بإصلاح أدوات الزراعة: كالمفرس، والمحافر، والعطوف، وأدوات البناء كالشرنيم، والمفرص، والمطرقة، والإقبال يكون غالبا أيام الصيف والأمطار والزراعة حيث يأتي الناس من صبر، وصالة، وإب ومختلف المناطق الزراعية لشراء هذه الأدوات والمعدات نتيجة للأسعار المناسبة، وأفضليتها مقارنة بالخارجية، كما أن هناك بعض الصعوبات التي تواجهنا في هذا العمل كالإرهاق في العمل خاصة حينما تزيد مدته عن خمس ساعات، بالإضافة إلى بيئة العمل والتي تكون عادة غير مناسبة وغير صحية لاسيما أيام ارتفاع الحرارة والتي تسبب لنا كثير من المشاكل والمعاناة”.
وأشار الوصابي إلى أن هذه المهنة توارثها عن جده الذي بنأ المحل عام 1975م.
**الوزف لحم الفقراء**
من جهته قال حميد محمد مصطفى بائع وزف: “أشتري الوزف من شقرة والمكلا والحديدة والمخاء، وتتراوح الأسعار حسب نوع البضاعة بين خمسة آلاف وثلاثين ألف ريال للشوالة”.
وأضاف: “الوزف كما هو معروف بأنه لحم الفقراء، ولهذا يزداد الإقبال عليه كل عام وبشكل كبير، نتيجة الإقبال عليه من قبل المستهلكين من مختلف مديريات المحافظة، بالإضافة إلى محافظات أخرى كصنعاء وإب وغيرهما”.
وأضاف أيضا: “بيعنا لا يقتصر على المواطنين وحسب بل أننا نقوم ببيعه أيضاً على الشركات الأجنبية التي تستخدمه عادة لتغذية الدواجن والجمال أثناء رخصه وذلك لأنه يزيد من إنتاج الحليب وذو قيمة غذائية عالية”.
واختتم بالقول: “هذه المهنة توارثتها العائلة منذ أربعين سنة”.
منتجات شعبية حرفية
منتجات شعبية حرفية

كامل إبراهيم بائع مشغولات يدوية تحدث لـ«الأيام» عن هذه المهنة التي تعد إحدى المهن التي اشتهر بها هذا السوق بالقول: “أبرز منتجات مشغولاتنا اليدوية هي: المدر، البواري، قشر اللحم، وأكواز الماء، أما عن المبيعات فلا بأس بها”.
**انعدام النظافة**
بدوره تحدث عادل أحمد مهيوب عن أبرز المشكلات التي يشهدها هذا السوق بالقول: “إن أبرز المشاكل التي يشهدها هذا السوق تكون عادة ناتجة عن المنافسة التجارية، وكذا انعدام النظافة تماماً نتيجة لعدم التزام مراقبي مشروع النظافة بإحضار العاملين وكذا عدم التزام السيارات الخاصة بالنظافة بالحضور إلى هذا السوق لإخراج القمامة منه، وهو ما أثر على إقبال الزبائن، وشوه المنظر العام للسوق”.
تراجع البيع والشراء
سمير الزغروري بدوره تحدث عن تاريخ هذا السوق بالقول: “تعود البداية الأولى لافتتاح سوق الشُنيني كما هو متعارف بين أوساط الناس إلى بداية ستينات القرن الماضي، وقد كان يتوافر في هذا السوق جميع متطلبات المستهلك من البضائع المحلية والأجنبية، وهو ما جعله يكتظ بالمتسوقين، الأمر الذي أكسبه شهرة كبيرة”.
غير أن هذا السوق منذ بداية عام 2001م، شهد تراجعاً كبيراً في البيع والشراء إلى أدنى مستوياته نتيجة لفتح محلات وأسواق داخل الحارات وفي مختلف مناطق المدينة، ومع هذا مازال هذا السوق يتفرد بالمواد البحرية كالوزف، ومواد العطارات بالإضافة إلى الخزف والمنتجات اليدوية كالمدر وغيرها”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى